اتخذ الدخول المدرسي في الجزائر -هذا العام 2024-2025- طابعا استثنائيًا إذ عكست أجواؤه مستوى التحضيرات المكثّفة التي بذلتها وزارة التربية الوطنية والهيئات الحكومية المعنية، مما ضمن انطلاقة موسم دراسي ناجح. ويُعتبر هذا الموعد السنوي، الذي انتظره ملايين التلاميذ واستمتعوا به -مع أولياء الأمور- أكثر من مجرّد بداية لموسم دراسي جديد، فهو خطوة محورية نحو تحسين جودة التعليم وتحديث المنظومة التعليمية بما يتماشى مع الرؤية الوطنية الرامية إلى توسيع آفاق التعليم وتطويرها. خلال فترة التحضيرات، قامت وزارة التربية الوطنية بوضع خطة شاملة تتضمن توظيف آلاف الأساتذة وترقية الموظفين، إلى جانب الاهتمام بالجانب الرقمي الذي أصبح جزءًا أساسيًا من التعليم الحديث. كما شهدت البلاد عمليات واسعة لتجهيز المؤسسات التعليمية وتزويدها بالبنية التحتية الضرورية، فضلاً عن المبادرات الصحية والاجتماعية التي تهدف لضمان بيئة تعليمية آمنة وشاملة. هذه الجهود لم تقتصر على قطاع التربية وحده، بل تعاونت العديد من القطاعات الأخرى، على غرار الداخلية والجماعات المحلية، لتوفير الدعم اللوجستي المطلوب. ومع بداية دخول قطاع التربية الوطنية في عصر الرقمنة بشكل أكثر رسوخا، تبدو التوقعات المستقبلية للتعليم في الجزائر مشرقة، وسط تطلعات نحو تقديم تعليم ذو جودة أفضل ومستقبل أكثر استقرارًا لأجيال المستقبل. جهود مبذولة لضمان دخول مدرسي ناجح بينما كانت وزارة التربية الوطنية تستعد للدخول المدرسي لعام 2024-2025، اتخذت خطوات هامة لضمان نجاح هذا الحدث البارز الذي يشمل نحو 12 مليون تلميذ موزعين على مختلف المراحل التعليمية. ويشرف على هذه العملية طاقم تربوي يتجاوز عدد أفراده 1 مليون مؤطر، منهم 611.727 أستاذًا وأستاذة و5.465 إداريًا. كانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي تعزيز الطاقم التعليمي والإداري، فقد أعلن الوزير عبد الحكيم بلعابد في إحدى تصريحاته الأخيرة عن ترقية أكثر من 94 ألف موظف في القطاع إلى رتب أعلى، بالإضافة إلى توظيف أكثر من 254 ألف مستخدم جديد. يشمل هذا التوظيف إدماج أكثر من 103 ألف موظف كانوا يعملون ضمن جهاز المساعدة على الإدماج المهني والاجتماعي، مما يعكس التزام الحكومة بتحسين ظروف العمل وتعزيز استقرار القطاع التعليمي. بالإضافة إلى ذلك، قررت الوزارة توظيف قرابة 34 ألف خريجاً من المدارس العليا للأساتذة، وهو ما يمثل دفعة جديدة من الكوادر التعليمية المؤهلة. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تم أيضاً توظيف ما لا يقل عن 13 ألف أستاذ لتدريس اللغة الإنكليزية في الطور الابتدائي، وهي خطوة جديدة ومهمة تهدف إلى إدخال اللغة الإنكليزية في مناهج التعليم الابتدائي. كما تم توظيف 16 ألف أستاذ لتدريس التربية البدنية، وهو قرار يساهم في تطوير الأنشطة الرياضية داخل المدارس، بعدما كان تدريس هذه المادة موكلاً سابقاً لأساتذة اللغة العربية. وفيما يتعلق بالدعم المالي للأسر، نفذت وزارة التربية تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتوزيع المنحة الدراسية المقدرة ب 5000 دينار جزائري على مستحقيها، حيث