تمكّن 82 مرشّحا مسلما في انتخابات التجديد النصفي التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية ـ الثلاثاء الماضي ـ من الفوز بمقاعد محلية وفيدرالية وقضائية بـ25 ولاية، ومن بين هؤلاء المشرّعين المسلمين «رواء رمان»، الأمريكية من أصول فلسطينية، التي تمكنت من الفوز بعضوية مجلس النواب على مستوى ولاية جورجيا جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية، وقد التقتها «الأيام نيوز» في حوار تحدّثت فيه عن تجربتها الانتخابية وردّت على منتقدي حزبها الداعم للمثلية الجنسية.
إنجازات الأمريكيين المسلمين في انتخابات التجديد النصفي، تناولها تقرير نُشر عن كل من: مركز «Jetpac Resource» (جاتباك ريسورس) وهي مؤسسة خيرية تنشط في مجال رفع المشاركة المدنية للأقليات، وكذلك مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «CAIR» (أو كيير) وهو أكبر جمعية تدافع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة والغرب.
وحين يتعلق الأمر بدخول غمار الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية، يجد السياسي أو الراغب في دخول عالم السياسة نفسه أمام حتمية الاختيار بين الحزبين الجمهوري المحافظ والديمقراطي الليبرالي، بحكم أن الحزبين يسيطران بشكل شبه تام على الحياة السياسية في البلاد.
و«رواء رمان» ليست الاستثناء من هذه القاعدة، حيث اختارت الحزب الديمقراطي، وفي حين يُنظر إلى الحزب الجمهوري على أنه حزب يعادي الأقليات في الولايات المتحدة الأمريكية، ينتقد الكثير من العرب والمسلمين الأمريكيين، سياسات الحزب الديمقراطي الداعمة لما يصطلح عليه بـ«LGBTQ» أو مجتمع الميم.
في حوار مع «الأيام نيوز» تتحدّث «رواء رمان» عن أصولها وقصة قدومها للولايات المتحدة الأمريكية، عن سبب اختيارها النضال السياسي تحت جناح الحزب الديمقراطي اليساري، وتردّ على العرب الأمريكيين الذين ينتقدون المسلمين الذين ينضمون إلى مدرسة سياسية تدعم المثليين والمتحوّلين جنسيا.
لم تولد في الولايات المتحدة
ولدت «رواء» عام 1993 في الأردن، حيث كان يقطن والديها الفلسطينيين، وقبل أن تُتم الثمانية أعوام، انتقلت وعائلتها إلى جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا ولاية جورجيا، وبعد حصولها على شهادة الليسانس في السياسة عام 2015، نالت شهادة ماجستير في السياسة العامة من كلية ماكورت للسياسة العامة بجامعة جورج تاون سنة 2019.
ولأنها شغوفة بالعمل السياسي ونشاطات المجتمع المدني، تطوّعت عدة مرات للعمل في الدورات الانتخابية، كما شغلت منصب منظمة ميدانية لـ«Georgia Muslim Voter Project» أو مشروع الناخبين المسلمين في جورجيا، كما عملت كمديرة الاتصالات على فرع ولاية جورجيا لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كيير».
وتعمل «رواء» حاليا كمستشار أول لشركة إدارة خدمات مهمتها مساعدة الوكالات الحكومية والخاصة من خلال تقديم المشورة وتطوير استراتيجيات وتنفيذها للتعامل مع قضايا السياسة العامة على المستوى المحلي الولائي وعلى المستوى الفدرالي.
لماذا فضّلت الحزب الديمقراطي؟
ترى الفائزة بعضوية مجلس النواب على مستوى ولاية جورجيا رواء رمان، أن الحزب الديمقراطي هو الحزب الأنسب للأمريكيين المنتمين للأقليات كحالتها، فالديمقراطيون حسب رأيها، لا يدعمون الأقليات بالشعارات فقط كما يفعل الجمهوريون، بل يترجمون وعودهم إلى أفعال وفوزها ـ تقول ـ أفضل دليل على أنهم يفعلون ما يقولون.
