استقبل وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إبراهيم مراد، مساء أمس الإثنين، المخرج والمنتج الجزائري السعيد عولمي، في إطار التحضير لإنجاز شريط وثائقي يوثق مسيرة عودة أفراد من الجالية الجزائرية من أحفاد ضحايا التهجير القسري إلى كاليدونيا الجديدة إبان الحقبة الاستعمارية.
وخلال هذا اللقاء، استعرض المخرج عولمي تفاصيل الرحلة التي قام بها هؤلاء الأحفاد إلى مختلف ولايات الوطن، مبرزًا الأثر العميق الذي تركته زيارتهم الأولى لأرض أجدادهم، وما حملته من مشاعر مؤثرة وتجديد للارتباط بالأصول.
وعبّر أحفاد المنفيين عن تقديرهم الكبير لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، نظير الجهود المتواصلة في صون الذاكرة الوطنية واسترجاع صفحاتها المشرّفة والمؤلمة في الوقت ذاته.
كما أعربوا عن بالغ تأثرهم بزيارة الجدارية التذكارية، التي تم إنجازها سنة 2021 لتخليد ذكرى الجزائريين الذين أبعدهم الاستعمار الفرنسي إلى أقاصي الأرض.
وثمّن أفراد الجالية ما حظوا به من رعاية ومرافقة من قبل السلطات المحلية وأجهزة الأمن الوطني في مختلف محطات زيارتهم، ما ساعدهم على إنجاح زيارتهم التاريخية وتعزيز ارتباطهم بجذورهم الأصيلة.
ويُنتظر أن يشكّل هذا العمل الوثائقي إضافة هامة في توثيق هذه الرحلة الاستثنائية، ونقل رسالة قوية مفادها تمسّك الجزائر بذاكرتها الجماعية وحرصها الدائم على تخليد تضحيات أبنائها جيلاً بعد جيل.
تجدر الإشارة إلى أنّ فرنسا الاستعمارية قد حولت منذ عام 1864 جزيرة كاليدونيا الجديدة إلى منفى للجزائريين المقاومين، حيث كان إبراهيم بن محمد أول من وطأت قدماه أرض النفي هناك، قبل أن تتواصل موجات التهجير عقب ثورة المقراني، ليصل عدد المنفيين وفق الوثائق الرسمية إلى 2166 جزائريًا تم ترحيلهم عبر 42 رحلة، كان آخرها سنة 1921.
ويروي أحفاد هؤلاء المنفيين معاناة أجدادهم مع "الألم الصامت" الذي عاشوه وهم يجبرون على مغادرة وطنهم إلى أرض مجهولة بعد رحلات بحرية شاقة استغرقت خمسة أشهر، مكبّلين بالسلاسل، في ظروف مأساوية فقد خلالها كثيرون حياتهم وألقيت جثثهم في عرض البحر دون قبور تواريهم.