2025.06.18
الخلافات تشتعل داخل مجلس الحرب الإسرائيلي.. الانقسام أقوى من أن تخفيه البوروباغندا الصهيونية سياسة

الخلافات تشتعل داخل مجلس الحرب الإسرائيلي.. الانقسام أقوى من أن تخفيه البوروباغندا الصهيونية


admin
18 يونيو 2025

في آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة، تتنامى الخلافات الحادة في الكيان الصهيوني بين السياسيين من جهة، والعسكريين من جهة أخرى. وفي المقابل، تتعمق هوّة الشقاق بين هؤلاء السياسيين والعسكريين معا ـ والذين يمثلون واجهة السلطة بمختلف مؤسساتها ـ وبين معظم قطاعات ما يسمى "المجتمع" الصهيوني الذي أنهكته الصدمات المتلاحقة؛ ويأتي كل ذلك في ظل تدهور علاقات الكيان مع المجتمع الدولي، وتهاوي التعاطف الذي حصده عبر آلته الإعلامية إثر هجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي، لينقلب الرأي العام الغربي بعد ذلك على الكيان مائلا كل الميل لجهة فلسطين ضد "إسرائيل"، التي أصبحت تعيش عزلة دولية خانقة بسبب ما ترتكبه من مجازر في حق المدنيين بقطاع غزة يوميا. === أعدّ الملف: حميد سعدون - س. س - م. ب === أخذت الخلافات بين السياسيين والعسكريين في نظام الكيان الصهيوني منحنى تصاعديا شديدا، بات يؤثر بشكل واضح في مستوى الأداء العسكري الصهيوني فقد خلت العمليات العدائية التي ينفذها جيش الاحتلال ضد قطاع غزة من أبسط مظاهر التكتيك الحربي والمهارة القتالية، وبدا أن هذا (الجيش) يعمل ـ ما بوسعه ـ لتفادي ضربات المقاومة وليس لتحقيق نجاحات إستراتيجية ضدها! وفي المقابل، فإن هذه الخلافات ـ في أعلى هرم سلطة الاحتلال ـ خدمت المقاومة الفلسطينية التي تسعى دائما إلى تثبيط معنويات العدو وتأليب "المجتمع" الإسرائيلي على رئيس وزراء سلطة الكيان بنيامين نتنياهو. أما على المستوى الميداني، فإن المقاومة الفلسطينية الباسلة تكبد جيش الاحتلال باستمرار مزيدا من الخسائر في الجنود والمعدات من خلال عمليات نوعية تنفّذها يوميا بمناطق عدة في قطاع غزة. لقد اعترف الإعلام الإسرائيلي بوجود خلاف حاد بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع يوآف غالانت، على خلفية منع نتنياهو رئيسي جهاز الاستخبارات (الموساد) ديفيد برنيع، وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" رونين بار من حضور جلسة عقدتها حكومة الحرب، وهو ما يشير إلى انهيار الثقة بين مكونات وأطياف النظام السياسي لدى الكيان. الأمر هنا يتعلق بصراع بين ممثلي حزب الليكود في الحكومة، إذ لم تعُد الأزمة بين رئيس الوزراء ورئيس الأركان هرتسي ليفي، وإنما بين نتنياهو ووزير الدفاع غالانت الذي ينتمي إلى حزب الليكود. والأسوأ من كل هذا، أن انهيار الثقة أخذ أبعادا مؤسساتية، إذ ساد جو من التنافر على مستويين أساسيين؛ السياسي والعسكري. المعركة السياسية قائمة اليوم بين الحكومة وشركاء نتنياهو، وتحديدا جماعة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، والقاعدة اليمينية المتشددة ـ أيضا- في حزب الليكود، وما بين مؤسسة (الجيش) الذي حرص الكيان منذ إقامتها أن تبقى خارج كل التجاذبات السياسية، فقد كان (الجيش) يوصف في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بـ"البقرة المقدسة"، بسبب منع انتقاده. لقد ترسّخت قناعة لدى النخبة العسكرية الصهيونية بأن نتنياهو ينفّذ - منذ بداية العدوان المواصل حتى الآن ضد قطاع غزة- حملة تحريض واسعة ضد (الجيش) والأمن، ويحمّلهم الإخفاق الكبير في السابع من أكتوبر 2023 وما تلاه، بما يعني أن البعد السياسي طغى على العمل العسكري، وهو ما ظهر جليا على ميدان المعركة. وفي المقابل، فإن المقاومة الفلسطينية في غزة استثمرت الانقسامات الداخلية لدى الكيان، واستمرت ترصد كل كبيرة وصغيرة وتعمل على تعزيز هذه الانقسامات؛ فالمواد الإعلامية التي تبثها المقاومة بشأن المحتجزين الإسرائيليين لديها تهدف أغلبها إلى تعزيز دوافع نشوب حراك مجتمعي ضد حكومة نتنياهو، وهو ما نجحت فيه فعليا. صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلت، يوم أمس، عن أعضاء في المجلس الوزاري المصغر قولهم إن (الجيش) لم يحقق حتى الآن أي هدف من أهداف العدوان في قطاع غزة، وسط احتدام الخلاف الداخلي حول من يتحمل مسؤولية الفشل الأمني والعسكري في مواجهة عملية طوفان الأقصى، التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي. وأضافت الصحيفة أن أعضاء المجلس الوزاري المصغر اعترفوا بأن قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قائمة وتؤدي وظائفها، وأن قادتها العسكريين أحياء، كما أن أغلبية الأنفاق لم تهدم بعد، وذكر المسؤولون أيضا أن نزع سلاح "حماس" يحتاج عدة شهور أخرى، وأكدوا أنها ما تزال تسيطر على قطاع غزة، رغم أشهر العدوان الثلاثة. وبخصوص الأسرى الإسرائيليين في غزة، قال المسؤولون الإسرائيليون إن نصف الأسرى ما يزالون لدى حركة حماس، وسط عدم قدرة (الجيش) الصهيوني على استعادة أي أسير من خلال العملية البرية في القطاع.

الخلافات تشتعل داخل مجلس الحرب الإسرائيلي..

