2025.07.07



من أوراق المُفكّر \ نوستالجيا

من أوراق المُفكّر "مولود قاسم نايت بلقاسم".. كيف يكون الإنسان "ابن عصره"؟ (الجزء الأول)


"مُلتقى التَّعرف على الفكر الإسلامي" من أعظم الفعاليات العالمية للتّقريب بين الأفكار وترسيخ قِيَم الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان.. دأبت الجزائر على تنظيمه واحتضانه من سنة 1968 إلى سنة 1987، وكان يستضيف المُفكَّرين والباحثين والمُستشرقين من مُختلف قرَّات العالم على اختلاف توجَّهاتهم ومذاهبهم الفكريَّة والإيديولوجية والدينيّة، إضافة نُخبٍ من المجتمع الجزائري، وخاصة طلاّب الثانويات.. وقد أوجز المفكّر "مولود قاسم نايت بلقاسم" أهداف وغايات هذا الملتقى في ثلاثة جُمل قصيرة هي: "أن يكون الإنسان ابن عصره، مع البقاء على أديم مِصره، ودون أن يصبح نسخة غيره". تُشير بعض المصادر إلى أنَّ "مُلتقى التَّعرف على الفكر الإسلامي" كان امتدادًا للملتقى الأسبوعي الذي كان يعقده المُفكِّر "مالك بن نبي" في بيته، ويحضره نُخبة من طُلاَّبه ومُريده، وذلك منذ عام 1966. وقد انعقد المُلتقى، في طبعاته الثلاثة الأولى بالجزائر العاصمة، ولكن بعد أن تبنَّته الحكومة الجزائرية وصارت تشرف عليه وزارة الشؤون الدينيَّة والأوقاف، صار يُعقد كل سنة في ولاية من ولايات الجزائر، في الشمال والجنوب والشَّرق والغرب. ويُذكَر أنَّ المُلتقى كان يدوم أكثر من أسبوعٍ، ويتضمَّن برنامجه، بالإضافة إلى نشاطاته الفكرية، نشاطات أخرى بإقامة رحلات سياحيَّة إلى المناطق الأثريَّة والتَّاريخيَّة.. وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض المصادر أفادت بأنّ عمر الملتقى امتدّ من 1967 إلى 1990. تفرّد "ملتقى الفكر الإسلامي" الجزائري، من حيث التنظيم والإدارة والبرنامج والأهداف، بمميّزات "استثنائيّة" دفعت بعض الشخصيات العالمية أن تدعو إلى تبنّي "فلسفته" في تنظيم الملتقيات الدولية. وفي هذا المقال، يُحدّثنا المفكّر "مولود قاسم نايت بلقاسم" عن أسرار الملتقى وأهدافه ومغازيه ويُضيء الزوايا التي لم تنتبه إليها الدّراسات الجزائرية التي تناولت هذا الملتقى بالدراسة والبحث.. هذا المقال هو في الأصل محاضرة ارتجلها المُشرف على الملتقى، وزير التعليم الأصلي والشؤون الدينية (آنذاك)، المفكّر "مولود قاسم نايت بلقاسم"، حول "مغزى ملتقيات الفكر الإسلامي"، وذلك بمدينة "وهران" في 1977 خلال فعاليات إحدى طبعات الملتقى. ونشرته – المقال – مجلة "الأصالة" الجزائرية، وتُعيد جريدة "الأيام نيوز" نشره لأهميّته ولما يتضمّنه من رؤى إبداعيّة يُمكن إحياؤها واعتمادها كتقاليد راسخة لضمان التميّز والجدوى في تنظيم الملتقيات بما يخدم الوطن.. وسوف يُلاحظ القارئ بأنّ المقال فيه نفَسٌ خطابيٌّ لأنّه في الأصل كلمة مُرتجلة من خطيب ومتحدثٍ بارع ومتمكّن. فلنترك القارئ يُبحر في المقال... مغزى "ملتقى الفكر الإسلامي" في