في الذكرى الثانية لمعركة "طوفان الأقصى"، أكدت سرايا القدس، أن مقاومة الشعب الفلسطيني مستمرة ما دام الاحتلال قائما، وأن فصائل المقاومة لن تدخر جهدا لإيجاد الوسيلة التي تُنهي الحرب والمعاناة التي يعيشها سكان قطاع غزة. وجاءت تصريحات السرايا لتوضح أن الأسرى الإسرائيليين لن يخرجوا إلا من خلال صفقة تبادل تُلزم الكيان الصهيوني بوقف الحرب وإنهاء العدوان، مؤكدين أن سلاح المقاومة لن يُغمد إلا بتحقيق هدفين أساسيين: تحرير الأرض وهزيمة العدو. وقد وجّهت السرايا تحياتها إلى "كتائبها المباركة في الضفة المحتلة"، وإلى "أرواح فدائيي الأردن وأبطال أساطيل وقوارب كسر الحصار"، بالإضافة إلى تقديرها لدعم كل من حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذين لعبوا دورا مباشرا في دعم المعركة.
من جانبها، شددت حركة حماس على ربط الإفراج عن آخر أسير بالانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، مؤكدة على ضرورة الحصول على ضمانات دولية لوقف نهائي للحرب. وأوضح القيادي فوزي برهوم، في كلمته بمناسبة الذكرى، أن وفد الحركة يبذل جهودا مكثفة لتذليل كل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق شامل يضمن وقف إطلاق النار، انسحاب جيش الاحتلال من غزة، السماح بدخول المساعدات الإنسانية، وضمان عودة النازحين إلى منازلهم. وأكد برهوم أن هذه المفاوضات لا تقف عند حدود الترتيبات الفنية، بل تمثل اختبارا لجدية المجتمع الدولي في الالتزام بحقوق الفلسطينيين.
استعرض برهوم حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة منذ بداية العدوان قبل عامين، موضحا أن أكثر من 67 ألف فلسطيني استشهدوا، بينما أصيب نحو 170 ألفا، وما يزال أكثر من 15 ألف مفقودين تحت الركام، مع غلبة واضحة للنساء والأطفال بين الضحايا. وأشار إلى أن الحرب التي شنها الاحتلال ليست موجّهة فقط ضد حركة حماس أو فصائل المقاومة، بل هي حرب شاملة ضد الوجود الفلسطيني برمته، تهدف إلى كسر إرادة الشعب وطمس هويته الوطنية. وأضاف أن حوالي 95% من الضحايا هم من المدنيين العزل، ما يمثل "وصمة عار في جبين الاحتلال وكل من وفر له الغطاء السياسي والعسكري".

كما تناول برهوم معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حيث ارتقى أكثر من 80 أسيرا نتيجة التعذيب والإهمال الطبي المتعمد، مؤكدا أن هذه الجرائم تمثل فصلا جديدا من فصول الإبادة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني. وأكد أن الصمود الشعبي الفلسطيني يشكل "الصخرة الصلبة" التي تحطمت عليها كل مخططات الاحتلال، وأن تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية يعد الضمان الحقيقي لاستمرار المقاومة في مواجهة العدوان.
الوحدة الداخلية الفلسطينية والصمود المستمر
شهدت مفاوضات شرم الشيخ، التي استؤنفت أمس الثلاثاء، تحركات مكثفة من جانب الوسطاء، وسط جهود عربية ودولية حثيثة للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وإطلاق الأسرى. ورغم تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين حول "وجود فرصة لتحقيق إنجاز"، إلا أن فصائل المقاومة أكدت أن أي اتفاق يجب أن يحفظ كرامة الشعب الفلسطيني ويضمن حقوقه الوطنية دون التفريط فيها. وأوضح برهوم أن حماس لن تتنازل عن أي من مطالبها الأساسية، التي تشمل الوقف الفوري للعدوان، انسحاب الاحتلال من القطاع، الإفراج عن الأسرى وفق صفقة عادلة، السماح بدخول المساعدات الإنسانية، وعودة النازحين إلى منازلهم، مع التأكيد على أن الإفراج عن آخر أسير يجب أن يتزامن مع آخر انسحاب لقوات الاحتلال.
