قبل 51 عامًا، وفي مثل هذا اليوم 20 ماي، قرّر الشعب الصحراوي - عبر مناضلين يمثّلونه - حمل السلاح من أجل نيل استقلاله من المحتل الإسباني. وفي ذلك اليوم من عام 1973، هاجم مقاتلون صحراويون، المركز الإسباني "الخنقة" - شرق مدينة السمارة - وكان هذا الهجوم بمثابة الإعلان عن اندلاع الكفاح المسلّح في الصحراء الغربية، بناءً على قرارات اتخذت قبل عشرة أيام، أي في يوم 10 من الشهر ذاته والعام ذاته - ماي 1973 - خلال المؤتمر التأسيسي لجبهة البوليساريو الذي أقرّ في قانونه الأساسي أنّ "الحرية لا تنتزع إلا بالسلاح"، وهو مبدأ جوهري اعتمده الصحراويون ضدّ المحتل المغربي الذي نفّذ - على طريقة الاحتلال الصهيوني - اجتياحًا عسكريًا نهاية سنة 1975، استُعملت خلاله الأسلحة الثقيلة موازاة مع قصف السكان بالطائرات، ما أسفر عن استشهاد عدد من النساء والأطفال والمسنين إثر قصف همجي بالنابالم والفوسفور. واليوم، بينما تحقّق القضية الصحراوية انتصارات عسكرية ودبلوماسية وإعلامية كبيرة، يعيش الاحتلال المغربي أسوأ مرحلة في تاريخه، فقد ارتفع منسوب العمالة والخيانة والتآمر لديه بقدر ما ترتفع - يوما بعد يوم - راية "الأبطال" في المحافل الدولية. وفي ضوء كل هذا وأكثر، يبرز السؤال الأهم: هل يمكن القول أنّ لحظة الانتصار النهائي باتت أقرب من أي وقت مضى؟ === أعدّ الملف: حميد سعدون - سهام سوماتي - منير بن دادي === قبل 10 أيام احتفل الصحراويون بالذكرى الـ51 لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو" وكله إصرار على دعم ممثله الشرعي والوحيد في مواجهة الاحتلال، واليوم 20 ماي يحتفل الصحراويون - ومعهم أحرار العالم - بالذكرى الـ51 لاندلاع الكفاح المسلّح، التي تأتي بعد قرابة 3 أعوام ونصف من إعلان العودة إلى حمل السلاح عقب العدوان المغربي على المدنيين العزل في ثغرة الكركرات غير الشرعية في 13 نوفمبر 2020. وبينما تحقّق القضية الصحراوية، المزيد من الانتصارات والإنجازات، ويتصرف قادتها المناضلون كرجال دولة، نجد أنّ الاحتلال المغربي - ممثلا في نظام المخزن - غالباً ما يتنازل عن سيادته الحقيقية بخسارته أجزاء من الأرض وكل العرض طمعاً في سيادة وهمية وتصرف القائمون عليه بأسلوب العصابة، إذ يعملون في الخفاء باستخدام آليات التآمر والجوسسة وشراء الذمم في غياب تام لثقافة الدولة. ويحمل يوم 20 ماي 1973، أكثر من دلالة بالنسبة إلى الشعب الصحراوي الذي قرّر في مثل هذا اليوم التاريخي، حمل السلاح كآخر وسيلة لاستعادة حريته واستقلاله أمام محتل إسباني عمل طيلة قرن من الزمن على نهب خيراته، ثم ضد جشع محتل مغربي استغل الصمت الدولي وتواطؤ المحتل الإسباني من أجل بسط سيطرته على أرض ليست أرضه. لقد قرّرت مجموعة من المقاتلين الصحراويين في هذا التاريخ، شنّ هجوم مسلّح على مركز «الخنقة» الإسباني إلى الشرق من مدينة السمارة، معلنة بذلك بدء الكفاح المسلّح ضد الاستعمار الإسباني الذي جثم على الأرض الصحراوية طيلة قرن من الزمن، وجاء تنفيذ هذه العملية لتأكيد ميلاد جيش التحرير الشعبي الصحراوي - الذراع العسكري لجبهة البوليساريو - التي عرفت ميلادها الرسمي عشرة أيام قبل هجمات «الخنقة» وكرّست بذلك مادة قانونها الأساسي الذي حمل شعار "الحرية لا تنتزع إلا بالسلاح". ولم تكن عمليات السمارة العسكرية سوى بداية لحرب عصابات حقيقية اعتمدها مقاتلو جبهة البوليساريو في مواجهة الاستعمار الإسباني، مراعين في ذلك عدم تكافؤ ميزان القوة، إذ تم التركيز على عمليات عسكرية نوعية زرعت الرعب في صفوف قوات الجيش الإسباني المتهالك تماما كما هو حال حاكمه الديكتاتور فرانكو (فرانثيسكو فرانكو بوهاموند) الذي تيقن لاحقا بحتمية الانسحاب من هذا الإقليم. ولكن انسحابه أفقده شرف جنرال كان عليه تمكين أبناء الوطن الحقيقيين من تولي مقاليد السلطة في بلدهم وراح يتآمر مع ملك مغربي توسعي ورئيس موريتاني ذي نزعة كولونيالية، إذ وقّع معهما اتفاقية مدريد المشؤومة على الشعب الصحراوي الذي مازال يدفع تبعاتها إلى حد الآن. ورغم محن هذه الاتفاقية والمآسي التي جلبتها، إلا أنّ الصحراويين آمنوا بقدراتهم وفرضوا منطقهم على الاستعماريين الجدد في الرباط، كما في نواكشوط إلى غاية انسحاب مختار ولد داده من الاتفاقية وإرغام الحسن الثاني على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو الذي أكسبها مزيدا من التأييد والاعتراف الدولي، مازال متواصلا إلى حد الآن. مكاسب دبلوماسية وعسكرية تمهّد الطريق نحو الاستقلال وتعود ذكرى تأسيس جبهة البوليساريو، بعد 51 عاما من الكفاح المتواصل والمستمر على جميع الجبهات اختلط خلالها الألم الذي كابده الشعب الصحراوي بآمال الاندفاع إلى الأمام وتحقيق الاستقلال. فالذكرى، تعد محطة هامة لاستلهام الكفاح والإيمان بأنه لا مناص عن التضحيات من أجل تحرير الوطن وتجسيد حلم الشعب الصحراوي في تشييد دولته المستقلة والسيدة وبهذا يستكمل تحرير القارة الإفريقية من آخر مستعمرة. إنّ حصيلة أكثر