ثلاث جُمل قصيرة منذ عدّة سنوات، تعقد الجزائر سنويّا وبانتظام "ملتقى الفكر الإسلامي"، وفي كل سنة تستضيف مدينة جزائرية طبعة من طبعات هذا الملتقى. وأستطيع أن ألخّص المغزى من "ملتقى الفكر الإسلامي" في ثلاث جُمل قصيرة هي: أن يكون الإنسان ابن عصره، مع البقاء على أديم مِصره، ودون أن يصبح نسخة غيره. وقد أشرت إلى هذا الموضوع منذ الملتقى الرابع الذي انعقد سنة 1970، في قسنطينة في كلمة افتتاحه تحت عنوان "الإنِّيَّة والأصالة ". ما معنى الإنية؟ وهذه الكلمة "الإنِّيّة" ليست من إبداعنا، فهي لذلك القُطب، ذلك النجم اللامع ليس في تاريخ الاسلام وحده، ولكن في تاريخ الإنسانية، في تاريخ الفكر الإنساني، في تاريخ الحضارة الإنسانية العالمية، وهو "أبو علي بن سينا". فـ "ابن سينا" هو الذي نحَت هذه الكلمة: كلمة الإنِّية. ما معنى الإنية؟ من "إنِّي" وهي موجودة ومُفصَّلة ومشروحة في كتابه المشهور "الإشارات والتنبيهات". كتَب "ابن سينا" في "الإشارات والتنبيهات"، أنّ الإنسان عندما يحلِّق في الهواء، أو يتصوَّر نفسه مُحلِّقًا في الهواء، مُعلَّقًا بين السماء والأرض، ليس مُلتصقا بالسماء وقد أصبح منفصلا عن الأرض، يحسّ بحالة غريبة. فكيف يشعر بنفسه؟ ماذا يبقى له؟ فجسمه يكاد يكون منعدما، لأنّه غير مرتبط بشيء مادي، بشي جامد يتمسّك به، ويتشبّث به. فماذا يبقى له في تلك اللحظة عندما يتصوّر نفسه معلَّقا بين السماء؟ "إنِّية" ابن سينا و"كوجيتو" ديكارت يقول "ابن سينا": لم يبق في تلك اللحظة للإنسان الذي يوجد في تلك الحالة إلّا الشعور بنفسه، بالروح، بالنفس، لا بالجسم، لأنّ الجسم يكاد يكون مُنعدما. فلم يعد له إلّا أن يشعر بنفسه فقط، بإنِّيَته، يقول بإنِّيته: "إنِّي واعٍ بنفسي، فإنّي إذًا موجود". يشعر بانعدام جسمه ولكن بوجود إنّيته، أي روحه ونفسه. ومن هنا أخذ ذلك الفيلسوف المعروف الذي تُمجِّده أوروبا والعالم، والذي ينسبون له وحده هذا الفضل، وهو "روني ديكارت"، كلمته المشهورة: "أنا أفكِّر، فأنا إذًا موجود". إنّه التّعبير نفسه لـ "ابن سينا"، الذي استعمله "ديكارت". صحيح، إنّه التّعبير نفسه تماما إذا ما تُرجم ترجمة معنويّة صادقة، فيتصوّر الإنسان نفسه منعدما ومنفصلا عن الوجود الجسمي والمادي، ومن تمام تلك اللحظة، فالشعور بنفسه، بروحه، ذلك الوعي، ذلك الشعور بالإنِّية، هو الفكر عند "ديكارت"، ومن ثم فالإنسان وجوده بالفكر، وليس بجسمه، ولو كان بجسمه فقط لكان منعدما. الدول الاستعمارية غرست عقدة النّقص في العالم الإسلامي أخذ "ديكارت" هذا المفهوم السّيني (نسبة إلى ابن سينا) بقرون بعد ذلك، بعد ترجمة كتاب "ابن سينا" (الإشارات والتنبيهات) إلى اللاتينية، فمنه أخذ "ديكارت" هذا المفهوم وشرحه في كتابه "حديث المنهج"، وعنه أخذته البشرية كلّها فيما بعد، وإن كانت، كما قلت، لا تشير دائما إلى هذا المرجع، لا تنسب الفضل لذويه، وذلك غالبا بسبب التعصُّب