في خطوة تعكس استعادة الجزائر لمكانتها الريادية في القارة السمراء، شهد مقر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، الإثنين، مراسم رفع العلم الوطني الجزائري، عقب فوز الجزائر بعهدة ثلاث سنوات في هذا الجهاز القاري المحوري، يوم 15 أفريل الجاري.
ويُعد مجلس السلم والأمن الإفريقي الهيئة التنفيذية الأساسية للاتحاد الإفريقي في قضايا السلم والأمن، حيث يتولى مهام الوقاية من النزاعات، إدارة الأزمات، وإعادة الإعمار ما بعد النزاعات. كما يُعتبر أداة حيوية لتعزيز الاستقرار والتكامل داخل القارة، ما يجعل عضويته رهانًا استراتيجيًا لكل الدول الطامحة إلى أداء دور قيادي في القضايا الإفريقية.
بهذه المناسبة، صرّح سفير الجزائر لدى جمهورية إثيوبيا، محمد خالد، أن هذا الانتخاب "يُعد اعترافًا بارزًا من الدول الإفريقية الشقيقة بالدور الفعّال والهام للدبلوماسية الجزائرية في تعزيز قيم السلام والتشاور بين الدول لإيجاد حلول للأزمات التي تعرفها القارة"، مؤكدًا أن هذا المكسب تحقق "بفضل التوجيهات السامية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، التي مكنت الجزائر من استعادة مكانتها الريادية على المستوى القاري".
ويدخل هذا التتويج في سياق دولي وقاري شديد التعقيد، حيث تستعد الجزائر لمباشرة مهامها داخل مجلس السلم والأمن بوعي تام بالتحديات الراهنة، واضعة نصب أعينها هدف التصدي للنزاعات الداخلية والحروب التي تعصف بالعديد من الدول الإفريقية، وفق ما أكده السفير، الذي شدد على أن المرحلة المقبلة تستوجب العمل المشترك وتعزيز منطق الحلول التوافقية.
وما يزيد من أهمية هذا الإنجاز، هو تزامن عضوية الجزائر في كل من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الإفريقي، مما يوفر لها منصة مضاعفة للدفاع عن المصالح الإفريقية الحيوية، ويعزز حضورها كلاعب محوري في إعادة صياغة موازين القوى داخل القارة وخارجها، في انسجام تام مع أولويات سياستها الخارجية.
وأوضح السفير أن الجزائر، مستندة إلى تعليمات رئيس الجمهورية، ستدفع نحو تعزيز فعالية المجلس، عبر تبني الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، دعمًا لطموحات الشعوب الإفريقية في بناء مستقبل يسوده الأمن والسلم.
وشهدت المراسم ترحيبًا رسميًا بانضمام الجزائر؛ إذ أعرب مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، بانكولي أديوي، عن دعمه لهذا الانضمام، كما هنأت ممثلة أوغندا الدائمة لدى الاتحاد الإفريقي، السيدة ريبيكا أوتنغو، الجزائر متمنية لها التوفيق في أداء مهامها خلال فترة ولايتها.
ويُشار إلى أن فوز الجزائر بهذه العهدة لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة ثقة عريضة من الدول الإفريقية الشقيقة، حيث حصلت الجزائر على 34 صوتًا في الدور الثالث من التصويت، مقابل 15 صوتًا لليبيا، فيما انسحب المغرب من المنافسة تفاديًا لهزيمة انتخابية جديدة تضاف إلى سجله الحافل بالنكسات داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي.