استشهد الشاعر والأكاديمي والمترجم الفلسطيني رفعت العرعير رفقة العديد من أفراد عائلته، إثر غارة صهيونية استهدفت منزل شقيقته شماليّ قطاع غزة. وكان الراحل أحد قادة جيل من الكتّاب الغزيّين الشباب الذين راهنوا على الكتابة بالإنكليزية لنشر قصصهم على أوسع نطاق ممكن. الراحل رفعت العرعير الذي استشهد قبل يومين، معروف أنه أكاديمي وشاعر ومترجم فلسطيني، من مواليد غزة، حاصل على درجة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي من جامعة بوترا بماليزيا عام 2017، كان أستاذا للأدب الإنكليزي بالجامعة الإسلامية في غزّة، وأحد أعمدة القسم الإنكليزي بالمركز الفلسطيني للإعلام. استشهد في السابع من ديسمبر 2023 جراء قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزّة رفقة شقيقه وشقيقته وأولادها الأربعة. ودرّس العرعير لسنوات طويلة الشعر والأدب الإنجليزيّين في الجامعة الإسلامية بغزة، إذ شرح أعمال شكسبير وتوماس وايت وجون دون ويلفريد أوين وغيرهم، وقام بتحرير كتابَيّ "غزة لا تصمت" و"غزة تكتب مرة أخرى". واستشهد في القصف شقيقه وشقيقته وأطفالها الأربعة أيضا. وكان العرعير المؤسس والمشرف على قسم الإعلام الاجتماعي (السوشيال ميديا) في المركز الفلسطيني للإعلام، وأحد مؤسسي مشروع "نحن لسنا أرقاما" الذي جمع مؤلفين من غزة بشخصيات أدبية من الخارج لمساعدتهم على كتابة قصص عن واقعهم بالإنكليزية. وكتب أحمد الناعوق صديق البروفيسور العرعير على منصة "أكس" أن "اغتيال" رفعت أمر "مأسوي ومؤلم وفاضح" و"خسارة فادحة". وبعد اغتيال العرعير مباشرة، كتب صديقه الشاعر الغزاوي مصعب أبو توهة، بدوره، على فيسبوك ـ ـ إن قلبه "محطم"، مضيفا: "صديقي وزميلي رفعت العرعير قُتل مع عائلته منذ دقائق، لا أستطيع تصديق ذلك". وكتب الصحفي الاستقصائي آسا وينستانلي أنه كان يرفض التسامح مع المشعوذين والانتهازيين من جميع المشارب السياسية، مشيرا إلى أن فلسطين كانت القضية الثابتة لديه، وأنه "كان دليلنا وملهمنا، كان سعيدا ومرحا ويرفع معنوياتنا بينما كان ينبغي أن ندعمه.. لا أعرف ماذا سنفعل بدونه.. قلوبنا تنزف لكننا سنلتقط قلمك الذي سقط أيها المناضل العزيز". من جهته، قال الكاتب والصحافي "رمزي بارود" عبر منصة "أكس": "أُرقد بسلام رفعت العرعير. سنظل نهتدي بحكمتك اليوم وإلى الأبد"، كما أشاد به الموقع الأمريكي المتخصص "لِيتْرِري هاب". المولد والنّشأة وُلد رفعت رفيق سعيد العرعير في حي الشجاعيَّة الواقع شرقي مدينة غزة يوم 23 سبتمبر 1979 من عائلة كافحت في ظل ظروف قاسية من أجل تعليم أبنائها، واستلهم رفعت شغفه بالعلم من قصة كفاح والدته من أجل الدراسة. وكان له شقيق يدعى حمادة استشهد في غارة جوية صهيونية عام 2014، وفي السابع من ديسمبر 2023 استشهد الدكتور العرعير مع شقيق آخر وشقيقة له وأبنائها الأربعة. وقد كان متزوجا وأبا لـ3 أبناء. الدراسة والتكوين درس العرعير المرحلة الابتدائية والثانوية في مدارس غزة، ثم توجه إلى الجامعة الإسلامية حيث حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنكليزية عام 2001، ومنها إلى جامعة "يونيفرستي كوليدج" بلندن، حيث حصل على الماجستير في الأدب الإنكليزي عام 2007، ثم انتسب إلى جامعة بوترا في ماليزيا وحصل على شهادة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي. المسيرة