من نصف قرن من المقاومة والصمود والنضال على كل الجبهات تمثّل، مكسبا عظيما للشعب الصحراوي بقيادة جبهة البوليساريو، في ظل تحقيق إنجازات كبرى ليس على الساحة العسكرية فحسب، وإنما أيضا على مستوى توطيد أسس الدولة الصحراوية الحديثة بكل مؤسساتها، مع توسيع نطاق الكفاح الوطني الذي يجسّده كون الجمهورية الصحراوية عضو مؤسّس للاتحاد الإفريقي، وكواقع وطني وإقليمي ودولي لا رجعة فيه، وكدولة ذات علاقات واسعة عبر العالم. ويواصل اليوم، الشعب الصحراوي خلف الجبهة مسيرة الكفاح ودك معاقل وتخندقات جنود الاحتلال المغربي المعتدين، منذ قرار استئناف الكفاح المسلّح في الـ13 نوفمبر 2020 ردا على الخرق المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار والمضي في كفاحها المسلّح إلى غاية استرجاع كل الأراضي المحتلة. وسبق لمستشار الرئيس الصحراوي، البشير مصطفى السيد، أن صرح بأنه "على الرغم من الفارق الكبير في العدة والعتاد بين الماضي والحاضر، تمكنت جبهة البوليساريو من تحرير أجزاء كبيرة من التراب الصحراوي في مراحل معينة من الكفاح المسلح وتواصل مسيرتها لاسترجاع سيادتها على ما تبقى من أراضيها". ولعل من أهم هذه المكاسب - يضيف البشير مصطفى السيد - "إفشال المخطط المغربي في فرض احتلال دائم على الأراضي الصحراوية، لا سيما بعد سلسلة الهزائم التي مني بها بسبب القصف العسكري المتواصل على تخندقات الاحتلال المغربي وتمكّنه من فرض ميزان متساو، بل أكثر من ذلك فملاحم حصار الزاق والطنطان وغيرها شاهدة على تفوّق الجانب الصحراوي على آلة القتل المغربية". وقد كان القرار الذي أعلنت عنه جبهة البوليساريو بتاريخ 30 أكتوبر 2019 عقب تبني مجلس الأمن لقراره 2494 (2019) والمتمثل في إعادة النظر في مشاركتها في عملية الأمم المتحدة للسلام برمتها، قرارا مفصليا أخذ فيه الشعب الصحراوي زمام المبادرة بإعلانه القطيعة التامة مع مسار كان هدفه وما يزال الإبقاء على الوضع القائم، كما أكده ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية "المينورسو"، السفير سيدي محمد عمار. وقال السفير الصحراوي إنّ استئناف الكفاح المسلّح وما تلاه من تطورات ميدانية أعطى "زخما قويا وجديدا للقضية الصحراوية على الواجهة الدبلوماسية والإعلامية الدولية تحديدا حيث كانت القضية بأبعادها المختلفة موضوعا حاضرا لدى كبرى الشبكات الإعلامية الدولية العربية منها والأجنبية، وهو ما كسر حالة الصمت الإعلامي الدولي التي رافقت حالة (لا حرب ولا سلم) لقرابة ثلاثة عقود". وحسب الدبلوماسي الصحراوي، فعلى مستوى الأمم المتحدة، عزّز هذا القرار موقف الطرف الصحراوي من حيث كونه قرارا صائبا وجب اتخاذه أمام تعنّت دولة الاحتلال المغربية وتقاعس مجلس الأمن عن فرض احترام تطبيق خطة السلام. كما أنه أربك حسابات دولة الاحتلال والأطراف الأخرى التي كانت تراهن معها على تأييد حالة الجمود. وتابع سيدي محمد عمار، بأنّ "مما لا شك فيه أنّ إقرار الأمين العام للأمم المتحدة في تقاريره منذ أكتوبر 2021 (باستئناف الأعمال العدائية) في الصحراء الغربية إضافة إلى تعبير مجلس الأمن في قراراته منذ ذلك التاريخ عن قلقه بشأن (انهيار وقف إطلاق النار) يدحضان بشدة دعاية دولة الاحتلال المغربية الهادفة إلى تضليل رأيها العام فيما يتعلق بواقع الحرب التي أشعلت فتيلها والخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات التي تتكبّدها قواتها الغازية جراء هجمات جيش التحرير الشعبي الصحراوي المتواصلة”. واختتم سيدي عمار بالتأكيد على أنه "منذ تأسيسها، ظلّ سبب وجود جبهة البوليساريو وجوهر مهمتها التاريخية هو قيادة مسيرة الشعب الصحراوي التحريرية والدفاع بلا هوادة عن تطلعاته الوطنية وعن حقه غير القابل للتصرف ولا للمساومة ولا للتقادم في تقرير المصير والاستقلال وإرساء السيادة على كامل تراب الجمهورية الصحراوية". لماذا يعجز الاحتلال المغربي عن مواجهة الحقائق الدامغة؟ تحصد قضية الشعب الصحراوي، المزيد من المساندين عبر العالم الذين أعلنوا انضمامهم إلى قافلة التضامن المطلق مع هذه القضية العادلة ورفع أصواتهم لتبليغ حقيقة الوضع في الصحراء الغربية المحتلة، إذ يواصل النظام المغربي طمس الواقع وتلفيق روايات كاذبة عن كفاح الصحراويين، حسب ما أكده للصحافة، العديد من هؤلاء الناشطين الذين شاركوا مؤخرا في الندوة الإعلامية الدولية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي التي نظمت بمخيمات اللاجئين الصحراويين ببوجدور. وأفصح، في هذا الإطار، أستاذ العلاقات الدولية والحقوقي اللبناني، قاسم حدرج، عن التزامه بمأساة الشعب الصحراوي بالقول: "القضية الصحراوية تعنيني بشكل مباشر، لأنني كناشط وحقوقي أشعر بواجبي تجاه هذا الشعب المكافح، وبالتالي زيارتي لمخيمات العزة والكرامة والتواجد مع اللاجئين الصحراويين، هو تأكيد لرغبتي وإرادتي لأعرف المزيد عن مقاومتهم وأستمع لانشغالاتهم وتطلعاتهم واكتشف تاريخ نضالهم أيضا حتى أستطيع فيما بعد أن