من المفترض أن يشهد شهر سبتمبر الجاري ـ حسب اتفاق سابق ـ لقاءً يجمع الدكتور علام هيشام ـ الأمين العام للنقابة الوطنية للأطباء ـ بزعيم المركزية النقابية عمار تاقجوت لدراسة جملة المطالب التي يرفعها الأطباء والتي من بينها "التوظيف المباشر لأزيد من 4 آلاف طبيب بطّال في قطاع الصحة، لسدّ العجز الذي تعاني منه المستشفيات والوحدات الصحية ومختلف هياكل القطاع فيما يخص فئات: (الأطباء العامّون والمختصّون وطاقم التمريض)، عبر مختلف ولايات الوطن. اللقاء المنتظر تمت برمجته - خلال الندوة الوطنية لمبادرة "تعزيز التلاحم وتأمين المستقبل" التي انعقدت أوت الماضي، وقد طرح خلالها الدكتور علام هيشام مطالب قطاع الصحة، ليكشف بالمناسبة، أن الأطباء سيلتقون في سبتمبر ـ الشهر الجاري ـ مع الأمين العام للمركزية النقابية، لأنهم يفضلون سياسة الحوار مع الجهات المختصّة عوض التصعيد، مشيرا ـ في ذات السياق ـ إلى وجود العديد من العراقيل التي تحول دون تجسيد المطالب المرفوعة، مؤكدا أن عمال القطاع لا يزالون ينتظرون إعادة الاعتبار لهم. لكن هذا اللقاء الذي كان يعوّل عليه الأطباء قد يتأخر، بسبب ما يروج من أنباء تخصّ المركزية النقابية التي تتجه قيادتها إلى تجديد كلي يمس "جميع" أعضاء الأمانة الوطنية المنتهية عهدتهم، وذلك خلال اجتماع للجنة التنفيذية الوطنية من المرتقب انعقاده يوم 16 سبتمبر الجاري بالعاصمة، وهو الاجتماع الأول لهذه الهيئة خلال عهدة الأمين العام الجديد عمار تاقجوت، وبالتالي فإن اللقاء مع الأطباء سيكون بعد أن تستقر الأمور في بيت المركزية النقابية. وفي خطوة أخرى، ناشد علام هيشام رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، "من أجل التدخل العاجل، لأجل توظيف أزيد من 4 آلاف طبيب بطّال في قطاع الصحة، والذي سيسمح ـ حسبه ـ بتحسين وترقية التغطية الصحية وحل مشكل الصحة الجوارية على مستوى البلديات والحرص على تغطية شاملة لمناطق الظل عبر الوطن". وكان الأمين العام للنقابة الوطنية للأطباء، قد أوضح في تصريح لـ«الأيام نيوز»، بأن "توظيف البطّالين المتخرجين منذ سنوات هو حقّ مشروع للنخبة الجزائرية التي سخّرت نفسها من أجل خدمة الوطن والمواطن بالدرجة الأولى، ولن يكلّف الخزينة العمومية"، وطالب الدكتور علام هيشام الجهات الوصية "بالتدخل لدراسة كل المشاكل العالقة، وفق الدستور والقانون الأساسي وحل جميع انشغالات الأطباء". وأكّد الدكتور علام هيشام على ضرورة "تجسيد هذا المشروع للقضاء على مشكل التغطية الصحية خاصة بالجنوب الكبير والمناطق النائية"، وحسبه فإن "توظيف الدكاترة البطالين من شأنه تخفيف الضغط على مستوى الاستعجالات الطبية عبر الوطن". إلى جانب ذلك، يرى رئيس التنسيقية الوطنية للأطباء أن "تكوين آلاف الأطباء كل عام غير كاف لإنجاح المنظومة الصحية دون توظيف هؤلاء الأطباء والعمل على متابعة تكوينهم"، ودعا المتحدث إلى "ضرورة اللجوء إلى التوظيف المباشر للأطباء في ظل النقص الحاد الذي تعاني منه المستشفيات عبر ربوع الوطن". وأشار النقابي إلى أن "أرقام البطالة وسط الأطباء ترتفع من سنة لأخرى، حيث أضحت نسبة البطالة وسط الأطباء عند 70 بالمائة، أي، ما يقدر بـ2000 طبيب جزائري يقفون على رصيف الانتظار في ظل شحّ المناصب والشروط المقيد بها لتوظيف هؤلاء الأطباء، وهو ما يجعل الكثير من خريجي الجامعات يفضّلون إكمال دراستهم في مختلف التخصّصات التي أصبح عدد المناصب فيها لا تمثل 20 بالمائة من عدد المتخرجين وهذا هروبا من البطالة، لأنه من الصعب جداً على الطبيب أن يصنف كبطال". الوضعية الاجتماعية الصعبة وفي السياق، أفاد المتحدّث بأن "الطبيب الذي لم يمارس المهنة، يفقد مع الوقت كل مكتسباته الجامعية لممارسة المهنة، وهو ما يجعله بعد التوظيف لسنوات من البطالة، قد يرتكب أخطاء طبية جسيمة في حق المرضى"، وعرّج المتحدث على "سياسة البيروقراطية في القطاع العام والمؤسسات الاستشفائية، وظهور البزنسة في القطاع