المقاومة دفعت حكومة نتنياهو إلى نشر غسيلها المتّسخ على الملأ

التحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر قشة قصمت ظهر الصهاينة

أثارت خطة قدمها (الجيش) الصهيوني، وتتعلق بإجراء تحقيق داخلي في الهجوم الذي شنّته المقاومة الفلسطينية، في السابع من أكتوبر الماضي، انتقادات وزراء من اليمين المتطرف في حكومة الكيان، والذين يريدون إجراء تقييم أكثر شمولية للسياسة الصهيونية تجاه القطاع الفلسطيني. وعلى خلفية الصراع الحاصل بين أفراد المجلس الوزاري المصغر بسبب تشكيل فريق للتحقيق في هجوم السابع من أكتوبر، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، إن لدى الكيان (جيشا) متمكنا وحكومة ضعيفة بائسة، وانتقد لبيد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، ووصفها بأنها انحدار جديد غير مسبوق، قائلا: إن وزراء يحاولون إهانة رئيس الأركان هرتسي ليفي، بينما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يفعل شيئا، مضيفا أن هذه ليست حكومة بل "كارثة وطنية". وأضاف لبيد أن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي يؤيد الإرهاب ولم يخدم في (الجيش) يهاجم شاول موفاز، وبدوره، قال عضو مجلس الحرب الصهيوني، بيني غانتس، إن الهجوم على رئيس الأركان في مجلس الوزراء دوافعه سياسية. من جانبه، قال حزب الليكود إنه يتوقع من غانتس التوقف عن البحث عن ذرائع لخرق وعده بعدم الانسحاب من حكومة الطوارئ حتى انتهاء العدوان، كما نقلت إذاعة (الجيش) الإسرائيلي عن الوزير إيتمار بن غفير قوله "حتى في المجلس الوزاري يستمر غانتس في سيره على طريق الفشل". خلافات حادة وكان موقع "والا" الإسرائيلي قد قال إن اجتماع المجلس الوزاري الصهيوني المصغر انتهى عقب خلافات حادة بين رئيس الأركان وعدد من الوزراء، بسبب تشكيل فريق للتحقيق في أحداث السابع من أكتوبر، ما دفع نتنياهو إلى فضّ الاجتماع الذي كان مقررا لبحث مرحلة ما بعد العدوان. وكشفت القناة 12 الإسرائيلية عن خلاف نشب بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآفغالانت، على خلفية منع نتنياهو رئيسَيّ جهاز الاستخبارات (الموساد)، ديفيد برنيع، وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، رونين بار، من حضور جلسة لحكومة الحرب، وأوضحت القناة أن غالانت قال لنتنياهو إن منع مثل هذه اللقاءات يضر بأمن الكيان. وأضاف الموقع أن وزراء بالمجلس المصغر هاجموا رئيس هيئة الأركان بسبب تعيين شاؤول موفاز -الذي أشرف على تنفيذ خطة الانسحاب أحادي الجانب من غزة عام 2005- على رأس فريق التحقيق الذي يضم عددا من المسؤولين الأمنيين السابقين، من بينهم موفاز، بالإضافة إلى الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية زئيڤي فركش، والقائد السابق لقيادة (الجيش) الجنوبية، سامي ترجمان. من جانبها، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن مسؤولين عسكريين غادروا اجتماع المجلس المصغر بعد هجوم الوزراء على رئيس أركان (الجيش) الصهيوني، الذي كان قد قرر تشكيل فريق أمني للبدء في إجراء تحقيق في إخفاقات أحداث السابع من أكتوبر بجوانبها الأمنية والعسكرية والاستخباراتية. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن التحقيقات ستشمل أيضا سير العمليات العسكرية خلال العدوان على غزة. منطق النكران ولم يعترف نتنياهو بأي تقصير شخصي بعكس بعض من كبار المسؤولين، واكتفى بالحديث بوجه عام عن الحاجة إلى محاسبة جميع صناع القرار المشاركين في وضع السياسة التي تتبناها سلطة الكيان تجاه غزة، بما في ذلك من سبقوا فترة ولايته الطويلة، وأبدى وزيران من أقصى اليمين في الحكومة الصهيونية انزعاجهما من ضم شاؤول موفاز إلى لجنة التحقيق العسكري. واتهم الوزيران، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، جنرالا سابقا آخر يساعد في التحقيق بإضعاف (الجيش) من خلال دعم جنود الاحتياط الذين احتجوا على التعديلات القضائية التي قام بها نتنياهو العام الماضي. وقال بن غفير في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "هؤلاء هم الأشخاص الذين يجب التحقيق معهم، وليس ضمهم إلى لجنة التحقيق". وفي منشور على وسائل التواصل أيضا، قال سموتريتش إنه لا يعارض التحقيق العسكري الذي يهدف إلى تحسين الأداء الحربي، لكنه أضاف أن أي تحقيق في الأسباب التي أدت إلى أحداث السابع من أكتوبر، وفي الممارسات الأمنية عامة، يتطلب مساهمة مجلس الوزراء. فيما نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤولين في (الجيش) قولهم: إننا "نحارب في غزة ولبنان والضفة الغربية، بينما مجلس الوزراء يحاربنا في الداخل". من جانبه، ألقى رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، في مقال نشرته صحيفة هآرتس، اللوم على نتنياهو محملا إياه اسباب الفشل، مؤكدا أنه يجب أن يدفع الثمن. وقال إن قرارات الحكومة تهدد وجود الكيان، وتعرّض الإسرائيليين لخطر العودة إلى روسيا وبولندا وبريطانيا وغيرها من الدول، إذا ما قبلت تلك الدول استقبالهم. وأوضح أن تهور الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، حوّل الإسرائيليين في نظر العالم "من ضحايا إلى مجرمي حرب ومن أصحاب حق إلى قتلة أطفال"، بحسب كلامه. يشار إلى أن مسؤولين إسرائيليين كشفوا، يوم الجمعة المنقضي، أن نتنياهو ووزراء آخرين يحاولون إلقاء اللوم على الجهاز الأمني العسكري في فشل 7 أكتوبر الماضي، ويرى محللون أن محاولات نتنياهو لإلقاء اللوم بالفشل على (الجيش) تأتي في سياق رغبته في تحقيق مكاسب شخصية وسياسية، وسط مواجهته تهما قضائية بالفساد. 

عزَل الكيان عالميا وجعله مصدر خطر..

العدوان على غزة أكسب المقاومة الأزرَ و"إسرائيل" أعداء جُددا

سياسة الانتقام العمياء سلاح لم يجدِ الصهاينة نفعا!

انهار التعاطف الذي حصده الكيان الصهيوني ـ بفضل آلته الإعلامية ـ إثر هجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي، إذ تم إظهاره للرأي العام الغربي على أنه ضحية، بينما رجال المقاومة يمثّلون الطرف الشرير الذي يقتل الأطفال والنساء بلا رحمة! لكن، سرعان ما انكشفت أكاذيب السردية الصهيوني وانقلب الرأي العام الغربي لفائدة الفلسطينيين ضد الكيان الذي بات يعيش العزلة الدولية شيئا فشيئا. هذا بعض مما تناوله تقرير في صحيفة "لوموند" الفرنسية، الذي أبرز أن هذا التحول صاحبته تشوهات في وجهات النظر بين العالم الخارجي والكيان، وأن المشاعر والأحكام المسبقة المشروعة تحد من النظر في مدى تعقيد هذه المأساة، وتجعل التفكير في العدوان على غزة تحديا وسط سيل من المغالطات تضخها وسائل الإعلام الصهيوني. ورأت "لوموند" في تقرير أعدّه مراسلها في واشنطن، "بيوتر سمولار"، أن رئيس وزراء سلطة الكيان، بنيامين نتنياهو، يتحمل مسؤولية ثقيلة عن الأزمة التي تعصف بالكيان أمنيا وأخلاقيا، بعد أن هاجم ـ حسب تعبر الصحيفة ـ "القوى المعتدلة"، وتحالف مع ممثلي التفوق اليهودي العنيف، في وقت يجسد فيه صعود القبلية الدينية القومية تفتت "المجتمع" الإسرائيلي. وعلى نحو مماثل، يتعين على نتنياهو - كما ترى الصحيفة- أن يتحمل المسؤولية عن كارثة السابع من أكتوبر الماضي، ولن يتم ذلك إلا عن طريق لجنة تحقيق تسلط الضوء على التحذيرات التي لم تؤخذ في الاعتبار، والتحليلات التي تم تجاهلها، علما أن "بيبي" (كما يلقب داخل الكيان) كان يفضل رؤية المشهد السياسي الفلسطيني ينهار ليعقد اتفاقيات ضمنية مع حماس في قطاع غزة. سياسة الانتقام الرغبة في "تدمير حماس" التي تغطي على كل شيء بالنسبة إلى الكيان تقابلها بالنسبة إلى العالم أجمع اليوم ـ ما عدا الولايات المتحدة ـ الرغبة في وضع حد للمذبحة التي يرتكبها (الجيش) الصهيوني في قطاع غزة، وهذا هو لب سوء التفاهم الثاني لدى سلطة الكيان التي تخلط بين الأهداف العسكرية المشروعة وإشباع الرغبة الانتقامية، معتقدة أن الانتقام يحقق الردع ولا بد من استئصال العضو الخطير، حتى لو مات الجسد الفلسطيني. ومع أن عدد الشهداء في غزة تجاوز 22 ألفا، إضافة إلى النازحين والدمار الذي لم يسبق له مثيل، فإن حركة حماس وقيادتها السياسية ما يزالان على حالهما تقريبا، رغم اغتيال الرجل الثاني في المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وبالتالي فإن الاعتراف ولو بشبه الفشل من شأنه أن يؤدي بالنسبة إلى الكيان إلى شكل من أشكال الانهيار، يتفاقم بسبب المصير الدراماتيكي للرهائن المتبقين. ويتعلق سوء التفاهم الثالث بملف ما بعد الحرب، إذ أعلن نتنياهو أنه "لن تكون هناك فتح- ستان ولا حماس- ستان" في غزة، وهو يتمسك بتحالفه مع اليمين القومي الديني، وهي حسابات تتفق مع موقف التشاؤم من استحالة تحقيق السلام الأساسي داخل "المجتمع" الإسرائيلي في حد ذاته، إذ لا يمكن أن يكون مجتمعا علمانيا تحكمه القوة الدينية المتشبثة بموروث هائل من الخرافات اليهودية. وفي هذه الحقبة المظلمة، تريد إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إحياء مشروع حل الدولتين، و"تنشيط" السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من العودة إلى غزة، ما يعني - دون أن يقال ذلك- إخراج الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يتولى السلطة منذ عام 2004 تدريجيا إلى المشهد، كما قد يشمل أيضا قبول حماس والجهاد الإسلامي في منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي فإن ما يبدو خيارا في الغرب يمثل تهديدا للكيان، وذلك سوء التفاهم الأكبر. غزة غصة في حلق "إسرائيل" بعيدا عن تحليلات "لوموند"، فإن المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات ذكر في تقرير له نشره على موقعه أن المسؤولين الإسرائيليين ما فتئوا يؤكدون أن الكيان بات يحارب حاليا على عدة جبهات، مع إمكانية أن تتسع قائمة الأعداء، فإلى جانب العدوان على غزة - يشرح التقرير- يخوض (الجيش) الصهيوني ـ حتى الآن ـ اشتباكات محدودة مع حزب الله اللبناني، كما تشهد الضفة الغربية المحتلة اضطرابات قد تخرج عن نطاق السيطرة. ويضيف التقرير أن هضبة الجولان السورية المحتلة، هي الأخرى، ساحة تشكل قلقا بالنسبة إلى الكيان. أما بخصوص العلاقة المتوترة مع إيران، فتقف حتى الآن عند تبادل التهديدات - حسب المركز الروسي- الذي أوضح أنه بعد مقتل المستشار رفيع المستوى للحرس الثوري رضي موسوي، هددت طهران بالرد متهمة ـ العدو الصهيوني ـ بالوقوف وراء الحادثة. اليمن والعراق وزاد المركز الروسي أن اليمنيين من بين أبرز أعداء الكيان، إذ شنوا هجمات عليه، وأطلقوا النيران على السفن التي تحمل البضائع إليه في منطقة البحر الأحمر، وهو ما اضطر عديدا من الشركات إلى تغيير اتجاهها، ومن المؤكد أن اليمنيين لن يتركوا الكيان وشأنه. وأضاف التقرير أن حركة "المقاومة الإسلامية في العراق" أعلنت تحملها مسؤولية توجيه ما وصفتها بالضربة الناجحة على "هدف صهيوني حيوي" في البحر الأبيض المتوسط. وقد أعلنت في السابق مسؤوليتها عن هجمات على قواعد عسكرية أمريكية في سوريا والعراق، كما أعلنت الحركة اعتزامها مواصلة دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والرد على "الفظائع" الصهيونية. وأكد التقرير الروسي أن غزة تظل مصدر القلق الرئيس بالنسبة إلى الكيان، لاسيما في ظل عدم تحقق الأهداف الرئيسة عسكريا بسبب المقاومة الشرسة التي أبان عنها مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إذ يتكبد الاحتلال خسائر أثارت ردود فعل الرأي العام الداخلي. ونقل التقرير عن مصادر إعلامية قولها إن (الجيش) الصهيوني يستعد لتغيير إستراتيجيته في قطاع غزة وتعويض العمليات النشطة بمعارك بطيئة، وهو ما يُصطلح عليه المرحلة الثالثة من العدوان. وشدد المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات على أنه لم يسبق للكيان خوض حرب مرهقة وصعبة في تاريخه مثل هذه، كما أنه لم يواجه قط مثل هؤلاء المقاتلين، وعلى عكس التوقّعات، استمرت الاشتباكات لفترة أطول وامتدت إلى ما هو أبعد من القطاع.