أشارك في الدفاع عن حقهم في تقرير المصير"، ويشهد العالم اليوم، يضيف حدرج، "نهضة في موضوع الحريات، خاصة بعد طوفان الأقصى بغزة، وهي فرصة ذهبية لوضع القضية الصحراوية في الواجهة الإعلامية بصفتها أيضا قضية مصيرية تتعلق بالحرية والكرامة". وكان ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، سيدي محمد عمار، قد أكد أنّ عجز ممثل دولة الاحتلال المغربية، عن مواجهة الحقائق الدامغة التي قدّمها الوفد الصحراوي أمام اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار، هو ما دفعه إلى اللجوء نحو الأساليب الملتوية واستخدام الألفاظ السوقية، ما يزيد من فضح سلوكه البغيض واليائس. تصريحات الدبلوماسي الصحراوي، جاءت في إطار النقاشات والردود على البيانات المقدّمة خلال الحلقة الدراسية الإقليمية لمنطقة البحر الكاريبي التي نظمتها اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة (لجنة الأربعة والعشرين) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بالعاصمة الفنزويلية كراكاس. وأشار سيدي محمد عمار - وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الصحراوية - إلى أنّ "لجوء ممثل دولة الاحتلال المغربية إلى الادعاءات المنافية للعقل والتافهة خلال المناقشات، والتي استهجنها الكثير من المشاركين، هو بسبب عدم امتلاكه لأي حجة مقنعة وعجزه التام عن مواجهة الحقائق الدامغة وسلسلة الحجج الموثّقة والأدلة القاطعة التي قدّمها الوفد الصحراوي"، مضيفا أنّ افتقار ممثل دولة الاحتلال للحجج هو ما يدفعه إلى استخدام الأساليب الملتوية. وفي هذا السياق، أشار إلى البيانات التي أدلت بها بعض الدول خلال النقاشات والتي كانت متشابهة بشكل لافت للنظر ليس فقط في المواقف المعبّر عنها، وترتيب النقاط المثارة، ولكن أيضا في الصياغات ذاتها، وهو أمر لاحظه جل المشاركين واعتبروه أمرا غير لائق بالدول التي تحترم نفسها. وشدد الدبلوماسي الصحراوي على أنّ هذا التشابه اللافت للنظر، لم يكن أبدا مجرّد صدفة، بل كان بسبب الأساليب الملتوية التي يستعملها ممثل دولة الاحتلال لرشوة وإفساد بعض "الأفراد" الذين ليس لديهم أي وازع لكي يردّدوا كالببغاء "نقاط الحديث" المعدّة مسبقا، مشيرا إلى حقيقة أنّ الفساد وشراء الذمم يعتبران أداة رئيسية لدبلوماسية دولة الاحتلال، كما كشفت التحقيقات الجارية في فضيحة "مروكوغيت" على مستوى البرلمان الأوروبي. وأعرب عن تقديره العميق للبلدان التي عبّرت عن مواقف مبدئية داعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، مؤكدا أنّ دولارات دولة الاحتلال المغربية لن تجلب لها سوى "العار" لأنّ هناك الكثير من الدول التي لا تساوم على مبادئها وتمسكها بالقانون الدولي. وخلص إلى أنّ ممثل دولة الاحتلال المغربية يواصل الخلط بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والرأي الداخلي لدولته الذي اعتاد على خداعه بحركاته البهلوانية البائسة ومعاركه "المذهلة" ضد طواحين الهواء، وكان سيدي محمد عمار قد أثبت بأدلة قاطعة خلال كلمته أمام الحلقة الدراسية المذكورة أنّ السياسة التوسعية المغربية هي التي تعوق إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية وتهدّد السلم والأمن في المنطقة وخارجها. يا بني الصحراء "اقطعوا رأس الدخيل".. وحظيت القضية الصحراوية بدعم قوي خلال الحلقة الدراسية الإقليمية لمنطقة الكاريبي التي تنظمها اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة (لجنة الأربعة والعشرين) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار العقد الدولي الرابع للقضاء على الاستعمار (2021-2030) التي اختتمت أشغالها - مؤخرا - بالعاصمة الفنزويلية كراكاس. وقد أعربت كل من الجزائر وأنغولا وبليز وبوليفيا وكوبا وإيران والمكسيك ونيكاراغوا وجنوب إفريقيا وتيمور الشرقية وفنزويلا وزمبابوي عن دعمها القوي لحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال، ودعت الأمم المتحدة إلى الإسراع في إجراء استفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، باعتبارها آخر مستعمرة في إفريقيا على جدول أعمال لجنة الأربعة والعشرين منذ عام 1963. وفي إشارة إلى وضع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة والنهب الممنهج للموارد الطبيعية من قبل دولة الاحتلال المغربية، دعت الدول أيضا اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار إلى إيفاد بعثة زائرة إلى الصحراء الغربية للاطلاع على الوضع مباشرة وتقديم تقرير إلى الجمعية العامة بالنظر إلى أن الزيارة الوحيدة للإقليم تمت في عام 1975. وبخصوص التواطؤ المفضوح بين دولة الاحتلال المغربية والكيان الصهيوني ضد الشعبين الفلسطيني والصحراوي، أعربت الدول عن إدانتها لمحاولات دولة الاحتلال فرض الأمر الواقع في الأراضي الصحراوية المحتلة في انتهاك لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ودعت الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه الصحراء الغربية كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار. وقبل أقل من أسبوع، جدّدت جبهة البوليساريو التأكيد على تشبّث الشعب الصحراوي بحقوقه كاملة في الحرية والاستقلال بكل الطرق المشروعة، مندّدة بالقمع الهمجي المسلّط على الشعب الصحراوي الصامد في المناطق المحتلة وجنوب المغرب، وقد جاء ذلك في بيان توّج أشغال اجتماع المكتب الدائم للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو تحت رئاسة أمينها العام، رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إبراهيم غالي. وأكد الرئيس الصحراوية - بالمناسبة - على "تشبّث الشعب الصحراوي بحقوقه المعترف بها في الحرية والاستقلال ومنها حقه في الدفاع عن النفس بكل الوسائل المشروعة أمام مواصلة المحتل المغربي لعدوانه الهمجي وحربه الإجرامية واحتلاله الاستيطاني لتراب الجمهورية الصحراوية، في تناقض صارخ مع مواثيق وقرارات الشرعية الدولية". وهذا - يضيف البيان - "أمام تقاعس مجلس الأمن في تمكين بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو) من تنفيذ المهمة التي أنشئت من أجلها والمتمثلة في تنظيم الاستفتاء لتقرير المصير"، طبقا لمقتضيات مخطط السلام الموقّع عليه من لدن الطرفين الصحراوي والمغربي، تحت إشراف الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية وذلك بعد 16 سنة من الحرب. وأكد المكتب الدائم لجبهة البوليساريو، استعداد الطرف الصحراوي للمساهمة كعادته في المجهودات الأممية الجدية الرامية إلى تنفيذ خطة التسوية لسنة 1991 وإلى تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية على أساس ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير والاستقلال. كما أهاب بـ"كافة جماهير الشعب الصحراوي الأبي لإنجاز المهام التنظيمية والتسلّح بالوعي والحيطة والحذر لإحباط كل المؤامرات التي يحيكها الاحتلال ومواجهة حربه النفسية التي هي وسيلته المفضّلة لصدّ الأنظار عن الأزمات العميقة التي يتخبط فيها والتي تزداد يوما بعد يوم". وفي السياق ذاته، سجّل المكتب الدائم بـ"كل اعتزاز واحترام، شجاعة مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذين يواصلون استهدافهم لجحافل قوات الاحتلال المغربي، مخلّفين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات". وجدّد المكتب الدائم لجبهة البوليساريو بالمناسبة، إدانته للقمع الهمجي المسلّط على الجماهير الصحراوية الصامدة في المناطق المحتلة وجنوب المغرب والجامعات، مطالبا المجتمع الدولي بالضغط على المحتل المغربي لإطلاق سراح جميع الأسرى المدنيين الصحراويين وفي مقدّمتهم معتقلي أكديم ازيك والصف الطلابي. ويوم السبت الماضي (18 ماي) شهدت مدينة بلباو شمال إسبانيا، تنظيم مسيرة حاشدة -بمشاركة أفراد الجالية والمتضامنين مع القضية الصحراوية - وأوضحت وسائل الإعلام أنّ المسيرة التي دعت إليها فعاليات الجالية الصحراوية بمقاطعة بيثكايا بالتعاون مع الحركة التضامنية، جابت أكبر شوارع مدينة بلباو ورفع خلالها المشاركون لافتات وردّدوا شعارات تدعو الحكومة الإسبانية إلى تحمّل المسؤولية تجاه ما يتعرّض له الشعب الصحراوي من معاناة. المسيرة توّجت بتنظيم وقفة أمام قنصلية الاحتلال المغربي بالمدينة، وتم عزف النشيد الوطني الصحراوي وتلاوة بيان بمناسبة ذكرى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وإعلان الكفاح المسلّح ضدّ المستعمر الإسباني، فيما عبّر المشاركون - كل بطريقته - عن إدانة الاحتلال الهمجي للصحراء الغربية، مستنكرين التواطؤ الغربي المفضوح الهادف إلى مصادرة حق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال. ووصل فجر أمس الأحد (19 ماي) وفدا يمثّل المنتدى الدبلوماسي للتضامن مع الشعب الصحراوي إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، لمشاركة الشعب الصحراوي الاحتفالات المخلّدة للذكرى 51 لاندلاع الكفاح المسلّح، والإطلاع عن كثب على سير عمل المؤسسات الصحراوية، وحظي الوفد لدى وصوله، باستقبال كل من المدير الوطني للتشريفات بلاهي السيد ووزير الإعلام حماده سلمى والأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية حميدة الحافظ. الوفد يضم سفراء دول صديقة للشعب الصحراوي وتربطها علاقات دبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية من مختلف دول العالم، ومن المنتظر أن يعقد المنتدى دورته العادية الخامسة في ضيافة الشعب الصحراوي، وذلك بمقر وزارة الشؤون الخارجية، كما سيشارك الوفد اليوم الإثنين 20 ماي في الاحتفالات المخلّدة للذكرى 51 لاندلاع الكفاح المسلّح، واليوم الوطني للجيش، وسيحضر الوفد مشاهد الاستعراض العسكري على أنغام نشيد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية: "يا بني الصحراء أنتم في الوغى حاملي المشعل في الدرب الطويل اصنعوا الثورة في أمتنا واسلكوا من أجلها هذا السبيل اقطعوا رأس الدخيل.. اقطعوا رأس الدخيل..."..
