2025.06.12
ما هي منظمة شنغهاي للتعاون.. وما هي أهدافها؟
تقارير

ما هي منظمة شنغهاي للتعاون.. وما هي أهدافها؟


ابتسام مباركي
30 نوفمبر 2022

تلجأ الدول العالمية، عادة، إلى سياسة التحالف استجابة إلى بعض المقتضيات أو الضرورات، لذا فان سياسة التحالف لا تنشأ بسبب دوافع صلاته، بل تنشأ لوجود عدة دوافع تُساهم في قيام هذه التحالفات. وتعني سياسة التحالف، تجمع دولتين أو أكثر في حلف واحد لمواجهة قوة أخرى، وذلك تحقيقاً للتوازن فيما بينهما، فسياسة التحالف تعني الاعتماد على الأحلاف كأداة من أدوات السياسة بهدف حماية الأمن القومي لهذه الدول والدفاع عن مصالحها الوطنية. وفي هذا الإطار، تأسست وتشكلت عدّة تكتلات ومنظمات دولية، ومنها منظمة شنغهاي للتعاون(SCO) ، وهي منظمة دولية أوروآسيوية، تأسست في شكل تحالف سياسي واقتصادي وعسكري، في مدينة شنغهاي الصينية. وتمتد المنطقة الشاسعة التي تضم الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي من الشمال إلى الجنوب، من القطب الشمالي إلى المحيط الهندي، ومن الشرق إلى الغرب، من ليانيونجانج في الصين إلى كالينينغراد في الاتحاد الروسي، إضافةً إلى إيران، وبذلك يتم توحيد 5 دول تملك إمكانات نووية في منظمة إقليمية واحدة. منظمة "شنغهاي"، في مجموع دولها، تمتلك أيضاً إمكانات كبيرة على المستوى الجيوسياسي، وفي مجال النفط والغاز والطاقة الكهربائية، وغيرها الكثير، ويُشكّل أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، ما يقرب من نصف سكان العالم، وما يقرب من 5/3 من كتلة اليابسة الأوروبية الآسيوية، ما يجعلها أكبر تحالف سياسي إقليمي في العالم، وهذا الأمر من شأنه تعزيز موقف الشرق مقابل الدول الغربية التي تتبنى سياسة القطب الواحد، فما هي مهام هذه المنظمة وما أهدافها؟   النشأة والتأسيس.. تأسست منظمة شنغهاي للتعاون يوم 26 أفريل 1996 بوصفها تكتلا إقليميا أوراسيا باسم "خماسية شنغهاي"، يضم الصين وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان. وقع رؤساء الدول الخمس على معاهدة تعميق الثقة العسكرية في المناطق الحدودية، وفي 24 أفريل 1997 وقعت الدول نفسها في اجتماع موسكو على معاهدة الحد من القوات العسكرية في المناطق الحدودية. وفي عام 2000، اتفق الأعضاء في قمة دوشانبي على معارضة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بحجة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان، ودعم جهود بعضهم بعضا في حماية الاستقلال الوطني للدول الخمس والسيادة والسلامة الإقليمية والاستقرار الاجتماعي. الإعلان الرسمي عن تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون بشكلها الجديد جاء يوم 15 جوان 2001 بعد انضمام أوزبكستان إلى المنظمة. وبدعم كبير من روسيا والصين، أصبحت إيران عضوا في منظمة شنغهاي للتعاون، التي تعد ـحسب كثير من المحللين- حلفا عسكريا جديدا في مواجهة حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO). وخلال قمة المنظمة التي عقدت بالعاصمة الطاجيكستانية دوشنبه، يوم 17 سبتمبر 2021، وافق الأعضاء على تعديل وضع إيران بالمنظمة من عضو "مراقب" إلى عضو "كامل" على أن يجري توقيع مذكرة التزام إيران كعضو في المنظمة في قمة سمرقند التي تعقد يومي 15 و16 سبتمبر 2022. وتعدّ إيران العضو الرئيسي التاسع والأحدث في المنظمة، رفقة روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان والهند وباكستان. ميثاق المنظمة.. في جوان 2002، في قمة سانت بطرسبرغ تم توقيع ميثاق المنظمة الذي يشرح أهداف المنظمة ومبادئها وهياكلها وأشكال