كشف وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، في تحليل شامل حول مداولات مجلس الأمن الأخيرة بخصوص الصحراء الغربية، عن فشل المغرب في تمرير مشروعه بالقوة، وعن انتصار الدبلوماسية الجزائرية في إعادة النقاش إلى منطق الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة. تصريحاته جاءت لتؤكد أن الملف لم يعد يُقدَّم كخلاف جزائري-مغربي، بل كقضية تصفية استعمار بين جبهة البوليساريو والمغرب، وهو تحوّل جوهري في الخطاب الدولي، يعيد الأمور إلى إطارها القانوني الصحيح.
قال الوزير عطاف بصراحة:
“في جلسة أكتوبر، أرادت المملكة المغربية اغتنام هذه الفرصة للقيام بمرور بالقوة في قضية الصحراء الغربية لتمرير أهدافها التاريخية المعروفة.”
بهذا التصريح، الذي أدلى به لقناة الجزائر الدولية، وضع عطاف حدًا لمحاولات المغرب الدائمة لتغيير مسار الملف داخل مجلس الأمن. فقد كشف أن الأهداف المغربية كانت ثلاثة: أولًا القضاء على البعثة الأممية المينورسو، عبر حلّها أو تقليص مهامها، ثانيًا فرض مشروع “الحكم الذاتي” كإطار وحيد للحل، وثالثًا القضاء على مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي. غير أنّ المشروع الذي حاول المغرب تمريره وساندته أطراف محدودة، واجه اعتراضًا من ثماني دول داخل مجلس الأمن، عدّت النص الأصلي غير عادل ومنحازًا لطرف واحد.
النتيجة كانت واضحة: فشل الرباط في تمرير أجندتها، إذ تمّ الإبقاء على البعثة الأممية لمدة عام كامل، بدل ثلاثة أشهر، مع الحفاظ على جوهر مهمتها القائمة على مراقبة وقف إطلاق النار والإعداد لتقرير المصير. وأوضح عطاف أن القرار النهائي أعاد التوازن إلى النص، حيث لم يكرّس “الحكم الذاتي” كخيار وحيد، بل أشار إلى بدائل أخرى مطروحة من الطرف الصحراوي، ما جعل “اللعبة السياسية والدبلوماسية مفتوحة”.
وفي تحليله لمضمون القرار الأممي، شدّد عطاف على أنّ الوثيقة حدّدت ضمنيًا طرفي النزاع الحقيقيين: جبهة البوليساريو والمغرب، معتبرًا أن اللّبس الذي حاولت الرباط فرضه لعقود حول “نزاع مغربي-جزائري” أصبح “غير وارد نهائيًا”. وأكد أن القرار أعاد تثبيت المرجعية القانونية للقضية، إذ أصبح حق تقرير المصير مؤطرًا بميثاق الأمم المتحدة واللائحة 1514 الخاصة بتصفية الاستعمار.
ويضيف عطاف أن مستقبل القضية يجب أن يبقى تحت رعاية الأمم المتحدة، في إطار مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو، مشيرًا إلى أن القرار الأخير يعكس القناعات الجزائرية الثلاث: احترام الإطار الأممي، ضمان حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وضرورة الحل السياسي عبر التفاوض المباشر.
وختم الوزير بتأكيده أن تصريحات مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مسعد بولوس، التي قال فيها إن “الحكم الذاتي لم يعد الإطار الوحيد للحل”، تدعم الطرح الجزائري وتؤكد أن العالم بدأ يدرك محدودية المقاربة المغربية.
بهذا، تثبت تصريحات أحمد عطاف، أن الجزائر نجحت في حماية المسار الأممي للقضية الصحراوية، وفي تثبيت مبدأ تقرير المصير كخيار شرعي ووحيد، واضعة حدًّا لمحاولات الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة، ومؤكدة أنّ الحق لا يُمحى بالضغوط، وأنّ الشعب الصحراوي سيظل الطرف الشرعي في أي مفاوضات مقبلة مع المغرب.

