2025.05.15
حديث الساعة

فيديو صهيوني يحاكي نسف الأقصى.. الاحتلال يمهّد لجريمة القرن


دخلت الأراضي الفلسطينية المحتلة –خلال الساعات الأخيرة- مرحلة تصعيد غير مسبوق، ازدادت فيها حدّة الانتهاكات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، وسط حالة من التواطؤ الدولي الذي بات أقرب إلى التبني غير المعلن لجرائم الاحتلال. فالمسجد الأقصى يشهد اقتحامات منظمة، يتم تنفيذها تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، في محاولة لفرض واقع ديني وسياسي جديد في الحرم القدسي، بينما تتحول مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية مغلقة، مع تصاعد اعتداءات المستوطنين وعمليات التهجير القسري. وفي الضفة الغربية، تتسع دائرة المواجهات والاعتقالات، بالتزامن مع تصاعد المعارك في شمال قطاع غزة، حيث تواجه قوات الاحتلال عمليات نوعية تنفذها كتائب القسام، مسجّلةً خسائر بشرية ومادية متلاحقة. ومع تصاعد الحديث عن ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، يتحول هذا الملف إلى ورقة ضغط مركبة ذات أبعاد سياسية وأمنية معقدة، تفرض على الاحتلال إعادة حساباته، في ظل عجز واضح عن تحقيق أهدافه الميدانية.