عملها، للاعتراف بها في القانون الدولي، وفي 19 سبتمبر 2003 دخل ميثاق المنظمة حيز التنفيذ. ووفقًا لميثاق منظمة شنغهاي للتعاون، تُعقد قمم مجلس رؤساء الدول سنويًا في أماكن محدّدة بالتناوب، حسب الترتيب الأبجدي لاسم الدولة العضو باللغة الروسية. ينص الميثاق أيضًا، على أن يجتمع أعضاء مجلس رؤساء الحكومات (أي رؤساء الوزراء) سنويًا في مكان يقرره أعضاء المجلس. ويعقد مجلس وزراء الخارجية بالمنظمة قمة قبل شهر من انعقاد مؤتمر القمة السنوي لرؤساء الدول، ويمكن لأي دولتين عضوين أن تدعوا إلى عقد اجتماعات غير عادية لمجلس وزراء الخارجية. لغات العمل الرسمية للمنظمة هي الصينية والروسية، ويقع مقر الأمانة العامة للمنظمة في العاصمة الصينية بكين. المهام والأهداف.. تهدف منظمة شنغهاي للتعاون إلى تعزيز سياسة حسن الجوار بين الدول الأعضاء، إلى جانب دعم التعاون بينها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومواجهة التكتلات الدولية بالعمل على إقامة نظام دولي "ديمقراطي وعادل". منذ تأسيسها، كان التعاون الأمني أحد المهام الرئيسية للمنظمة، ولا تزال على قمة أولوياتها وهدفًا رئيسيا في المستقبل. وتصرح المنظمة بأنها تعمل على مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف والحركات الانفصالية، والتصدي لتجارة الأسلحة والمخدرات. أبرز المحطات.. ـ تبنت قمة شنغهاي مشروع قرار يدعم الاستمرار في معاهدة حظر الصواريخ الباليستية الموقعة بين موسكو وواشنطن عام 1972 باعتبارها "حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار العالمي والحد من التسلح" في مواجهة المشروع الأميركي المضاد للصواريخ. ـ جويلية 2005: خلال قمة أستانا شارك ممثلون عن الهند وإيران ومنغوليا وباكستان بصفة "مراقب". ـ استهل رئيس الدولة المضيفة نور سلطان نزارباييف حديثه قائلا "قادة الدول الذين يجلسون على طاولة المفاوضات هم ممثلون لنصف البشرية". ـ عام 2004: أصبحت المنظمة مراقبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ـ عام 2005: أصبحت عضوا برابطة الدول المستقلة ورابطة دول جنوب شرق آسيا. ـ عام 2007: وقعت دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي -التي تضمّ كلا من بيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزيا وطاجكستان وأوزبكستان لإضافة إلى روسيا- أكثر من 20 وثيقة مشتركة، من أبرزها ربط المنظمة بمنظمة شنغهاي للتعاون الأمني التي ترأسها الصين. ـ عام 2011: انضمت لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. ـ عام 2014: انضمت للمؤتمر المعني بالتفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا. ـ عام 2015: انضمت للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي التابعة للأمم المتحدة. ـ جويلية 2015: قررت المنظمة قبول الهند وباكستان بوصفهما عضوين كاملين. ـ جوان 2016: ووقعت الهند وباكستان مذكرة الالتزامات في طشقند، وبذلك بدأت العملية الرسمية للانضمام إلى المنظمة عضوين كاملين. ـ 9 جوان 2017: انضمت كل من الهند وباكستان إلى المنظمة عضوين كاملي العضوية في قمة أستانا، حيث أصبحت المنظمة تضم نصف البشرية تقريبا. ـ دول مراقبة: أرمينيا، وأذربيجان، وبنغلاديش، وأفغانستان، وبيلاروسيا، ومنغوليا. ـ تقدمت كل من مصر وسوريا بطلب للحصول على صفة مراقب. شركاء الحوار.. شهد عام 2008، إنشاء منصب شريك الحوار وفقًا للمادة 14 من ميثاق المنظمة، وتتناول هذه المادة شريك الحوار على أنه دولة أو منظمة تتشارك أهدافها ومبادئها مع منظمة شنغهاي للتعاون، وترغب في إقامة علاقات شراكة