ميزانية 2024 لغم سينفجر حتما..

جبهة خلاف أخرى ستواجهها حكومة نتنياهو في جلسة اليوم الأحد

وزارة المالية الإسرائيلية توصي بإغلاق 10 وزارات بسبب عجز الموازنة

في ظل الأزمات والانشقاقات متعددة الأوجه التي تعصف بالكيان الصهيوني بسبب ضربات المقاومة، يدرس نتنياهو فكرة جديدة تتعلق بـ"تقليص ميزانيات المكاتب الحكومية، وتحويل أموالها إلى تغطية تكاليف العدوان ضد أطفال ونساء غزة، مع الإشارة إلى أن نتنياهو يتفادى أن يدفع أي ثمن سياسي لذلك. وفي هذا الشأن، قالت "القناة 12" الإسرائيليّة إن وزارة المالية ـ لدى الكيان ـ أوصت بإغلاق 10 وزارات، ويأتي ذلك بعدما حث محافظ البنك المركزي، أمير يارون، ـ في مؤتمر صحفي مطلع العام ـ نتنياهو على الحد بسرعة من الإنفاق العام قبل أن يتفاعل السوق بشكل سيئ إذا فشلت الحكومة في القيام بذلك. وقال يارون: "إن عدم التحرك الآن لتعديل الميزانية من خلال تخفيض النفقات وإلغاء الوزارات الزائدة عن الحاجة وزيادة الإيرادات في ضوء احتياجات الحرب من المرجح أن يكلف الاقتصاد الكثير في المستقبل". وحمل الإعلان المشترك لوزير المالية الصهيوني، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بإطلاق برنامج "التجنيد للاحتياط"، في طياته خلافات داخل الحكومة حيال مصادر تمويل هذا البرنامج ضمن موازنة 2024. ويأتي الإعلان عن البرنامج وسط استمرار جيش الاحتلال بتسريح المزيد من قوات الاحتياط، وذلك بغية إعادتهم إلى سوق العمل وتحريك عجلة الاقتصاد الذي تضرر بفعل العدوان جراء تغيب قرابة 350 ألف إسرائيلي تم استدعاؤهم لخدمة الاحتياط لأكثر من شهرين ونصف الشهر. ويستدل من البرنامج المخصص لدفع تعويضات لقوات الاحتياط، بتكلفة إجمالية تبلغ 9 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار)، أنه لا يوجد توافق بشأن مصدر التمويل للبرنامج الذي من المفروض إقراره ضمن قانون الموازنة للعام 2024. وبحسب البرنامج الذي ستناقشه حكومة نتنياهو في جلستها الأسبوعية، اليوم الأحد، ستدفع تعويضات بقيمة تصل إلى 30 ألف شيكل (8333 دولارا) لكل جندي احتياط مقابل الخدمة خلال فترة العدوان، بينما سيتم تعويض جنود الاحتياط أصحاب الشركات والمصالح التجارية، بحسب المعايير العامة التي حددت مقابل التعويض عن الخسائر للمصالح التجارية والشركات في البلاد. مناقشات وتعديلات وفي ظل غياب مصادر واضحة لتمويل برنامج تعويض الاحتياط والشركات المتضررة، تتصاعد وتيرة الخلافات داخل حكومة نتنياهو بشأن تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي لتغطية جزء من نفقات العدوان على غزة. وخلال المناقشات حول التعديلات المطلوبة لموازنة 2024، اقترح الطاقم المهني في وزارة المالية إغلاق 10 مكاتب وزارية غير ضرورية، لكن دون أن يبدي أيا من الوزراء المدرجة، فيما أبدى سموتريتش معارضته للمقترح. بالإضافة إلى ذلك، جددت كتلة المعارضة المطلب الداعي إلى تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي المدرجة ضمن موازنة 2024 لتغطية نفقات العدوان، من خلال إقامة صندوق خاص بكلفة 10 مليارات شيكل (2.75 مليار دولار) لتعويض قوات الاحتياط، وهو ما اقترحه رئيس المعارضة، يائير لبيد. وفي ظل العدوان على غزة وتأزم الاقتصاد والركود بسوق العمل، تواجه حكومة سلطة الكيان الـ37 المؤلفة من 31 وزارة الكثير من المصاعب الداخلية سواء الاجتماعية، أو السياسية، أو الاقتصادية. وتتكون الحكومة الائتلافية من 6 أحزاب هي: الليكود و"يهودية التوراة"، و"شاس"، و"الصهيونية الدينية"، و"عظمة يهودية" و"نوعم". سياسات تافهة ويعتقد الصحفي الاستقصائي في موقع "شومريم"، شوكي سديه، أن المناقشات بشأن موازنة العام 2024، ستظهر عمق الخلافات داخل الكيان بكل ما يتعلق في إقرار الموازنة، وكذلك رصد المزيد من الميزانيات لتغطية نفقات العدوان أو زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن وكذلك برنامج تعويض الاحتياط. وأوضح سديه أنه دون إلغاء المكاتب والوزارات الحكومية غير الضرورية، والتي لم تقم بأداء أي وظيفة خلال العدوان، فإن العجز سيتفاقم في الموازنة حتى لو تم توسيع إطار الميزانية لتبلغ 600 مليار شيكل (165 مليار دولار)، قائلا إن "ذلك يفرض ثمنا باهظا على "المجتمع" والاقتصاد الصهيوني. وأشار إلى أن "وجود الوزارات غير الضرورية فقط من أجل الحفاظ على الائتلاف الحكومي تعكس الفوضى الإدارية التي رافقت الحكومة خلال العدوان، وذلك عبر الاستيلاء على الموارد المالية للجمهور وتخصيصها لفئات وقطاعات مشاركة في الحكم، من خلال سياسات تافهة، منفصلة عن المصالح الوطنية". في الموازنة المعدلة لعام 2023، والتي صادق عليها الكنيست، بلغت تكلفة المكاتب الوزارية غير الضرورية ما لا يقل عن 1.35 مليار شيكل (375 مليون دولار). وبالنسبة إلى موازنة 2024 والتي لم يتم اعتمادها بعد، يتوقع سديه أن تزداد ميزانية المكاتب غير الضرورية. وبعد نشر قرار "بنك إسرائيل" خفض الفائدة، وعلى خلفية انتقادات المحافظ أمير يارون للحكومة بشأن سياساتها المتعلقة بالموازنة في ظل العدوان والخطوات التي لم يتم اتخاذها بعد لخفض العجز، رفض سموتريتش توصيات يارون التي تدعو إلى إلغاء المكاتب الوزارية غير الضرورية ورفع الضرائب، بحسب ما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت. ونقلت الصحيفة عن سموتريتش قوله إن "مصدر تمويل ودفع التعويضات لقوات الاحتياط سيكون من الميزانية المخصصة لوزارة الأمن وستكون على حساب شراء الذخيرة والمعدات"، بيد أن نتنياهو صرح بأن وزارة الأمن ستحصل على ميزانية إضافية بقيمة 20 مليار شيكل (5.5 مليارات دولار)، مشيرا إلى أن هذه الزيادة لا تشمل برنامج "التجنيد للاحتياط". "نخبة" سلوكها طفولي ويعتقد مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة يديعوت أحرونوت، غاد ليؤور، أن محافظ "بنك إسرائيل" بقراره خفض الضريبة في هذه الظروف لجأ إلى اعتماد "العصا والجزرة"، مع الحكومة، لكنه أردف يقول: "ربما لن يفهم نتنياهو وسموتريتش التلميح هذه المرة أيضا بشأن السياسات الاقتصادية التي يجب اعتمادها في ظل العدوان وضرورة إجراء تعديلات على الموازنة"، واعتبر أن الحكومة ـ ومن أجل الحفاظ على الائتلاف ـ تتصرف بشكل غير مسؤول، وقد يُصنف بـ"السلوك الطفولي" للوزراء. وتتصرف حكومة نتنياهو - حسب ليئور- وكأن الأمر لا يعنيها، وليس لديها توجه لإجراء تعديلات على الموازنة أو المساس بميزانيات الائتلاف، مما سيدفع نحو عجز هائل بالموازنة ويشكل تهديدا لاستقرار اقتصاد الكيان. رواتب وتعويضات وعندما يتم النظر إلى النماذج الاقتصادية التي تفسر أضرار العدوان، يقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "كلكليست"، شلومو تيتلبوم، إن "من الواضح أن أحد المصادر الرئيسة لتراجع النشاط الاقتصادي هو التعبئة الواسعة للاحتياط. وإن دفع الرواتب والتعويضات لجنود الاحتياط هو التكلفة الصغيرة نسبيا، بيد أن الثمن الباهظ يرجع إلى حقيقة أن هؤلاء الاحتياط لا يعملون". وبحسب بيانات وزارة المالية، فقد فُقد دور 140 ألف عامل في الاقتصاد شهر نوفمبر الماضي، بسبب الخدمة العسكرية، علما أن تجنيد 100 ألف جندي احتياطي يكلف حوالي 100 مليون شيكل (28 مليون دولار)، يوميا، ويضاف إلى ذلك التكلفة غير المباشرة للإنتاج المفقود البالغة 100 مليون شيكل أخرى يوميا. من الواضح للجميع حتى في هذه اللحظة ـ يضيف المحلل- أنه "في خضم القتال، هناك العديد من الجنود الذين يمكن إعادتهم إلى سوق العمل، وإلى اليوم هناك عدد كبير جدا من جنود الاحتياط في المقرات وفي العديد من الأماكن الأخرى، وإذا لم يتم تسريحهم، فسندفع ثمنا باهظا يستنزف الاقتصاد".

