2025.06.12
توافقات سياسية وفرص اقتصادية.. رهانات الجزائر في منتدى الغاز بقطر
((((حديث الساعة))))

توافقات سياسية وفرص اقتصادية.. رهانات الجزائر في منتدى الغاز بقطر


أمين بوشايب
21 فبراير 2022

يجتمع رؤساء الدول والحكومات الرئيسية المصدرة للغاز، الثلاثاء، في العاصمة القطرية، لبحث كيفية تلبية الطلب العالمي المتزايد، مع تصاعد المخاوف في أوروبا بشأن إمدادات الغاز من روسيا في ظل الأزمة المحيطة بأوكرانيا.

واختار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الدوحة للمشاركة في منتدى الدول المصدرة للغاز على حضور القمة الأوروبية الأفريقية التي انعقدت في بروكسل.

دعم سياسي

اختيار الرئيس تبون حضور منتدى الغاز له دلالات سياسية وتعبير عن رغبة جزائرية واضحة في مزيد من تعزيز العلاقات مع قطر بالنظر إلى الأهمية السياسية والاقتصادية للعلاقات بين البلدين، وللدور الإقليمي البارز الذي باتت تلعبه الدوحة على المحورين العربي والدولي، في ظل متغيرات متسارعة في التحالفات السياسية والاقتصادية، إضافة إلى متطلبات يفرضها توجه الجزائر نحو استعادة حضورها في العمق العربي، وخاصة أنها تحضر لاحتضان القمة العربية المقبلة.

وتعطي زيارة الرئيس تبون إلى الدوحة التي تتزامن مع قمة منتدى الدول المصدرة للغاز، مؤشرات واضحة على تعديل الجزائر لوجهتها الاقتصادية نحو التوجه شرقا وتعزيز الاتصال السياسي والاقتصادي مع الدول العربية، يفسر ذلك زيارات الرئيس تبون إلى الرياض والقاهرة وتونس، واستقباله للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، ووجود زيارة مؤجلة إلى أنقرة كان مقررا أن تتم في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ويقول مراقبون إن قمة الدوحة لا تقل أهمية في الوقت الراهن، فبعد القمتين الأفريقية والأوروبية، على الرغم من دعوة من الاتحاد الأوروبي بإيعاز من فرنسا لإعادة صياغة شراكة جديدة بين القارتين الأفريقية والأوروبية، جاءت زيارة تبون إلى الدوحة تعزيزا للتفاهمات بين قطر والجزائر، لتتضح نسبيا معالم نوايا القيادة الجزائرية الحالية بعد عقدين طغى فيهما تشابك علاقات الجزائر مع أوروبا على حساب الشرق العربي، إذ لم تنتج قيمة مضافة بالنسبة للجزائر، وهو ما يفهم من هجوم الرئيس تبون على الاتحاد الأوروبي واتخاذ قرار بمراجعة اتفاقية الشراكة.

وتسعى الجزائر لكسب إسناد سياسي من قطر بشأن بنود وموضوعات القمة العربية القادمة التي ستحتضنها، وإذا كانت الجزائر والدوحة على وفاق بشأن عدد من الملفات ذات الصلة، على غرار إعادة مركزية القضية الفلسطينية في صلب العمل العربي المشترك، والأزمة في ليبيا، فإن ملفا واحدا تشهد فيه المواقف حالة من التباين بين البلدين، يتعلق بمسألة عودة سورية إلى الجامعة العربية، إذ لا تدعم قطر عودتها في الوقت الحالي، بينما تطرح الجزائر مقاربة عودة سورية بما يتيح فرصة أكبر لدور عربي في حل الأزمة السورية.

ويرى محللون أن موضوع عودة سورية للجامعة هو موضوع الخلاف الرئيسي بين الدولتين ولعل قمة الغاز كفيلة بتحقيق توافقات تراعي تطورات الوضع في سورية والمصالحات البينية بين الكثير من الدول العربية وسورية التي كان لها دور رئيسي في شغور منصبها في الجامعة العربية. خاصة أن التوجه الجديد لتركيا حليفة قطر من ناحية تحسن علاقاتها مع مصر والإمارات والسعودية وقبولها بفتح صفحة جديدة مع السوريين دون اشتراط ذهاب الأسد وذلك لأول مرة تعتبر مؤشرات على نضج عودة سورية للجامعة العربية.

ويقول هؤلاء إن الجزائر تريد حلحلة الأمر مع قطر بتفاهمات سياسية تكون مدخلا لجعل القمة العربية المقبلة قمة إنجازات في العمل العربي المشترك وتحقيق تقدم في ملف القضية الفلسطينية عبر بوابة المصالحة الوطنية وتوقيف التنازلات العربية الفردية مع الاحتلال الإسرائيلي بدون مقابل كما حدث في موجة التطبيع الأخيرة. وفي هذا الباب تتقاطع الجزائر وقطر في ضرورة الحفاظ على اللحمة العربية في التعاطي مع الملف والإصرار على مخرجات قمة بيروت 2002 والمبادرة العربية التي هي محل إجماع.

رهانات تصدير الغاز

وتعقد القمة السادسة تحت شعار "الغاز الطبيعي: لرسم مستقبل الطاقة"، وسط مخاوف من أن تقطع روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا، إذا تصاعدت الأزمة الأوكرانية، إذ تناقش عدداً من القضايا المهمة المرتبطة بتطورات قطاع الطاقة العالمي والاهتمام المتزايد باستخدام الوقود النظيف.

