2025.05.22
مقالات رأي

عُمان والجزائر.. سياسة موحدة وشراكة واعدة


تُمثل زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى سلطنة عُمان، وهي الأولى من نوعها على هذا المستوى الرفيع، دليلاً على الرغبة المشتركة بين البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية وبناء جبهة عربية موحدة وقوية. تتقارب الجزائر وعُمان في توجههما الخارجي القائم على الحياد تجاه الصراعات الداخلية للدول الأخرى، وتبذلان جهودًا ملموسة لنزع فتيل الأزمات من خلال اللقاءات، وتقريب وجهات النظر، وعقد المصالحات. وإدراكًا منهما بأن استتباب الأمن بالمنطقة يتطلب إلى قوة فعالة وإلى جبهة موحدة لتعزيزه وتثبيته، وتأتي مثل هذه الزيارات لتصب في هذا الاتجاه الضروري في ظل الوقت الحساس الذي تمر به بلدان المنطقة، حيث يتطلب تضافر الجهود وبذل المزيد لمنع تدهور الأوضاع الإقليمية ووقف المخططات الاحتلالية التي تهدف إلى ابتلاع الشام وتفكيك قوى المنطقة الممانعة. وغالبا ما يُستغل في ذلك نشر الفوضى الخلاقة وتجنيد العملاء، ما يجعل الدول العربية محاطة بمشاكل معقدة وحدود غير آمنة، فتنعزل داخلها وتصبح عاجزة عن تقديم الدعم للآخرين، مما يُسهِّل استغلال أي قوى موجهة لضرب مصالحها أو استهداف بنيتها الداخلية. عُمان والجزائر ترتبطان بتاريخ مشترك من النضال ضد المستعمرين دام لأكثر من قرن، وتمتلكان إرثًا من القوة البحرية التي واجهت النفوذ الأوروبي لفترات طويلة. وقد أسهم هذا التاريخ المشترك في تشكيل التوجه الحالي للدولتين نحو الاستقلالية في القرار ورفض السياسات المفروضة على المنطقة. ورغم ما تتعرضان له من ضغوط خارجية، يتمسكان باستقلالية رأيهما والابتعاد عن المؤثرات الخارجية التي تهدد استقرار المنطقة، في وقت يشهد فيه العالم تغيرات جذرية، فيما يمر العالم العربي بأكثر فتراته صعوبة في هذا القرن، مع صعود اليمين المتطرف في دول الغرب وعودة الفاشية والنازية دون أي تجريم من حكوماتهم، وفرض أجندات تتعارض مع القيم الفطرية للدول، إلى جانب تعطيل جهود الأمم المتحدة والأونروا والمحكمة الدولية في فض النزاعات. وفي هذا السياق، تبدو الحاجة ملحة للتعاون والشراكة الاستراتيجية والترابط الاقتصادي للحفاظ على استقلال القرار. وتعد هذه الزيارة فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية التي تخدم البلدين، وتساهم في تحقيق شراكة استراتيجية متقدمة على مراحل، تسهم في تطوير البلدين الشقيقين والارتقاء بمكانتهما. فالدول المتقدمة تربط مصيرها السياسي بشراكات اقتصادية قوية توفر الاستقرار على المدى الطويل، وتحمي علاقاتها مع شركائها من تأثير التقلبات السياسية، بغض النظر عن اختلاف الأعراق أو بعد المسافات. وفي إطار تعزيز هذه العلاقات، شهدت الشهور الماضية توقيع اتفاقية تفاهم بين شركتي الغاز "سوناطراك" الجزائرية و"أبراج" العمانية، ما يمثل خطوة هامة في دعم التعاون بقطاع الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تتيح الزيارة فرصًا للتعاون في قطاع الزراعة الصحراوية، حيث تتمتع الجزائر بخبرات متقدمة تجذب اهتمام عُمان، إلى جانب تعزيز التعاون في قطاع اللوجستيات، الذي يسهم في ترسيخ البلدين كمحورين استراتيجيين للتبادل التجاري العالمي بفضل مواقعهما البحرية الحيوية.