2025.11.11
مختصون: الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا جديدة لصناعة الكتاب بالجزائر ثقافة

مختصون: الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا جديدة لصناعة الكتاب بالجزائر


إيمان عبروس
04 نوفمبر 2025

في زمن تتقاطع فيه الثورة الرقمية مع الإبداع الأدبي، بات الذكاء الاصطناعي يشكل رهانا حقيقيا لصناعة الكتاب، لا سيما في الجزائر التي تسعى إلى مواكبة التحولات التكنولوجية في عالم النشر. هذا ما أجمع عليه أكاديميون وناشرون خلال لقاء فكري نظم، ضمن فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين لصالون الجزائر الدولي للكتاب "سيلا"، تحت عنوان "صناعة الكتاب في عصر الذكاء الاصطناعي".

اللقاء، الذي تميز بنقاش ثري بين المتدخلين، تناول التحديات التي تفرضها التقنيات الحديثة على الكتاب والنشر، والمخاوف الأخلاقية والمهنية التي تثيرها هذه الثورة الرقمية في أوساط المبدعين والناشرين.

حيث ذكر الأكاديمي إبراهيم بوداود، في مداخلته، بما وصفه" بمقاومة الناشرين لاعتماد الذكاء الاصطناعي"، معتبرا أن هذه التقنية أصبحت اليوم رافعة أساسية لتطوير صناعة الكتاب وتحسين جودة النشر، مؤكدا أن رفضها يعني البقاء خارج حركة التاريخ.

وقال بوداود في هذا السياق لا يجب أن نخاف من الذكاء الاصطناعي، بل علينا أن نحسن استخدامه بما يخدم الإبداع العربي ويعزز التواصل مع القارئ، مشيرا إلى ضرورة إيجاد توازن تشريعي وأخلاقي يحمي حقوق المؤلفين والناشرين في ظل الإنتاج الآلي للنصوص.

ثورة في النشر والترجمة والتحرير

ومن جانبه، اعتبر الأكاديمي أحمد داي، أستاذ علوم المكتبات بجامعة الجزائر، أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة غير مسبوقة في مجال النشر، عبر خوارزميات باتت قادرة على الترجمة السياقية، والتلخيص، والتحرير بدقة وسرعة.

وأوضح داي أن هذه الأدوات لم تعد مجرد وسيلة تقنية، بل أصبحت شريكا في صناعة المعرفة وتوسيع دائرة المقروئية، مضيفا أن الجامعات والمراكز البحثية مطالبة اليوم بتكوين مختصين يجمعون بين مهارات الكتابة والتقنيات الرقمية.

الناشرون بين الحذر والانفتاح

أما الناشر منير بن مهيدي، فشدّد على أن الذكاء الاصطناعي أثّر فعليًا في قطاع النشر من خلال تسريع مراحل الإنتاج والتوزيع وتقليص التكاليف، لكنه نبّه في الوقت نفسه إلى خطورة الاعتماد الكلي على الخوارزميات في غياب الحس الإبداعي والإنساني.

وفي السياق نفسه، عبرت الناشرة المصرية فاطمة البودي عن تفاؤلها حيال المستقبل، مشيرة إلى أن هذه التكنولوجيا تتيح تخفيضا كبيرا في تكاليف النشر والتوزيع، لكنها دعت إلى اعتمادها بطريقة تحمي حقوق المهنيين وتحافظ على هوية الكتاب.

بين التكنولوجيا والهوية الثقافية

النقاش الذي أثراه المشاركون تجاوز البعد التقني ليلامس القضايا الجوهرية المرتبطة بالهوية الثقافية وحماية الإبداع الأدبي العربي، حيث رأى العديد من المتدخلين أن التحدي لا يكمن في الذكاء الاصطناعي ذاته، بل في طريقة توظيفه بما يخدم الثقافة المحلية ويعزز تداول المعرفة.

وشددوا على ضرورة إشراك الهيئات الثقافية ومؤسسات النشر في صياغة سياسات وطنية تُنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الأدبي بما يضمن التكامل بين الإنسان والآلة بدل التقابل بينهما.

سيلا 2025.. فضاء للنقاش والتجديد

ويتواصل صالون الجزائر الدولي للكتاب بقصر المعارض بالصنوبر البحري، بمشاركة أزيد من ألف ناشر من 49 دولة، من بينها موريتانيا ضيف شرف الطبعة.

ويتضمن البرنامج سلسلة من اللقاءات والندوات التي تعالج قضايا الأدب والهوية والتحرر، إلى جانب محاور جديدة تتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع والقراءة.