خمس أسئلة جوهرية ومثلها أجوبة موضوعيّة..

لماذا سحبت واشنطن حاملة الطائرات رغم استمرار العدوان على غزة؟

بين الكيان الصهيوني وأمريكا شعرة معاوية

حول هذا السؤال، أجمع خبراء على أن قرار واشنطن سحب حاملة الطائرات "جيرالد فورد" من شرقي البحر المتوسط رغم استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة يأتي للضغط على حكومة رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، وضرورة انصياعه للإرادة الأمريكية، بما يعني أن القرار رسالة مفادها أن واشنطن لن تستمر في دعم الكيان إلى الأبد ما لم ينصع للإرادة الأمريكية وخطة ما بعد حرب غزة. ما دلالة إطالة العدوان على غزة؟ حول هذا السؤال، أجابت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية بالقول: إن إطالة أمد العدوان الصهيوني على قطاع غزة دون تحرك من أجل مستقبل القضية الفلسطينية تشكل إستراتيجية انتحار بالنسبة إلى الكيان والغرب كذلك، ما يحمل كل الفرص لزيادة شعبية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بين السكان الفلسطينيين بصفة خاصة، ولدى جميع الدول الإسلامية بصفة عامة. هل سترضخ المقاومة للإملاءات "الصهيو-أمريكية"؟ أجاب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية على هذا السؤال، في كلمة وجهها إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للتركيز خلال زيارته للمنطقة، فقال: "لا يمكن لآلاف المجازر وللدمار الرهيب تحقيق أمن ولا استقرار ما لم يحصل شعبنا على حريته ودولته المستقلة، كاملة السيادة وعاصمتها القدس". ما وراء زيارة بلينكن إلى المنطقة؟ الإجابة وردت على لسان مسؤول بالخارجية الأمريكية، حين قال لـ"سي. أن. أن" إن التواصل غير المباشر مع إيران لمنع صراع أوسع بالمنطقة هو محور رئيس لزيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن. ماذا عن أحدث موقف إيراني من الكيان الصهيوني؟ بهذا الشأن، قال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إن "الكيان الصهيوني سيزول قريبا من الوجود رغم الدعم الكبير الذي يتلقاه من قوى الاستكبار العالمي"، وأضاف أن المقاومة الفلسطينية التي لا تمتلك القوات الجوية والبحرية وتمتلك فقط القوات البرية، جعلت (الجيش) الصهيوني عاجزا أمام إنجازاتها.

المحلل السياسي الفلسطيني مأمون أبو عامر لـ "الأيام نيوز":

"رؤى قادة الجيش والسّاسة الإسرائيليّين لا تتقاطع فيما يخص تحقيق أهداف العدوان"

أكّد المحلل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، أن هناك خلافات واضحة وجليّة على مستوى مؤسسات الحكم داخل الكيان الصهيوني، بعد فشل جيشه في حسم الموقف لصالحه، وعدم تمكنه من تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي سطرها الاحتلال مع بداية عدوانه المتواصل على قطاع غزة، وبشكلٍ خاص فشله الذريع في كسر شوكة المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي نجحت في تجسيد معادلة الثبات والصمود على الأرض، ومواجهة هذا الاحتلال الجائر بعد أن ألحقت به خسائر فادحة في الأفراد والمعدات. وفي هذا الشأن، أوضح الأستاذ أبو عامر، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، أن الواقع العملياتي على أرض الميدان هو واقع معقد للغاية، خاصةً وأن الاحتلال يلجأ دائما عندما يتعرض لضربات قاسية من المقاومة إلى الانتقام من المدنيين من خلال استهدافهم وارتكاب مجازر جماعية دامية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع، بالإضافة إلى استخدام أسلوب التجويع ومنع إدخال المواد الأساسية والمتطلبات الحياتية اليومية، ناهيك عن تدمير كل أساسيات الحياة من طرق ومستشفيات وقطع لشبكات الكهرباء والمياه؛ مؤكدا أن هذه التجاوزات الخطيرة بحق الإنسانية والإنسان أحدثت ضجة كبيرة على المستوى الخارجي، وارتفعت معها وتيرة الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف عدوانه وممارساته اللاأخلاقية في غزة. في السياق ذاته، وفي حديثه عن قرار الكيان الصهيوني سحبَ ألوية كانت تقاتل في قطاع غزة، أبرز المحلل السياسي الفلسطيني، أن هناك عمليةً نفسية، تأتي في إطار محاولة قادة الاحتلال لإعطاء انطباع بأن الجيش الإسرائيلي يحقق الإنجازات والانتصارات، وهذا الأمر عار تماما من الصحة، فجيش الاحتلال وبمجرد إعلانه السيطرة النارية على منطقة ما في جباليا أو الشجاعية وانسحاب قواته منها، يعود بعدها سلاح الجو لقصف هذه المناطق، ما يؤكد زيف وكذب الاحتلال وادعاءاته الباطلة بهذا الشأن. في سياق ذي صلة، أشار المتحدث إلى أن الاحتلال مصاب بحالة من السُّعار الإجرامي، وأصبح غير قادر على استيعاب الموقف، وما حدث بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي؛ ومن هنا، نجد أن القرارات السياسية التي يتم اتخاذها وتبنيها في الوقت الراهن تأتي في طبيعة غريزية وليس في طبيعة سياسية، ما يعني أن هناك أزمة لدى صانع القرار داخل الكيان الصهيوني، كما أن هناك حالة من الاندفاع في مجموعات معينة في داخل مؤسسة الحكم الإسرائيلية، خاصة وأن الحكومة دخلت فيها أطراف جديدة، على غرار حزب الدولة، الذي دخل بهدف المساهمة في عملية إدارة الحرب، لكن هذه الأطراف غير متوافقة مع الحزبين الآخرين في الحكومة، وهما حزب القفزة اليهودية بقيادة بن غفير وحزب الصهيونية الدينية بقيادة وزير المالية سموتريتش". وأردف محدّث "الأيام نيوز" قائلا: "في منتصف الطريق، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيانين نتنياهو، الذي يتلاعب بالمشهد، بهدف تخفيف الأضرار السياسية الكبيرة التي لحقت به بعد عملية "طوفان الأقصى"، وبالرغم من أنه يتبنى الخط اليميني إلا أنه شخصية انتهازية أكثر من كونه يمينيا بشكل أو بآخر؛ ومن هنا نجد أن هناك أزمة صناعة قرار في داخل مؤسسة ما يسمى عبثا بدولة "إسرائيل". وعلى الجانب الآخر، هناك (جيش) يشعر بحالة من الحرج بسبب ما حدث بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وما أعقبه من تداعيات على المستويين الداخلي والخارجي". "صانع القرار السياسي الإسرائيلي في مأزق" وفي هذا الإطار، أبرز المحلل السياسي الفلسطيني ذاته أنه - ولأول مرة بتاريخ إدارة الحروب في "إسرائيل" - يقف الجيش في حالة من الخضوع التام للمستوى السياسي أو صانع القرار. وفي الوقت نفسه، يقوم (جيش) الاحتلال بمحاولة ثقب جدار الدعاية بالنسبة للمستوى السياسي، من خلال تسريب بعض الأخبار وبعض الأحداث المرتبطة بما يدور في ساحة المعركة في قطاع غزة، من أجل تحريك الشارع الإسرائيلي للضغط على الحكومة لإيقاف هذه الحرب، لاسيما أن هذا الجيش أصبح يدرك يقينا أن تنفيذ الأهداف الأساسية التي يريد نتنياهو تجسيدها على أرض الواقع، وعلى رأسها القضاء على حركة "حماس"، هي أهداف غير واقعية ولا يمكن للجيش أن يحققها، فالجيش بإمكانه أن يهزم قوة عسكرية ميدانيا، ولكنه لا يستطيع أن يستأصل فكرة، أو مجموعة من الفدائيين والمقاومين الذين لا يترددون لحظة في تقديم أرواحهم فداءً للقضية والشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي كل أرجاء فلسطين. وتابع مأمون أبو عامر معللا: "من الواضح أن صانع القرار السياسي الإسرائيلي عاجز عن توجيه أو وضع خطة سياسية للتعامل مع هذا الوضع، لأنه يخطط بمنطق يختلف عن المنطق السياسي وهو يريد أن يحقق أهدافًا صهيونية بعيدة المدى على غرار تهجير وترحيل سكان غزة، وهذا الأمر - طبعا - من الناحية العملياتية يضع الجيش الإسرائيلي في موقف محرج، الذي يقوم بالتنفيذ وهو غير مقتنع تماما بهذه المهمة، ما يضعف قدرته على المواصلة، خاصةً وأنه ما زال يتلقى ضربات موجعة من طرف المقاومة ولا يجد سبيلا للرد عليها إلا من خلال الانتقام من المدنيين، وهذا التصرف يفقده ثقة الإسرائيليّين". خِتامًا، أكّد محدّثنا أن (جيش) الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، يريد من المؤسسة السياسية أن تضع خطة سياسية من أجل التعامل مع ملف غزة، وليس الحسم على أرض الميدان، فبالنسبة إلى (جيش) الاحتلال لا يوجد جيش نظامي يمكن أن يتصدى له، فهو يقف في مواجهة مجموعة من الفدائيين والمقاومين، المتحصنين في الأنفاق وبين الزقاق، لدرجة أن تدمير الشوارع والمدن لا يضرها، بل أحيانا قد يخدمها في إدارة المعركة ضد قوات (جيش) الاحتلال في حال تقدمها في المناطق التي يتم قصفها.

