يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، جلسة مغلقة لبحث مستجدات الوضع في قضية الصحراء الغربية، بمشاركة الجزائر بصفتها عضوا غير دائم في هذه الهيئة الأممية التي بات مطلوبا منها اتخاذ خطوات ملموسة لتمكين بعثة (المينورسو) من تنفيذ كامل ولايتها في الصحراء الغربية، وذلك بمنح الشعب الصحراوي حقّه غير القابل للتصرّف في تقرير المصير والاستقلال. وأكد السفير الصحراوي، سيدي محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية "المينورسو" أنّ كل المطلوب اليوم من مجلس الأمن الدولي هو اتخاذ خطوات ملموسة لتمكين بعثة (المينورسو) من التنفيذ الكامل لولايتها ومنح الشعب الصحراوي حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. وفي انتظار جلسة لمجلس الأمن الدولي - اليوم الثلاثاء - حول الصحراء الغربية، أوضح سيدي عمار للصحافة، بأنّ مجلس الأمن الدولي قام بإنشاء "المينورسو" تحت سلطته، في أفريل 1991، بعد موافقة طرفي النزاع على خطة التسوية الأممية الإفريقية في أوت 1988، بولاية واضحة ومحدّدة هي تنظيم استفتاء تقرير المصير دون قيود إدارية أو عسكرية وحسب خطة مسبوقة بوقف لإطلاق النار. ومنذ ذلك الوقت، يقول سيدي عمار، دأب المجلس على تمديد ولاية "المينورسو" دون الوصول إلى تنظيم لاستفتاء تقرير المصير، بسبب حالة الجمود التي توجد فيها عملية السلام والتي تعود بالدرجة الأولى إلى "عرقلة الاحتلال المغربي وتقاعس مجلس الأمن، تحت تأثير بعض من أعضائه الفاعلين". وشدّد ممثل جبهة البوليساريو على أنّ استفتاء تقرير المصير يبقى "السبيل الوحيد المؤدي إلى الحل السلمي والعادل والدائم لقضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية"، مضيفا بأنّ "ما عدا ذلك، فهو مجرّد الدوران في حلقة مقاربة الغموض الهدام التي تحاول من خلالها بعض الأطراف تمييع الطبيعة الدولية للقضية الصحراوية وإطالة معاناة الشعب الصحراوي، ظنا منها أنّ جرائم دولة الاحتلال ستسقط بالتقادم". وهنا جدّد ممثل جبهة البوليساريو التأكيد على أنّ "الشعب الصحراوي مصمّم على استرجاع سيادته على كامل ترابه الوطني مهما كلف ذلك من ثمن". وخلال تطرقه لدور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية لإعادة بعث مسار السلام، قال السفير الصحراوي بأنّه "رغم المجهودات التي يقوم بها المبعوث الشخصي لتفعيل العملية السلمية، غير أنّ المشكل الجوهري ما زال قائما بسبب التلازم بين غياب الإرادة السياسية لدى دولة الاحتلال المغربية وتقاعس مجلس الأمن الدولي عن ضمان التنفيذ الكامل لولاية المينورسو". وبالتالي، يضيف السفير الصحراوي، فإنّ سعي بعض الأطراف لحصر دور مجلس الأمن في "دعم مجهودات المبعوث الشخصي" ما هو إلا "محاولة لتبرير هذا التقاعس وتحويل مركز ثقل إدارة عملية السلام من المجلس إلى المبعوث الشخصي". انضمام الجزائر إلى مجلس الأمن قيمة مضافة وفي رده على سؤال حول الدور المنتظر اليوم من الجزائر بعد توليها عضوية غير دائمة بمجلس الأمن الدولي، قال السفير إنّه "من المهم التذكير بمضمون كلمة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمام الدورة الماضية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي أكد فيها أنّ الجزائر ستنضم إلى مجلس الأمن حاملة لآمال شعوب القارة الإفريقية والمنطقة العربية، وأنها تعي ثمن انتزاع الحرية ولن تتخلى عن مساندة القضايا العادلة". كما حملت كلمة الرئيس تبون تطلع الجزائر إلى الوصول لتصفية نهائية لظاهرة الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة إفريقية، حيث لا يزال شعبها محروما من حقه الأساسي في تقرير المصير عبر استفتاء حر ونزيه يتوافق مع خطة التسوية الأممية -الإفريقية التي أعتمدها مجلس الأمن سنة 1991 ووافق عليها الطرفان والتي تظل تنتظر التطبيق. واعتبر ممثل الجبهة، أنّ كلمة الرئيس تبون تضمنت تعبيرا واضحا وقويا عن موقف الجزائر التاريخي والثابت في مساندة ودعم قضايا الشعوب المضطهدة التي تكافح من أجل التحرّر وعلى رأسها القضيتان الفلسطينية والصحراوية، وهو ما أظهرته الجزائر بالملموس منذ اليوم الأول لتوليها العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن في يناير من هذا العام. ونوّه السفير الصحراوي بأنّ الجزائر قامت "بمجهودات كبيرة" لوقف العدوان الصهيوني الغاشم على غزة رغم معارضة البعض داخل مجلس الأمن، إلى أن كلّلت جهودها بتبني المجلس لقراره 2728 (2024) بدعم 14 عضوا، وهذا ما يؤكّد أنّ "انضمام الجزائر إلى مجلس الأمن يشكّل قيمة مضافة كبيرة لما لها من دور محوري في العمل من أجل تحقيق الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي والدفاع القوي عن ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها". وعن المكاسب الدبلوماسية التي تمكنت الدبلوماسية الصحراوية من تحقيقها إلى غاية اليوم، أشار إلى أنّ المكسب الأهم على المستوى الإفريقي "يكمن في استمرار تعزيز مكانة وحضور الجمهورية العربية الصحراوية القوي في الاتحاد الإفريقي وعبر شراكاته الدولية. كما يبقى حفاظ الجمهورية الصحراوية على المركز الدولي للقضية الصحراوية كقضية تصفية استعمار على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وهيئاتها ذات الصلة مكسبا هاما للشعب الصحراوي". وخلال استعراضه للدور الأمريكي في مجلس الأمن الدولي، قال السفير عمار إنّه بصفتها "حاملة القلم" حول القضية الصحراوية، فإنّها مطالبة بأن تصبح "مساهما جديا ومحايدا في التوصل إلى الحل العادل والدائم الذي لا يمكن أن يقوم إلا على أساس ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير والاستقلال".