ويؤكد خبراء أنّ القمة تكتسي أهمية انطلاقاً من أمرين: تزامنها مع انعقاد مؤتمر ميونخ للأمن في نسخته الـ 58، ومن ثم أزمة الطاقة العالمية التي بدأت تظهر على السطح، خصوصاً مع التوتر بين الغرب وروسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية المتصاعدة، التي تربطها علاقة مباشرة بإمدادات الغاز من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ويرافق ذلك الانخفاض الكبير في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا خلال الأشهر الأخيرة، وتدني مستويات تخزين الغاز في دول الاتحاد الأوروبي في هذا الوقت من العام، وارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا، ومحاولة زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا من قبل الدول المصدرة، ومن ضمنها دولة قطر.

مكانة سوقية واعدة

ومن بين الخيارات المتاحة أمام المجتمع الدولي، الجزائر، القريبة من أوروبا على الجانب الآخر من البحر المتوسط، حيث بدأت يطرح اسم الجزائر كبديل للإمدادات الروسية من الغاز، غير أن العوائق اللوجيستية تحول دون تمكن الغاز الجزائري من الحلول مكانة الغاز الروسي.

وكانت واشنطن قد طلبت لقاء كل من شركة "إيني" و"توتال إينرجيز" وشركات أخرى للطاقة تعمل في الجزائر، للوقوف على إمكانية جلب المزيد من الغاز الطبيعي نحو أوروبا.

ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في أكثر من ثلث حاجاته من الغاز، ومن شأن أي تعطل للتدفقات أن يفاقم أزمة للطاقة دفعت بالفعل فواتير المستهلكين إلى مستويات شديدة الارتفاع.

إلى جانب قطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات، تحتل الجزائر مراتب متقدمة بين البلدان المنتجة للغاز في المنطقة العربية، وبحكم قربها الجغرافي من أوروبا، أضحت من بين الخيارات التي يعول عليها.

وزادت الجزائر، التي لديها خطوط أنابيب إلى إسبانيا وإيطاليا ومصنع ضخم للغاز الطبيعي المسال في سكيكدة، إنتاجها من النفط والغاز العام الماضي بنسبة خمسة في المئة إلى 185.2 مليون طن من المكافئ النفطي.

وقفز إنتاج الغاز الطبيعي المسال بالجزائر بنسبة 14 في المئة.

وارتفعت صادرات الغاز من الجزائر إلى إيطاليا العام الماضي بنسبة 76 في المئة إلى 21 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل 28 بالمئة من مجمل الاستهلاك غير بعيدة عن حجم الإمدادات الروسية التي بلغت 29 مليار متر مكعب.

منتدى الدول المنتجة للغاز بالأرقام

يشار إلى أنه في عام 2001 عقدت ثلاث من أكبر الدول المنتجة للغاز، وهي روسيا وإيران وقطر، اجتماعاً في طهران لبحث تشكيل منتدى الدول المصدرة للغاز، وفي الاجتماع الوزاري السابع في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2008 في موسكو، قررت الدول الـ 15 الأعضاء في الاجتماع الوزاري، تبني ميثاق تأسيسي للمنتدى، وقررت إقامة مقر الأمانة العامة للمنتدى في الدوحة، التي تعتبر أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم.

ويضم المنتدى في عضويته 11 دولة، هي: قطر، روسيا، إيران، مصر، الجزائر، بوليفيا، غينيا الاستوائية، ليبيا، نيجيريا، ترينيداد وتوباغو، وفنزويلا. ويضم المنتدى 7 دول أعضاء بصفة مراقبين، هي: أنغولا، أذربيجان، العراق، ماليزيا، النرويج، بيرو، والإمارات.

إجمالي أعضاء المنتدى يشكلون 70 بالمئة من احتياطيات الغاز المؤكدة، و44 بالمئة من إنتاجه المسوق، و52 بالمئة من خطوط الأنابيب، و51 بالمئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم.

وفي قائمة الدول العشر الأولى من مجمل الأعضاء البالغ عددهم 18 عضواً دائماً ومراقباً، تتواجد 4 دول عربية وهي: قطر، الجزائر، مصر، الإمارات.

وتتصدر روسيا الأعضاء من حيث حجم الإنتاج بإجمالي 638 مليار متر مكعب، تشكل نسبته 16.57 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي في 2021، وفق تقرير لـ (BP).

في المرتبة الثانية، تأتي إيران بإنتاج 249.6 مليار متر مكعب في 2021، تشكل نسبته 6.48 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي للعام الماضي.

بينما ثالثا، تأتي دولة قطر التي تنتج سنويا 205.7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، تشكل نسبته 5.34 بالمئة من الإنتاج العالمي.

في المرتبة الرابعة، تأتي الجزائر التي أنتجت في 2021 نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بحسب بيانات شركة “سوناطراك” الحكومية، شكلت خلالها 3.37 بالمئة من الإنتاج العالمي.

في المقابل، جاءت النرويج في المرتبة الخامسة، بإجمالي إنتاج 108 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، تشكل نسبته 2.8 بالمئة من الإنتاج العالمي.