2025.07.08



كاميرا أمريكية تخترق الحصار المغربي وتوثق المعاناة في العيون ثقافة

كاميرا أمريكية تخترق الحصار المغربي وتوثق المعاناة في العيون


إيمان بن يمينة
30 يونيو 2025

احتضنت مدينة جنيف، أمس الأحد، عرضًا خاصًا للفيلم الوثائقي "أربعة أيام في الصحراء الغربية المحتلة"، من إنتاج الصحفية الأمريكية إيمي غودمان، مقدمة برنامج "ديمقراطية الآن!" الحائز على جوائز دولية مرموقة. 

ويسلط الفيلم الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، ويُقدم شهادة بصرية نادرة من داخل واحدة من آخر المستعمرات في إفريقيا.

وقد تمكّن فريق العمل، رغم التضييق الأمني المغربي، من الدخول إلى مدينة العيون المحتلة قبل تسع سنوات، وكسر بذلك الحصار الإعلامي المضروب على المنطقة، ليخرج بمادة توثّق الواقع اليومي للشعب الصحراوي تحت الاحتلال، وتعكس نضاله السلمي المستمر من أجل حقه المشروع في تقرير المصير والاستقلال.

ويتضمن الوثائقي شهادات حية لعدد من النشطاء الصحراويين، ممن تعرضوا للاختفاء القسري، والتعذيب، وأشكال متعددة من القمع الممنهج. 

كما يسلط الضوء على السياسات المغربية التي تهدف إلى عزل الأراضي المحتلة عن العالم الخارجي، عبر منع دخول الصحفيين والمراقبين الحقوقيين والمنظمات الدولية.

وعقب عرض الفيلم، نُظم نقاش مفتوح مع الحضور، شاركت فيه الصحفية الأمريكية إيمي غودمان إلى جانب عدد من الناشطات الصحراويات البارزات في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، من بينهن سلطانة خيا، والغالية الدجيمي، والعصرية محمد.

وفي مداخلتها، أكدت الغالية الدجيمي، عضوة المكتب التنفيذي للهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، أن الوثائقي "يوثق معاناة شعبنا بعيون أجنبية محايدة"، مضيفة أن الصحفية الأمريكية "شاركتنا تفاصيل الحياة تحت القمع، وعايشت معنا لحظات من الألم والمعاناة الممتدة منذ أكثر من نصف قرن".

ولفتت إلى أن غودمان عادت اليوم لتسأل النساء الصحراويات عن مستجدات الوضع الحقوقي في الأراضي المحتلة، في ظل استمرار الانتهاكات ورفض المغرب تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحق تقرير المصير.

ومن جانبها، شددت سلطانة خيا على أهمية هذا العمل التوثيقي الذي "ينقل معاناة شعبنا الممتدة منذ عام 1975"، مؤكدة أن "الاحتلال المغربي إلى زوال، لأن إرادة الصحراويين في الحرية والاستقلال لا تلين".

وعلى هامش العرض، تم نصب خيمة صحراوية تقليدية ضمّت معرضًا غنيًا يعكس ملامح من التراث الثقافي الصحراوي الأصيل، مما أتاح للحضور فرصة الاطلاع على نمط الحياة اليومية في الصحراء الغربية.

وقد شهدت هذه الفعالية حضورًا لافتًا لعدد من الدبلوماسيين المعتمدين في سويسرا، وممثلي المجتمع المدني، ونشطاء حقوق الإنسان، بالإضافة إلى أكاديميين، ومثقفين، وسياسيين من دول مختلفة، مما أضفى على الحدث بعدًا دوليًا يعكس تزايد الاهتمام العالمي بالقضية الصحراوية.

ويُعد عرض هذا الفيلم الوثائقي خطوة جديدة في مسار كسر التعتيم الإعلامي المفروض على الصحراء الغربية، ويؤكد أن القضية الصحراوية لا تزال حية في الضمير الإنساني العالمي، رغم محاولات طمسها. 

كما يبرز الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام المستقل في نقل الحقيقة والدفاع عن صوت الشعوب المستعمَرة والمقهورة. وبينما يواصل الصحراويون نضالهم السلمي من أجل الحرية، تبقى مسؤولية المجتمع الدولي قائمة في مرافقة هذا النضال والدفع نحو حل عادل يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، بما يُنهي آخر فصل من فصول الاستعمار في إفريقيا.