2025.05.22
تقارير

بعدما تحقّقت أسباب اندلاعها.. هل تتّجه "إسرائيل" نحو حرب أهلية؟


سبق وأن قال رئيس وزراء سلطة الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو - بلغة التأكيد - في 18 جوان بأنه: "لن تكون هناك حرب أهلية في "إسرائيل"، إلا أنّ موقع كاونتر بانش الأمريكي لديه رأي آخر، إذ اعتبر أنّ مخاطر اندلاع حرب أهلية باتت تتهدّد الكيان، مبرزا أنّ أسبابها أعمق من أن تربط بالحرب على غزة أو الصراع مع حزب الله. وأوضح الموقع في تقرير له أنّ استقالة عدد من قادة الكيان مثل وزراء الحرب بيني غانتس وغادي أيزنكوت، كشفت عن انقسامات عميقة داخل الكيان، على الرغم من حرص رئيس وزراء سلطة الاحتلال بنيامين نتنياهو على التأكيد أنّ حربا أهلية إسرائيلية لن ترى النور أبدا. وتابع التقرير أنّ الانقسام داخل "إسرائيل" لا يمكن النظر إليه مثل الاستقطابات الجارية في الديمقراطيات الغربية، ليس فقط لأنّ "إسرائيل" ليست "دولة ديمقراطية" في جوهرها، ولكن لأنّ التكوين السياسي في "إسرائيل" فريد من نوعه. وزاد أنّ مصطلحي اليمين واليمين المتطرف قد يعطيان انطباعا بأنّ الصراع السياسي في "إسرائيل" هو صراع أيديولوجي بالأساس، لكن الواقع يؤكد أنّ أسباب الصراع أعمق بكثير، وترتبط برغبة اليمين الجديد (نتنياهو وحلفاؤه) في إعادة تشكيل الطبيعة السياسية للكيان. وأوضح التقرير أنّ خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين منذ جانفي 2023 في مظاهرات حاشدة بدعم من النخب التي توصف بالليبرالية، كان هدفها منع نتنياهو من إحداث تغييرات جذرية تمس موازين القوى السياسية التي حكمت منذ تاريخ إعلان قيام سرطان الكيان الصهيوني عام 1948. وعلى الرغم من أنّ النقاشات حرصت على التوضيح بأنّ الخلافات زادت رغبة الناس في مواجهة رغبة نتنياهو تهميش المؤسسة القضائية الإسرائيلية لأسباب شخصية، فإنّ الموقع يرى أن جذور الخلاف التي تهدد باندلاع حرب أهلية مختلفة تماما. ويوضح ذلك بقوله إنّ الأمر يتعلق بعلاقة السلطة السياسية بالجيش، ويرى أنّ الموضوع طفا على السطح عندما هاجم نتنياهو بوضوح جنرالات الجيش قائلا "إسرائيل" دولة لها جيش وليست جيشا له دولة". الجيش والحرب وأكد التقرير أن الحقيقة واضحة وهي أن "إسرائيل" برزت إلى الوجود واستمرت من خلال الحرب، وهذا يفسر مكانة الجيش الخاصة في المجتمع الإسرائيلي، إذ يتمتع بامتيازات مهمة عندما يتعلق الأمر بصناعة القرار السياسي الصهيوني، ولا أدل على ذلك من وصول كبار قادة الجيش إلى أهم منصب للسلطة، بما في ذلك ديفيد بن غوريون، وأرييل شارون، وإيهود باراك. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية -يوضح الكاتب- إذ إن نتنياهو مع بدئه إعادة هيكلة المؤسسات السياسية الصهيونية سعيا لتهميش الجيش وتجريده من قوته السياسية، أخل بالركيزة الأساسية للتوازن السياسي المستمر لدى الكيان منذ 1948. وذكّر الكاتب بالصراع المسلح الذي نشب بين جيش بن غوريون الذي كانت تهيمن عليه الهاغاناه، وبين قيادات مليشيات مسلحة، عندما قصف الجيش السفينة "ألتالينا" التي كانت تحمل أسلحة إلى الأرغون، و"قتل واعتقل العديد من عناصر تلك المليشيا". وقال إن الحديث عاد مجددا داخل الكيان عن "هذه الحرب الأهلية المصغرة"، وكون الخلافات التي تتعمق يوما بعد يوم قد تجبر الجيش على التخلي عن التوزان التاريخي الذي تحقق عقب ذلك الحدث الذي كان بالإمكان أن ينهي مستقبل الكيان كـ(دولة) بعد أيام من قيامها. وعلى مستوى الشارع الإسرائيلي، أفاد مراسلون بأن الشرطة الصهيونية قمعت مساء يوم السبت مظاهرة مناوئة لحكومة نتنياهو شارك فيها آلاف الأشخاص في القدس المحتلة، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى مع فصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. وأوضحت وسائل إعلام محلية أن الشرطة اعتدت على متظاهرين في القدس خلال الاحتجاجات، في حين قالت تقارير إن الشرطة اعتدت بالضرب المبرح ضد عدد من المتظاهرين الذين حاولت تفريقهم واعتقلت شخصا بعد الاعتداء عليه. كما ذكرت إذاعة الجيش الصهيوني أنها سجلت مقطعا مصورا لأحد أفراد الشرطة وهو يسب أحد المتظاهرين بعبارات نابية وفق ما نقلته وكالة الأناضول، وأشارت الإذاعة إلى أن اشتباكات عنيفة نشبت بين الشرطة والمحتجين في أعقاب المظاهرة، وفي الأسابيع الأخيرة صعّد معارضون للحكومة وعائلات أسرى إسرائيليين في غزة نشاطاتهم الاحتجاجية، للمطالبة بصفقة تبادل أسرى والمضي نحو