هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة تلفزيونية في 30 مارس الماضي، بـ"قصف لم يسبق له مثيل" إذا لم تتوصل الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، مضيفًا أن واشنطن وطهران "تتحدثان" حاليًّا.وحسب ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية، فإن إيران حذّرت العراق والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا والبحرين من أن أي دعم لهجوم أمريكي على إيران، بما في ذلك استخدام المجال الجوي أو الأراضي خلال الهجوم، "سيُعتبر بمثابة اعتداء من جانب هذه البلدان وستكون له عواقب جدية".يقول البروفيسور حسن بهشتي بور، باحث في معهد دراسات إيران وأوراسيا بجامعة طهران، في تصريح لـ"الأيام نيوز"، إن "على الرغم من مزاعم ترامب بشأن المحادثات المباشرة، لا يزال نوع المفاوضات غير واضح". ويذكّر بتصريح الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، يوم السبت 5 أفريل، عن شروط المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، حين يؤكد أن "إيران تريد الحوار على قدم المساواة"، وأن الأمر "لا يتعلق بتهديد إيران من جانب، والرغبة في التفاوض معها من جانب آخر".يتساءل الباحث عن نية الولايات المتحدة في الحديث عن التفاوض والتلويح بالتهديد في نفس الوقت، ويضيف أن "الإدارة الأمريكية لا تهدف إلى إذلال إيران فقط، بل أيضًا الشركاء الدوليين الآخرين".تأتي تصريحات الرئيس الإيراني في نفس الوقت الذي أعلنت فيه زيارة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى واشنطن يوم الاثنين 8 أفريل، للقاء الرئيس الأمريكي ومناقشة البرنامج النووي الإيراني. يحلّل حسن بهشتي بور السياق بالقول إن "الظروف التي تمر بها المنطقة حاليًّا تجعل إمكانية اندلاع 'حرب محدودة' أكثر وضوحًا من أي وقت مضى".يؤكد الباحث تحليله مضيفًا: "لم يحدث أبدًا في السنوات الأربعين الماضية أن كانت احتمالية اندلاع حرب عالية جدًّا في إيران". ويواصل: "لكن النقطة المهمة هي أن جزءًا من الدفع نحو هذا الاحتمال يرجع إلى جهود الولايات المتحدة للحصول على المزيد من التنازلات الإيرانية على طاولة المفاوضات". في الواقع، الولايات المتحدة، باتباعها استراتيجية "الضغط القصوى" التي أدّت إلى خلق أقصى العقوبات من ناحية، مع التحركات العسكرية في المنطقة ونشر العديد من المدمرات الحربية والقاذفات في المنطقة، من ناحية أخرى، "خلقت مناخًا آمنًا للتهديد بالحصول على المزيد من التنازلات على طاولة المفاوضات السياسية".على الرغم من كل هذه الحملات والدعاية الإعلامية التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام الإيراني، يرى الباحث أن "الجانب الأمريكي لا يزال يسعى إلى الحوار والتفاوض مع إيران، لكن للحصول على أقصى قدر من المزايا السياسية لصالح أمن "إسرائيل".ومع ذلك، يضيف الباحث: "يجب أن تؤخذ مسألة اندلاع الحرب على محمل الجد، وأن تُتخذ سلسلة من التدابير لتنوير الرأي العام للشعب الإيراني والعالم"، وينبغي أن تقوم الجهود على منع اندلاع الحرب قدر الإمكان.يرى البروفيسور بهشتي بور "أن أهم السبل لتجنب اندلاع الحرب هي تفعيل القنوات الدبلوماسية والحوار والتفاوض". ويواصل في نفس السياق: "إن الحوار غير المباشر يؤدي إلى مفاوضات أطول، وزيادة الخطأ البشري، وتعطيل إيصال الرسائل".يتابع الباحث بالقول: "لا يهم ما إذا كانت المفاوضات مباشرة أم غير مباشرة، بل من المهم التحرك في اتجاه نجد فيه طرقًا جديدة تجنّب الضغط". محذّرًا من آلة التلاعب الأمريكية التي توهم الرأي العام العالمي "أن الإدارة الأمريكية حاولت التفاوض قبل اللجوء إلى خيار الحرب".وعن سؤال حول خيار العمل العسكري، يجيب الباحث: "إن الإدارة الأمريكية تبتعد عن خيار المواجهة المباشرة، وتتجه نحو دفع "إسرائيل" لتنفيذ قذاراتها". في الواقع، تريد الولايات المتحدة "إعداد "إسرائيل" لهجوم محدود ولكنه فعّال على المواقع الإيرانية، من خلال تجهيزها وتزويدها بالدعم الاستخباراتي والعملياتي اللازم". في ظل هذه الظروف، يرى البروفيسور بهشتي بور أنه "يجب أن تُثبت إيران للرأي العام، في الداخل والخارج، أنها قادرة على التفاوض مع السعي لتحقيق مصالحها الخاصة".ونبه إلى أن "مبدأ التفاوض لا ينبغي أن يكون مرادفًا للنفاق والخيانة"، يرى الباحث أن "نزع السلاح وتطويع الدول هو مرادف لتركيعها"، باعتبار أن القوة العسكرية تُعد أيضًا أداة من أدوات التفاوض الدبلوماسي.بالنسبة للباحث، "سعي إدارة ترامب لإدراج عدة قضايا مثل الملف النووي الإيراني، وتطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، وعلاقات إيران مع القوى الإقليمية مثل حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، ضمن أجندة المفاوضات المحتملة، ليس إلا محاولة لإلغاء سيادة إيران وتقييدها".يضيف البروفيسور بهشتي بور أن على الإيرانيين "أن يكونوا حريصين على عدم تضليلهم بهذه العملية النفسية والدعائية الدولية واسعة النطاق"، ولكن أيضًا "أخذ فرضية الحرب على محمل الجد". وذلك عبر اتخاذ التدابير اللازمة في أقرب وقت ممكن "لتيسير الحوار، الذي يُفضّل أن يكون مباشرًا".وإذا كانت إيران لا تريد إجراء مفاوضات مباشرة، فينبغي لها على الأقل أن تبدأ بسرعة بحوار غير مباشر، لاستباق نقطة التحول التاريخية الهامة هذه.ويبدي الباحث اندهاشه "من أولئك الذين يقولون إن التفاوض ليس خيارًا جيدًا بالنسبة لإيران". ويضيف بالتأكيد أن "الوصول إلى مؤتمر قمة في مجالات حساسة مثل المسائل النووية والاقتصادية، لا يعني أن الحاجة إلى إجراء مفاوضات لإنهاء التهديدات والتوترات غير مهمة". مختتمًا بالقول: "لا حل لإيران بدون مفاوضات، وحتى لو اندلعت الحرب، يجب أن يُفسح المجال للتفاوض والحوار".