وأكدت سرايا القدس أن أي حلّ جزئي لن يعيد الأسرى ولن يوقف الحرب، مشددة على أن سلاح المقاومة وُجد لتحقيق هدفين واضحين: تحرير الأرض وهزيمة العدو. ووجّهت السرايا تحياتها إلى جميع الفصائل والشعوب الداعمة للقضية الفلسطينية، مؤكدة أن التضامن الدولي الحقيقي مع الفلسطينيين يعزز صمود المقاومة وقدرتها على مواجهة العدوان.
تلعب الوساطة العربية والدولية دورا في المفاوضات، من خلال ترتيب لقاءات ومحادثات بين الأطراف، بينما توفر مواقف لبنان وإيران واليمن دعما معنويا واستراتيجيا للمقاومة قويا، ورغم الضغط الدولي، تؤكد الفصائل الفلسطينية أن أي اتفاق يجب أن يكون شاملا ويضمن إنهاء الحرب بشكل نهائي، وإلا فإن المقاومة ستظل متمسكة بحقوقها المشروعة، ولن تتراجع عن الدفاع عن الأرض والشعب.
وأشار برهوم إلى أن الفلسطينيين واجهوا آلة القتل الصهيونية بإرادة لا تنكسر، على الرغم من النزوح القسري والحرمان من أبسط مقومات الحياة، ومجازر الاحتلال التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا من حيث حجم الدمار وعدد الضحايا المدنيين. وأضاف أن الحرب التي يشنها الاحتلال منذ عامين تمثل "حرب إبادة" شاملة تستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني وطمس هويته الوطنية، وتجاوزت كل الأعراف الإنسانية والقانونية.
تُظهر الذكرى الثانية لمعركة "طوفان الأقصى" أن الشعب الفلسطيني والمقاومة لم ينهضا لمواجهة القتل والدمار فحسب، بل أسسا نموذجا للصمود والوحدة الداخلية، وحافظا على الحقوق الوطنية والمكتسبات السياسية رغم الحصار والتحديات. وأكد برهوم أن تكامل الموقف السياسي مع الفعل الشعبي والميداني هو الضمان الحقيقي لاستمرار المقاومة، وأن أي تنازل عن الحقوق الأساسية سيعني التفريط بالدماء والتضحيات التي قدمها الفلسطينيون على مدار السنوات الماضية.
وأشار القيادي الفلسطيني إلى أن المقاومة نجحت في تحويل الضغوط العسكرية والسياسية إلى أدوات لحماية حقوق الأسرى وضمان وقف العدوان، بينما يواجه الاحتلال تحديا كبيرا لإقناع المجتمع الدولي بقبول أي حل جزئي دون التزامات كاملة لضمان إنهاء الحرب وإطلاق الأسرى.
تؤكد التطورات الحالية أن المقاومة الفلسطينية ترفض أي استسلام أو حل جزئي للعدوان، وأن استمرار الاحتلال في سياساته العدوانية سيقود إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة. ويبرز هنا دور المجتمع الدولي في دعم الحقوق الفلسطينية، لكن التمسك بالمبادئ الوطنية والتمسك بحقوق الأسرى والناس في القطاع هو الخط الأحمر للفصائل الفلسطينية. وفي هذا السياق، تبقى وحدة الموقف الفلسطيني والتنسيق بين مختلف القوى الوطنية والفصائل المسلحة شرطا أساسيا لضمان أي تقدم سياسي، والحفاظ على الحقوق المكتسبة، وضمان عدم التفريط في أي جزء من الأرض الفلسطينية أو كرامة الشعب الفلسطيني.