في كل عام، تعيد جائزة نوبل للسلام إشعال النقاش حول العلاقة المعقدة بين الأخلاق والسياسة، لكن الجدل هذا العام يوشك أن يتحول إلى مواجهة مفتوحة بين أوسلو وواشنطن. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر أن تجاهله يمثل "إهانة لأمريكا"، فيما يرى كثيرون أن منحه الجائزة سيشكل "إهانة لنوبل" ذاتها. وفي العاشر من أكتوبر، يقف العالم أمام مفارقة نادرة: إما أن تذهب الجائزة إلى رئيسٍ يبيع السلام بالكلام، أو إلى أصوات تصنعه بصمت وبلا ضجيج. فهل تكون الفضيحة من نصيب نوبل إذا خضعت لضغوط السياسة، أم الإهانة من نصيب أمريكا إذا خرج ترامب صفر اليدين؟
مع اقتراب موعد الإعلان السنوي عن جوائز نوبل، يتجدّد الجدل حول معايير الاختيار ومدى التزامها بروح القيم التي أوصى بها مؤسسها، خصوصا في ظلّ ما يرافقها من شبهات تسييس وتحيّز، جعلت الجائزة في كثير من الأحيان موضع تساؤل أكثر من كونها رمزا للنزاهة المطلقة. غير أن الأنظار تبقى موجهة، كالعادة، نحو جائزة نوبل للسلام، لما تمثّله من وزنٍ أخلاقي وسياسي يتجاوز الحدود الوطنية. وهذا العام، برز اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبيل إعلان الفائزين، بعدما حاول –بطرق مباشرة وأخرى ضمنية– التأثير في لجنة نوبل لنيل الجائزة، معتبرا أن تجاهله سيكون "إهانة للولايات المتحدة". لكنّ خبراء ومراقبين يرون أن فرصه شبه معدومة، إذ تتناقض سياساته القائمة على مبدأ "أمريكا أولا" مع فلسفة الجائزة التي تُكرّم التعاون الدولي والسعي الصادق نحو السلام.
وبينما يواصل ترامب الترويج لما يسميه "إنجازاته التاريخية" في إنهاء الحروب وطرح خططٍ للسلام، تحاول لجنة نوبل الدفاع عن استقلاليتها، مؤكدة أن قراراتها لا تتأثر بالضغوط الإعلامية أو السياسية، وأنها تميل إلى تكريم الأصوات التي تصنع السلام في الظل لا أمام الكاميرات. ومع ذلك، يبقى الشك قائما في قدرة الجائزة على البقاء خارج الحسابات السياسية، بعدما أثبت تاريخها أن نزاهتها ليست مطلقة، وأنها كثيرا ما وقعت أسيرة لمعادلات النفوذ والمصالح. وهكذا، يقف العالم مجددا أمام السؤال القديم الجديد: هل ما زالت جائزة نوبل للسلام تكافئ صانعي السلام حقا، أم أنها باتت أداة رمزية في لعبة السياسة الكبرى؟
لقد استمرّ ترامب في ممارسة ضغوطه غير المباشرة على لجنة نوبل للسلام، محاولا التأثير في مسارها من خلال تصريحات متكررة أعرب فيها عن امتعاضه من تجاهله، معتبرا ذلك "إهانة كبرى للولايات المتحدة". وفي خطاب أمام كبار القادة العسكريين الأمريكيين، تساءل بسخرية: "هل ستحصلون على جائزة نوبل؟ بالطبع لا. سيمنحونها لشخص لم يفعل شيئا على الإطلاق"، وأوضح ترامب أنه لا يسعى للجائزة بدافع شخصي، بل "من أجل البلاد"، كما قال، لأنها حققت –وفق روايته– إنجازات غير مسبوقة في إحلال السلام. وأعاد التذكير بما أسماه "خطة السلام" لإنهاء الحرب في غزة، مؤكدا أنه لو نجحت، فسيكون قد أنهى "ثماني حروب في ثمانية أشهر"، في ما وصفه بـ"الإنجاز العظيم".