الانتخابات العامة. من جهتها كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن أزمة ثقة بدأت تظهر بين الجيش الصهيوني والأجهزة الأمنية من جهة والشرطة بقيادة وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير من جهة أخرى. ونقلت الصحيفة عن مصادر (لم تسمها) أن العام الأخير شهد انخفاضا في اعتقالات اليهود المشتبهين بالإرهاب في الضفة الغربية، مؤكدة أن الشرطة الصهيونية بالضفة ترفض في كثير من الأحيان التحقيق في أحداث أدت إلى قتل فلسطينيين. ويشن المستوطنون الذين يرتدون أحيانا زي الجيش، اعتداءات ضد الفلسطينيين، ويحرقون مزارعهم ومنازلهم وسياراتهم ويسرقون مواشيهم، ويجري ذلك على مرأى ومسمع الجنود في مرات عديدة. وأضافت المصادر أن الشرطة الصهيونية غضت النظر في حوادث مختلفة عن تجاوزات المستوطنين المتطرفين بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية. من جهته، حذر قائد المنطقة الوسطى يهوذا فوكس في الشرطة الصهيونية من ازدياد جرائم المستوطنين في الضفة. وبحسب الصحيفة، فقد طور مكتب بن غفير أساليب مختلفة للالتفاف على قيادة الشرطة، من خلال التواصل بشكل مباشر مع ضباط وعناصر الشرطة. مخاوف أمنية ورغم مشاركة قوات من الجيش الصهيوني في الكثير من هجمات المستوطنين بالضفة، فإن قيادات في الجيش الصهيوني وأجهزة المخابرات الصهيونية تخشى أن يتسبب ارتفاع وتيرة هجمات المستوطنين في تفجير الأوضاع وقيام انتفاضة فلسطينية بالضفة. ويقيم بن غفير زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف في مستوطنة صهيونية بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، ويقود مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خطة لطرد الفلسطينيين من الضفة وضمها بشكل رسمي إلى الكيان، ويواصل بن غفير تسليح المستوطنين في الضفة الغربية، بذريعة الدفاع عن النفس من هجمات مماثلة لما حصل في السابع من أكتوبر. وبالتزامن مع بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر، وسّع المستوطنون الإسرائيليون اعتداءاتهم بالضفة، ووثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) 221 اعتداء خلال ماي الماضي. ووفق الهيئة، فقد "تراوحت الاعتداءات ما بين مشاركة وحماية جيش الاحتلال للمستوطنين في اقتحاماتهم للمدن والتجمعات الفلسطينية، وما بين اقتحام القرى الفلسطينية والاعتداء على ممتلكات المواطنين وخط شعارات عنصرية". وبوتيرة يومية، يقتحم الجيش الصهيوني مدنا وبلدات في الضفة -بما فيها القدس المحتلة- لاعتقال من يسميهم "مطلوبين"، وعادة ما يعتدي على فلسطينيين ويدمر ممتلكات عامة وخاصة. وحول الحرب الصهيونية على غزة، قال قائد اللواء 12 الصهيوني المقدم هيفري الباز إن تفكيك القدرات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في رفح جنوب قطاع غزة، سيستغرق عامين آخرين على الأقل. وأضاف قائد اللواء 12 الصهيوني أن مهمة القضاء على كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- ليست سهلة والأمر يتطلب وقتا وضغطا عسكريا كبيرا، كما أكد أن حماس تدير في رفح حرب عصابات مكونة من مجموعات مستقلة مما يجعل مهمة التعامل معها أصعب. وذكر قائد اللواء 12 الصهيوني أيضا أن من يعتقد أن صفارات الإنذار ستتوقف خلال العام المقبل، فهو يذر الرمال في عيون الإسرائيليين. ومنذ 6 ماي الماضي، يشن جيش الاحتلال الصهيوني هجوما بريا على مدينة رفح، واستولى في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر، وأغلقه أمام إخراج جرحى للعلاج وإدخال مساعدات إنسانية شحيحة أساسا. وادعى الجيش الصهيوني، في 29 من ذلك الشهر، اكتمال السيطرة على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الحدودي، مما يعني فصل قطاع غزة عن مصر بالفعل، يوم الخميس الماضي، اعتبر وزير الزراعة الصهيوني آفي ديختر أن القضاء على قدرة حركة حماس على حكم قطاع غزة لا يزال بعيدا عن التحقق. ورغم مرور 9 أشهر على بدء حربها على غزة، تعجز قوات الاحتلال عن تحقيق أي من أهدافها المعلنة، ولا سيما القضاء على قدرات حماس، واستعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع، وأسفرت الحرب الصهيونية، المستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، عن أكثر من 124 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال. وتواصل قوات الاحتلال حرب الإبادة في غزة رغم قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.