عُرِف الأدب الروائي في وطننا العربي منذ القدم، لكنه بدأ يتبلور بشكل مغاير في بدايات القرن التاسع عشر بعد محاولات سابقة أشبه بالتجارب الخجولة، فاللغة العربية ذات تشعُّبات مختلفة ومتنوعة لأننا بالنهاية نواة مُجتمع قبائلي ولكل قبيلة لهجتها ومفرداتها. إنما في الغرب هناك لغة واحدة لا تعتمد على البيان والعروض والبلاغة في الصّياغة، ناهيك عن أن عالمنا العربي، بحُكْم بيئته الجغرافية والديمغرافية، يسمح للروائي بنقل واقعه بأسلوب خيالي مُبهر، وهذا ما عزَّز دوْر الرواية. جاءت حقبة التّرجمات وانفتاح العالم العربي على الغرب، فأثّرت حركة الترجمة فعليًا على نمطية الرواية العربية وزادتها خصوبة من حيث المَشْهديات والصُّور، وبالتالي عرف الأدب عمومًا ذروة ازدهاره في العصر العبّاسي، ما حرَّر الرواية العربية من وحدة اللغة، كما تصرّف بعض الروائيين في نصوصهم باعتماد لهجاتهم، فأضفى حالة من اللَّمعان في هيكلية النص الروائي. في بدايات القرن التاسع عشر ومع نشأة السينما المصرية، جذبت الرواية العربية عمالقة الأدب أمثال "نجيب محفوظ " ،"إحسان عبد القدوس" و"أنيس منصور" وأدباء كُثُر من الوطن العربي، إنما تمَّت معالجة رواياتهم بلغة سينمائية بعيدًا عن النمط الأكاديمي لأسُس الرواية، وبالتالي انعكس هذا الواقع على علاقة القارئ العربي بلغته الأم، فكانت الرواية الأكاديمية محطّ جذْب له ومقارنة وإقامة جسر عبور من اللغة الأم إلى اللغة المحكية المُبسَّطة من خلال حبكة درامية، لاسيما وأن الرواية العربية كانت مرآة عكستْ البيئة الشرقية بعاداتها وطقوسها. بدون شك، الروائيون العرب أسّسوا حالة خاصة، لأن الروائي يتعايش مع نصّه بأدق تفاصيله، وبالتالي جاءت نصوصهم أكثر ثباتًا في كواليس الصناعة السينمائية.