وساق ترامب قائمة طويلة بالنزاعات التي زعم أنه أوقفها: بين كمبوديا وتايلاند، كوسوفو وصربيا، الكونغو الديمقراطية ورواندا، باكستان والهند، "إسرائيل" وإيران، مصر وإثيوبيا، وأرمينيا وأذربيجان. غير أن مراقبين يؤكدون أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي وثائق أو اتفاقيات رسمية، وأنها تمثل محاولة سياسية لاستثمار اسم نوبل في حملته الدعائية، أكثر مما تعكس واقعا دبلوماسيا ملموسا.
خبراء: حظوظ ترامب "معدومة"
يؤكد عدد من الخبراء في الشؤون الدولية وتاريخ جائزة نوبل أن فوز دونالد ترامب بالجائزة غير وارد إطلاقا. ويرى المؤرخ النرويجي إيفيند ستينرسن، المتخصص في تاريخ الجائزة، أن ترامب يتناقض مع القيم التي تقوم عليها نوبل للسلام، موضحا أن الجائزة تحتفي بالتعاون المتعدد الأطراف وروح الأمم المتحدة، بينما يمثل ترامب اتجاها أحاديا يقوم على شعار «أمريكا أولا»، وهو نقيض لفكرة التضامن الدولي.
ويشير كريم حجاج، مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إلى ضرورة أن تركّز اللجنة على الجهات التي تبني السلام فعلا بعيدا عن الأضواء، داعيا إلى تكريم الوسطاء المحليين والعاملين الإنسانيين في النزاعات المنسية، بدلا من السياسيين الذين يستخدمون لغة السلام لأغراض دعائية. ويضيف: "من الأجدر أن تكرّم الجائزة هذا العام الأصوات التي تنقذ الأرواح في السودان والساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، لا السياسيين الذين يبيعون الوهم في المؤتمرات الصحفية."
تشمل الترشيحات البارزة هذا العام مبادرات إنسانية مثل غرف الطوارئ في السودان، وهي شبكات تطوعية توفّر المساعدات الغذائية والطبية في مناطق النزاع، إلى جانب منظمات الدفاع عن الصحافيين مثل «مراسلون بلا حدود» و«لجنة حماية الصحافيين»، في عام شهد استشهاد عدد غير مسبوق من الإعلاميين، خصوصا في قطاع غزة. وتقول نينا غراغر، مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO)، إن "عدد الصحافيين الذين سقطوا هذا العام لم يسبق له مثيل"، معتبرة أن منح الجائزة لهم سيكون "اعترافا ببطولة الحقيقة في وجه آلة الحرب".
اللجنة ترد: قراراتنا لا تخضع للضغوط
أمام الضجة التي يثيرها ترامب، شدد كريستيان بيرغ هارفيكن، أمين سر لجنة نوبل، على أن اللجنة تدرك حجم الاهتمام الإعلامي الذي يرافق ترشيح الشخصيات المعروفة، لكنها تحافظ على معاييرها المستقلة ولا تسمح للتغطية الإعلامية أو الضغوط السياسية بالتأثير في قراراتها. وأضاف أن المناقشات داخل اللجنة تقوم على تقييم موضوعي لملفات المرشحين، بعيدا عن الحملات الدعائية أو الحسابات الدبلوماسية. هذا الموقف يكرّس استقلالية الجائزة في وجه محاولات تسييسها، سواء من زعماء يسعون إلى تلميع صورتهم أو من جهات تحاول توجيه قراراتها لخدمة أجندات معينة.
يرى محللون أن سعي ترامب وراء الجائزة لا يرتبط فقط برغبته في الاعتراف بجهوده الدبلوماسية، بل أيضا برغبة شخصية في الانتقام الرمزي من اللجنة التي منحت الجائزة لباراك أوباما عام 2009 بعد أشهر من توليه الحكم، وهو قرار أثار غضب ترامب منذ ذلك الحين ودفعه إلى اتهام اللجنة بازدواجية المعايير.
