2025.05.21
مقالات رأي

الطبول الفارغة وأقدام الفيلة


لا يزال الجمهور في الخارج غير مقتنع بفكرة الإبادة التي نتعرض لها في غزة، ولا يزال هناك من يهاجم أبناء غزة الذين سخطوا من هذه الإبادة والحرب المدمرة فقط لإصابتهم باليأس من الموت والنزوح والدمار، حتى يصل في البعض بالتشكيك في وطنيتهم وصمودهم. ومع الأسف، وصل الأمر إلى اتهامهم بالاستسلام والتساوق مع العدو. إن هذه الشريحة الكبيرة، سواء ما يسمون أنفسهم النشطاء أو المثقفين المشتبكين بالضفة الغربية أو رواد المقاهي في عمان أو نشطاء أوروبا، فالخارج تم غسيل عقولهم من القنوات الإعلامية، سواء "الجزيرة" أو غيرها التي تصور غزة على أنها قوى عظمى، وفي الحقيقة غزة ضعيفة وشعبها ضعيف يقف وحيداً أمام آلة القتل الصهيونية التي لا ترحم أحداً دون مقومات صمود في ظل انعدام الغذاء والمستلزمات الإنسانية. ويخرج لنا من هذه الشريحة الكبيرة من يزاوِد على أبناء شعبنا ويعمل على إشاعة وتسويق ما يراه في الإعلام الكاذب المتآمر، وبكل جهل واستخفاف يشارك في المساهمة بإبادة شعبنا ونشر الفكر الضال الذي جلب الدمار لأمتنا العربية.

أن شعارات التطبيل والتنظير عن بعد وتوجيه النصائح لشعبنا في غزة بالصبر والصمود هي شعارات فارغة لا تغني ولا تسمن من جوع. وهناك من يقوم بتوظيف الآيات والأحاديث وإسقاطها على الأوضاع في غير محلها، والتستر بانتقاد الآخرين وراء قناع الدين. الغريب العجيب تناقض الجماهير نفسها، بالذات النشطاء. في حين ينتقدون أهل غزة بسبب آرائهم، اليوم ينقلب الحال بعد تكشف مؤامرة إخوانية جديدة في الأردن الشقيق، بقولهم أننا ضد الفوضى في بلدنا مما أدخلهم في حالة ازدواجية التفكير والمعايير. فالإخوان المسلمون في الأردن هم أنفسهم الإخوان المسلمون في فلسطين. هذا التناقض ينم عن جهل هؤلاء النشطاء مدفوعي الأجر من قوى إعلامية تتلاعب في مستقبل أمتنا وتشارك في إبادة شعبنا. وهم أنفسهم من يهاجمون مصر ذات الذراع السياسي والخبرة الطويلة في التعامل مع أزمات الإقليم.

عمد الإخوان المسلمون منذ نشأتهم على تضليل الجماهير العربية بشعارات الدين واستخدامه للتخوين وتغييب الحقائق.

أن أكبر ذراع ساعد في خمرنة هذه الجماهير وغسل عقولهم والإبقاء على جهلهم بالحقيقة هو ذراع الإعلام المضلل والصفحات الممولة والمشبوهة، والاستماع إلى بهاليل التحليل السياسي في استوديو قناة "الجزيرة" جعل الرأي العام لدى الجمهور رأياً مغيباً. بطبيعة الحال، فالإخوان المسلمون والجماعات الإسلاموية لن تتغلب في غسيل عقول هذه الجماهير. في حين أنها، بدلاً من أن تنشئ جيلًا شابًا لمستقبل زاهر، فقد عملت على صناعة الموت، فأنشأت جيلًا شابًا على مستوى القطاع العربي ليضحي بنفسه لأجل فكرتهم المشوهة لا لأجل الأوطان. غرست بذور الموت بدلاً من أن تغرس بذور الحياة وتتغنى بقطف المحصول.

غياب الرسالة الإعلامية السامية لصناعة الرأي العام الصحيح لتوجيه هذه الجماهير بحقيقة الأمر الواقع ساهم في الوصول إلى هذه المرحلة من الضياع الفكري لدى هذه الجماهير.

هذه الفئة صاحبة الطبول الفارغة تزيد من معاناة شعبنا. طبول خاوية من أية فهم للحقائق التي تحدث على أرض الواقع، ضاربين بعرض الحائط إنسانيتهم، برؤية شعب يُذبح ويُقتل بأبخس الأثمان بأيدي جيش مجرم متطرف مدعوم بأحدث الأسلحة والأدوات الإعلامية.

تحققت مقولة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون فوستر دالاس (لسوء حظ هذا الشعب أنه وقع تحت أقدام الفيلة).