خلال مروره على المملكة المغربية وقبل أن يحل بالجزائر، زعم الإعلام المغربي الدائر في فلك المخزن، أن كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية، أنطوني بلينكن، صرح بأن واشنطن تقف إلى جانب الطرح المغربي فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.
وعلى الرغم من أن المسؤول الأمريكي قضى يومين في المغرب إلا أنه لم يصدر عنه ما يشير إلى ما حمّلته إياه صحافة المخزن من مديح للموقف الأمريكي بخصوص القضية الصحراوية، والذي بقي غامضا منذ مغادرة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، البيت الأبيض.
رئيس الدبلوماسية الأمريكية ومباشرة بعد وصوله إلى الجزائر ضمن جولته الشرق أوسطية، واستقباله من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، ووزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، خرج بتصريحات دبلوماسية حول عديد القضايا الدولية الراهنة ومنها القضية الصحراوية .
أنطوني بلينكن لم يصدر على لسانه كل ما من شأنه أن يشير إلى دعم الإدارة الأمريكية للطرح المغربي المتمثل في مشروع الحكم الذاتي، وكل ما قاله إن واشنطن تدعم حلا عادلا في الصحراء الغربية في إطار الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة.
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى سدة البيت الأبيض قبل أزيد من سنة، لم يصدر على لسان أي مسؤول في الإدارة الأمريكية تصريح يعترف من خلاله بالسيادة المغربية المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة، تماشيا والتغريدة التي وقعها الرئيس الأمريكي السابق، مقابل تطبيع نظام المخزن المغربي علاقاته الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني.
ودأب المسؤولون في بلاد العام سام على التصريح بأن الولايات المتحدة تدعم جهود الأمم المتحدة في حل النزاع الدائر في الصحراء الغربية، ومع ذلك يعمد إعلام الجارة الغربية وبتوجيهات من نظام المخزن، إلى تأويل تلك العبارات بما يخدم هواجسه المتعاظمة.
ومنذ تطبيع النظام المغربي علاقاته الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وتوقف وتيرة الدعم الأمريكي للمساعي المغربية من أجل السيطرة على الأراضي الصحراوية المحتلة، ولا سيما بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، بدأ يشعر قطاع واسع في النخبة المغربية وعموم الشعب، بأن الرباط انطلت عليها خدعة الرئيس الأمريكي السابق، الدائر في فلك الصهيونية العالمية.
فقد رسم ترامب وهو في آخر أيامه في البيت الأبيض أحلاما وردية لنظام المخزن من أجل دفعه للتطبيع مع الكيان الصهيوني، من قبيل إقامة قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة الصحراوية المحتلة، والالتزام بدعم "مغربية الصحراء"، غير أن الأمور لم تجر وفق ما كان نظام المخزن يحلم به.
وكانت أول صفعة تلقاها القصر الملكي في الرباط، هي إلغاء مشروع إقامة قنصلية الداخلة وفق وعود التطبيع، بمبررات لم يهضمها نظام المخزن، وهي عدم توفر الأموال المطلوبة لذلك، وهو القرار الذي وقعه مجلس الشيوخ، ولم يتصد له الرئيس الأمريكي بما يكفله له الدستور الأمريكي من صلاحيات واسعة.
الأمر الآخر والأشد إيلاما لنظام المخزن المغربي، هو عدم إتيان أي مسؤول أمريكي على اعتبار الصحراء الغربية جزء من سيادة المغرب، بداية من الرئيس جو بايدن، إلى أدنى مسؤول أمريكي، مرورا بوزير الخارجية الذي خاض مطولا في هذه القضية لكنه لم يتجرأ على الحديث عن "تغريدة ترامب"، وكل ما قاله خلال زيارته للمغرب هو أن بلاده "لم تغير موقفها من القضية الصحراوية"، وذلك بالرغم من أسئلة الصحافيين المغاربة الملحة لمعرفة موقف واشنطن في عهد بايدن.
هذا الجدل حسمه أحد الصحافيين المغاربة الموضوعيين، وهو حميد المهداوي، الذي هاجم بشدة الولايات المتحدة الأمريكية، متهما إياها بالضحك على ذقون المغاربة، معتبرا ما صدر عن أنطوني بلينكن، خلال زيارته إلى كل من الجزائر والمغرب، مناورة الهدف منها تغذية الصراع في المنطقة المغاربية ومن ثم بيع المزيد من السلاح..