بدأ العد التنازلي..
الاحتلال المغربي يواجه نهايته في الصحراء الغربية
أبرز عضو في تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية (CODESA)، العربي بكاي، أنّ الحديث عن انتصارات القضية الصحراوية خارج إطارها الجغرافي وخارج محيطها الجيوسياسي، يُحيلنا مباشرة إلى التأكيد على أنّ قضية الشعب الصحراوي اليوم ليست بمنأى عن المتغيرات الإقليمية والدولية، بداية بتلك المتعلقة بتوتر الأوضاع بين الجانبين الروسي والأوكراني، مرورا بإعلان العلاقة الموجودة أصلا منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي بين الاحتلال المغربي والكيان الصهيوني الغاصب، والتنسيق المعلن في كافة المجالات العسكرية، الاستخباراتية والسياسية والاقتصادية، وذلك في إطار التطبيع تحت مقولة "الاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل الاعتراف بالصحراء"، انتهاء بعملية "طوفان الأقصى" بتاريخ السابع من أكتوبر 2023، وما أحدثته من تداعيات حشرت الاحتلال المغربي في الزاوية، كل هذه المعطيات كان لها أثرها المباشر وغير المباشر على القضية الصحراوية ومسارها العادل. وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بكاي في تصريح لـ "الأيام نيوز"، أنّ الاحتلال المغربي يعيش اليوم أسوأ مرحلة في تاريخه، في ظل الانتصارات التي تحقّقها القضية الصحراوية على كافة الأصعدة والمستويات، بداية بالمستوى العسكري، حيث أنّ وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي تحقّق مكاسب ميدانية هامة مخلفة بذلك خسائر معتبرة في العتاد والمعدات وفي صفوف جنود الاحتلال، الأمر الذي فاقم من حدّة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المغرب بسبب التكاليف الباهظة للحرب على الصحراء الغربية، وما تخلفه من خسائر مادية وبشرية بشكل يومي يستنزف جيش الاحتلال المغربي، وخزينة الدولة المغربية التي سجّلت ديونها في السنوات الثلاثة الأخيرة أرقاما قياسية. في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ الجيش الصحراوي يبقى هو المنتصر ميدانيا بالنظر إلى حالة الارتباك التي يعيشها جيش الاحتلال المغربي، هذا الارتباك وهذا الاستنزاف الذي جعل نظام المخزن يعيش حالة من التدهور في الميزانية بسبب ارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي أحدث موجة من السخط في المملكة احتجاجا على موجة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، إلى جانب تدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة، في ظل استمرار الغلاء وارتفاع لجوء الدولة إلى المديونية، ويبقى كل هذا نتاجا لحالة الحرب التي يخوضها الاحتلال المغربي ضد مغاور الجيش الصحراوي الذي يواصل كفاحه ونضاله إلى غاية استرجاع سيادة أراضيه. على صعيد متصل، وفي حديثه عن المكاسب الديبلوماسية التي حققتها القضية الصحراوية، أبرز عضو تجمع (CODESA)، أنّه وعلى الرغم من كل المحاولات البائسة واليائسة التي يقودها الاحتلال المغربي ضد القضية الصحراوية من خلال سياسة شراء الذمم وغيرها من الأساليب الخبيثة التي يتقنها نظام المخزن ويتفنّن فيها، إلاّ أنّ القضية الصّحراوية قطعت أشواطا هامة في التأثير على المواقف الدولية والإقليمية، خاصة على مستوى القارة الإفريقية، فبعد فترة من غيابها عن التأثير على الموقف الأممي بالقضية الصحراوية الآن أصبح ذلك متاحا، وباتت إفريقيا في موقع يمكّنها من دعم القضية في الأمم المتحدة. أمّا على المستوى الإعلامي، فنجد أنّ القضية الصحراوية ما فتئت تحقّق جملة من المكاسب الإعلامية الكبيرة على الصعيدين الإقليمي وحتى الدولي، انطلاقا من كونها قضية عادلة منطلقاتها واقعية مقارنة بالإعلام المغربي الذي يستند إلى معطيات مزيّفة ووهمية واستعمارية إمبريالية، وبالتالي فلا مجال للمقارنة بين الإعلام الصحراوي وإعلام الاحتلال المغربي، فالإعلام الصحراوي المقاوم هزم إعلام النظام المخزني القائم على الكذب وتزييف الوقائع والحقائق، يؤكد محدث "الأيام نيوز". مؤشرات الانهزام والسقوط تلوح في الأفق في سياق ذي صلة، وفي حديثه عن ما إذا كانت لحظة الانتصار النهائي للقضية الصحراوية قد حانت، أفاد الأستاذ بكاي بأنّ هناك جملة من المؤشرات التي تلوح في الأفق عن بداية تدهور قوات الاحتلال المغربية وبداية انهزام وانكسار هذه القوة الإمبريالية المحتلة التوسّعية، حتى أنّها بدت جلية وبدأت تتضح في شكل ارتفاع قياسي في معدلات التضخم، وارتفاع في حجم المديونية لتصبح المغرب واحدا من أكثر البلدان الإفريقية مديونية خلال السنوات القليلة الأخيرة، وهذا نتيجة لغطرسة الاحتلال المغربي خاصة بعد إمعانه في التطبيع وتجاوزه لكل الخطوط الحمراء في علاقاته مع الكيان الصهيوني المحتل، من خلال إبرام اتفاقيات عسكرية والدخول في تحالفات خطيرة، تهدّد مستقبل المملكة والمنطقة برمتها، فلجوء المغرب إلى الاحتلال الصهيوني هو دليل واضح على إفلاسه وضعفه العسكري، السياسي والاقتصادي، كما أنه وبإقدامه على هذه