الباحث في الشؤون الدولية عبد الرحمان بوثلجة يوضّح:

"الفشل والارتباك يضيّقان الخناق على الكيان الصهيوني"

يرى الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أن الفشل والإرتباك لدى الاحتلال الإسرائيلي هو العنوان الأبرز الذي يمكن أن يتناسب مع المرحلة الحالية من العدوان الصهيوني المتواصل على الأبرياء والمدنيين العزل في قطاع غزة. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية فهي تحاول الخروج من ورطة حقيقية، فيما المطبعون الجدد من الدول العربية يتحملون فضيحة لا مثيل لها، نظرا إلى  صمود وثبات الشعب الفلسطيني واستبسال المقاومة الفلسطينية على أرض الميدان في قطاع غزة. وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، أنه وبعد ثلاثة أشهر كاملة من العدوان الهمجي على القطاع، لم يتمكن الكيان الصهيوني بعد من تحقيق أي هدف من أهدافه المعلنة مع بداية هذا العدوان الجائر على غزة، سواء تعلق الأمر بسحق المقاومة أو تحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها؛ فكل ما استطاع فعله هذا الاحتلال المستبد، هو ارتكاب جرائم حرب مكتملة الأركان بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع، ما أدى إلى استشهاد وجرح الآلاف، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية واستهداف ممنهج لكل القطاعات الحيوية بشكل يجعل من قطاع غزة مكانًا غير ملائمٍ للحياة. في السياق ذاته، أبرز محدثنا أن الكيان الصهيوني، وبعد فشله الذريع في تحقيق أي هدف عسكري يستحق الذكر على الأرض، لجأ إلى خيار استهداف واغتيال القادة السياسيين للمقاومة الإسلامية "حماس" في الخارج، وهذا التصرف يلجا إليه الجبناء حينما يعجزون عن مواجهة نظرائهم على أرض الميدان، فالاحتلال الإسرائيلي يسعى بكل الطرق لاستعادة هيبته التي فقدها ذات فجر سبتٍ أسود، ولم يعد يكترث لعدد القتلى في صفوف جيشه ولا الأسرى لدى فصائل المقاومة ولا حتى الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، بقدر ما تهمه وتؤلمه الهيبة التي فقدها بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، بعد تلقيه هزيمة نكراء على أيدي رجالات المقاومة الفلسطينية، في لحظةٍ فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني. في سياق متصل، أشار الباحث في الشؤون الدولية إلى أن المعطيات الموجودة على الأرض دفعت الكيان الصهيوني إلى اتخاذ جملة من القرارات غير الواضحة، سواء على المستويين الداخلي أو الخارجي، فلم يعد قادرا على معرفة ما يمكن أن يقوم به حتى يسترجع هيبته، فتجده تارة يتحدث عن ترحيل الفلسطينيين من غزة وإقامة مستوطنات هناك، وتارة يتحدث عن حكمها عسكريا وأمنيا، فهو في كل مرة يضعُ ويُسطر أهدافا جديدة، ولا يحقق أيامنها في نهاية المطاف. أما بالنسبة إلى أمريكا وبعد الدعم اللامشروط الذي قدمته للكيان الصهيوني خلال عدوانه المتواصل على القطاع، يقول المتحدث: "إن أمريكا تجد نفسها اليوم أمام ورطة حقيقية، خاصةً بعد تفاقم الوضع سواء على الحدود الشمالية مع لبنان، أو ما يحدث عبر مضيق باب المندب، ونتحدث هنا عن العمليات التي تشنها القوات البحرية اليمينة ضد السفن الإسرائيلية أو تلك الأجنبية المتوجهة إلى موانئ الكيان، إسنادًا للمقاومة الفلسطينية في القطاع، حتى أن التحالف الذي أقامته أمريكا أصبح يُنظر إليه على أنه تحالف ناقص، بحيث لم تنظم إليه أي دولة مؤثرة من دول المنطقة المعروف عنها تاريخيا أنها حليفة لأمريكا، على غرار المملكة العربية السعودية، الإمارات، ومصر، بالإضافة إلى ما يحدث في كل من العراق وسوريا من عمليات دعما للمقاومة في غزة، زد على ذلك الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي، حتى إن هناك مسؤولين قاموا بتقديم استقالتهم تنديدا بوقوف أمريكا اللامشروط مع "إسرائيل" في عدوانها الهمجي والهستيري على الآمنين في بيوتهم في القطاع". في السياق ذاته، أوضح الباحث في الشؤون الدولية أن ما قامت به أمريكا خلال هذا العدوان المتواصل على القطاع لن ينساه التاريخ، ويعتبر فضيحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالولايات المتحدة الأمريكية تعيش حاليا أزمة أخلاقية، وتحاول الخروج من هذا المأزق الذي وضعت نفسها فيه،وبدا ذلك واضحا من خلال محاولات التراجع عن مواقفها الداعمة لهذا العدوان، حيث بدأنا نسمع حديثا حول أنه لا يمكن القضاء على فكرة المقاومة، وبدأنا نسمع أصواتا في أمريكا تطالب بعدم تقديم شيك على بياض إلى "إسرائيل"، وإنما يجب محاسبة الكيان الصهيوني عن كل الأموال التي تقدمها له أمريكا كمساعدات. في سياق متصل، تحدث الأستاذ بوثلجة عن الدول العربية التي طبّعت علاقاتها حديثا مع الكيان الصهيوني، والتي كانت حجتها - حينذاك - الدفاع عن القضية الفلسطينية، ومن خلال هذا التطبيع ستساهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، لكن وبالعودة إلى الأحداث الدائرة أصبح الجميع يدرك أن ذلك مجرد كذب ونفاق، وبالتالي هذه الدول - اليوم - تعيش فضيحة كبرى، ولا تستطيع فعل أي شيء، فلا هي تستطيع أن تقوم بخطوة إلى الأمام ولا بخطوة إلى الخلف، بدليل أن دولاً كالإمارات والمغرب لم تقم - على الأقل - بأي خطوة دبلوماسية ضد الكيان الصهيوني، بما فيها سحب سفرائها لدى "إسرائيل"، بل حتى إن تصريحات مسؤولي هذه الدول  لم تكن تصريحات واضحة وحاسمة بل كانت تصريحات ملتوية، وتصريحات تساوي بين الضحية والجلاد، وجرى التحدث عن وقف إطلاق النار وكأنه بين جيشين متقاربين، وليس ضد شعب أعزل. وفي ختام حديثه لـ "الأيام نيوز"، أبرز الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة،أنه وبالرغم من حجم المعاناة ورغم الظروف القاهرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، إلا أن الصمود والثبات مازالا السمة الأبرز في قطاع غزة، ومازالت صواريخ المقاومة الباسلة تُطلق من شمال القطاع وجنوبه، ومازالت يوميا "إسرائيل" تحصي عدد القتلى والجرحى في صفوفها، وهذا ما يُمكن وصفه بالصمود الأسطوري الذي لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلا، حتى أن هذا الجيش الذي كان يصنف في أولى المراتب عالميا، وكانت تسقط أمامه الجيوش في غضون أيام، لم يتمكن إلى حدّ اللحظة من تحقيق أي انتصار على المقاومة يستحق الذكر، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من المجازر الدامية في حق الأبرياء والعزل في قطاع غزة.

