2025.07.09



«غلاف غزة».. شاهد على طوفان الأقصى إضاءات

«غلاف غزة».. شاهد على طوفان الأقصى


admin
12 أكتوبر 2023

مع كل حرب يشنّها الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين، يكون قطاع غزة أول هدف يضعه قطعان الجيش الصهيوني في مرمى نيرانهم، لأن التاريخ الطويل أثبت أن القطاع كان دائما يمثل عقدة مزمنة للصهاينة، إذ يتمنّون ـ في قرارات أنفسهم ـ أن يستيقظوا ذات يوم ليجدوا أن غزة قد اختفت من الخريطة تماما. الكيان الصهيوني يفرض ـ منذ يوم الاثنين ـ حصارا كاملا على قطاع غزة: الغذاء والوقود، كما جاءت أوامر صهيونية تقضي بقطع إمدادات المياه "فورا" عن الغزاويين، في محاولة جديدة من الاحتلال لإخضاع غزة التي كانت تتمرد دائما عن أي سلطة تمنعها من الدفاع عن حقها في المقاومة. وقال الكاتب الصحفي المقيم في لندن، أحمد أصفهاني لموقع "بي.بي.سي": "منذ البدايات جربت (إسرائيل) كافة الوسائل لإخضاع غزة، فلم يؤت الحل العسكري ثماره ولم ينفع الحصار الكامل والتضييق الاقتصادي في تمكين (إسرائيل) من السيطرة عليها". صراع وجودي تشكلت حركة حماس في 6 ديسمبر 1987 لتصبح الفاعل الأبرز في مسار الأحداث بغزة التي انخرط سكانها ـ دون مقدمات ـ في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وهكذا تعمّق الحقد الصهيوني على القطاع الذي اختار درب المقاومة واستمر فيها إلى اليوم عبر عملية "طوفان الأقصى" التي ما هي إلا دليل قاطع على فشل مشاريع التطبيع التي تروّج لها وتحاول فرضها على الفلسطينيين أنظمة الخيانة والعمالة. لكن الصراع الوجودي الدائم بين غزة وسلطة الاحتلال يصعب فهمه ما لم يتم فهم بعض خصوصيات المناطق السكنية القريبة من غزة والتي لا يعتبرها القانون الدولي، مستوطنات لأنها تقع داخل الحدود التي تحتلها "إسرائيل" بالكامل، وهي الحدود التي تتحرك فيها سلطة الكيان دون مقاومة لأنها حدود خالية من الفلسطينيين تماما. حين انتهى الوجود الصهيوني في غزة منذ 2005، انسحبت قوات الاحتلال من المنطقة وسحبت كافة المستوطنين من المنطقة، وأنشأت حينها منطقة عازلة بين القطاع والأراضي التي تسيطر عليها سلطة الاحتلال، بعد إخلاء 25 مستوطنة كانت داخل القطاع. لكن على حدود المنطقة العازلة، أبقت سلطة الاحتلال الصهيوني على عدد من التجمعات في الجهات المتاخمة للمنطقة العازلة مع القطاع، وتتكون تلك التجمعات من حوالي 50 بلدة معروفة منذ ذلك الحين بـ"غلاف غزة" أو ما يُعرف بالعبرية «بعوتيف غزة»، وهو الاسم الذي تردد كثيرا منذ شن حركة حماس هجوما شاملا على الكيان السبت الماضي وأسفر عن مقتل المئات من الصهاين بحسب وسائل إعلام عبري. والآن من المهم ـ لفهم الصراع القائم ـ أن نتعرف على «غلاف غزة» وأهم ما يتعلق به: الانتقام الوحشي بمجرد أن أعلن جيش الاحتلال الصهيوني إخلاء منطقة «غلاف غزة» من "الإسرائيليين" تبين ـ للمتابعين، أن قيادات الكيان قررت تنفيذ هجوم واسع على قطاع غزة المحاصر، ردّا على الهجوم المفاجئ لكتائب القسام على المناطق المحيطة بالقطاع، والتسلل عدة كيلومترات في العمق، والسيطرة على بلدات يحتلها الكيان الصهيوني. المقاومة الفلسطينية فاجأت الاحتلال عبر عملية «طوفان الأقصى»، في ظل فشل استخباراتي كبير، على اعتبار أن مخابر التحليل لدى جيش الكيان لم تتوقع مثل هذا الهجوم، ولم تجد من وسيلة لرده، وهكذا كان لا بد من التغطية هذا الفشل، بإخلاء «غلاف غزة»، الذي يسكنه نحو 60 ألف صهيوني، تم توزيعهم على 21 مستوطنة وبلدة، وذلك لشن عدوان واسع على قطاع غزة. ومن المنظور الإستراتيجي العسكري فإن إخلاء وإفراغ «غلاف غزة»، وفقا للمحللين، يؤسس لمرحلة جديدة، قد يكون فيها محيط القطاع جزءًا لا يتجزأ من قطاع غزة، بانسحاب كامل للجيش الصهيوني، أو قد تقام مستقبلاً منطقة عسكرية عازلة، على غرار النموذج في جنوب لبنان، وهو ما يشكل انتصارا إستراتيجيا للمقاومة. حالة الشعور بالغبن لدى جيش الاحتلال دفعه إلى استخدام الفوسفور الأبيض في قصف مناطق مكتظة بالسكان في قطاع غزة، بعدما كان مسؤول صهيوني قد هدّد بتحويل القطاع إلى "جهنم"، وقالت الخارجية الفلسطينية في تدوينة عبر منصة إكس أرفقت بها مقطع فيديو إن "الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الفوسفور الأبيض المحرم دوليا ضد الفلسطينيين، في منطقة الكرامة شمال غزة". ونشر المقطع ذاته مؤسسُ ورئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، عبر منصة إكس، قائلا: إنه