2025.10.06
عاجل :



زيارة دي ميستورا إلى الجزائر.. أكبر من مجرد محطة بروتوكولية تقارير

زيارة دي ميستورا إلى الجزائر.. أكبر من مجرد محطة بروتوكولية


ربيعة خطاب
17 سبتمبر 2025

تشكّل زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، إلى الجزائر محطة مهمة في مسار الجهود الدولية الرامية إلى تسوية النزاع الصحراوي، إذ تأتي قُبيل اجتماع مجلس الأمن المرتقب في أكتوبر المقبل، والذي سيحدد مسار المرحلة المقبلة.

تعكس هذه الزيارة المكانة المحورية للجزائر، كمؤثر إقليمي ملتزم بدعم الحلول السلمية ومناصرة حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.

يمكن النظر إلى هذه الجولة ضمن استراتيجيات دبلوماسية دقيقة تهدف إلى تعزيز المساعي الأممية لتنظيم مفاوضات مباشرة وغير مشروطة بين طرفي النزاع، المغرب وجبهة البوليساريو، مع التأكيد على أن أي تقدّم نحو حل نهائي يرتبط بفعالية الدور الأممي والالتزام الدولي بتصفية الاستعمار في آخر مستعمرة بالقارة الإفريقية. كما تُبرز هذه الزيارة عمق التوازن الذي تحرص الجزائر على فرضه بين دعم جهود الأمم المتحدة ورفع صوت الحق المشروع للشعب الصحراوي، بما يعكس إدراكها أن الاستقرار الإقليمي والعدالة التاريخية مرتبطان بشكل وثيق بإنهاء النزاع بطريقة عادلة ودائمة.

وفي تصريح للمحلل السياسي نور الدين شعباني للأيام نيوز، أشار إلى أن زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية تأتي في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الأمم المتحدة لتوجيه الملف نحو حل سلمي مستدام، وفق المبادئ والمعايير التي تعتمدها المنظمة دوليا. وأضاف شعباني أن تزايد المطالب الدولية والإقليمية بحل النزاع الصحراوي باعتباره قضية تصفية استعمار في آخر مستعمرة بالقارة الإفريقية يعكس اهتمام المجتمع الدولي بضرورة إيجاد مخرج يرضي جميع الأطراف ويحقق العدالة للشعب الصحراوي.

وأوضح شعباني أن الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا، أكدت على ضرورة التوصل إلى تسوية تفاوضية عادلة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، مشيرا إلى أن الخيارات المطروحة لا تزال محكومة بالالتزام بمبادئ الأمم المتحدة، وأن الحل الأقرب لتحقيق العدالة التاريخية والشرعية الدولية يكون عبر تنظيم استفتاء حقيقي حول تقرير المصير، بما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مستقبله بشكل مستقل ودون أي إملاءات خارجية.

الأستاذ نور الدين شعباني _الجزائر

واختتم قائلا إن الجزائر، بوصفها دولة فاعلة ومحورية في المنطقة، تستمر في لعب دورها الدبلوماسي البنّاء لدعم المساعي الأممية، مؤكدا أن استقرار المغرب العربي وشمال إفريقيا مرتبط بشكل مباشر بتحقيق حل عادل ودائم للنزاع الصحراوي.

وفي ذات السياق، صرح الباحث بن قندوز عبد النور للأيام نيوز بأن زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، دي ميستورا، للأراضي الصحراوية المحتلة تأتي ضمن المساعي الحثيثة التي تبذلها الأمم المتحدة لمعالجة قضية تعود جذورها لما يقارب خمسة عقود، عاش خلالها الشعب الصحراوي مرارة الاحتلال الذي مارس عليه أبشع صور التعذيب والتنكيل والاغتيال.

الباحث بن قندوز عبد النور

وأكد بن قندوز أن الجزائر لم تُخْف يوما مساندتها للشعوب المضطهدة في العالم، معتبرة القضية الصحراوية مسألة تصفية آخر استعمار في القارة الإفريقية، وأن إتمام هذه التصفية يتم وفق ما تقتضيه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تكفل للشعوب حقها الثابت في تقرير المصير دون أي مساس أو تقادم.

وفي سياق متصل، صرح الأستاذ عزوز بركاني للأيام نيوز بأن المغرب يحاول التعويل على الدور الأمريكي من خلال ورقة التطبيع مع "إسرائيل"، معتبرا أن هذا التعويل يعد مناورة دبلوماسية تهدف إلى تغيير قواعد الصراع في الصحراء الغربية. وأوضح بركاني أن المراهنة على الدعم الأمريكي غير كافية وتكتسي طابع "المزاجية"، خاصة في ظل المنطق البراغماتي الذي تتبعه واشنطن، حيث يواجه هذا الرهان تمسّك الهيئة الأممية بالشرعية الدولية، إضافة إلى الضغط الدبلوماسي والسياسي الذي تمارسه الجزائر وجبهة البوليساريو، وعدم اعتراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، مع تمسكهما بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، كما يتضح من قرارات محكمة العدل الأوروبية الصادرة في 4 أكتوبر 2024، والتي قضت ببطلان اتفاقيات التجارة والزراعة والصيد المبرمة مع المغرب بسبب عدم موافقة الصحراء الغربية، وهو ما يُفهم منه اعتراف ضمني بسيادة الصحراء الغربية على إقليمها الجغرافي.

الدكتور عزوز بركاني

وأضاف بركاني أن حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، تواجه إدارة الرؤساء المتعاقبة غياب إجماع داخلي حول الملف الصحراوي، مشيرا إلى "التذبذب" الواضح بين مختلف الإدارات، كما حدث مع إدارة بايدن التي لم تصدر موقفا صريحا يعترف بقرارات ترامب بشأن الصراع.

وأشار بركاني أيضا إلى تصريحات جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي في فترة 2018–2019، الذي يمثّل جناح المحافظين الجدد، حيث أكّد في مقال نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" بتاريخ 29 مايو 2025، أن الادعاءات المغربية حول كون البوليساريو منظمة إرهابية هي "أكاذيب"، ودعا الولايات المتحدة إلى دعم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، مؤكدا ضرورة احترام الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.

وأضاف بركاني أن بولتون جدد هذا المطلب في مقابلة مع "راديو الثورة" بتاريخ 14 أوت 2025، مشيرا إلى أن إجراء استفتاء حر يتيح للصحراويين اختيار مستقبلهم هو الحل الأمثل، محذرا من أن التأخر في حل النزاع قد يؤدي إلى تداعيات أمنية تمتد من الساحل الإفريقي إلى أوروبا.

وأوضح أن المغرب وافق في سنة 1991 على إجراء استفتاء تقرير المصير، لكنه بدأ لاحقاً بوضع العراقيل خوفا من فوز الصحراء الغربية بالاستقلال، مضيفا أن خطة الحكم الذاتي المقترحة من المغرب تستخدم كوسيلة لتأجيل الاستفتاء، وأنها لا تمثّل بديلا عادلا لتقرير المصير وفق القانون الدولي.

وفي ذات السياق يشير الدكتور عزوز بركاني  الأمم المتحدة  تؤكد أن الجزائر لم تسعَ مطلقاً إلى طرح "حل بديل" يخدم مصالحها الخاصة، بل رافعت دوماً لصالح احترام الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، متمسكة بمبادئ العدالة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.