في ظل هذا الجدل، يدعو كثير من الخبراء إلى أن تذهب الجائزة هذا العام إلى مبادرات إنسانية مستقلة أو منظمات محلية تعمل في مناطق النزاع، لا إلى رؤساء الدول. فالعالم يشهد اليوم حروبا متصاعدة في السودان والقرن الإفريقي وأزمات ممتدة في غزة وأوكرانيا، ما يجعل تكريم صانعي السلام الحقيقيين أكثر انسجاما مع إرث نوبل. وكما يقول كريم حجاج: "السلام لا يصنعه الزعماء الذين يفاوضون أمام الكاميرات، بل أولئك الذين يحمون الحياة في صمت، في الميدان لا في المؤتمرات."
وفي مطلع أكتوبر، عنونت صحيفة الإندبندنت البريطانية صفحتها بسخرية: "الاحتمال السخيف: ترامب مرشح لجائزة نوبل للسلام." وجاء المقال في نبرة تجمع بين الدهشة والتهكم، متسائلا عما إذا كانت لجنة نوبل فقدت بوصلتها الأخلاقية، وسخرت الصحيفة من "خطة ترامب للسلام في غزة"، المكونة من عشرين بندا، ووصفتها بأنها "مشروع عقاري من عشرين طابقا"، إذ بدا ترامب كأنه يروّج لصفقة تجارية أكثر مما يقدّم رؤية إنسانية، يبيع فيها الوهم بمهارة سمسار محترف لا دبلوماسي يسعى إلى السلام.
نوبل بين العبث والرمزية
مضت صحيفة الإندبندنت في سخريتها لتصف كيف أعلن ترامب، بطريقته المعتادة التي تمزج بين التفاخر والمبالغة، عن تأسيس كيان أسماه "مجلس السلام"، قائلا بثقة: "سيترأسه رجل معروف باسم الرئيس دونالد ج. ترامب، رئيس الولايات المتحدة... هذا ما أريده، فهناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه، لكنه عمل مهم للغاية، وأنا مستعد للقيام به."
ورغم الطابع الساخر الذي غلّف المقال، اعترفت الصحيفة بوجود مفارقة لافتة: فحتى الرؤساء الأمريكيين الذين ارتبطت أسماؤهم بمساعي السلام، مثل جيمي كارتر أو بيل كلينتون، لم يطلقوا مبادرات بهذا الحجم وفي مثل هذه الظروف المعقدة. لذلك اعتبرت الإندبندنت أن خطة ترامب فريدة في ضجيجها السياسي لا في مضمونها.
لكن المفارقة الكبرى – كما تتابع الصحيفة – تكمن في التحالف الذي جمعه ترامب لدعم رؤيته، إذ ضم شخصيات ودولا مثيرة للجدل، أبرزها توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق والمبعوث الأممي السابق للشرق الأوسط، الذي يُلقب بـ"مهندس الكارثة العراقية". وبدا بلير، رغم تاريخه الملطخ بحرب العراق، مستعدا للعودة إلى واجهة المشهد بصفة "وسيط من أجل السلام"، في مشهد يعيد تدوير وجوه الماضي في أدوار جديدة.
ولم تغفل الإندبندنت الإشارة إلى أن كثيرين ما زالوا يعتبرون بلير مجرم حرب بسبب اجتياح العراق عام 2003، وأن مشاركته في أي مشروع للسلام تمثل تناقضا صارخا مع سيرته السياسية. ومع ذلك، تؤكد الصحيفة أن بلير لا يرى ما يستوجب الاعتذار، بل يعتقد أن ما فعله كان لمصلحة العالم، الأمر الذي يجعل فكرة ترشيحه مع ترامب لجائزة نوبل "سخافة صريحة"، على حد تعبيرها، لأن الرجلين كانا جزءا من أكثر العقود دموية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
ورغم وجاهة السخرية البريطانية، فإن تاريخ جائزة نوبل للسلام لا يخلو من مفارقات مشابهة، بل ومحرجة أحيانا. فالجائزة التي أرادها ألفريد نوبل تكريما لـ"من يسهم في تعزيز الأخوّة بين الشعوب" تحولت في كثير من الأحيان إلى مرآة تعكس تناقضات العالم السياسية والأخلاقية.