يُظهر استخدام القوات الصهيونية "أسلحة الفوسفور الأبيض السام على المناطق المكتظة بالسكان شمال غرب مدينة غزة". ولا يزال جيش الاحتلال الصهيوني يكثّف غاراته على قطاع غزة مخلفا 1055 شهيدا، فيما ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين على يد المقاومة الفلسطينية إلى 1200، وبالمقابل شنت المقاومة ضربات صاروخية على مناطق مختلفة من الكيان وخاصة عسقلان. وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أمس الأربعاء، جرائم الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة التي ترتكبها آلة الحرب الصهيونية، مستخدمة الأسلحة المحرمة دوليا، بما فيها الفسفورية والعنقودية وغيرها، ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن الخارجية بيانها الصحفي، الذي قالت فيه بأن هذه الجرائم تطال كل شيء". وأضافت الخارجية إن "جرائم القتل والتدمير والتهجير تعني أن الاحتلال يرتكب جريمة الإبادة الجماعية بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل حملة تجويع مسعورة وقطع الإمدادات والاحتياجات الأساسية (الكهرباء والمياه والأدوية والوقود وغيرها)، عن المواطنين المدنيين العزل، في أبشع أشكال العقوبات الجماعية". ازدواجية معايير بائسة كما أدانت الخارجية الفلسطينية بشدة، جرائم القتل والاعتداءات التي ترتكبها قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين المسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين وأرضهم ومنازلهم ومقدساتهم وممتلكاتهم ومركباتهم في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، مؤكدة أن الاحتلال يستغل وقوف بعض الدول معه "لارتكاب أبشع أشكال الجرائم وتنفيذ مخططات معدة مسبقا لتصفية القضية الفلسطينية واستبدال ثقافة السلام ومنطقه بثقافة الحروب وعنجهية القوة وهو يستغل هذه الحرب لتعميق إنكاره لوجود الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، بغطاء من أطراف دولية لم تحرك ساكنا حتى الآن، تجاه ما توثقه عدسات الكاميرات والشاشات ووسائل الإعلام من جرائم ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وأشارت الخارجية إلى أن هذه الأطراف الدولية "تغرق في ازدواجية معايير بائسة وتكيل بمكيالين في تعاملها مع الصراعات والأزمات الدولية، بما يجحف بالقانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها وما تبقى من مصداقية للأمم المتحدة"، كما شددت على أن التصعيد المتواصل في القصف والتدمير والقتل، "استخفاف" صهيوني بمواقف بعض الدول التي توجه مطالباتها إلى الاحتلال، بضرورة الالتزام بالقانون الدولي. وجددت الخارجية الفلسطينية مطالبتها بتحرك دولي عاجل لوقف هذا العدوان الصهيوني "المجنون" فورا وتأمين دخول الاحتياجات الأساسية إلى أهالي قطاع غزة بشكل عاجل وتفعيل نظام الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال. وبالمقابل أعلن وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير، أمس الأربعاء، أن سلطة الاحتلال وزعت 27 ألف قطعة سلاح على سكان المناطق الواقعة قرب قطاع غزة، وقال الصهيوني بن غفير: "سنعمل على تغيير القوانين، حتى يتمكن (المواطنون الإسرائيليون) من حمل السلاح.. لقد وزعنا 27 ألف قطعة سلاح على سكان البلدات الواقعة في غلاف غزة". أبرز المستوطنات في غلاف غزة يحتوي غلاف غزة على العديد من المدن والبلدات ذات الأهمية البالغة لقوات الاحتلال مثل: سديروت: هي مدينة تقع في شمال شرق قطاع غزة، وأقرب نقطة لها تبعد عن القطاع 840 متراً، ويعيش فيها أكثر من 3 آلاف مستوطن. كفار عزة: هي تجمع كيبوتس وتقع على بعد نحو 5 كيلومترات إلى الشرق من القطاع غزة، وعدد مستوطنيها لا يتجاوز ألف شخص. ناحل عوز: هي كيبوتس تقع جنوب سديروت وعدد مستوطنيها أقل من 500 شخص. بئيري: هي كيبوتس تقع في شرق وسط غزة، وعدد مستوطنيها أكثر من ألف شخص بقليل. كيسوفيم: كيبوتس وتقع جنوب بئيري وعدد مستوطنيها أقل من 300 نسمة. نتيف هاعسيره: تقع شمال غزة، وهي عبارة عن قرية زراعية اغتصبها ما يسمى "الصندوق القومي اليهودي"، وعدد مستوطنيها حوالي 1000 شخص. في حين هناك العديد من المستوطنات الأخرى المهمة في غلاف غزة مثل: (نيتسان، جيفارام، كارمية، نيتسانيم، نير يسرائيل، نتيف هاعسارا، تلمي يافيه، ياد مردخاي، زيكيم، بيت شكما، بريخيا، جيا، هيليتس، هودية، ماشين، مافكيم، بئر غانيم، نيتسان بيت، بات هدار، كفار سلفر، كوخاف مايكل، ونيتسانيم).