وفي معرض حديثها عن قيم الحزب الديمقراطي التي جعلتها تنتمي إليه بفخر، تتحدث رمان ذات التسعة وعشرين ربيعا، عن الهجمات التي تعرضت لها من قبل منافسها الجمهوري «John Chan» جون شان، والمبنية على أساس ديانتها كمسلمة، الأمر الذي جعلها تركز خلال حملتها الانتخابية على ضرورة أن تعمل الحكومة لصالح الجميع، وتتعهد بالعمل على اتخاذ إجراءات لتمويل التعليم بالكامل، وسدّ فجوة الفرص الاقتصادية، كما ركّز برنامجها الانتخابي على ضرورة ضمان الرعاية الصحية، وحماية حقوق التصويت للجميع.
كيف ردّت على مُنتقدي انتمائها لحزب يدعم المثليين؟
يواجه المسلمون المنتمون للحزب الديمقراطي، انتقادات لاذعة من طرف أفراد الجالية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية، والمسلمين في مختلف دول العالم، بسبب مواقف هذا الحزب الداعم لمجتمع المثليين والمتحوّلين جنسيا، على غرار الانتقادات التي طالت عضوتي الكونغرس إلهان عمار ورشيدة طليب.
ومن جانبها، تردّ رواء رمان الأمريكية من أصول فلسطينية، على هؤلاء المنتقدين بالاستغراب من هذا الموقف الذي يتّخذه المسلمون، معلّلة استغرابها بالقول أن من يهاجم المسلمين ويعتدي على المساجد، يمرّر القوانين التي تضرّ بالقضية الفلسطينية ومصلحة الشعب الفلسطيني، هو الحزب الجمهوري وليس الحزب الديمقراطي الذي يدعم المثلية وجميع الأقليات ولا يفرّق بين الأمريكيين على أساس الانتماء والعرق والديانة.
ففي نهاية المطاف، تقول رمان، الجمهوريون لا يفرّقون بين المسلمين واليهود والمثليين والمتحوّلين جنسيا وغيرهم من الأقليات، بل يمرّرون قوانين تضر بكل هؤلاء، على خلاف الحزب الديمقراطي الذي يحتضنهم ويعدم حقوقهم ويضمن الاعتراف بها واحترامها، وتضيف قائلة إن الحزب الجمهوري الذي يهاجم الأطفال المتحوّلين في ولاية جورجيا، هو الحزب ذاته الذي هاجمها لأنها مترشّحة مسلمة ومحجّبة، وهاجم قبل سنوات ابتهاج محمد لاعبة مبارزة شيش، فقط لأنها أول رياضية أمريكية مسلمة ترتدي الحجاب.
وحتى عدم تصنيف العرب الأمريكيين كأقلية يتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليته الحزب الجمهوري، تقول رواء رمان، مشيرة إلى أن الرئيس دونالد ترامب الذي وقّع مرسوما رئاسيا يحظر دخول المسلمين من عدة دول إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة حكمه، رفض وحزبه الديمقراطي الاعتراف بالعرب وإحصائهم كأقلية في الولايات المتحدة الأمريكية، مضيعا عليهم فرصا وامتيازات كثيرة يستفيد منها المنتمون لأقليات أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية.
في ختام مقابلتها مع "الأيام نيوز"، دعت رواء رمان، الفائزة بمنصب عضو مجلس النواب بكونغرس ولاية جورجيا، في انتخابات التجديد النصفي، الشباب والشابات الأمريكيين من أصول عربية ومسلمة إلى الاندماج في العمل السياسي، والنضال من أجل اكتساب الحقوق والتمتّع بالحريات، كما أكدت محدثتنا التي اختارت ارتداء الحجاب للتعبير عن تشبّثها بدينها وانتمائها، أنّ سر النجاح في الحياة هو بقاء الإنسان على حقيقته وتمسّكه بقيمه ومبادئه.