معها. حصلت بالفعل كل من كمبوديا ونيبال وسريلانكا على صفة شريك الحوار، في حين تقدمت كل من العراق وجزر المالديف وأوكرانيا وفيتنام بطلب للحصول على الصفة ذاتها. في عام 2012 منحت تركيا، وهي دولة عضو بحلف الناتو، صفة شريك الحوار خلال قمة المجموعة التي عُقدت في بكين، وفي 23 نوفمبر 2016، مُنحت أنقرة رئاسة نادي الطاقة لمنظمة شنغهاي للتعاون للفترة 2017، ممّا جعل تركيا أول دولة ترأس ناديا في المنظمة دون حصولها على العضوية الكاملة. شنغهاي والأمن الإقليمي.. منذ إنشائها، ركّزت المنظمة جهودها بشكلٍ أساسي على قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، والحركات الانفصالية القومية والتطرف الديني، كذلك فإنّ التنمية الإقليمية باتت أيضاً من بين أولوياتها. وتعتزم المنظمة إجراء مزيد من التطوير في هيئتها الدائمة، وهي الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب (RATS)، ففي الفترة ما بين عامي 2011 و2015، وفي ظل التنسيق من جانب الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب، تمكّنت السلطات في الدول الأعضاء بالمنظمة من الحيلولة دون وقوع 20 هجوماً إرهابياً كانت لا تزال في مراحل التخطيط، وتفادي 650 جريمة ذات طابع إرهابي ومتطرف، وإزالة 440 معسكراً لتدريب الإرهابيين وتحييد 1700 من المنظمات الأعضاء في الإرهابي الدولي. كما ألقت المنظمة القبض على أكثر من 2700 عضو من الجماعات المسلحة المحظورة وشركائهم، والأشخاص المشتبه في ارتكابهم أنشطة إجرامية، بينما جرى تسليم 213 شخصاً ذوي صلة بمنظمات إرهابية أو متطرفة، مع الحكم على العديد منهم بالسجن لفترات طويلة. ووُضع 180 مشتبهاً فيهم على قوائم المطلوبين، وكُشف عن 600 قاعدة سرية مزودة بأسلحة، وصُودرت أكثر من 3250 جهازاً للتفجير العشوائي، إضافةً إلى 10.000 قطعة سلاح، ونحو 450.000 قطعة ذخيرة، وأكثر من 52 طناً من المتفجرات. وفي سياق عمليات خاصة لمكافحة المخدرات، أُجريت داخل أقاليم منظمة شنغهاي للتعاون على مدى سنوات عديدة، ضبطت المنظمة نحو 69 طناً من مادة الهيروين المميتة من التجار، ويشكل هذا الرقم نحو 14% من العقاقير المصادرة في جميع أنحاء العالم.   شنغهاي والتنمية الاقتصادية.. سعت المنظمة للمساعدة في تنمية الاقتصادات الإقليمية، وتوفير ظروف مواتية للتجارة ودعم مبادرات الاستثمار من أوروبا الشرقية إلى الساحل الشرقي الروسي والصين، وكذلك بناء نظام متكامل للنقل البري. وبلغ حجم اقتصادات الدول الأعضاء في المنظمة، في العام 2020، نحو 18.4 تريليون دولار، بينما قفزت التجارة البينية للمنظمة إلى 6.2 تريليون دولار خلال نفس الفترة. ومنذ تأسيس المنظمة قبل نحو 21 عاماً، اقترحت الصين هدفاً طويل الأجل لإنشاء منطقة التجارة الحرة بين الدول الأعضاء، إضافةً إلى اتخاذ تدابير فورية أخرى لتحسين تدفق السلع في المنطقة. وتشمل مجالات التعاون ذات الأولوية داخل منظمة شنغهاي للتعاون: توفير التمويل للمشاريع التي تركز على البنية التحتية والصناعات الأساسية وصناعات التكنولوجيا الفائقة والقطاعات الموجهة للتصدير والمشاريع الاجتماعية، وإصدار وتقديم القروض بناءً على الممارسات المصرفية الدولية المقبولة عموماً، وتنظيم تمويل ما قبل التصدير لتحفيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، والمجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك. وتسعى دول هذه المنظمة للتكامل فيما بينها على الصعيد الاقتصادي، لكي تخرق الحصار المفروض عليها أميركياً، ولا سيما إيران وروسيا والصين، لجذب الاستثمارات الآسيوية وتوريد منتجات الطاقة.