2025.05.22
سياسة

الاستفتاءات في جنوب وشرق أوكرانيا.. هل يفرض "بوتين" نتائج الأمر الواقع على الغرب؟


بعد خمسة أيام من التصويت، الذي بدأ في 23 سبتمبر/ أيلول، حول الاستفتاءات لانضمام مناطق جنوب وشرق أوكرانيا إلى روسيا، قال، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف: "الاستفتاءات قد انتهت، النتائج واضحة، مرحبًا بكم في وطنكم روسيا". وكان قد أعلن في وقت سابق بأن الاستفتاءات "ستُغيّر تماماً اتّجاه تطوًّر الكوكب لعقود، وليس بلدنا فقط. وسيكون التحول الجيوسياسي للعالم لا رجعة فيه، بمجرد دمج الأراضي الجديدة في روسيا".

أظهرت نتائج الاستفتاءات، التي تمّ الإعلان عنها يوم الثلاثاء الماضي، بأن نسبة الناخبين المُؤيّدين للانضمام إلى روسيا، بلغت 87% في مقاطعة خيرسون، وأكثر من 90% في كل من: منطقة زابوروجيه، وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك (المعروفتين معاً باسم دونباس).

الاستفتاءات سدّت طريق التفاوض

وصرّح، يوم الثلاثاء، الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، بأنه "لا يمكن لبلاده أن تتفاوض مع موسكو، بعد الاستفتاءات التي نُظّمت في أربع مناطق أوكرانية للانضمام إلى روسيا"، وذلك في مداخلة مُسجّلة بُثّت عبر الفيديو خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي.

وأضاف "زيلينسكي": "اعتراف روسيا بالاستفتاءات الزائفة على أنها طبيعية، وتطبيقها السيناريو نفسه الذي طبقته في شبه جزيرة القرم، ومحاولتها مرة أخرى ضم جزء من الأراضي الأوكرانية، كل هذا يعني أنه لا يتعين علينا التفاوض مع الرئيس الروسي الحالي". وقال أيضا بأنه "ستكون هناك أخبار جيدة قريباً من الجبهة"، لكنه لم يقدم أي تفاصيل حول طبيعة هذه الأخبار وعلاقتها بالاستفتاءات؟

مجلس الأمن لا يُجيب دعوة أمريكا

أعلن الاتحاد الأوروبي أنه لن يعترف بالاستفتاءات، وكتب، يوم الثلاثاء، رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل على "تويتر": "استفتاءٌ باطلٌ ونتائج زائفة. ونحن لن نعترف بها".

الأمم المتحدة أكّدت تمسّكها "بوحدة أراضي أوكرانيا" ضمن "حدودها المعترف بها". وفي اجتماع لمجلس الأمن الدولي، قالت الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة للشؤون السياسية، "روزماري ديكارلو": "دعوني أكرّر أن الأمم المتحدة ما زالت ملتزمة تماماً بسيادة أوكرانيا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، داخل حدودها المعترف بها دولياً".

أمّا الولايات المتّحدة، فقد دعت مجلس الأمن إلى إدانة "الاستفتاءات الروسية". بينما دعا السفير الصيني في الأمم المتحدة "تشانغ جون" إلى احترام "سلامة أراضي كل الدول"، حيث قال بشأن الاستفتاءات: "الصين أخذت علماً بالتطورات الأخيرة.. إن موقفنا واقتراحنا بشأن كيفية النظر إلى قضية أوكرانيا ومعالجتها متسق وواضح. وهذا يعني أنه ينبغي احترام سيادة كل الدول وسلامة أراضيها". وأوضح بأن محاولة عزل روسيا سياسيا، وفرض مزيد من العقوبات عليها، هي أمورٌ ستؤدّي إلى "طريق مسدود".

من جهته، أكّد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة "فاسيلي نيبينزيا" بأن "الاستفتاءات كانت "شفافة"، واستنكر "الدعاية الغربية المُضادّة" التي تستهدف روسيا من أجل "إجبار موسكو على الخضوع".

شكرا لكم أيها الأصدقاء

في سياق نتائج الاستفتاء على الانضمام إلى روسيا، صرّح رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشيلين، بأن سكّان دونباس (جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك) حققوا إنجازا عظيما، وأنهم سيواصلون مع روسيا مسيرة التطور والإبداع والانتصار. وقال: "هذا إنجاز للشعب، الإنجاز الذي حققه شعبنا جميعا في عام 2014، والآن نعيده في عام 2022". وأضاف: "من الآن فصاعدا سنستمر في السير قُدما مع روسيا، ونواصل مسيرة التطور والإبداع والانتصار، شكرا لكم أيها الأصدقاء".

الاستفتاءات.. طريقة بوتين لإنهاء الصراع

في سياق متّصل، قال كريج روبرتس، المسؤول السابق في إدارة رونالد ريغان "للتوضيح، الاستفتاءات هي طريقة بوتين لإنهاء الصراع، قبل أن يتصاعد إلى حرب نووية". وأوضح أن التدخل الغربي في أوكرانيا كان "أكثر شمولاً، وعاجلاً أو آجلاً، يمكن أن ينتهي بشكل سيء للعالم كله. ومع ذلك، فإن الاستفتاءات التي جرت ستُقلل من تهديد هرمجدون (المعركة التي تُنهي تاريخ البشرية، في الاعتقاد المسيحي)".

صَلّوا من أجل أن ينجح بوتين

قال "روبرتس": "رغم أن القيادة في العالم الغربي، في رأيي، شيطانية ومجنونة، لا أعتقد أن النخب الحاكمة الغربية مستعدة للانتحار بمهاجمة الأراضي الروسية. يمكن للغرب أن يقول إنه لا يعترف بحق الشعوب في تقرير المصير، ولكن إذا قالت روسيا أن هذه أرض روسية، فهي كذلك". وأضاف قائلا: "ببساطة، لا الولايات المتحدة، ولا المملكة المتحدة، ولا الحكومات العميلة في دول الاتحاد الأوروبي، تعترف بنتائج الاستفتاء بحكم القانون. لكن بحكم الأمر الواقع، سيتعين عليهم أن يتقبّلوا حقيقة، أنه من الآن فصاعدًا، ستصبح لوغانسك ودونيتسك وخرسون وزابوروجي أراض روسية. في الوقت نفسه، ستعرب دول الناتو بصوت عالٍ عن عدم موافقتها وسخطها، ولن تقول أبدًا إن بوتين قد أنقذ العالم حقًا من الانهيار النووي". واستطرد بالقول:" لكن ما يعتقدون أنه لا يهُمّ... هو أن بوتين يبذل كل ما في وسعه لإنقاذنا جميعًا من حرب نووية.. صلّوا من أجل أن ينجح".