في خطوة تستهدف الجزائريين، كشفت السلطات الفرنسية عن نيتها تشديد الرقابة على معاشات المتقاعدين المقيمين خارج فرنسا، لا سيما في الجزائر، التي تحتل مركز الصدارة من حيث عدد المستفيدين.
وحسب تقرير جديد صادر عن مجلس المحاسبة الفرنسي، فإن فرنسا تخسر سنويًا ما بين 40 إلى 80 مليون يورو بسبب ما وصفه التقرير بـ"الاختلالات" أو "الاحتيال" في صرف معاشات المتقاعدين في الخارج، مع الإشارة إلى الجزائر كحالة نموذجية لهذه الإشكالية.
شهادات الحياة تحت المجهر
التقرير أشار إلى أن السلطات الفرنسية تدرس إرسال موظفين رسميين إلى القنصلية الفرنسية في الجزائر العاصمة من أجل التحقق ميدانيًا من "شهادات الحياة" التي تُقدَّم دورياً لإثبات أن المتقاعد لا يزال على قيد الحياة ويستحق الاستمرار في تلقي المعاش.
ورغم الاعتماد في السنوات الأخيرة على الوسائل الرقمية، إلا أن الحكومة الفرنسية تعتبر أن هذه الآليات غير كافية لضمان الشفافية، حيث ستلجأ مجددًا إلى الإجراءات التقليدية مثل استدعاء المتقاعدين شخصيًا إلى القنصليات للتحقق من هوياتهم ووضعهم القانوني، وفي حال تخلفهم عن الحضور، سيتم تعليق صرف المعاش بشكل تلقائي.
تعديل برلماني مرفوض
وكان مجلس النواب الفرنسي قد رفض في فيفري الماضي تعديلًا قانونيًا اقترحه النائب فابيان دي فيليبو، يقضي بفرض فحص سنوي إجباري على المتقاعدين الأجانب، بما فيهم الجزائريون المقيمون في فرنسا.
ويرى نواب البرلمان أن التعديل المقترح، الذي جاء ضمن مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي، يتسم بطابع "تقييدي" ويفرض أعباء إدارية إضافية على المستفيدين، ما أدى إلى إسقاطه لصالح الإجراءات الرقابية المعمول بها حاليًا، مثل تقديم شهادة حياة دورية.
وبحسب ما كشفه موقع "Econostream" المتخصص في الشأن الاقتصادي لدول البحر المتوسط، فإن أحد تقارير المراقبة التي أجريت عام 2022 أظهرت أن نحو 30% من المتقاعدين الجزائريين فوق سن 98 لم يستجيبوا للاستدعاءات، وهو ما نتج عنه تعليق معاشاتهم.
اتهامات بـ"التمييز" وضغوط من الجمعيات
وأثارت الإجراءات المقترحة موجة من الانتقادات من جمعيات المتقاعدين في كل من فرنسا والجزائر، حيث اعتبرت أن هذه الإجراءات تستهدف الجزائريين بشكل خاص، وتكرّس نوعًا من التمييز الإداري ضد فئة بعينها من المستفيدين.
هذه الانتقادات، وفق ما أورده التقرير، كانت سببًا رئيسيًا في تراجع الحكومة الفرنسية عن فرض تعديلات جديدة، مفضّلة الحفاظ على الإجراءات الحالية التي توازن بين التحقق والاحترام الإنساني للمسنين.
وتُظهر الإحصائيات الرسمية أن فرنسا تُحوّل شهريًا نحو 87 مليون يورو كمعاشات تقاعد لفائدة الجزائريين، أي ما يعادل 1.53 مليار يورو سنويًا، بمتوسط معاش شهري يقدّر بـ 260 يورو، وهو مبلغ يعتبر متواضعًا لكنه يشكّل مصدر دخل أساسي لآلاف العائلات الجزائرية.