2025.10.28
تغريدات ساخرة تُلهب المنصات.. فرنسا تُسرق كما سرقت

تغريدات ساخرة تُلهب المنصات.. فرنسا تُسرق كما سرقت


بينما كانت باريس تتغنى بعبق التاريخ و”حراسة الإرث الإنساني”، استيقظت صباح أمس على صفعة من النوع الثقيل: سرقة مجوهرات ملكية من قلب متحف اللوفر، أحد أكثر رموز “العظمة الفرنسية” قداسةً.

لكن ما جعل الحادثة تتجاوز حدود الجريمة العادية، هو وقعها الرمزي. فالبلد الذي نهب ذاكرة الشعوب لعقود، سُلب اليوم من ذاكرته بنفس الطريقة.

مفارقة التاريخ

إنها مفارقة التاريخ بكل معانيها: بلدٌ يحتكر التحف المنهوبة من الشرق والجنوب، يُسلب في وضح النهار بالطريقة ذاتها التي استباح بها ذاكرة الآخرين.

فمنذ القرن التاسع عشر، كانت فرنسا تنقل التماثيل واللوحات والمخطوطات من المستعمرات إلى متاحفها، لتبني بها “مجدًا ثقافيًا” زائفًا، فوق رماد ذاكرة الشعوب المستضعفة. واليوم، حين تُسرق مجوهراتها “التاريخية”، يبدو وكأن التاريخ استعاد توازنه وردّ الصاع صاعين.

عدالة رمزية على الطريقة الكونية

في الفضاء الرقمي، لم يجد المغرّدون في الحادث سوى عدالة إلهية، أحدهم كتب: “فرنسا قرون وهي تسرق جواهر إفريقيا وآسيا والعالم العربي، واليوم جاء دورها لتُسرق.”

آخر علّق ساخرًا: “التاريخ لا ينتقم بالسلاح، بل بالرموز… واللوفر اليوم أول ضحاياه.”

حتى النكات أخذت منحى فلسفيًّا ساخرًا: فبين من شبّه السرقة بحلقة من لاكاسا دي بابيل، ومن طالب بتحويلها إلى فيلم مصري كوميدي.

وهناك من سخر أيضا من ضعف الإجراءات الأمنية:

حين ينهب “الوصيّ على الحضارة” نفسه

لم يكن الحدث مجرّد خلل أمني، بل انهيار رمزي لصورة فرنسا التي لطالما قدّمت نفسها كـ”وصيّ على التراث العالمي”.

فمتحف اللوفر، الذي يضم آلاف القطع المنهوبة من الجزائر  ومصر وبلدان إفريقية وآسيوية أخرى، لم يعد قادرًا على حماية ما تبقّى لديه من تاريخ… تاريخه هو هذه المرة.

اللافت أن المشهد انقلب، من استعمارٍ ينهب ذاكرة الشعوب، إلى سرقةٍ تذكّر فرنسا بأن ما يُبنى على النهب لا يدوم.

ومنذ قرون، كانت فرنسا تحشو متاحفها بما نهبته من الآخرين لتصنع سرديتها الحضارية. اليوم، تُسلب هذه السردية نفسها في سبع دقائق فقط — وكأن الزمن اختصر قرونًا من الاستعلاء في لحظة سطو واحدة.