يرى الأكاديمي والنائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، الدكتور علي ربيج، أن "دور الأحزاب مهم جداً في أي ممارسة سياسية بطابع ديمقراطي". وبالنسبة له، "يهدف هذا المشروع إلى تنشيط الحياة السياسية والقطيعة مع الممارسات الماضية التي شابت الحياة السياسية في الجزائر، من خلال إبعاد المال الفاسد وتمكين إطارات المجتمع من الولوج إلى العالم السياسي والانخراط في الأحزاب السياسية، سواء كانت إسلامية، وطنية، أو علمانية". يؤكد البرلماني أن "المشروع يربط دور الأحزاب السياسية بالمشاورات والحوار السياسي الذي يفتحه النظام السياسي مع التشكيلات الحزبية"، مضيفاً أن "هذا المشروع يحمل الأحزاب مسؤولية الانخراط بقوة في النقاشات الكبرى التي تتعلق بحياة المواطن، كما يفتح المجال أمامها للمشاركة في الحوار حول القضايا الدولية". ويرى أن "الجزائر تمر اليوم بمرحلة حساسة وصعبة"، مشدداً على أن "السياسة الخارجية الجزائرية تحتاج إلى سند سياسي وأرضية قوية تستند إليها". ويتابع أستاذ العلوم السياسية قائلاً: "ينبغي للأحزاب أن تلعب هذا الدور بالنظر إلى دقة المرحلة التي يمر بها البلد"، مشيراً إلى "أهمية إشراك فئتي الشباب والنساء"، ومؤكداً أن "ذلك سينشط الحياة السياسية". ويضيف: "على الأحزاب أن تتبنى برامج ورؤى وسيناريوهات تتيح إشراك هذه الفئات النشطة والفاعلة في المجتمع". وفي سياق ما جاء به المشروع حول "مسألة فرض التكوين على إطارات ومنظمي الأحزاب"، يرى الدكتور ربيج أن "هذا المشروع يفرض بشكل قانوني وإلزامي على الأحزاب أن تسطر برامج للتكوين السياسي"، في إشارة إلى "التنشئة السياسية أو الثقافة السياسية للمناضلين وإطاراتها". ويضيف في السياق ذاته أن "الأحزاب هي أحد الأسباب الرئيسية للتكلس والخمول السياسي الذي تعانيه البلاد"، مفسراً ذلك بأن "الأحزاب لا تمتلك رصيداً من الإطارات المكونة سياسياً، بل هي أحزاب مناسباتية لا تنشط إلا خلال الانتخابات، وتسعى لدخول المجالس المنتخبة بأي شكل أو صورة". ويواصل البرلماني قائلاً: "لذلك، تلجأ الأحزاب إلى استقطاب مختلف فئات المجتمع لإدراجها ضمن قوائمها الانتخابية، دون مراعاة الأيديولوجيا أو المرجعية السياسية والفلسفية للحزب، أو حتى مسألة الإيمان بمبادئه". ويرجع الدكتور ربيج "الفشل على مستوى المجالس المنتخبة، والساحة السياسية، وحتى الحوار والمفاوضات السياسية"، إلى ما يعتبره "غياب ممارسة فعلية للعمل السياسي داخل الأحزاب نفسها". ومع أنه يعترف بأن "هذه الأحزاب تملك رصيداً كبيراً من الإطارات"، إلا أنه يرى أن "عليها إعادة النظر في خطاباتها السياسية والانتباه أكثر إلى أدوات التحليل السياسي، باعتبارها عناصر أساسية للانخراط في المجتمع وإقناع الرأي العام خلال المواعيد الانتخابية". من جانب آخر، يتطرق البرلماني إلى "طبيعة النظام السياسي داخل البرلمان"، موضحاً أن "كل الأحزاب تسعى للوصول إلى السلطة"، وأن "الدستور الجزائري لعام 2020 يحدد نموذجين لتحقيق الأغلبية داخل البرلمان: إما أغلبية موالية لتوجهات الرئيس، وهي الأغلبية الرئاسية التي تتقاسم الحقائب الوزارية فيما بينها، أو أغلبية معارضة، تتيح تشكيل حكومة برئاسة شخصية من المعارضة". لكن التساؤل المطروح مستقبلاً، حسب الدكتور ربيج، هو "ماذا سيحدث إذا تمكنت المعارضة من تحقيق الأغلبية في البرلمان وتشكيل ما يسمى بالحكومة المعارضة؟". ويعتبر الدكتور أن "هذا التقسيم الذي جاء به دستور 2020 مهم جداً"، ويراه "إحدى النماذج التي تتيح للأحزاب المشاركة بفعالية في الحياة السياسية والعملية الانتخابية". كما يشير إلى أن "المشروع الحالي يسعى للقضاء على ظاهرتين أساسيتين؛ الأولى هي العزوف السياسي"، موضحاً أن "هذه الظاهرة ذات بعد اجتماعي وسياسي، ولا يمكن تحميل الأحزاب وحدها مسؤوليتها". لكنه يضيف أن "الأحزاب تتحمل جزءاً من المسؤولية، خاصة فيما يتعلق بعزوف الشباب والنساء عن المشاركة في الحياة السياسية"، مشيراً إلى وجود "عوامل أخرى تدفع الشباب للعزوف". ويؤكد الأكاديمي على ضرورة أن "تتعاون الأحزاب السياسية مع وزارة الداخلية والمؤسسات الجامعية لتحديد الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، وطرح حلول منهجية وعلمية وموضوعية". وفي ختام حديثه لـ "الأيام نيوز"، يتناول الدكتور ربيج قضية المقاطعة، مؤكداً أن "هذا القانون ركز عليها بشكل واضح"، حيث ينص على "إقصاء الأحزاب التي لا تقدم مترشحين في استحقاقين متتاليين". ويرى أن "هذا المشروع قد يسهم في الحد من ظاهرة المقاطعة"، التي يعتبر أنها "كانت تتعلق بمقاربة سياسوية اعتمدتها بعض الأحزاب كاستراتيجية". لكنه يشير إلى أن "المادة المتعلقة بإقصاء الأحزاب الغائبة ستكون محل نقاش وجدل بين الأحزاب السياسية"، موضحاً أن "المقاطعة قد تكون أحياناً مبدأً وقراراً سيادياً للحزب، لكنها قد تكون أيضاً نتيجة ظروف لوجستية أو أهداف سياسية". ويختم بالقول: "الاختباء وراء فكرة المقاطعة ليس سوى غطاء لضعف الحزب عن مواجهة التشكيلات السياسية الأخرى".