تم تحقيق نسبة توزيع تجاوزت 99% قبل بدء العام الدراسي بشهر كامل. هذا الإجراء يعكس حرص الدولة على مساعدة أولياء الأمور في تغطية نفقات التمدرس وتهيئة أبنائهم بشكل مناسب للدخول المدرسي. وفيما يخص الكتاب المدرسي، أشار وزير التربية عبد الحكيم بلعابد إلى أن 40% من المتمدرسين حصلوا على الكتب المدرسية مجانًا، مع توزيع 80 مليون كتاب قبل بدء العام الدراسي، ما يعكس جاهزية الوزارة واستعدادها لضمان دخول مدرسي ناجح. كما ركزت الوزارة على تعميم التعليم التحضيري، بهدف الوصول إلى تغطية كاملة بنسبة 100%، بعد أن كانت نسبة التعليم التحضيري لا تتجاوز 56% في السنوات السابقة. هذا التعميم يهدف إلى تعزيز مهارات الأطفال في مرحلة مبكرة، مما يساهم في تحسين مستوى التحصيل الدراسي على المدى الطويل. أحد الجوانب المهمة التي اهتمت بها الوزارة هو تخفيف وزن المحفظة المدرسية، حيث تم تطبيق مدونة الأدوات المدرسية التي تأخذ بعين الاعتبار البعدين البيداغوجي والاجتماعي، مما سيسهم في تحسين تجربة التلاميذ اليومية وتخفيف العبء عنهم. وفي ظل هذه الجهود المتكاملة، تبقى وزارة التربية الوطنية ملتزمة بضمان بيئة تعليمية مثالية وتوفير كل ما يلزم لنجاح العام الدراسي الجديد، مع متابعة دقيقة لكل جوانب العملية التعليمية لضمان تنفيذ الخطط المعتمدة وفق الأطر الزمنية المحددة. دعم وتنسيق وتعاون وثيق نجاح الدخول المدرسي 2024-2025 لم يكن ليتم دون التعاون الوثيق بين قطاعات حكومية عدة، التي ساهمت بجهودها المتكاملة لضمان بيئة تعليمية آمنة ومنظمة. في هذا الإطار، لعبت وزارة الداخلية والجماعات المحلية دورًا محوريًا في تجنيد البلديات والمؤسسات المحلية لتقديم الدعم اللوجستي المطلوب، حيث شاركت البلديات بشكل مباشر في تحسين البنية التحتية للمدارس وتجهيزها، إلى جانب ضمان توفير وسائل النقل المدرسي في المناطق النائية، ما يضمن وصول التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية بشكل آمن وسلس. كما برز دور وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية في ربط المؤسسات التعليمية بشبكة الإنترنت، وهو ما يُعتبر خطوة هامة نحو تعزيز التعليم الرقمي. حيث تم تسريع وتيرة الربط بشبكات الإنترنت لضمان استفادة التلاميذ والمعلمين خاصة في بعض المدارس النموذجية من الوسائل التكنولوجية الحديثة، مما يسهم في تحسين العملية التعليمية وتطوير طرق التدريس بما يتناسب مع العصر الرقمي. بالإضافة إلى ذلك، كانت المحافظة السامية للرقمنة شريكًا في هذا المشروع، حيث ساهمت في رقمنة العديد من العمليات الإدارية المرتبطة بالتسجيل، وإدارة بيانات التلاميذ والمعلمين، مما أسهم في تسهيل وتسريع الإجراءات وضمان الشفافية في التسيير. ومن جهة أخرى، قامت الأسلاك الأمنية بدور استثنائي في تأمين عملية الدخول المدرسي، حيث شاركت الشرطة والدرك الوطني في توفير بيئة آمنة للتلاميذ والأولياء خلال اليوم الأول من الدخول المدرسي. وضمن هذا السياق، وضعت قيادة الدرك الوطني خطة أمنية خاصة للدخول المدرسي، تضمنت نشر وحدات أمن الطرقات في المناطق الحساسة وتسهيل حركة المرور بالقرب من المؤسسات