2025.07.08



كيف تحوّل البزّان من زي تقليدي إلى موضة شبابية؟ ثقافة

كيف تحوّل البزّان من زي تقليدي إلى موضة شبابية؟


إيمان بن يمينة
28 يونيو 2025

في زمنٍ يركض فيه الكثيرون نحو تقليد الغرب في ملبسهم وسلوكهم، صار الانبطاح الثقافي يُقاس بخفة القماش وغياب الرموز، فاختفت الهويّة في زحمة "الترند"، وتراجعت الأزياء التقليدية أمام غزو "الموضة السريعة"، لكن في عمق الجنوب الجزائري، وفي قلب ولاية برج باجي مختار، يقف "البزّان" ثابتًا، نابضًا بالأصالة، متجددًا رغم قدمه، مقاومًا رغم بساطته.

البزّان ليس مجرد عباءة، بل هو انعكاس لهوية الرجل التارقي، لباس لا يليق إلا بالرجال الذين لم يخلعوا انتماءهم، ولم تستهلكهم الثقافة المعلّبة، هو عباءة فضفاضة مصنوعة من أقمشة ناعمة كـ"القيزنير" أو "القانيليا"، يغلب عليها الأزرق النيلي النابض، ويرافقها لثام طويل يُعرف بـ"التاجلمست" يُغطي ملامح الوجه ليترك فقط للعينين مهمة الحضور والتعبير.

لكنّ ما كان يُلبَس على مهل ووقار، بات اليوم يُشارك في العروض، يُصوَّر بالفلاتر، ويُعاد تقديمه في شكل تصاميم مطرّزة وخطوط حديثة جعلته "ترندًا" في عالم الموضة الشبابية، صفحات على إنستغرام، منشورات على تيك توك، ومؤثّرون يرتدونه في المناسبات، بل حتى في جلسات التصوير الفنية، جعلت من البزّان أيقونة جمالية تمزج بين الرجولة، الغموض، والانتماء العميق إلى الأرض.

صرحت رئيسة جمعية محلية، مسعودة، أن الجمعيات الثقافية تلعب دورًا في تحويل البزّان من مجرد لباس تقليدي إلى عنصر فعّال في الفعاليات الشبابية، من خلال عروض أزياء ومسابقات، مؤكدة أن "ربط التراث بالترند" هو سرّ بقاء هذا الزي حيًا بين الأجيال.

ولم يعد غريبًا اليوم أن تجد شبابًا في العشرين يرتدون "البزّان" بفخر، ويصورونه كرمز للرجولة الأصيلة، لا كذكرى من الماضي، إنه اليوم "ستايل" يُحتذى، وشاهد على أن التراث لا يحتاج إلى أن يتغير، بل فقط إلى أن يُروى بلغة اليوم.

ورغم التحديات التي تواجه الحرفة، من قلة اليد العاملة ونقص الأقمشة ذات الجودة، إلا أن الحرفيين المحليين يواصلون خياطته يدويًا، في صمت، ليقدّموا للعالم كل مرة تحفة جديدة لا تزال تحتفظ برائحتها الأولى.