وليست هذه المرة الأولى التي يظهر فيها اسم مثير للجدل ضمن قوائم الترشيح. فقد سُجلت عبر التاريخ أسماء مثل أدولف هتلر وبنيتو موسوليني وجوزيف ستالين، ممن مثّلوا وجها صارخا للعنف والطغيان، ومع ذلك طُرحوا يوما كمرشحين لجائزة يُفترض أن تكرم صُنّاع السلام.
في عام 1935، مثلا، ورد اسم موسوليني في قائمة الترشيحات في الوقت نفسه الذي غزا فيه إثيوبيا. كان المبرر آنذاك أنه "أعاد الاستقرار إلى إيطاليا"، وهو استقرار قام على الخوف والقمع. ومع أنه لم ينل الجائزة، لكن مجرد ترشيحه كشف مبكرا قابلية الجائزة للتسييس واستخدامها كأداة لخدمة المصالح الغربية.
أما في ألمانيا، فالمشهد لم يكن أقل عبثا. ففي عام 1939، ورد اسم هتلر نفسه ضمن الترشيحات لجائزة نوبل للسلام. ولم يكن ذلك ترشيحا جديا، بل سخرية سياسية من نائب في البرلمان السويدي أراد الاحتجاج على ترشيح رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين، الذي وقّع اتفاق ميونيخ مع هتلر ووُصف حينها بـ"منقذ السلام الأوروبي". لكن المفارقة أن الترشيح الساخر لم يُفهم كما أراد صاحبه، ليتحول إلى أزمة دبلوماسية حقيقية انتهت بسحب الترشيح بعد موجة استنكار واسعة.
من ستالين إلى كيسنغر.. سلامٌ بنكهة الحرب
بعد الحرب العالمية الثانية، عاد الجدل مجددا مع ترشيح جوزيف ستالين مرتين، عامي 1945 و1948. فالرجل الذي قاد واحدة من أكثر مراحل القمع دموية في القرن العشرين رُشح لجائزة "السلام" لمجرد مشاركته في هزيمة النازية. وجاء ذلك في زمنٍ غلبت فيه البراغماتية على الأخلاق، حين وجدت العواصم الغربية وموسكو مصلحة مشتركة في "الاستقرار العالمي"، حتى وإن كان الثمن التغاضي عن المجازر. لكن أكثر الترشيحات إثارة للجدل ظهر لاحقا مع اسم هنري كيسنغر، وزير الخارجية الأمريكي في عهد نيكسون.
فعندما نال كيسنغر الجائزة عام 1973 مناصفة مع الزعيم الفيتنامي الشمالي لو دوك ثو، رأى كثيرون أن اللجنة منحت التكريم "لمهندس الحرب لا لصانع السلام". تصاعدت الاحتجاجات حينها، واستقال عضوان من لجنة نوبل، بينما وصفت نيويورك تايمز القرار بأنه "منح جائزة نوبل للحرب".
لم يكن المشهد أفضل في العقود التالية. فالحائزة على الجائزة عام 1991 أونغ سان سو تشي، التي عُدّت رمزا للنضال السلمي ضد الديكتاتورية، تحوّلت بعد وصولها إلى الحكم إلى نموذج للصمت والإنكار أمام جرائم الإبادة ضد الروهينجا. وعندما طُرحت فكرة سحب الجائزة منها، اكتشفت لجنة نوبل أن قوانينها لا تتيح ذلك، لتجد نفسها أسيرة قرارها الأخلاقي والسياسي معا.
حين يصبح "الرمز" عبئا
كان المهاتما غاندي أكثر من جسّد روح جائزة نوبل للسلام، لكنه لم ينلها رغم ترشيحه خمس مرات. اغتيل عام 1948 دون أن يُكرَّم رسميا، ليصف أحد رؤساء اللجنة لاحقا هذا التجاهل بأنه "أكبر خطأ في تاريخ نوبل". بدا واضحا أن اللجان فضّلت مراعاة التوازنات السياسية على حساب القيم التي أرادها ألفريد نوبل.