المحامي والنّاشط الحقوقي محمـد آدم المقراني لـ "الأيام نيوز":

"نتنياهو يواجه ضغوطا دولية وداخلية تطالبه بإنهاء العدوان"

يعتقد المحامي والنّاشط الحقوقي، محمـد آدم المقراني، أنّ "الخلافات بين نتنياهو ووزير دفاعه فيما يخص الخطوات الواجب اتخاذها بعد الحرب آخذة في التّصاعد في ظلّ التقدّم في الخطط التي رسمها مجلس الحرب الصّهيوني". وحسبه، فإنّ "نتنياهو لا ينوي التّراجع عن مساره المتطرّف في التّعامل مع الحرب في غزّة؛ رغبة منه في المحافظة على حكومته وموقعه على رأسها، خاصّة وأنّ وزير الدّفاع يُعتبر من المنافسين الذين قد تدفع بهم رياح الأحداث الحالية لرئاسة الحكومة القادمة". وأشار محمـد آدم المقراني، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، إلى أنّ "عدّة أصوات داخل الكيان تدعو إلى التخلّي عن إدارة الأوضاع الحالية عن طريق مجلس حرب والعودة للدّواليب العادية لتسيير شؤون الحرب في غزّة، وهو ما يبرز الخلافات التي تشقّ صفوف الطّبقة الحاكمة في "إسرائيل"، في ظلّ تصاعد الضّغط على الحكومة الحالية التي فشلت في تحقيق الأهداف الإستراتيجية المعلنة قبل بداية العدوان على قطاع غزّة إضافة إلى ضغط عائلات الأسرى على الحكومة خاصة وأنّ جيش الاحتلال تسبّب بقصفه في مقتل عدّة رهائن وأسرى". وعلى مستوى ثان، أبرز المحامي والنّاشط الحقوقي أنّ "القرار الصّهيوني القاضي بتسريح ألوية احتياط كانت تقاتل في غزّة يظهر الرّغبة في المرور للمرحلة الأخيرة من خطّة العدوان المرسومة مع التّخطيط لتموقع قوات الاحتلال الإسرائيلية في غلاف غزّة مع التّركيز على القصف على أهداف محدّدة". ويندرج ذلك - حسبه المتحدّث ذاته- في إطار "التماهي مع الضّغوط الدّولية على حكومة الكيان خاصّة من حليفها الأمريكي الذي ما انفك يدعو إلى التّقليص من مدى ومدّة الحرب في ظلّ الخسائر البشرية الفادحة التي تسبّبت فيها هذه الحرب، إلى جانب الرّغبة في امتصاص الضّغط الدّاخلي أمام ما تتعرّض له القوّات الإسرائيلية من خسائر فادحة في ظلّ حرب الشّوارع التي قادتها للمواجهة مع المقاومة الفلسطينية". وكخلاصة عامّة، أكّد المحامي والنّاشط الحقوقي، محمـد آدم المقراني، أنّ "الحرب صارت تلقي بثقلها على الاقتصاد الإسرائيلي ، خاصّة وأنّ مدّة التّعبئة تجاوزت الحروب السّابقة وهو ما لا يمكن أن تواجهه حكومة نتنياهو التي تتعرّض لعدّة ضغوط دولية وداخلية لإنهاء العدوان على غزّة".

مع استمرار التخبّط السّياسي والخسائر الاقتصادية.. 

"طوفان الأقصى" يمعن في خلط أوراق حكومة نتنياهو!

بقلم: علي أبو حبله - محام فلسطيني أعادت معركة "طوفان الأقصى" القضيّة الفلسطينية لتتصدّر الخريطة الدّولية وتعيد للواجهة الأممية سياسة التوحّش الإسرائيلي، وتعيدنا لتاريخ عصابات الأرغون وشتيرن الصّهيونية وما ارتكبتا من مذابح وجرائم بحقّ الشّعب الفلسطيني لإجباره على أن يهجر أرضه قسرا. والمشهد يعيد تكرار نفسه لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء في ظل موقف مصري يسدّ الأبواب في وجه مخطّط حكومة الائتلاف اليمينية الصّهيونية التي تمارس الإرهاب المنظّم بضوء أخضر أمريكي وغربي ليعيد إلى الأذهان جرائم أمريكا وبريطانيا في الحرب العالمية الثّانية وجرائم ما ارتكب في فيتنام والعراق وأفغانستان، ورغم تلك الجرائم كانت إرادة الشّعوب أقوى وأشدّ عزيمة في مواجهة هذا التوحّش الصّهيوني الإمبريالي. إنّ ردود فعل الإدارة الأمريكية تجاه عمليّة "طوفان الأقصى" والإجراءات العسكرية الميدانية، التي سبقها سيل من الأقوال والتّصريحات جرت على ألسنة كبار المسؤولين، وفي طليعتهم الرّئيس الأمريكي جو بايدن نفسه، الذي أعلن عن سلسلة خطوات لدعم الكيان الصّهيوني وإمداده بالعدّة والعتاد لمواصلة حرب الإبادة ضدّ الشّعب الفلسطيني، لن تثني الشّعب الفلسطيني عن مواصلة حقّه المشروع في الدّفاع عن أرضه وكرامته. في ظل توحش الطّيران الحربي الإسرائيلي وقيامه بالقصف البربري التّدميري العشوائي الذي استهدف المساكن والمساجد والأسواق الشّعبية في مدينة غزّة ومحيطها ومخيّماتها المجاورة، وإمعان سلطات الاحتلال أكثر من ذي قبل في سياسة عقاب جماعي همجي ضدّ الملايين من المدنيين الفلسطينيين فتقطع عنهم الماء والكهرباء والغذاء والدّواء، ولم يتردّد وزير الحرب الإسرائيلي في إطلاق تصريح عنصري وفاشي بالقول: "نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرّف وفقا لذلك". في غمرة هذا التوحّش الإسرائيلي البربري، كانت حاملة الطّائرات الأمريكية "يو أس أس فورد" تسابق الزّمن والمحيطات نحو التّمركز قبالة السّواحل الفلسطينية، ترافقها قطع بحريّة إضافية ومدمّرة مجهّزة بالصّواريخ، وغوّاصات وطرادات وطائرات حربيّة مقاتلة، وكأن أرقى الصّناعات الحربيّة الأمريكية كانت تمخر عباب المحيط في طريقها إلى ساحة حرب عالمية ثالثة، وليس إلى قطاع هو الأشدّ اكتظاظا بالمدنيين، ومحاصَر برّا وبحرا وجوّا منذ 17 عاما. إنّ السّياسة الأمريكية والغربيّة على وجه العموم تتّسم بمزيد من تخبّط على اعتبار أنّ أحد أبرز أهداف عملية "طوفان الأقصى" هو قطع الطّريق على الجهود الأمريكية لريادة التّطبيع السّعودي - الإسرائيلي، والتّطبيع هو مشروع صهيوني أمريكي لقطع الطّريق على الشّعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وحقّه في إقامة دولته المستقلّة وعاصمته القدس، وأنّ التّغاضي عن جرائم المستوطنين بحماية قوّات الاحتلال وعربدتهم في المسجد الأقصى واعتداءاتهم على الفلسطينيين وحرق البلدات الفلسطينية هو المسبّب الأول لعملية "طوفان الأقصى". وكما في كلّ مقاربة رسمية أمريكية لملفّات التّطبيع، سواء عكف عليها جيمي كارتر أو بيل كلنتون أو دونالد ترامب أو جو بايدن، تُغفل الإدارات المتعاقبة حقائق الفارق الصّارخ بين أنظمة حاكمة لاهثة خلف قاطرات التّطبيع، وبين شعوب عربية لا ترفض اللّحاق باللاهثين فقط، بل حدث ويحدث مرارا أنّها جمّدت المسارات أو حتى أوقفتها عمليا، الأمثلة اتضحت وترسّخت منذ اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة، وليس مصير اتفاقيات أوسلو سوى تكملة أشد وضوحا. وفي الأروقة المغلقة، كان بعض مسؤولي إدارة بايدن يتداولون نظرية جاريد كوشنر، عرّاب اتفاقيات أبراهام، حول رفع القضية الفلسطينية عن خرائط المنطقة لتحلّ محلها خريطة "الشّرق الأوسط الجديد" كما ترسّمها خطوات التّطبيع المتلاحقة، أو كما حملها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى منبر الأمم المتحدة مؤخّرا. إنّ صمود وثبات قوى المقاومة الفلسطينية وفشل تحقيق أهداف هذه الحرب أربك حسابات أمريكا والغرب وانعكس ذلك الصّمود على داخل الكيان الصّهيوني، وجعل أمريكا تتخبّط في قراراتها نتيجة رفض نتنياهو الانصياع للمطالب الأمريكية؛ ممّا دفع إدارة بايدن لإعادة البارجة الحربية الأمريكية فورد للسّواحل الأمريكية وأفقد قادة الكيان الصهيوني صوابهم ليعيش الدّاخل الصهيوني بتركيبته السّياسية المعقّدة أزمة داخلية، فهناك صراع بين القيادة السّياسية ممثّلة برئيس وزراء حكومة الحرب بنيامين نتنياهو وبين القيادة العسكرية ممثلة بوزير الحرب "يوآف غالانت" ورئيس الأركان "هاليفي"، حيث يسعى كلّ طرف إلى تحميل مسؤولية هزيمة السّابع من أكتوبر للطّرف الآخر، وهناك أزمة أسرى الاحتلال لدى فصائل المقاومة حيث تستمر المظاهرات الضّخمة مطالبة بالاستجابة لشروط قوى المقاومة، بالإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الصّهيونية، مقابل الإفراج عن الأسرى الصّهاينة لدى فصائل المقاومة. لم يشهد الكيان الصّهيوني أزمة نزوح منذ تاريخ إنشاء هذا الكيان إذ إنّ حوالي 300 ألف من المستوطنين في غلاف قطاع غزّة ومن مستوطنات الشّمال المحاذية للجنوب اللّبناني قد أعلنوا بأنّهم لن يعودوا للمستوطنات طالما بقيت "حماس" في قطاع غزّة، وطالما أنّ قوّات "حزب الله" على مسافة قريبة منهم. كما أنّ الخسائر الاقتصادية التي لحقت بـ "إسرائيل" دفعها إلى تسريح الآلاف من جنود الاحتياط على أمل استعادة إنعاش مرافقها الاقتصادية، فوفق صحيفة نيويورك تايمز، فإنّ حربا طويلة الأمد ستغرق "إسرائيل" في فوضى اقتصادية، وأنّ هذه الحرب وجّهت ضربة كبيرة لاقتصادها، مشيرة إلى أنّ نحو 360 ألف جندي احتياط تركوا وظائفهم في الشّركات من أجل التّعبئة العسكرية، الأمر الذي أدّى إلى توقّف أجزاء كبيرة في الاقتصاد لدى الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك تباطأت صناعة التّكنولوجيا في بشكل مفاجئ وهي محرّك النّمو. كما تعطّل قطاع السّياحة ووصلت السّياحة إلى طريق مسدود تقريبا، بعد توقّف نشاط السّفن السّياحية عند شواطئ "إسرائيل" وإلغاء كلّ الرّحلات تقريبا، بالإضافة إلى إيقاف شركات الطّيران الكبرى رحلاتها من وإلى الكيان الصّهيوني، بما في ذلك رحلات الشّحن. هذا، إضافة إلى عزلة دبلوماسية بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 نوفمبر على قرار يقضي بهدنة إنسانية بأغلبية. وقد ترافقت هذه العزلة الدّبلوماسية مع المظاهرات المليونية المؤيّدة لفلسطين والمندّدة بالعدوان الصّهيوني، التي اجتاحت المدن العواصم الغربيّة في كلّ من لندن وباريس وواشنطن وشيكاغو وبرلين وغيرها، حيث رفع المتظاهرون شعارات تؤكّد على عروبة فلسطين وعلى زيف الرّواية اليهودية، ناهيك أنّ العديد من الدّول الغربية اضطرت لتغيير موقفها جراء المجازر التي ينفّذها جيش الاحتلال في قطاع غزّة، وجراء ضغط الشّارع المندّد بالعدوان الإسرائيلي، مثل فرنسا وبلجيكا والنّرويج التي أدانت العدوان على المدنيين الفلسطينيين، حيث طالبت وزيرة خارجية بلجيكا بتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدّولية. وفي هذا الصّدد، قال معهد الأمن القومي الإسرائيلي إنّ نسبة المظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين وصلت إلى 95 في المائة، مقابل 5 في المائة لصالح الكيان الصهيوني. وأمام هذا الفشل في تحقيق أهداف الحرب بحيث لا يمكن الحديث واستباق نتائج الحرب لتحديد موقف ماذا بعد اليوم التّالي للحرب، وهذا الفشل عبّر عنه مستشار الأمن القومي كيربي ملمّحا بأنّه لا يمكن القضاء على حماس وهذا يحمل الكثير من التّساؤلات والاحتمالات عن نتائج وتداعيات هذه الحرب على الإقليم برمته في ظلّ إعادة خلط الأوراق.

