الرّباط تُجدّد اتهاماتها لطهران.. المغرب يستقوي بالكيان الصهيوني على جبهة البوليساريو

ردّ المُتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، يوم الثلاثاء، على اتهامات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بأن طهران تتدخّل في الشؤون العربية، حيث قال: “بدلاً من الإسقاطات وتوجيه الاتهامات العارية من الصحة للجمهورية الإسلامية في إيران، يجدر بالمغرب أن يَهتمَّ ويرُدّ على هواجس انعدام الأمن الذي يُهدّد دول وشعوب المنطقة، بسبب تطبيعه للعلاقات مع نظام الفصل العنصري الصهيوني، ويتحمّل مسؤولية هذه المخاطر”.

وجّه، يوم الإثنين، وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحافي، في الرباط، اتهامات إلى طهران بأنها “الرّاعي الرسمي لنشر الإرهاب والانقسامات في العالم العربي، مع وجود تواطؤ من بعض الأطراف”. ولم يُحدّد من هي هذه الـ “بعض أطراف”، كأنّ من يُتابع “بوريطة” يعرف تلك الأطراف، وما ينقصُه هو معرفة “حقيقة” إيران، وفق الرؤية المغربية.

هل هناك “جماعات مُسلّحة” تتمتّع بالصفة الحكومية؟

تابع “بوريطة” اتهاماته بأن إيران تقوم “بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية في المنطقة العربية”، في إشارة إلى اتهام سابق بأن طهران تُزوّد جبهة “البوليساريو” بالطائرات المُسيَّرة عن بعد “الدرونز”. وأضاف بأن “المغرب يعاني من التدخل الإيراني”، و”إيران لا يمكنها الاستمرار في تقويض السلام في العالم”.

وقد نشرت مواقعٌ إعلامية عبرية، على لسان بوريطة، في المؤتمر الصحافي، أنّ “الجماعات المسلحة التي تُقلق الدول العربية، لا تتمتع بالصفة الحكومية، ولا مسؤولية قانونية لها”، وأضاف بأن تلك المجموعات “ليست أطرافا في اتفاقيات نزع السلاح، ولا في اتفاقيات استخدام الأسلحة، وبالتالي من عليه أن يتحمل المسؤولية أمام المجتمع الدولي، هي الدول التي تسلّمهم هذه الأسلحة”. ويُفهم، من سياق كلام “بوريطة”، كأنّما هناك “جماعات مُسلّحة” تتمتّع بالصفة الحكومية، ويُمكنها أن تكون أطرافا في الاتفاقيات الدولية. والواقع أنه لا يُوجد مجموعةٌ أو كيانٌ يمتلك هذه “الصّفات” غير الكيان الصهيوني، وربما لهذا السبب، “تجاهلت” وسائل الإعلام العربية، التي تداولت الخبر، نقل هذا الجزء من تصريحات وزير الخارجية المغربي، بينما أكّدته وسائل الإعلام العبرية.

تكالب مخزَني صهيوني على الجمهورية العربية الصحراوية

المُرافقة الإعلامية العبرية لوزير الخارجية المغربي، ودعمه فيما يتعلّق بتصريحاته أو إشاراته إلى جبهة “البوليساريو”، يُمكن قراءتها في سياق ما أكّده، في وقت سابق من الشهر الماضي، رئيس الجمهورية العربية الصحراوية، الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، على وجود “تكالب مخزَني صهيوني، مع أطراف أخرى معروفة لاستهداف، ليس فقط حقوق شعبنا المشروعة في الحرية والاستقلال، ولكن الأمن والسلم والاستقرار في كامل المنطقة، بما في ذلك تكثيف تدفق المخدرات المغربية، لدعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية”. وأوضح ” غالي” بأن “العدو ما زال يحشد تحالفاته، ذات الأجندات المشبوهة، لمحاولة التأثير على كفاح شعبنا ومقاومته وصموده، وعلى عدة محاور، خارجية وداخلية، بأخبث الأساليب والمؤامرات، لضرب المعنويات والمحاولة المستمرة لزرع الشقاق، واستهداف شرعية وتمثيلية الجبهة الشعبية، ومكانة الدولة الصحراوية في إفريقيا والعالم”.

نصيحة إيرانية

من جانبه، وجّه المُتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، نصيحة إلى المغرب بضرورة “تمهيد الطريق لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية على أساس القوانين ولوائح الأمم المتحدة، بدلاً من الاستقواء بالكيان الصهيوني، لفرض مطالبه في المنطقة”. وعبّر “كنعاني” عن رفض بلاده “المزاعم الكاذبة والمتكررة لوزير خارجية المغرب الذي ادّعى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتدخل في الشؤون الداخلية لليمن والدول العربية”، وقال: “من الأفضل للمغرب أن يُكرّس وقته لحل مشاكل ومعاناة وآلام الشعب اليمني المضطهد، وأن يكون قلقا على حالات انعدام الأمن التي تهدد دول وشعوب المنطقة، جرّاء تطبيع العلاقات مع كيان الفصل العنصري الصهيوني، بدلاً من انتهاج سياسة الإسقاط، وتوجيه اتهامات لا أساس لها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

اتّهامات لها تاريخ..

اتهامات المغرب لإيران ليست جديدة، فقد أدّت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في ماي/ أيار 2018، للسبب ذاته، حيث وجّهت الرباط اتهاما إلى طهران بدعم جبهة “البوليساريو”. وقد علّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، وقتها، بأن “الاتهامات التي وجّهتها الحكومة المغربية ضد إيران، لا تخدم سوى أعداء الأمة الإسلامية”.

ديبلوماسية الاتهام من أجل التبرير

يُلاحظ بأن “ديبلوماسية الاتهامات” المغربية، غالبا ما تأتي في سياق اتفاقيات مع الكيان الصهيوني، ربما لتبرير التعاون “سياسيا”، فهناك أكوامٌ من الفتاوي الشرعية، على امتداد عقود، لا تجيز التعامل مع هذا الكيان الغاصب. وأيضا، لتبرير العداء لجمهورية إسلامية لم تصدر حتى الآن فتوى شرعية واحدة بعدم جواز التعامل معها، باعتبار المغربَ مملكةً عربيةً إسلاميةً على رأسها شخصية من “آل البيت”.

مملكة.. أم مُلحقة للكيان الصهيوني؟

الاتفاقيات المغربية الصهيونية صارت كثيرة، وقد شملت معظم المجالات (العسكرية، والاستخباراتية، والصناعية، والفلاحية، والعلمية)، وكان آخرها، نهاية الشهر الماضي، اتفاقية لتطوير التعاون الثنائي متعدد التخصصات في قضايا الطاقة، يشارك فيها 33 مجموعة بحثية من الكيان الصهيوني، و20 مجموعة مغربية من مؤسسات مختلفة.

يُلاحظ في كل هذه الاتفاقيات أن الكيان الصهيوني هو الطّرف الذي يقدّم ويُعطي، بينما الطرف المغربي يأخذ فحسب، عكسَ ما هو معروفٌ بأن هذا الكيان يأخذ ويأخذ فقط. فهل غيّرت الصهيونية طبائعها، أم أن الطبائع الصهيونية هي “مخزَنية” أصيلة؟ ولا نريد القول بأن المملكة تحوّلت – لعلها كشفت عن حقيقتها بوضوح – إلى مُلحقة للكيان الصهيوني في شمال المغربي العربي.

وحيد سيف الدين - الجزائر

وحيد سيف الدين - الجزائر

اقرأ أيضا