الديني، أُضيفَ إليه فيما بعد طابع ثانٍ وهو الحقد الاستعماري، حيث كانت الدول الاستعمارية تركِّز على تعقيد العالم الإسلامي، لغرس عقدة النقص فيه، بحيث لا يشعر بثقة في نفسه، ولا يرفع رأسه، ولا يطالب باسترجاع استقلاله وذاتيّته، وسيادته، ومجده. بضاعتنا رُدّت إلينا بلغة أجنبيّة! وبعد أن ذهب هذان العصران، عصر التعصّب بشكله الموجود في القرون الوسطى وحتى بداية النهضة الأوروبية، ثم العصر الاستعماري الإمبريالي الذي انضمّ إليه فيما بعد، وزاد الطين بلّة، والطنبور نغمة، كما يقول الأدباء القدماء، فبعد أن زال هذان الجانبان، بدأ الكثير الآن فى أوروبا يعترفون بهذا الفضل لذويه، ويقِرّون لـ "ابن سينا" أنه أبو هذه النظرية، نظرية الإنِّية، أو الهوية كما يقول اليوم إخواننا في المشرق، عن جهل، ونتبعهم نحن في ذلك عن تقليد أعمى أفظع من الجهل، ترجمةً للّفظ الأوروبي "إيدونتيتي" عن اللاتينية "إيد"، وهو المعنى نفسه عند "ابن سينا" (التحليل النفسي: الهُوَ، الأنا، الأنا الأعلى). وحدة الحضارة الإنسانية كيف يمكن للإنسان أن يكون "ابن عصره، مع البقاء على أديم مِصره، دون أن يصبح نسخة غيره"؟ ابن عصره: أي مع زمانه. على أديم مِصره: أرضية بلاده واقفا بقدم ثابتة على أرضية بلاده، لا مُعلَّقا بين بلدان، ومُوزّعا بين حضارات، ومُبعثَرا بين ثقافات، مشتَّتا، مُمزَّقا! وإنّما بكلِّيَته، بتكامل شخصيّته، بعناصره مجتمعة. وفي الوقت نفسه، يكون ابن عصره، يستفيد من تجارب الغير، يستقى من ثقافات الحضارات البشرية كلّها، لأنّها كلّها تكوِّن شيئا متكاملا، كلّها تكوِّن وحدة، لأنّه لا يمكن أن تُنسب إلى أيّة أمّة من الأمم، في القديم ولا في الحديث ولا حتى في المستقبل، حضارة أو ثقافة بعينها، وإنّما البشرية كلّها شاركت بقدر متفاوت، بدرجات متفاوتة، في هذا التّراث البشري المشترك المتكامل. أزمة القيم والحضارة.. كيف يمكن الإنسان إذًا أن يكون ابن عصره؟ الجواب: أي لا يبقى جامدا، خامدا، هامدا، ميِّتا، مُفكّك الأجزاء، مُرتخي الأوصال.. لا، بل أن يكون ابن عصره، مُتتبِّعا لحوادث العصر متثقِّفًا لآخر الاكتشافات، وليس فقط مُتتبِّعا لها، بل مشاركا فيها. أن يكون مُشارِكًا في هذه الاكتشافات، مُساهمًا في هذه النظريات، مساهمًا في هذه الفروض العلمية التي تصبح فيما بعد مكتشفاته ونظرياته. كيف يمكن للإنسان أن يساهم في هذا، وفي الوقت ذاته يبقى نفسه، هو هو، بإنِّيته كاملة، لا نسخة غيره؟ كيف يمكن الإنسان أن يكون ابن عصره مع البقاء على أديم مِصره ودون أن يصبح نسخة غيره؟ دون أن يصبح مُشوَّها مَنسوخا ممسوخا عن ثقافته، وعن هذه الإنِّية التي تكلَّم عنها "ابن سينا"، وعن هذه الأصالة، وعن تقاليده، وعن تراثه، وعن عناصر شخصيته، ومكوِّنات ذاتِيّته؟ كيف يمكن هذا؟ هذا هو المشكل المطروح الآن على البشرية كلها، على العالم كله، إذا ما كنّا كلّنا نتتبّع ما يُكتب الآن فى العالم، وما يُذاع، وما يُنشر في الكتب، والمجلات والتلفزات... هذا هو المشكل، هذه هي الأزمة، وهذا هو العلاج لأزمة الحضارة وأزمة القيم كما يسمّيهما الأوروبيون، الفرنسيون وغيرهم. ما هو حلّها؟ حلها هو هذا، أن يكون الإنسان ابن عصره، أي أن يأخذ بآخر اكتشافات العلم، بآخر إبداعات الفن، بآخر اختراعات الصناعة، وآخر إنجازات الزراعة ومختلف أنواع النشاط البشري، وفي الوقت نفسه، يحافظ على عناصر شخصيته يبقى متمسِّكا بجذوره، ملتصقا بأعماق أعماق عروقه. التقدّم لا ينفي الاعتزاز بالجذور التاريخية في الملتقى الثامن للفكر الإسلامي في "بجاية"، وجّه أحد الجزائريين نقدًا، ربّما لم يكن مُوفّقًا فيه، إلى الدكتور "زكي نجيب محمود" الكاتب الشهير والفيلسوف الكبير، فانفعل هذا الأخير، وهو المتّزن المعتدل، وهو المنضبط، وهو المتغلِّب على مشاعره، وهو تلميذ الفيلسوف الإنجليزي "برتراند راسل"، ومن دعاة المنطق الوضعي والمنهج العلمي في الفلسفة.. لم يستطع التغلُّب على نفسه، ولم يستطع التّماسك، فاندفع وقال: "لا تنس یا بُنيّ أنّني ابن حضارة تجاوز عمرُها سبعة آلاف سنة"! أي ابن الفراعنة. ما قاله أستاذنا الكبير الدكتور "زكي نجيب محمود" تجدونه أيضًا اليوم لدى مجتمعات أخرى فى البشرية، وخاصة لدى أكثر الأمم الأوروبية تقدُّما، واعتدالا ونضجا، وتفكيرا، ومنهجية، موضوعية، ونزاهة علمية.. تجدون عندهم هذا الاعتزاز، هذه المحاولة، هذا التشبّث بالجذور، هذا التمسّك بالأصول، كي لا يبقى الإنسان معلّقا بين السماء والأرض، ولا يشعر بنفسه مجرّدًا من هذه الإنِّية. هذه هي مشكلة العصر اليوم فى أزمة الحضارة وأزمة القيم التي تعاني منها أوروبا، وأمريكا الشمالية والجنوبية، واليابان، وما أدراك ما اليابان! المُحافظة حتى الآن على أصالتها، وعلى عروقها، وجذورها، وثقافتها التي تعدّ بآلاف السنين، ومع ذلك فهي الآن - مع الأسف - تشعر بنفسها مزعزَعة، مُهدّدة، مُخلخَلة في أسُسها، مُهلهَلة في قاعدتها، نظرا لهذا التيّار الجارف الذي ورد إليها من الخارج والذي يُهدّدها في كيانها، يهددها في وجودها، يهددها في إنِّيَتها وأصالتها. الدول الكبرى تخشى على إنِّيتها.. فماذا عن العرب؟ الناس كلّهم فى العالم يصارعون الآن هذه الأزمة، وكلهم يحاولون الاقتراب من هذا المثل الأعلى الذي ينبغي لنا نحن أكثر منهم الاقتراب منه. فإذا كانوا - وهم الذين لم يعانوا محاولات السّلخ والمسخ والنسخ الاستعمارية والإمبريالية في الماضي، وهم الذين لم يتعرّضوا لتلك الهزّات - يحاولون اليوم هذه المحاولات اليائسة، كما يقول الأوروبيون، للتمسّك بأصولهم، وبجذورهم، وبعروقهم، وبأصالتهم وبإنِّيتهم، فكيف بنا نحن الذين تعرّضنا لقرون من الجمود، كما كتب "ابن خلدون" في القرن الرابع عشر الميلادي، ولعصور من الهمود والخمود، تلتها بعد "ابن خلدون"، ثم للعهد الاستعماري الطويل، خاصة في هذه المدينة - انعقد فيها الملتقى