العلمية والنضالية لم يفصل العرعير بين مساره التعليمي وقضية بلده فلسطين، حيث اختار أن يكون اللسان الإنكليزي الناطق باسم وطنه المحتل لينقل واقع وحقيقة الاحتلال الصهيوني. ومنذ أن بدأ التدريس عام 2007، حرص على تعليم تلاميذه قواعد سرد الرواية الفلسطينية التي تمزج بين الحياة والمقاومة لينقلها إلى العالم عبر جسور الإنكليزية التي أجادها وامتهن تدريسها. وتحتل اللغة موقعا مركزيا في حياة العرعير، بما مثلته من أداة لتجاوز الحصار على فلسطين وروايتها، ووسيلة لبسط نقيض الأطروحة الصهيونية، لذلك حرص طيلة الأعوام التي قضاها في غزة على تدريب طلابه وتطوير قدراتهم وتنمية معارفهم ليتمكنوا من المساهمة في سرد الرواية الحقيقية للقضية الفلسطينية، ومواجهة ما يبثه الإسرائيليون من سرديات وروايات كاذبة. وفي أعقاب العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2014، ساهم العرعير في أنشأ موقع "نحن لسنا أرقاما" من أجل توثيق حكايات وقصص شهداء العدوان. خلال العدوان الصهيوني على غزة ردا على عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023، ساهم العرعير في إنشاء صفحة "شهداء غزّة"، التي توثق صور وقصص الشهداء، ويعرّف الهدف من إنشائها بالقول "لأنهم ليسوا أرقاما، هُنا نحكي قصة الشهداء، حياتهم، ذكرياتهم، أحلامهم.. اكتبوا لنا وأرسلوا، لنحكي لكلّ العالم عن شهداء غزة". مسيرة أكاديمية وحرص العرعير على ترجمة كل ما يكتب على هذه الصفحة إلى الإنكليزية، ليصل إلى أكبر عدد ممكن من المتلقين من جميع الشعوب والفئات؛ إيمانا منه بأن اللغة وسيلة للتحرر من الحصار الصهيوني المطبق على غزة، ووسيلة بثّ فوري تتحدى جدار الفصل الفكري والأكاديمي والثقافي الذي تحاول سلطة الاحتلال تطويق الفلسطينيين به، وليلفت انتباه العالم إلى بشاعة ما يحدث في غزة خاصة، وفي فلسطين عامة. وطوال مسيرته الأكاديمية والمهنية، سعى العرعير إلى توثيق الرّواية الشّفويّة لكبار السّنّ من الفلسطينيين وسرد قصصهم، معتبرا أن التاريخ الشفهي الفلسطيني قادر على دعم استمرارية المقاومة في بعدها الثقافي، وأن اندثار هذا التاريخ بسبب وفاة هذه الفئة العمريّة أو بسبب التكنولوجيا الحديثة لا يخدم القضية الفلسطينية. وفسر العرعير هذا التوجه النضالي حيث قال: "كفلسطينيين تحت الاحتلال، تتجاوز رواية القصص القيمة التعليمية إلى الحاجة الملحة لامتلاك روايتنا، وهو الأمر الذي يعيد القوة للمجتمع بدلا من النخبة. إن القصص التي يمكن أن يرويها الناس عن أرض ما هي إلا دليل على حقهم في تلك الأرض". وخلال العدوان الصهيوني على غزة 2023، ظهر العرعير إعلاميا على العديد من القنوات التلفزية الغربية الناطقة بالإنكليزية، حرصا منه على فضح جرائم العدوان بحق القطاع وإيصال صوت غزة إلى العالم الخارجي، كما أعلن عن رفضه مغادرة شمال غزة رغم القصف الصهيوني. الوظائف
-
عام 2007، عمل أستاذا بالجامعة الإسلامية في غزة متخصصا بالأدب العالمي والكتابة الإبداعية.
عمل في القسم الإنكليزي بالمركز الفلسطيني للإعلام.
مؤسس ومشرف قسم الإعلام الاجتماعي بالمركز الفلسطيني للإعلام.
-
نُشر للعرعير، عام 2014، كتاب "غزة تعود للكتابة" وبعد عام "غزة تخرج عن صمتها".
كما نَشر العديد من المقالات بالإنكليزية في صحف غربية مثل افتتاحية لنيويورك تايمز سنة 2021.