الخطوة أثبت أنّ هدفه ليس الصحراء الغربية وفقط، وإنما له أهداف ومساع مغرّضة يحاول من خلالها استهداف الوحدة الإفريقية، ولم يجد من يسايره في خططه الخبيثة غير الاحتلال الصهيوني الذي يجاريه في المكر والخداع. فاتفاقية التطبيع بين نظام المخزن و"إسرائيل" لا تعدو أن تكون إخراجا للعلن لخيار إستراتيجي للنظام المخزني والطبقات المسيطرة والأحزاب المخزنية التي يستند إليها، نظرا إلى تاريخه المخزي في التعاون الخياني مع الكيان الغاصب. في سياق ذي صلة، قال عضو تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية (CODESA): "إنّ انتفاضة الشارع المغربي في ظل الوضع الكارثي الذي يعيشه الشعب المغربي من غلاء في أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، إضافة إلى السياسات الضريبية غير العادلة، كل ذلك زاد من معاناة المغاربة وأثقل كاهلهم، زِد على ذلك حالة التذمّر التي يعيشها أفراد جيش الاحتلال المغربي، نتيجة حالة الاستنفار الدائمة على جدار الذل والعار، كل هذه العوامل مجتمعة تبيّن وبدون أدنى مجال للشك بأنّ هذه القوة آيلة للسقوط وآيلة للانهيار لا محال". إلى جانب ذلك، اشار المتحدث إلى فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أيّ هدف يُذكر من أهدافه المعلنة في حربه الشعواء التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة، وما حقّقته معركة "طوفان الأقصى" وانعكاس ذلك على قوات الاحتلال المغربي التي كانت تتبجح بتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي السافر، حيث كانت تعيش حالة من الغطرسة بسبب دعم هذا الكيان لها ودول العالم الإمبريالي، على غرار فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، هذه الدولة التوسعية بالإضافة إلى دعم دول الخليج العربي لها أيضاً، إلا أنّه وبفضل مواقف الجزائر الثابتة في دعم وإسناد الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومواقف قوية لدول حرّة أخرى على غرار جنوب إفريقيا، كل ذلك مكّن القضية الصحراوية من أن تخطو خطى ثابتة نحو الاستقلال والانعتاق من براثين الاحتلال المغربي الغاشم. هذا، وفي ختام حديثه، لـ "الأيام نيوز"، وجه المعتقل السابق في سجون الاحتلال المغربي، العربي بكاي رسالةً إلى المجتمع الدولي، قائلا: "نحن كشباب وجيل يعيش تحت وطأة الاحتلال، نناشد أصحاب الضمائر الحيّة الوقوف إلى جانب الحق، إلى جانب قضيتنا العادلة، وإلى جانب هذا الشعب المسالم الذي لا يريد سوى حقه في تقرير مصيره وحقه في العيش بكرامة فوق أرضه أرض الصحراء الغربية"، داعياً في السياق ذاته المجتمع الدولي إلى أن لا يغض الطرف عن تجاوزات قوات الاحتلال المغربي في الأراضي الصحراوية المحتلة، وعن معاناة الأسرى الصحراويين وراء قضبان سجون الاحتلال المغربي هذا الاحتلال الذي يحاول في كل مرة التغطية على إخفاقاته من خلال ممارساته الإجرامية بحق الشعب الصحراوي الأعزل.تراكم نضالي يقود إلى الحرية..
الصحراويون على مشارف الانتصار
بقلم: عكنوش نور الصباح - خبير إستراتيجي جزائري إنّ آخر مستعمرة في إفريقيا تعيش لحظة إستراتيجية هامّة نحو الاستقلال في ضوء رمزية الذّكرى وشرعية الهدف ووضوح الرّؤية على أساس ما تحقّق أو ما يتحقّق عسكريًا من تطوّرات ميدانية إيجابية ضدّ المحتل المغربي وديبلوماسيًا من استحقاقات دولية تحسب لصالح القضيّة الصّحراوية، والتي بلغت مرحلة النّضج بعد تراكم تاريخي وتطوّر نضالي جعلها لا تموت في ظلّ ما تتعرّض له يوميًا من مؤامرات ممنهجة لتصفيتها بالرّشاوي المالية والاستغلال غير الشّرعي لثروات الأرض وانتهاكات حقوق الإنسان الصّحراوي بشكل قلّ مثيله على صعيد نظام دولي نيواستعماري. ظلم الشّعب الصّحراوي طيلة نصف قرن رغم قانونية وأخلاقية مطلبه في الحريّة والسّيادة والوجود باعتراف الأمم المتّحدة والاتحاد الإفريقي وغيرها من فعاليات ومؤسّسات المجتمع الدّولي الرّسمية والمدنية التي أقرّت بعدالة القضية وإنسانيتها والتي صمدت وصبرت نخبتها وشعبها وأدارت بحكمة وشجاعة متغيّرات المشهد وإكراهات الوضع وألاعيب قوى الشّر، خاصّة بعد التّطبيع المخزني مع الكيان الصّهيونى وهي محاولة فاشلة من الرّباط لتصفية القضيّة راديكاليًا بدعم عواصم غربية وحتّى عربية. تتجاهل هذه الأطراف تاريخ يقول إنّ الحقيقة الصّحراوية سابقة لوجود العديد منها، لكنّها تحوّل خصخصة القضيّة لصالح لوبيات وشركات ومآرب ترى في الإقليم أرضًا وسماء وماء للرّبح والمال على حساب أصالة وعدالة المبدأ الذي استطاعت القيادة الصّحراوية مع شعبها المناضل والمقاوم أن تتصدّى له إعلاميًا وحقوقيًا وإستراتيجيًا لتصون أمانة الأجيال وتردّ محاولات قبر الحلم والحق في العيش الحرّ والكريم كبقيّة شعوب المعمورة. استقلال الصحراء الغربية سيتحقّق في مدى 2030 كأقصى تقدير، لأنّ المحتل المخزني مع شركائه اللّصوص أخفقوا في سرقة الأرض وسينتهون للاعتراف بجرمهم المشهود في حقّ الجغرافيا والتّاريخ والشّرف.المشروع الصهيو-مغربي..