الذي ألقِيَت فيه هذه المحاضرة - مدينة "وهران"، التي عاشت كما تعلمون - الاستعمار الإسباني الذي دام ثلاثة قرون، ثلاثة قرون، نعم! دخل الاستعمار الإسباني سنة 1507 إلى مدينة "وهران" وخرج سنة 1792، ثلاثة قرون كاملة عاشها هنا، بانقطاع دام ثلاثين سنة فقط! هذا بالنسبة لمدينة وهران وبعض المدن الأخرى كذلك في البلاد. ثم عانت البلاد كلّها استعمارا أفظع وألعن، وهو الاستعمار الفرنسي الذي كان يمتاز عن الاستعمار الإسباني بالمنهجية العلمية، المنهجية الشيطانية، المنهجية الإبليسيّة، التي كانت مُنظمّة، مضبوطة، مُحكمة، مدروسة، مُخطّطة أكثر، وكلّها ترتكز على هذا المسخ، على هذا النّسخ، على هذا السّلخ من الإنِّية، ومن الأصالة، ومن الذاتية، ومن الشخصية. إذا كانت هذه الدول كلّها تعمل وتقوم بهذه المساعي الجبّارة لتحافظ على إنِّيتها من الاندثار، وعلى أصالتها من الانجراف، فكيف بنا ونحن الذين تعرّضنا لما تعرّضنا له؟ إنّه ينبغي لنا أن نحرص أكثر من هذه الأمم كلّها على هذه الإنِّية، وعلى هذه الأصالة بتحقيق هذا المثل الأعلى: وهو أن نكون أبناء عصرنا، مع البقاء على أديم مِصرنا، على أديم بلادنا، على أرضيّتنا الطيبة، على أرضيّتنا الثابتة، وألّا نصبح نسخة غيرنا. بعد ذلك لا يمنعنا أيّ شيء أبدا من أن نأخذ عن الغير، وأن نرنو إلى السماء، وأن ننظر في جميع الاتجاهات المختلفة، عندما نضمن لأنفسنا هذه الأرضية الثابتة، هذا الأساس المتين، وعندما تكون أرجلنا منغرسة في أديم هذه الأرض.. متشابكة مع عروقنا، ضاربة في جذورنا، جذور الأجداد، عروق الأسلاف، بقِيَمهم، بمزاياهم، بفضائلهم، وهذا لا يمنعنا طبعا من أن ندرس تاريخنا بكل نقد، وبكل تجرّد، وبكل موضوعية، وبكل نزاهة، حتى لا تتكرّر أخطاء الماضي. أمّا إذا أصبحنا نسخة غيرنا، فكأنّنا لم نفعل شيئا. نستطيع، ليس فقط نستطيع، بل يجب علينا أن نستفيد من أحدث تجارب الإنسانية في المجالات المختلفة للحياة البشرية، فى المجال العلمي، والاجتماعي، وفى المجالات الاقتصادية والثقافية المختلفة، من صناعة، وزراعة، وفن، وتربية، وتعليم وتربية، وتعليم، ولكن بشرط ألّا نأخذ منها إلّا ما يلائم ذاتيَّتنا، إلّا ما ينسجم مع هذه العناصر المكوِّنة لشخصيتنا، وإنِّيَتنا وأصالتنا. المغزى من ملتقيات الفكر الإسلامي في الجزائر؟ هذا هو المقصود بالذات من مغزى هذه الملتقيات كلِّها التي نعقدها في مختلف مُدن الوطن، والتي تختلف جداول أعمالها حسب المدينة التي ينعقد فيها الملتقى من سنة إلى أخرى. وفي جميع هذه الملتقيات قاعدة ثابتة، صلبة، قائمة، دائمة، دائبة، تبقى لازمة ملازمة: هي تناول فترات هامة من تاريخ تلك المنطقة – التي ينعقد فيها الملتقى - بتوسُّع وبطريقة شاملة كاملة بقدر الإمكان، وكذلك دراسة جوانبها الحالية، دراسة تلك المدينة، تلك المنطقة كلها في الماضي والحاضر، بالمحاضرات والمناقشات، وبالزيارة أيضا لآثارها ومنجزاتها.