"في حالة نُشوب حرب نووية واسعة النطاق بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، يُمكن أن يموت أكثر من خمسة مليارات شخص، وسيُغطي الشتاء النووي الكوكب. والأرجنتين وأستراليا ستكونان الأوفر حظّا في النّجاة".
نتيجةٌ توصّل إليها علماءٌ في جامعة "روتجرز" بولاية نيوجيرسي الأمريكية، تحت رئاسة عالم المناخ الأميركي الشهير "آلان روبوك" الذي قضى أكثر من أربعين عاماً، في دراسة التّداعيات التي يُمكنها أن تنجم عن حرب نووية محتملة بين قوى العالم الكبرى.
نشرت مجلة "نيتشر فود" دراسة لخبراء وضعوا تصوُّرا لما يُمكن أن يؤول إليه حال كوكب الأرض، إذا ما اندلعت حربٌ نووية بين الشرّق والغرب. وتوقّعوا أن يؤدّي إلقاء القنابل النووية على المُدن والمراكز الصناعية إلى عواصف ناريّة تتسبّب في تلويث الغلاف الجوّي، ممّا يؤدّي إلى تغيّر المناخ، وهو ما يؤثّر بالضرورة على الامدادات الغذائية فوق اليابسة وفي أعماق المحيطات.
ويتوقّع الخبراء أنه "إذا تم إطلاق أكثر من 150 تيراغرام (أكثر من 165 مليون طن) من الكربون غير المُتبلور في الغلاف الجوّي، فإن إنتاج الحبوب سينخفض بنحو 90% لمدّة تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات. وسيكون البشر أمام مجاعة عالمية لن تنجو منها، بحسب توقّعات الخبراء، سوى أستراليا والأرجنتين، لأنهما الدولتين اللتين تمتلكان قدرة الحفاظ على المدخول الغذائي الأمثل (عدد السعرات الحرارية اللازمة للفرد يوميا)، حتى في وجود أكبر انبعاث كربوني غير مُتبلور في الغلاف الجوّين، وذلك لاعتبارات جغرافية بالدّرجة الأولى.
وجاء في الدرّاسة بأن "نيوزيلندا" سيكون تأثّرها أقلّ من دول العالم الأخرى. ولكن "الحدث النووي" سيدفع حتما بأمواج بشرية آسيوية خاصة، إلى الهجرة نحو "نيوزيلندا"، هربا من نقص الغذاء وسوء الأجواء المناخية، ما يجعلها دولة لجوء "عالمي".
"الحرب النووية" هي كارثة على كل البشرية، ولن يكون هناك إنسان على وجه الأرض في منأى عن تبعاتها وتداعيتها. والكارثة الأكبر تحدث بعد انتهاء الحرب، حيث سيكون تأمين الغذاء هو المُشكلة الكبرى التي تواجه النّاجين من "الموت النّووي". فدولةٌ مثل بريطانيا، سوف يُلاقي تسعون بالمائة من شعبها الموت جوعا، حسب ما أفادت به صحيفة "ميترو" لنهار أمس الثلاثاء.
في وقت سابق، أوردت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية بأن فريقا من الباحثين قاموا بعمل محاكاة لحرب نووية تندلع بين أمريكا والناتو من جانب، وروسيا من الجانب الآخر، وذلك استنادا إلى مواقف القوى النووية وأهدافها وتقديراتها، فتوصّلوا بأن حوالي 34.1 مليون شخص سيلقون حتفهم في غضون الساعات الأولى، وما لا يقلّ عن 55.9 مليون مُصاب، وقارة أوروبا سيتّم تدميرها خلال ثلاث ساعات.
الدراسة التي نشرتها مجلة "نيتشر فوود" وضعها فريق بحث تحت قيادة عالم المناخ الأمريكي الشهير "آلان روبوك" الذي قضى أكثر من أربعين عاما في دراسة التداعيات الناجمة عن حرب نووية مُحتملة بين القوى العالمية الكبرى. وكان قد وضع سيناريوهات من قبل حول تداعيات اندلاع حرب نووية بين القوى الكبرى في العالم، وما ينتج عنها من انهيار الحضارة الإنسانية، وهبوب العواصف النارية، وحلول الشتاء النووي، وتدمير أجزاء كبيرة من كوكب الأرض
في دراسته الجديدة، ركّز "روبوك" مع فريقه، حول قدرة الأرض على إنتاج المحاصيل الزراعية، بعد نشوب الحرب النووية. وتوقّع أنه في أصغر احتمال لحرب نووية، بين الهند وباكستان مثلا، سينخفض متوسط إنتاج السعرات الحرارية العالمي بنسبة 7% في غضون 5 سنوات من الحرب. وأما في حالة حرب نووية بين أمريكا وروسيا، فذلك المتوسط سينخفض بنحو 87% بعد 3 إلى 4 سنوات من القتال.
وأوضح "روبوك": "قمنا بمحاكاة الحرب النووية، إما باستخدام 100 رأس نووي بين الهند وباكستان، أو باستخدام 4400 سلاح نووي بين الولايات المتحدة وروسيا.. وكل النتائج تُؤكّد حدوث كارثة مروعة". ففي حالة استخدام 100 رأس نووي، سيموت سبعة وعشرون مليون شخص بشكل مباشر جرّاء التفجيرات، ثم يموت أكثر من 255 مليون شخص، خلال عامين، بسبب الجوع.
وأمّا في حال استخدام 250 رأسا نووية، فإن 127 مليون شخص سيموتون مباشرة، ثم يتبعهم ملياري شخص بسبب الجوع خلال عامين.
إنّ مُجرّد امتلاك أسلحة نووية وتوزّعها بين بعض الدوّل، هو خطرٌ عظيمٌ بحد ذاته. فهل يُبرّر هذا "الامتلاك" كل هذا الهوس حول قيام حرب نووية؟ وهل التصريحات السياسية باستخدام الأسلحة النووية التي تُطلق في سياق التضاغط والصراع بين الطرفين الأمريكي والروسي خاصة، يُمكنها أن تلقى طريقها إلى "التّجسيد" ويُعجّل العالم بالتوجّه إلى "القيامة"؟
لنترك ما للسّياسيين إلى السيّاسيين، وما للباحثين إلى الباحثين، ففي النهاية، هناك قدرةٌ إلهية تحكم هذا الكون، وهي التي تُقرّر "قيامته".