قصة التعاون على الإثم والعدوان
بقلم: حمدي يحظيه السيد - كاتب من الصحراء الغربية يعتمد المغرب في مساعدته لأصدقائه "الإسرائيليين" والأمريكان والفرنسيين على البشر، فأينما حدث صراع في العالم تكون فيه أمريكا أو "إسرائيل" أو فرنسا طرفًا إلّا ويبعث المغرب الجنود للمشاركة في القتال إلى جانب أصدقائه. حدث هذا في شابا سنة 1977م، وحدث في حربي الخليج الأولى والثّانية وفي حرب اليمن، وفي أفغانستان. بعد تطبيع نظام المخزن مع الاحتلال "الإسرائيلي"؛ تقول الصّحافة "الإسرائيلية" إنّ من بين بنود الاتّفاق هناك بند يقول أنّ الدّولتين تلتزمان بالدّفاع عن بعضهما البعض في حالة الهجوم على أحدهما. بما أنّ ملحمة السّابع أكتوبر 2023، حدثت بعد التّطبيع، فلا بدّ أنّ المغرب شارك بجنوده وعتاده، تطبيقًا لبنود اتّفاق التّطبيع، إلى جانب "إسرائيل" في إبادة الشّعب الفلسطيني. وفي الصّحراء الغربية، تشارك "إسرائيل" إلى جانب المغرب - تطبيقًا لبنود الاتّفاق الدائم - في حربه ضدّ الصحراويين، تشارك "إسرائيل" في حرب الصّحراء الغربية بالطّائرات المسيّرة وبالخبراء وبمشغّلي محطّات إطلاق الطّائرات المسيّرة. إذا كانت "إسرائيل" تساعد المغرب في حربه في الصّحراء الغربية بالطّائرات والخبراء، فلا بدّ أنّ المغرب سيشارك "إسرائيل"، أيضًا، في حربها ضدّ الفلسطينيين، والدّعم الوحيد الذي تطلبه "إسرائيل" منه هو البشر. وحسب جريدة فاينانشال تايم البريطانية، فإنّ ثلاث دول عربية، هي مصر والإمارات والمغرب أبدت استعدادها للمشاركة في قوّة تحتلّ غزّة بعد نهاية الحرب. وتتجلّى المساعدة "الإسرائيلية" للمخزن في إنشاء مصنع طائرات مسيّرة في المغرب، ودائمًا حسب الصّحافة "الإسرائيلية"، فإنّ الاتّفاق بين الدّولتين يقضي أنّ نصف المسيّرات التي سينتجها المصنع ستعود إلى "إسرائيل" لاستعمالها ضدّ حزب الله وحماس وإيران، والباقي يتمّ توجيهه إلى منطقة السّاحل الإفريقي. إذن، نحن أمام اتّحاد - وليس اتّفاق - بين دولتين مارقتين تستعمران أرضين بالقوّة وتخرقان القانون الدّولي، وتتعاونان على القتل والإبادة.البوليساريو هنا والمقاومة هناك..
الاحتلال المغربي يستنجد بالأنموذج الصهيوني الفاشل
بقلم: محمد مغاديلو - كاتب صحراوي في الوقت الذي يسارع فيه العالم بكل "تلاوينه" إلى إدانة واستنكار مذبحة غزة، تزداد لهفة وتتفتح شهية الرباط تجاه تجديد قربان التقارب والتملّق بينه وبين نظام "تل أبيب" بشكل شره ومفضوح. فالتّصريحات الإعلامية للسّاسة المغاربة، ومن بينهم وزير الخارجية بوريطة، تنبئ بما لا يدع مجالا للشّك الهرولة المغربية التي تجاوزت بنود وشروط وحدود التّطبيع إلى تحصيل صكوك الغفران ولعق الأرجل في كلّ فرصة إعلامية أو لقاء دبلوماسي بينهم وبين زعماء الغرب المتصهين، بحجة أنّ “التّركيب الدّيمغرافي للكيان الصهيوني تشكّل فيها الجالية اليهودية المغربية أعلى النسب”، والتي من ضمنها قيادات أحزاب، وزراء، رجال أعمال وجنرالات في الجيش الإسرائيلي. وفي كلّ فرصة يسعى النّظام المغربي إلى تجديد دعواته لليهود من أصول مغربية للعودة إلى وطنهم الأم (المغرب)، في ظلّ التّنامي غير المسبوق للهجرة العكسية من “إسرائيل” إلى دول الأصل، والتي وصلت نسبها القياسية في غضون الشهر الأول فقط من العدوان الصّهيوني على المسلمين في قطاع غزة. وفي هذه الأشهر الأخيرة، أظهرت جلّ صفحات التّواصل الاجتماعي في المغرب مدى الاحتقان الاجتماعي في بعض المدن المغربية، بسبب التّهجير التّعسفي لعدد كبير من العائلات التي أجبرت بقوة القانون الجائر وقوة البوليس الهمجي على مغادرة منازلها وأراضيها، التي ترعرعت عليها كأجيال وكملّاك لسنوات عديدة بوثائق ثبوتية، قبل أن يصدر القضاء المغربي في حقّهم أوامر الإخلاء بحجّة أنّ المالك الأصلي يهودي من أصل مغربي، طالب باسترجاع أراضيه بدليل موثّق ومكتوب. ومع اشتداد ضراوة الضّربات العسكرية التي تنفذها المقاومة الفلسطينية ضد جنود الكيان الصهيوني، أصبح من الضّروري الملح لليهود أن يبحثوا عن وطن بديل، خاصّة للذين يجهلون أصولهم الحقيقية بما يضمن سلامتهم واستدامة مشاريعهم التنموية واقتصاداتهم المنهارة بفعل العزلة الدّولية التي فرضتها الحرب على قطاع غزة منذ ما يزيد على الشّهر. ولتذليل