وفي القرن الحادي والعشرين، استمر الجدل مع منح باراك أوباما الجائزة عام 2009 بعد تسعة أشهر فقط من توليه الرئاسة، وقبل أن يحقق أي إنجاز فعلي في مجال السلام. وقد تساءل أوباما نفسه لاحقا: "مقابل ماذا حصلت على الجائزة؟" فالجائزة بدت آنذاك مكافأة على "الأمل" لا على "الإنجاز"، وعلى "الرمز" لا على "الفعل".
تكرر المشهد عام 2019 حين مُنحت الجائزة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بعد توقيعه اتفاق سلام مع إريتريا. وبعد عام واحد فقط، غرقت بلاده في حرب تيغراي المروعة. وهكذا تحوّلت الجائزة التي مُنحت على عجل إلى عبء أخلاقي على اللجنة نفسها، وأضيف فصل جديد إلى سجل قراراتها المثيرة للجدل.
ومنذ إنشائها عام 1901، سعت جائزة نوبل للسلام إلى تكريم من يعملون لجعل العالم أكثر أمنا وإنسانية، لكن تاريخها كشف أنها كانت، في كثير من الأحيان، ساحة صراع بين المبادئ والمصالح. فقد تراوحت قرارات اللجنة بين تمجيد الشجاعة المدنية وبين إرضاء القوى الكبرى، وبين المثالية الأخلاقية والواقعية السياسية.
المفارقة الكبرى تكمن في أن الجائزة التي أرادها رجل اخترع الديناميت وسيلة للتكفير عن العنف، تحولت إلى أداة تتأرجح بين السياسة والأخلاق. لذلك حين تسخر الإندبندنت من احتمال ترشيح ترامب، فهي لا تضحك عبثا، فالتاريخ يؤكد أن العبث بالجائزة قديم ومألوف، وأن حدود "السخافة" في بعض الترشيحات السابقة تجاوزت كل تصور.
ومهما يكن فإن نوبل للسلام تظل مرآة صادقة لوجه العالم: عالم يخلط بين القوة والفضيلة، وبين الخطاب والفعل، وبين السلام كقيمة أخلاقية والسلام كصفقة سياسية. ولهذا يبقى السؤال الحقيقي: هل ما زالت الجائزة قادرة على التمييز بين من يصنع السلام ومن يتحدث عنه؟
نوبل الآداب والعلم.. تكهنات موازية
بعيدا عن السياسة، تتجه الأنظار هذا العام أيضا إلى جوائز الأدب والعلوم. فقد تصدر الكاتب السويسري كريستيان كراخت الترشيحات الأدبية بعد حضوره اللافت في معرض غوتنبرغ للكتاب، بينما يرجح أن تذهب جائزة الطب لاكتشافات حول آليات المناعة الفطرية وتحديد الخلايا الجذعية لسرطان الدم. وفي الأوساط العلمية، تتواصل التساؤلات حول أثر سياسات الإدارة الأمريكية السابقة، خاصة قرارات ترامب بخفض تمويل الأبحاث الطبية، على مستقبل الابتكار العلمي في بلاده.
ومع اقتراب العاشر من أكتوبر، يترقب العالم قرار لجنة نوبل النرويجية لمعرفة الاتجاه الذي ستسلكه الجائزة هذا العام. فبينما يرى ترامب نفسه المرشح الطبيعي لما يسميه "إنجازاته التاريخية"، يعتقد كثيرون أن التكريم سيذهب إلى جهة تعمل في الظل، تنقذ الأرواح وسط الدمار، دون خطابات ولا مؤتمرات. وهكذا تبقى نوبل للسلام عنوانا لصراع رمزي بين من يزرع السلام فعلا ومن يتاجر باسمه. وفي النهاية، تذكّر الجائزة الجميع بحقيقتها الأبدية: السلام لا يُمنح لمن يطالب به، بل لمن يصنعه بيده.