الخاص"، مطالباً بزيادة عدد المناصب والتوظيف المباشر للأطباء للقضاء على مثل هذه الظواهر". من جانبها، أبدت الطبيبة، الدكتورة طليبة إيمان، في تصريح لـ«الأيام نيوز»، "استحالة الحصول على منصب عمل في ظل البيروقراطية المفروضة، وبسبب الانعدام التّام في مسابقات التوظيف، خاصة في ولاية عنابة التي تعاني من نقص فادح للأطباء في المستشفيات مع عدم وجود فرص للتوظيف بالرغم من تخرج مئات الأطباء كل سنة". وقالت الدكتورة طليبة إيمان، المتحصلة على شهادة دكتوراه في الطب - دفعة جانفي 2021 - كلية العلوم الطبية بجامعة عنابة، "إنها قد طرقت كل الأبواب من أجل الحصول على منصب عمل، لدى القطاع العام أو الخاص لكن مجهوداتها كلّها باءت بالفشل، وهي تعاني من شبح البطالة الذي يؤرّقها كثيرا، كونها متزوجة وأم لثلاثة أطفال". وحسبها فإنّ "هذه الوضعية المزرية أصبحت تؤثّر على الوضعية الاجتماعية للأطباء الذين لهم الحق في العيش الكريم في بلدهم"، وعبّرت قائلة "إنّنا نحن الأطباء نعاني من التهميش مقارنة بغيرنا من الجامعيين على غراء السلك الشّبه طبي، الذين يستفيدون من التّوظيف بمجرد حصولهم على الشهادة في إطار عقود التشغيل المبرمة لهذا الصدد". ودعت الدّكتورة طليبة إيمان، الجهات الوصية إلى "إيجاد حل لمشكلة هؤلاء الفئة من الأطباء ورفع الغبن عنهم، وكّلهم ثقة في رئيس الجمهورية الذي لن يدّخر أي جهد من أجل توفير مناصب شغل في ظل النقص الفادح للأطباء العامّين والخاصين والذي تعاني منه كافة المستشفيات"، كما طالبت المتحدّثة بضرورة "تمكين الأطباء من التّوظيف في أطار المعمول به لتوظيف عمال السّلك شبه الطبّي، حيث يتحصّل الطّبيب على منصب عمل فور تخرجه، في أطار عقد مبرم بينه وبين مديريات الصّحة الولائية". شبح البطالة ومن جهتها، ناشدت الدّكتورة عزوزي شيماء من ولاية قالمة، المتحصّلة على شهادة الدّكتوراه في الطب، دفعة أكتوبر 2022 كلية العلوم الطّبية بجامعة عنابة، رئيس الجمهورية ووزير الصحة من أجل توفير مناصب شغل، وتمكين الأطباء من التوظيف المباشر". وعبّرت الدّكتورة عزوزي شيماء في تصريح لـ«الأيام نيوز»، قائلة: "منذ تخرجي طرقت جميع الأبواب من أجل الحصول على منصب عمل، لدى القطاع العام أو الخاص لكن كل المجهودات باءت بالفشل، فقد أجريت ما يفوق عن 19 مقابلة شفوية على مستوى القطاع العمومي، ولكن إلى حدّ الساعة أنا أعاني شبح البطالة فأنا مثال حي عن الآلاف من الأطباء العاطلين عن العمل، متسائلة كيف لطبيب كرس حياته في طلب العلم أن يطلب العمل وكأنه يطلب صدقة؟". وتجدر الإشارة إلى أنه وضمن جلسات الحوار والتشاور المنظمة مع الشريك الاجتماعي، قبل أشهر، التقى وزير الصحة، عبد الحق سايحي، بأعضاء النقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية، استعرضت من خلاله النقابة وضعية فئة من مهنيي قطاع الصّحة، وبالخصوص الأطبّاء العامين حيث طالبت بضرورة إعادة الاعتبار والمكانة اللازمة للطبيب العام من خلال تمكينه من الاستفادة من إجراءات جديدة ضمن القوانين الأساسية التي يتم إعادة مراجعتها على غرار إدراج رتبة طبيب عام متخصّص في الصّحة العمومية". وبالمناسبة ذاتها، أعلن وزير الصحة عبد الحق سايحي عن إجراءات جديدة لفائدة الأطباء العامين على غرار استحداث مناصب ورتب جديدة، بالإضافة إلى إدراج تخصص طبيب عام للاستعجالات وذلك في سياق البرنامج المسطر من قبل الوزارة الوصية لاستحداث أو إعادة تهيئة مصالح الاستعجالات الطبية والجراحية لجميع التخصصات على مستوى كافة الهياكل الصحية عملا بتوجيهات رئيس الجمهورية. وفي هذا الصّدد، جدّد وزير الصحة التأكيد على أن "أبواب الحوار تبقى مفتوحة مع الشريك الاجتماعي من أجل تهيئة مناخ اجتماعي ملائم لتحسين المنظومة الصحية بشكل يخدم مهنيي القطاع والمواطن في وقت واحد، مقدما في ذات الوقت توجيهات إلى الإطارات المركزية بقطاعه لبذل أقصى ما في وسعهم لتحسين الأوضاع وإيجاد حلول لجميع المشاكل المطروحة".