في ظل تفاقم الأزمة الدّاخلية لدى الكيان الصّهيوني..

المقاومة تمرّغ سلطات الكيان في وحل الخلافات وخطر تمدّد الحرب!

بقلم: الدكتورة نبيلة بن يحيى - أستاذة العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية قلب العدوان على غزّة موازين التفكير الإستراتيجي الحربي في الكيان الصّهيوني، الذي أقحم نفسه في حرب استنزاف منذ الـ 7 من أكتوبر، حيث زاد العدوان من تفاقم الأزمة الدّاخلية التي يعيشها الكيان منذ 2019 إلى تاريخ اليوم، بانقسامات بين اليمين المتطرّف واليسار، والذي كانت "الحرب" على غزّة محورا آخر أضاف للتعقيد الدّاخلي معضلة الفشل التي يعيشها الكيان، خاصة باستدعائه جنودَ الاحتياط، الذين يمثّلون نخبة المجتمع الصّهيوني في قطاعات مختلفة، ويصل عددهم إلى 360 ألف جندي صهيوني، وتعتبر عمليّة الاستدعاء هذه  الأكبر في تاريخ "إسرائيل" خلال فترة زمنية قصيرة، ما عرقل تسيير الكثير من البنى التّحتية، من خدمات وسياحة والمؤسّسات التّكنولوجية. و كان للمقاومة تأثير قوي في إرباك الصّهاينة رغم تفوقهم العسكري والأمني والاستخباراتي، حيث فضحت من خلال ضربات "طوفان الأقصى"  الضّعف في الجاهزية الحربية لدى "جيش" الكيان الصهيوني، الذي كان السّلوك الإجرامي خوضه  هذه "الحرب" غير العادلة من خلال استهداف مباشر للمدنيين من أطفال ونساء ومباني آهلة بالسّكان ومستشفيات، ضاربا عرض الحائط بكلّ الالتزامات بالشّرعية الدّولية وقوانين الأمن الإنساني، مرتكبا جرائم حرب ومجازر في حقّ الشّعب الفلسطيني. وهذا ما يؤكّده الاغتيال الأخير لأهم قيادي المقاومة، صالح العاروري، في لبنان، كما فعلت "إسرائيل" سابقا مع قيادي المقاومة من الشّهيد أحمد ياسين وصلاح شحادة وأحمد الجعبري ويحيى عياش، الأمر الذي زاد المقاومة قوّة واتّساعا وتسليحا، عكس ما كان يعتقده الكيان الصّهيوني. كما أنّ الخلافات بين نتنياهو وقادة الجيش التي هي ليست وليدة "الحرب"، عمقتها هجمات 7 أكتوبر  بعد تحميل رئيس الحكومة للمؤسّسات الأمنية مسؤولية ما جرى. وحسب تقارير صهيونية فإنّه كان من المفروض أن يكون اجتماعا بين وزير الدّفاع ومدير الموساد حول "الحرب" على غزّة وتدخّل نتنياهو لمنعه، ممّا أضفى شعورا بعدم ثقة رئيس الوزراء بوزير الدّفاع في حكومته، ممّا أثار تساؤلات بشأن التّداعيات الأمنية المحتملة. وهناك ملاحظة مهمّة تتمثل في أنّه بعد "طوفان الأقصى" في الـ 7 أكتوبر، أنشأت "إسرائيل" ما يسمى بحكومة الحرب التي تجمع كبار قادة الأحزاب السّياسية المعارضة، والتي أظهرت انقسامات كبيرة بشأن استمرار الحرب أو توقّفها والتي كلّفتها خلال العام الجاري 10 بالمائة من النّاتج المحلّي الإجمالي، أي 14 مليار دولار". ورغم ما بدا مما سُمّي بالخلاف الأمريكي - الإسرائيلي حول الحرب على غزّة، غير أنّ الجهود الأمريكية التي اتّخذت لكبح جماح الحرب الإسرائيلية كانت على شكل النّصيحة وحسب وليس الضّغط، وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإنّ حجم المساعدات الأمريكية لـ "تل أبيب" منذ بدء الحرب في قطاع غزّة، وتضمّنت طائرات وسفن شحن أمريكية حملت على متنها أعدادا هائلة من الأسلحة والذّخائر في دعم غير مشروط من الرّئيس الأمريكي، جو بايدن، على الرّغم من الدّعوات الدّاخلية في حزبه لتقنين المساعدات. هكذا يتم التّسويق السّياسي للعلاقة الوظيفية بين الكيان الصّهيوني والولايات المتّحدة الأمريكية، بدليل أنّه وصلت 230 طائرة و20 سفينة شحن أمريكية، تحمل مساعدات عسكرية إلى "إسرائيل" وكانت الولايات المتّحدة فتحت جسرا جويّا لنقل الأسلحة منذ بدء عملياتها العسكرية على قطاع غزّة. وفي ظلّ هذه المدخلات في "حرب" استنزافية يقودها الكيان الصّهيونية بمساعدات أمريكية غربية وغير غربية، ورغم الفوضى السّياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها هذا الكيان في حربه على غزّة، قرّر "جيش" الاحتلال الإسرائيلي تسريح 5 ألوية قتالية من المعركة البريّة في قطاع غزّة، نظرا للخسائر البشرية والماديّة التي لم يتوقّعها الاحتلال الاسرائيلي في هذه "الحرب" رغم أنّه تم تسجيل 1825 مجزرة اقترفها هذا الكيان الإرهابي المجرم في حقّ الغزيين، و28 ألفا و822 شهيدا ومفقودا، من بينهم 9100 طفل خلال 86 يوما من العدوان الإسرائيلي على القطاع. ويبقى القول إنّ الألوية التي تم تسريحها من غزّة ستعود للمساعدة في "إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي"، الذي افقدته المقاومة الفلسطينية و"طوفان الأقصى" ما يصل إلى 18 مليار دولار خسائر اقتصادية سنة 2023، حيث أعلن البنك المركزي الإسرائيلي أنّ "الحرب" على غزّة لها تأثير مباشر، وأنّ درجة عدم اليقين في الاقتصاد كبيرة جدا، فيما يتعلّق بعدوان ومدّته، ما يلحق ضررا بالنّشاط الاقتصادي، وأنّ 600 مليون دولار يخسرها الكيان أسبوعيا بسبب نقص القوى العاملة، في قطاعات باتت متوقّفة منذ "طوفان الأقصى". ربما هي مرحلة جديدة من المقاومة التي ستُقلب فيها العديد من المعطيات على المستوى الإقليمي في النّظام الإقليمي العربي، وكذلك على المستوى الدّولي والاتّجاهات التي ستفرزها هذه الحرب، إمّا نحو تعميم المقاربة السّلمية أو توسيع دائرة الصّراع نحو حروب انتقالية انتقائية، قد تفرض توازنات أخرى عربيا ودوليا.