وفي هذا السياق حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من خطورة تداول مقطع فيديو أنتجته منصات استيطانية صهيونية متطرفة بتقنية الذكاء الاصطناعي، يحاكي مشهد تفجير ونسف المسجد الأقصى وبناء ما يُسمّى "الهيكل المزعوم" مكانه، تحت عنوان "العام القادم في القدس المبنية". ووصفت الخارجية الفلسطينية هذا الفيديو بأنه تحريض سافر وممنهج يمهد لمرحلة تصعيدية خطيرة تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، في ظل حالة تواطؤ وصمت دوليين على ما يجري من إبادة جماعية في قطاع غزة وتصاعد متواصل في اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية. وأوضحت الوزارة أن اليمين الصهيوني المتطرف بات يشعر بأن الظرف الدولي يسمح له بالمضي قُدمًا في تنفيذ مخططاته التهويدية، مستغلاً ردود الفعل الباهتة على جرائم الاحتلال. وطالبت الخارجية المجتمع الدولي ومؤسساته الأممية المختصة باتخاذ موقف حازم وعملي لوضع حد لهذا التحريض، وفقًا لما يفرضه القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، والعمل على توفير آليات كفيلة بحماية الشعب الفلسطيني من البطش الصهيوني. وفي مشهد غير مسبوق منذ احتلال القدس عام 1967، يشهد المسجد الأقصى موجة متتالية من الاقتحامات المنفذة من قِبل آلاف المستوطنين المتطرفين بحماية قوات الاحتلال. ففي الأيام الأخيرة وحدها، تدفّق نحو 7 آلاف مستوطن إلى ساحات الحرم القدسي الشريف، في مشهد يعكس تحولًا خطيرًا في مسار الصراع، ومحاولة فرض أمر واقع جديد في المسجد المبارك. وفيما تزعم سلطة الاحتلال الصهيونية أنها تحافظ على "الوضع القائم"، تنفي دائرة الأوقاف الإسلامية ذلك جملةً وتفصيلًا، مؤكدةً أن ما يحدث هو انتهاك غير مسبوق للوضع الديني والقانوني والتاريخي للمسجد الأقصى، الذي ظل على مدار عقود مخصصًا للمسلمين وحدهم، تحت إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس. بالتزامن مع التصعيد في الأقصى، حوّلت قوات الاحتلال الصهيوني مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية مغلقة، خاصة في البلدة القديمة ومحيط باب العامود، وذلك تزامنًا مع احتفالات الكنائس المسيحية بسبت النور في كنيسة القيامة. وشهدت المدينة انتشارًا مكثفًا لحواجز الاحتلال، وتفتيشًا دقيقًا لهويات الفلسطينيين، ومنع عدد كبير من المصلين من الوصول إلى الكنيسة. كما منعت سلطات الاحتلال آلاف المواطنين المسيحيين من الضفة الغربية من الوصول إلى القدس لإحياء "سبت النور"، حيث لم تصدر إلا 6 آلاف تصريح من أصل نحو 50 ألف مواطن مسيحي يعيشون في الضفة الغربية. وشهد عيد الفصح للعام الثاني على التوالي غياب المظاهر الاحتفالية والمسيرات الكشفية، بسبب تداعيات حرب الإبادة المتواصلة في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث اقتصرت الاحتفالات على إقامة القداديس والصلوات. الاحتلال يسرق المياه والأراضي في سياق متصل، صعّد المستوطنون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية، حيث اقتحم مستوطنون مسلحون قرية رأس عين العوجا البدوية شمال مدينة أريحا، واعتدوا على ممتلكات الفلسطينيين، وسمحوا لقطعان الماشية بالرعي وسط منازل المواطنين، في محاولة لتهجيرهم قسرًا. وأفاد مشرف منظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو، حسن مليحات، بأن هجمات المستوطنين على التجمعات البدوية أخذت منحًى تصاعديًا، وباتت تطال كل شيء يتصل بحياة البدو اليومية. وفي الأغوار الشمالية، قام مستوطنون بسرقة مضخات مياه وتخريب المزروعات في خربة الدير. وتشير المعطيات الفلسطينية إلى أن المستوطنين أقاموا 60 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية منذ بداية العدوان على غزة، بينها 51 بؤرة أقيمت عام 2024 وحده، مما أدى إلى تهجير 29 تجمعًا فلسطينيًا يضم 311 عائلة، يصل تعدادهم إلى نحو ألفي نسمة. أسبوع الدم بالتوازي مع حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، صعّد "جيش" الاحتلال الصهيوني من عدوانه ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 952 فلسطينيًا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال أكثر من 16 ألفًا و400 شخص. وتستمر قوات الاحتلال في تنفيذ هجماتها اليومية على مدن وبلدات ومخيمات شمال الضفة الغربية، لا سيما في جنين وطولكرم، للأسبوع الثامن والثمانين على التوالي، وسط صمت دولي مريب. وفي قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة أن حصيلة العدوان الصهيوني الدامي على القطاع ارتفعت إلى 51,157 شهيدًا و116,724 جريحًا منذ 7 أكتوبر 2023. وأوضحت الوزارة في بيانها الإحصائي اليومي أن 92 شهيدًا و219 مصابًا وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال الـ48 ساعة. كما أشارت إلى أن حصيلة الشهداء والمصابين منذ استئناف الاحتلال مجازره في 18 مارس الماضي بلغت 1,783 شهيدًا و4,683 جريحًا. ومنذ فجر أمس السبت، يواصل "جيش" الاحتلال شن غارات جوية مكثفة على مختلف أنحاء قطاع غزة، مع دخول "استئناف العدوان" يومه الـ33، واستمرار منع إدخال المساعدات الإنسانية لليوم الـ46، ما فاقم من حجم الكارثة الإنسانية وخلف مزيدًا من الضحايا والدمار والتهجير القسري. وأكدت مصادر طبية في غزة أن الغارات العنيفة فجر أمس السبت أسفرت عن استشهاد 23 مواطنًا وإصابة أكثر من 20 طفلًا في خانيونس، عقب استهداف المدينة بسلسلة من الضربات الجوية. كما واصلت مدفعية الاحتلال قصفها العنيف للمناطق الشرقية لمدينة غزة وغرب رفح جنوب القطاع، في سياق جرائم الإبادة الجماعية التي تستهدف المدنيين، وفي مقدمتهم النساء والأطفال. وفي سياق متصل، وصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الحصار المفروض على القطاع، منذ أكثر من 7 أسابيع، بأنه الأشد والأقسى منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023. وأفادت في تقرير لها، الجمعة، أن نحو 420 ألف فلسطيني نزحوا مجددًا داخل قطاع غزة، في ظل الانهيار المستمر للوضع الإنساني. على الجبهة العسكرية، تواصل كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تنفيذ عمليات نوعية ضد "جيش" الاحتلال. وأعلنت القسام عن استهداف مركبة مدرعة في حي التفاح شرقي غزة، ما أسفر عن مقتل جندي صهيوني وإصابة أربعة آخرين، بينهم إصابات وُصفت بالحرجة، وسط معارك ضارية تدور في عدة محاور شمال القطاع. وفي تطور لافت، بثّت كتائب القسام تسجيلًا مصورًا جديدًا لأسير إسرائيلي يدعى ألكانا بوحبوط، ظهر فيه يناشد زوجته وأفراد عائلته من أجل العمل بكل السبل لإطلاق سراحه. وخلال الفيديو المؤثر، وجّه الأسير رسائل مؤلمة إلى زوجته ووالدته وابنه رامي، وبكى بحرقة أثناء حديثه عن عيد ميلاد طفله الخامس، داعيًا شقيقه للضغط على البيت الأبيض والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من أجل التدخل للإفراج عنه. وختمت القسام التسجيل بعبارة حاسمة: "لن يعودوا إلا بصفقة". من جهته، كشف الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في تصريحات حديثة، أن حياة الأسرى الإسرائيليين في خطر حقيقي نتيجة الغارات الإجرامية التي يشنها "جيش" الاحتلال، مؤكدًا أن ادعاءات الاحتلال بشأن سوء معاملة الأسرى كاذبة، وأن المقاومة تبذل جهودًا لحماية جميع الأسرى رغم وحشية العدوان. وأوضح أبو عبيدة أن المقاومة تمكنت من انتشال جثمان شهيد كان مكلفًا بحماية الأسير عيدان ألكسندر، دون معرفة مصير الأسير وبقية عناصر الحماية حتى الآن.