أعاد إيلون ماسك، المالك الجديد لمنصة تويتر، تشغيل حساب الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي تم تجميده عام 2021، بعد أحداث اقتحام مناصريه لمبنى الكونغرس في السادس يناير احتجاجا على هزيمته في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، وبعد فترة وجيزة من إقصائه من منصة تويتر وفيسبوك، أسّس ترامب موقعا بديلا في أوائل عام 2022، أطلق عليه اسم Truth Social أو «تروث سوشال»، وقال الرئيس السابق الذي يملك حاليا 4.59 مليون متابع على منصته، إنها ستكون بديلا لتويتر وفيسبوك وغيرها من المواقع التي اتهمها بالانحياز لليبراليين ـ الديمقراطيين ـ وإسكات أصوات المحافظين الجمهوريين.
على الرغم من تأكيده البقاء على منصته الجديدة وعدم العودة للنشاط على منصة تويتر، إلا أن ترامب نشر صورة لاستطلاع الرأي الذي وضعه إيلون ماسيك على صفحته الخاصة قبل إعادة تفعيل الحساب، ودعا متابعيه على منصته للتصويت بإيجابية، قائلا: "صوّت الآن بإيجابية، لكن لا تخف، نحن لسنا ذاهبين لأي مكان، تروث سوشال مميّزة".
وإلى جانب غياب ترامب على منصتي فيسبوك وتويتر، يبدو لمتتبعي الإعلام الأمريكي أيضا أن قناة فوكس نيوز المحسوبة على اليمنيين قد غيّرت سياستها تجاهه، فبخلاف «تاكر كارلسون» و«شون هانيتي»، مقدّمي البرامج السياسية على القناة، المعروفين بقربهما من الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن ابتعاد القناة صارت واضحة، وتجلى ذلك أكثر من خلال احتفائها بالنتائج التي حقّقها المرشح المحتمل لمنافسة ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري في رئاسيات 2024، حاكم ولاية فلوريد رون ديستنس في انتخابات التجديد النصفي، وكذا كيفية تعاطيها المحتشم مع إعلانه الترشح للرئاسيات الثلاثاء الماضي، مما ينم على أن ترامب الذي خدمته قناة فوكس وحسابيه على تويتر وفيسبوك بقوة خلال رئاسيات 2020، لن يجد في رئاسيات 2024 سوى منصته الخاصة، وعلى خلفية هذا تُطرح أسئلة عدة حول سياسة هذه المنصة وقوّتها ومدى تأثيرها مقارنة بالمنصات والمواقع الاجتماعية الأخرى.
ألقت دراسة أجرها Pew Research Center أو مركز «بيو» للدراسات (مركز دراسات مستقل مقره العاصمة واشنطن) نظرة فاحصة على «تروث سوشال» وستة مواقع تواصل اجتماعي بديلة أخرى تتمثل في BitChute بيت شوت وGab غاب وGettr غاترو Parler بارلر و Rumbleورامبل Telegram وموقع تيليغرام، وتوصلت الدراسة التي أجريت شهر أكتوبر الماضي ونُشرت الجمعة إلى النتائج التالية:
2% فقط من الأمريكيين يستخدمون المنصة
في حين قال 27℅ من البالغين في الولايات المتحدة إنهم سمعوا عن منصة الرئيس السابق دونالد ترامب "تروث سوشال، قال 2℅ فقط من المستجوبين أنهم يعتمدون عليها للحصول على الأخبار، وبشكل عام توصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن 6℅ فقط من الأمريكيين يتلقون الأخبار بانتظام من موقع واحد على الأقل من المواقع السبعة التي تمت دراستها، وفي المقابل يستقي عدد اكبر من الأمريكيين الأخبار من المواقع الأقدم بما في ذلك فايسبوك بنسبة 31℅، يوتيوب 25℅ وفي المرتبة الثالثة موقع تويتر بنسبة 14℅.
حرية التعبير
تساءلت دراسة مركز «بيو» التي حملت عنوان Key facts about Truth Social as Donald Trump runs for U.S. president again أو حقائق أساسية عن تروث سوشال مع ترشح دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة مجددا، عن حقيقة تعريف «تروث سوشال» نفسها بكونها منصة لحرية التعبير، وقالت الدراسة أن منصة ترامب رُفضت في بداياتها من قبل Google Play (متجر للتطبيقات) لأنها لم تحذف المنشورات المحرضة على العنف، ولم يجعلها متاحة إلا بعد اتخاذها المزيد من الخطوات لتعديل تلك المنشورات.
هذا وقال العديد من أولئك الذين يستقون الأخبار من «تروث سوشال» والبالغة نسبتهم 2℅، أن تجربتهم كانت إيجابية، كما قال 87℅ منهم إنهم يتوقعون أن تكون الأخبار والمعلومات دقيقة في الغالب، بينما يتوقع 13℅ أن تكون غير دقيقة في الغالب، وقال حوالي ستة من كل عشرة من مستهلكي أخبار «تروث سوشال» أي 58℅، أن الأخبار التي حصلوا عليها ساعدتهم على فهم الأحداث الجارية بشكل أفضل، في حين قال 17℅ إنها جعلتهم أكثر ارتباكًا بشأن الأحداث الجارية، وفي فيما يتعلق بمستوى الرضى عن محتوى المنصة، قال أكثر من نصف روادها - 57℅ - إنهم راضون جدًا أو إلى حد ما عن التجربة، بينما قال 25℅ إنهم غير راضين جدًا أو غير راضين إلى حد ما وقدم البقية تقييمًا محايدًا.
نصف مستخدميها يمينيون ومؤيدون لترامب
على الرغم من أن «تروث سوشال» تعرّف نفسها على أنها غير حزبية، إلا أن العديد من الحسابات البارزة لروادها تميل إلى اليمين أو مؤيدة لترامب، ووفقا لدراسة مركز «بيو» التي فحصت 200 حساب تم اختيارهم من بين تلك الحسابات التي تحظى بأكبر عدد من المتابعين، فإن حوالي نصف هذه الحسابات (49℅) تشير لكونها ذات ميول يمينية أو مؤيدة لترامب في ملفها الشخصي، وهي نسبة أعلى من أي موقع تواصل اجتماعي بديل آخر تمت دراسته، وبالإضافة إلى ذلك، فإن 44℅ من الحسابات البارزة تعبر عن هوية دينية، و43℅ تشير إلى الوطنية أو تحمل رسالة مؤيدة لأمريكا.
أما فيما يتعلق بالميولات السياسية، فقد وجدت الدراسة أن 66℅ من مستخدمي المنصات محل الدراسة بما فيها منصة الرئيس السابق دونالد ترامب، يعرفون أنفسهم بأنهم جمهوريين أو يميلون للحزب الجمهوري، مقابل 33℅ يقولون أنهم ديمقراطيون، وفي المقابل، على الأقل 1 من كل 3 من مستخدمي فيسبوك وتويتر ويوتيوب هم ديمقراطيون أو يميلون للحزب الديمقراطي.
امتلاك السلاح..
توصلت الدراسة التي أجراها مركز «بيو» للدراسات، على منصة الرئيس السابق دونالد ترامب «تروث سوشال» وست مواقع تواصل اجتماعي أخرى، إلى أن منشورات روادها ركزت أساسا على حق امتلاك السلاح، الذي يعد نقطة جدال بين الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة الأمريكية وموضوع استقطاب سياسي بامتياز، حيث يدعم الجمهوريون حق امتلاك السلاح الذي يحميه الدستور الأمريكي من خلال تعديله الثاني، ويدعو الديمقراطيون إلى فرض قيود على هذا الحق والحد من انتشار الأسلحة التي يتسبب حاملوها في مقتل آلاف الضحايا سنويا، إذ بلغ عدد ضحايا العنف المسلح منذ بداية 2022 إلى الـ20 نوفمبر الجاري 39 ألف و333 قتيلا، حسب موقع GUN VIOLENCE ARCHIVE أو أرشيف العنف المسلح، وجاء في الدراسة أن 64℅ من رواد «تروث سوشال» نشروا محتويات تتعلق بحق حمل السلاح.
كما قُدرت نسبة المنشورات المتعلقة باقتحام مبنى الكابيتول في الـ06 يناير 2021، بـ62℅، وبلغت نسبة المنشورات المتعلقة بلقاحات كوفيد-19 نسبة 55℅، وتحدث الدراسة كذلك عن محتوى يتعلق بقضايا المثليين والمتحولين جنسيا وما يسمى عامة بـ LGBTQأو مجتمع الميم بـ55℅، في حين نشر 54℅ محتوى يتعلق بالحق في الإجهاض، الذي رفعت عنه المحكمة الأمريكية العليا الحماية الدستورية شهر مارس الماضي، وأثار قرارها جدلا واسعا وسط الديمقراطيين الذين استنكروا موقف المحكمة التي يبلغ حاليا عدد قضاتها المحافظين ثمانية، مقابل ثلاثة فقط ليبراليين.