الاحتقان الشّعبي المغربي وتخفيف العبء الاستيطاني الجديد عن المناطق الشّمالية المغربية، يجمع الكثير من المحلّلين على أن هناك مشاورات أمنية - استخباراتية كبيرة على أعلى مستوى بين الاحتلال المغربي والكيان الصّهيوني لتحويل الاستيطان الإسرائيلي من أرض فلسطين إلى أرض الصّحراء الغربية المحتلة، مع استدامة الصّراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. وحسب بعض المعطيات، فإنّ الصّحراء الغربية المجاورة جغرافيا للدّول الغربية، تعتبر منطقة إستراتيجية عذراء وغنيّة بكل موارد العيش المستدامة، قد تصبح محلّ أنظار قادة الكيان الغاصب في حالة استحالة استمرار قيام الدّولة العبرية على الأراضي الفلسطينية المحتلّة بعد الهزائم التي مني بها الجيش الصّهيوني، خاصّة بعد اقتحامه غزة. وكانت جبهة البوليساريو، قد وجّهت رشقات صاروخية لمدينة السمارة المحتلة، كتجربة أولية لصواريخ بعيدة المدى وكرسالة استباقيّة لسياسة الاستيطان الصّهيوني الذي لم تدّخر الرّباط أي جهد في تحقيقه ولو كان على حساب العرش ذاته. أعتقد أن البوليساريو بعد تفطّنها لخيوط المؤامرة، لن تصمت كثيراً عن هذا التطور الخطير في منعرج الصّراع الصّحراوي المغربي، والذي ستخبرنا الأيّام المقبلات بما تضمره من مفاجآت على المستوى التّصعيد العسكري والدّبلوماسي والسّياسي.من غزة إلى الصحراء الغربية..
تعدّدت الاحتلالات والنهاية واحدة
يرى الباحث السياسي الجزائري عبد الحق بن سعدي أنّ ما يحدث بقطاع غزة، وتحديدا بعد دّك المقاومة الفلسطينية مستوطنات الصهاينة في غلاف غزة بتاريخ السابع من أكتوبر 2023، دفع سلطة الكيان إلى البحث وطن بديل للصهاينة، مشيرًا في السياق ذاته إلى أنّ ما يجري في المغرب حاليًا هو عبارة عن عملية بيع بالوكالة من منطلق وجود رغبة في إدخال الصحراء الغربية في متاهات تعجز المنظومة الدولية عن حلها، وبالتالي فإنّ هذا الأمر مرتبط وبشكلٍ أساسي بالمقترح المغربي المتعلق بمنح الاستقلال الذاتي للصحراء الغربية، وهو ما يعني إبقاء إقليم الصحراء الغربية تحت سيطرة نظام المخزن المغربي. وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور بن سعدي، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ تحالف نظام المخزن مع الكيان الصهيوني في هذا الإطار هو طريقة لتحقيق هذا المسعى وتجسيده على أرض الواقع، على اعتبار أنّ الصهاينة لهم امتدادات في العالم ولهم تيارات ولهم هيمنة على عدة مستويات، مما يسمح لهم بإمكانية فرض هذا المنطق على المجموعة الدولية؛ ولذلك، فإنّ استرجاع أملاك اليهود هو انخراط من طرف نظام المخزن في هذه العملية من خلال السماح لهم وتمكينهم من استرجاع هذه الممتلكات وطرد المغاربة الذين كانوا يقطنون بها، خاصةً أنّ اليهود هناك استفادوا من قوانين ومراسيم ملكية تمنحهم الكثير من الامتيازات، ما جعلهم في مواقع أفضل من السكان الأصليين. في سياق ذي صلة، أبرز المحلل السياسي أن هذا المسعى قد يشمل، أو يتعدى المغرب، إلى الصحراء الغربية، وذلك في ظل وجود جهود حثيثة لتمكين اليهود من إقليم الصحراء الغربية تحت شعار “الاستثمار”؛ أي أنه في حال منحت هذه الاستثمارات إلى الصهاينة في إقليم الصحراء الغربية فهذا يعني تعقّد مشكلة الصحراء الغربية، وهو الأمر الذي يسعى إليه المخزن. وبالتالي، فإنّ ما يُرادُ به من كل هذا هو تعقيد المسألة أكثر وأكثر ومن ثمّة ربح المزيد من الوقت وإبقاء إقليم الصحراء الغربية تحت سيطرة وتبعية نظام المخزن المغربي. في السياق ذاته، وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أشار البروفيسور بن سعدي إلى إعلان جبهة البوليساريو عن شنّ هجومات جديدة وحاسمة في العديد من مناطق الصحراء الغربية، لأنه اتضح أنّ هناك مؤامرة كبيرة وتتجاوز إمكانات الحل السياسي، إذ هناك نوايا معلنة من طرف النظام المغربي بشأن الاستمرار في هذا المسعى. وعليه يضيف المتحدث، لا يمكن بأي شكل من الأشكال مواجهة التحديات الجديدة التي يريد أن يفرضها نظام المخزن المغربي، إلا من خلال اللّغة الوحيدة التي يفقهها هذا النظام، ونتحدث هنا عن “لغة السلاح”، وكذلك هو الطريق الوحيد والأوحد لإحياء ملف الصحراء الغربية الذي بقي على حاله منذ عشرات السنين.