2025.07.07



عبر مكافحة الفساد وضمان التنمية المستدامة.. هذه رؤية الجزائر للمستقبل الإفريقي تقارير

عبر مكافحة الفساد وضمان التنمية المستدامة.. هذه رؤية الجزائر للمستقبل الإفريقي


حميد سعدون
06 مارس 2024

تتطلّب معركة مكافحة الفساد في إفريقيا، تأكيد التوجّه نحو تحقيق أعلى مستوى من التنسيق والتعاون بين دول القارة للتمكّن من ترسيخ وتعزيز قواعد العمل المشتركة بين المؤسسات الإفريقية المشتغلة في ميدان مكافحة الفساد، وهي الرؤية التي تتبنّاها الجزائر في مسار تأييد التحامها العميق مع تطلّعات شعوب القارة السمراء نحو المستقبل. يأتي هذا الطرح، بينما تتواصل لليوم الثاني أشغال الاجتماع الـ12 للجنة التنفيذية لجمعية هيئات مكافحة الفساد الإفريقية الذي تنظّمه السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وقد تمّ افتتاحه أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، إذ أبرزت رئيسة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، سليمة مسراتي، على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول الإفريقية في مجال مكافحة الفساد وتعزيز العمل المشترك بين مختلف هيئاتها. وشدّدت مسراتي - في كلمة لها خلال انطلاق الأشغال - على "أهمية عقد مثل هذه اللقاءات والندوات في تعزيز التنسيق والتشاور والتعاون بين الدول الإفريقية" قصد بلوغ "أعلى مؤشرات النجاعة ما يسمح بتحقيق الازدهار والرقي والرفاهية لمجتمعاتها، بالنظر لما تزخر به من مقوّمات بشرية ومادية متنوعة". وبعد أن لفتت إلى أنّ هذا الاجتماع يدخل في إطار "تعاون الجزائر وانفتاحها على الدعم المتواصل لدول إفريقيا في مجال مكافحة الفساد"، أوضحت مسراتي أنّ الدورة الـ12 لهذه الاجتماعات تناقش "بعض النقاط المتعلّقة بالمخطّط الإستراتيجي للجنة التنفيذية لجمعية هيئات مكافحة الفساد الإفريقية، والذي تنخرط فيه الجزائر، خاصة في مجال التدريبات والتكوينات وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى"، معربة عن أملها في أن تكون مخرجات هذا الاجتماع "إضافة مفصلية في ترسيخ وتعزيز قواعد العمل المشتركة بين مؤسسات مكافحة الفساد الإفريقية". من جانبها، تطرّقت المديرة العامة لإفريقيا بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، سلمى مليكة حدادي، إلى "الآثار الوخيمة للفساد بمختلف أشكاله على القارة الإفريقية وتنميتها السياسية والاقتصادية"، مشيرة الى أنّ هذه الظاهرة شكّلت "إحدى أهم العوائق التي حالت دون تحقيق القارة السمراء لأهدافها في التنمية والازدهار والاستقرار"، وذلك من خلال "تقويض المقوّمات الأساسية لبناء الدولة القوية". ولهذا الغرض - تضيف المسؤولة بوزارة الشؤون الخارجية - كانت الجزائر من "أوائل الدول المصادقة على اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته، وذلك في إطار التزامها التام بالمساهمة في كل البرامج والخطط القارية الرامية إلى رفع عبء الفساد عن حياة الملايين من الأفارقة المتضرّرين"، مذكّرة بـ"الإجراءات والتدابير المتعلّقة بالوقاية من الفساد ومكافحته التي جاء بها دستور 2020 والهادفة إلى حماية الاقتصاد الوطني من كلّ أشكال التلاعب وتفعيل دور المجتمع المدني في تسيير الشؤون العمومية". بدوره، ثمّن رئيس اللجنة التنفيذية لجمعية هيئات مكافحة الفساد الإفريقية، خالد عبد الرحمان، "دعم الجزائر لجهود اتحادات هيئات مكافحة الفساد الإفريقية، والذي يعدّ دعما محوريا في سبيل تعزيز جهود منع الفساد ومكافحته"، مشيرا إلى أنّ اللجنة ستعكف خلال هذه الاجتماعات على دراسة مخطّط عمل "يضمن أوسع قدر من المشاركة وإيجاد حلول تتواءم مع خصوصية القارة وطبيعة مخاطر الفساد الموجودة فيها". وفي السياق ذاته، أبرز النائب الأول لرئيس اللجنة، واغو كومار، أهمية هذا الاجتماع، باعتباره "محطّة تمهيدية حاسمة" للجمعية العامة الـ7 المزمع عقدها جويلية المقبل بجمهورية مالي، منوّها بالمناسبة بإستراتيجية الجزائر في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته. للإشارة، فإنّ احتضان الجزائر لأشغال الاجتماع الـ12 للجنة التنفيذية لجمعية هيئات مكافحة الفساد الإفريقية ـ أمس واليوم الأربعاء - يدخل في إطار الجهود التي تبذلها في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته على الصعيدين الوطني والدولي وبحكم انضمام السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، إلى جمعية هيئات مكافحة الفساد الإفريقية وبصفتها عضوا في اللجنة التنفيذية للجمعية ممثلة عن منطقة شمال إفريقيا. وتتمتع السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته - التي تم تنصيبها في 2022 بعد أن إقرارها في دستور 2020 بغرض مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة - بجملة من الصلاحيات، فضلا عن تلك المنصوص عليها في المادة 205 من الدستور، من بينها "جمع ونشر أي معلومات وتوصيات من شأنها أن تساعد الإدارات العمومية وأي شخص طبيعي أو معنوي في الوقاية من أفعال الفساد وكشفها". ومن بين الصلاحيات الأخرى التي تتولاها السلطة "تلقي التصريحات بالممتلكات وضمان معالجتها ومراقبتها، وفقا للتشريع ساري المفعول مع تعزيز قواعد الشفافية والنزاهة في تنظيم الأنشطة الخيرية والدينية والثقافية والرياضية، في المؤسسات العمومية والخاصة". وتتولى السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته أيضا "التحريات الإدارية والمالية في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي الذي لا يمكنه تبرير الزيادة المعتبرة في ذمته المالية"، علما أنه "لا يعتد بالسر المهني أو المصرفي في مواجهة هذه السلطة". ويشير المرسوم الرئاسي الخاص بمهام هذه الهيئة، إلى أنه "يجوز تبليغ و/أو إخطار السلطة العليا من قبل أي شخص طبيعي أو معنوي لديه معلومات أو معطيات تتعلق بأفعال الفساد"، كما أنه بإمكانها معاينة، من تلقاء نفسها، وجود انتهاك لجودة وفعالية إجراءات مكافحة الفساد، المطبقة داخل الهيئات والإدارات العمومية والجمعيات والمؤسسات. أما على الصعيد الدولي، فتسهر السلطة على تطوير التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية المختصة في الوقاية من الفساد ومكافحته، والتعاون بشكل استباقي في وضع طريقة منتظمة ومنهجية لتبادل المعلومات مع نظيراتها على المستوى الدولي والمصالح المعنية بمكافحة الفساد.