الكاتبة والإعلامية بسمة لبوخ لـ "الأيام نيوز":

"الانقسام بين نتنياهو وقادة "جيش" الاحتلال سيؤثّر على الأداء العسكري"

تعتقد الكاتبة والإعلامية بسمة لبوخ أنّ "الخلافات الحادّة التي ظهرت للعلن - بينما تتم الحرب في غزّة شهرها الثّالث، بين رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو وقادة الجيش وبالأخص وزير الدّفاع يوآف غالانت، تعكس شرخا كبيرا بين المستويين العسكري والسّياسي داخل "إسرائيل" بشأن مسار الحرب، حيث كان من أبرز تجليّات الخلاف داخل المجلس الوزاري المصغّر للأمن أو ما يعرف بكابنيت الحرب، منع نتنياهو وزير الدّفاع من اللّقاء مع رئيسي الموساد والشاباك". وأفادت بسمة لبوخ ، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، بأنّ "الكثير من التّقارير تتحدّث عن أنّ الخلافات بين نتنياهو وقادة الجيش ليست وليدة الحرب الحالية، وإنّ تحميل رئيس الحكومة للمؤسّسات الأمنية والجيش مسؤولية ما جرى في الـ 7 أكتوبر أفاض كأس الخلافات ودفع بها إلى السّطح، في مقابل تصاعد مطالبات لنتنياهو باختيار إمّا الوحدة والأمن أو السّياسية في إشارة واضحة لمحاولة نتنياهو استثمار الحرب لحماية مستقبله السّياسي وتغليب مصالحه الشّخصية". وتابعت الكاتبة والإعلامية بأنّ "هذه الخلافات يُستقرأ منها رغبة بعض أعضاء الكبنيت الفصل بينهم وبين نتنياهو ، حماية لأنفسهم حتّى لا يؤدّي ارتباطهم به بانتهاء مستقبلهم السّياسي كما قد يحصل مع نتنياهو، ويريدون القفز مبكّرا من مركب نتنياهو كي لا يغرقوا معه". وحسب المتحدثة ذاتها،  "فمع تزايد الشّعور بعدم ثقة رئيس الوزراء الواضح بوزير دفاعه، تصاعدت أصوات داخل ضبّاط "الجيش" الإسرائيلي ، نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، مفادها بأنّه في الوقت الذي يخوض "الجيش" حربا داخل جبهة غزّة وفي الشّمال،  جهاز الأمن المصغّر يقود حربا ضدّهم، ما بدى - حسبهم- وكأنّ نتنياهو ووزراءه يقودون حملة تحريض واسعة ضدّ الجيش بعد 7 أكتوبر وتحميلهم مسؤولية الفشل" . وأبرزت المتحدّثة أنّ "اليمينين المتطرّفين في حزب نتنياهو هم الأشرس في انتقاد الأداء العسكري، ويدفعون باتّجاه التّهجير من قطاع غزّة والاستيطان والبقاء العسكري الدّائم بغزة لمعالجة ما سمّوه بأخطاء شارون في اتفاقية أسلوا"، وأضافت لبوخ أنّ "الخطاب اليمني في حكومة نتنياهو دأب على تبنّي الحد الأقصى من استخدام القوّة العسكرية في غزّة، وذهب بعضهم للدّعوة إلى إلقاء قنبلة نووية على غزّة كما هو الحال مع وزير التّراث الإسرائيلي، الذي أثار الجدل بمطالبته الحكومة بإيجاد طرق أشد إيلاما للفلسطينيين من الموت لتحطيم معنوياتهم ومنعهم من الوقوف من جديد، ويضاف لهذا الصدع الدّاخلي انتقادات زعيم المعارضة ، لائير لابيد ، حين قال إنّ هذه ليس حكومة ولكنّها كارثة يجب استبدالها ولا تستهلّ تضحية الجنود لأجلها، على حدّ وصفه. وفي السّياق ذاته، أوضحت الكاتبة والإعلامية، بسمة لبوخ، أنّ "كل هذه التّناقضات في الكبنيت تحمل دلالات كثيرة، أبرزها زيادة حدّة الخلافات وبروزها للعلن كلّما طال أمد الحرب؛ ما يؤثّر بشكل مباشر على معنويّات الجيش، حيث إنّ الانقسام السّياسي الحاد والعلني يحمل خطورة كبيرة على الأداء العسكري على الأرض، خاصة أنّ الجيش منزعج لأنّه لا توجد أهداف سياسية واضحة للحكومة يمكن للجيش أن يعمل ضمنها ليحقّق نتائج أفضل". إلى جانب ذلك، تؤكّد بسمة لبوخ أنّ "نتنياهو قد فشل في الخروج برؤية مشتركة وخطّة لما بعد "الحرب"؛ ما يعكس غياب الجدول الزّمني والسّعي لإبقائها "حربا" مفتوحة بأهداف غير واقعية، فلا يمكن الجمع بين الحصول على الأسرى أحياء كما يعد نتنياهو والقضاء النّهائي على حماس في الوقت نفسه ". إلى جانب ذلك، أشارت المتحدّثة إلى "وجود انسجام وتماهٍ كبيرة بين الجيش الإسرائيلي والمواقف الأمريكية بشأن الحرب، فأمريكا تدفع لبدء مرحلة جديدة فورا، وتريد من "إسرائيل" أن تستفيد من تجاربها الفاشلة في الحروب، كما تسعى للعودة إلى مشروعها الإقليمي في الشّرق الأوسط حيث تعمل من خلال استكمال قيادة قطار التّطبيع عربيا على خلق ما تراه بيئة صديقة وحامية للكيان الإسرائيلي بدل زيادة العداء، فأمريكا تسعى إلى إعادة بعث هذا المشروع الإقليمي ولن يتم ذلك إلا بتوقّف الحرب". وفي ختام حديثها مع "الأيام نيوز"، أكّدت الكاتبة والإعلامية بسمة لبوخ أنّ "أمريكا تعيش ضغطا داخليا بسبب دعم سلطات الاحتلال والسّكوت عن جرائمها وانتهاكاتها في حق الشّعب الفلسطيني، خاصة من طرف المسلمين والفئات الشّابة التي أصبحت أكثر وعيا بما يجري، بالإضافة إلى مخاوفها من أن تتوسّع "الحرب" وتمتدّ إقليميا ما يؤثّر على مصالحها، وهذا ما عبّرت عنه صحيفة "وولستريت جورنال" الأمريكية، التي قالت إنّ المخاوف - الآن - أصبحت أمريكية أيضا، فهذه الحرب تزيد من المخاطر التي تواجهها القوات العسكرية الأمريكية المتمركزة في أماكن كثيرة، ولا يفهم من هذا طبعا أنّ أمريكا قد تتخلّى عن الكيان الإسرائيلي، ولكنّها تسعى لخطّة لا تنهي "الحرب" إلاّ بهندسة وضع جديد في غزّة يرمّم صورتها المنهارة بعد 7 أكتوبر".