التعليمية. كما تم توزيع فرق من الدرك والشرطة في محيط المدارس لضمان سلامة التلاميذ عند دخولهم وخروجهم، وضمان سير العملية التعليمية بدون أي عوائق. كما بادرت الأسلاك الأمنية بتنظيم حملات توعوية بالتنسيق مع الجهات المعنية، تستهدف التلاميذ وأولياء الأمور على حد سواء، حول مخاطر انتشار الآفات الاجتماعية في الوسط المدرسي، والتدابير الوقائية للحد من حوادث المرور التي قد تحدث أثناء تنقل التلاميذ. هذه الحملات ليست فقط لتعزيز الأمن المدرسي، بل تهدف إلى بناء وعي مجتمعي يحمي الأجيال الصاعدة من المخاطر المحتملة. وبفضل هذا التنسيق الفعّال بين القطاعات، والتزام كل جهة بدورها، باتت العودة المدرسية في الجزائر نموذجًا للتعاون الحكومي المشترك، مما يسهم في تقديم أفضل تجربة تعليمية للتلاميذ في بيئة آمنة ومحفزة. مؤسسات تربوية جديدة وتحسين البنية التحتية وضمن التحضيرات نفسها، عملت وزارة التربية الوطنية على تحسين البنية التحتية للمؤسسات التعليمية بشكل شامل، مما يعكس الالتزام بتوفير بيئة تعليمية تليق بالتلاميذ وتساهم في تحسين جودة التعليم. وفي هذا الصدد، تم تخصيص 604 مؤسسة تربوية جديدة بين ثانوية ومتوسطة وابتدائية وأقسام إضافية لتعزيز هياكل الاستقبال عبر ربوع الوطن. كما تم تجهيز المؤسسات التربوية بكافة الوسائل الضرورية، بدءًا من تحسين وسائل التدفئة داخل الفصول الدراسية في المناطق الباردة، مرورا بوسائل التكييف في مدارس المناطق الصحراوية، وصولًا إلى تجهيز المطاعم المدرسية التي فتحت أبوابها في أول يوم من الدخول المدرسي لتوفير وجبات صحية ومتوازنة للتلاميذ. أحد الجوانب الهامة في تحسين البنية التحتية هذا الموسم هو تجهيز مكاتب الكشف والمتابعة الصحية داخل المدارس، لضمان رعاية صحية مستمرة للتلاميذ ومتابعة حالتهم الصحية. هذا الاهتمام بالجانب الصحي لا يقتصر على البنية التحتية، بل يشمل أيضًا توفير البروتوكولات الصحية الوقائية اللازمة للحفاظ على سلامة التلاميذ والعاملين في المؤسسات التعليمية. وفي خطوة لافتة، قامت وزارة التربية الوطنية بتوزيع الكتب المدرسية على المؤسسات التعليمية ونقاط البيع والمكتبات قبل انطلاق الموسم الدراسي. هذا التوزيع المبكر يهدف إلى تجنب أي تأخير قد يعرقل انطلاق الدروس في وقتها المحدد. كما تم اتخاذ كافة التدابير لضمان توفر الكتب في جميع المدارس والمكتبات، حيث يمكن للأولياء والتلاميذ الحصول عليها بسهولة، مع ضمان تنسيق العملية لتفادي الازدحام وضمان سلاسة التوزيع. من جهة أخرى، وضمن جهود الرقمنة التي تسعى إليها الجزائر، تم تزويد 1700 مدرسة ابتدائية بألواح رقمية، ليرتفع العدد الإجمالي للمدارس المجهزة إلى 5000 مدرسة على مستوى التراب الوطني. هذه الخطوة تمثل تحولًا جوهريًا نحو التعليم الرقمي، حيث تُعد هذه الألواح الرقمية جزءًا من خطة شاملة لتعزيز التعليم التكنولوجي وتطوير أدوات التدريس بما يتماشى مع التطورات الحديثة في المجال التعليمي. ويعكس توفير هذه البنية التحتية للمؤسسات التربوية التزام الدولة بتحسين البيئة التعليمية، ليس فقط من خلال توفير الفصول الدراسية، بل بتقديم كل ما يلزم لتكون هذه المؤسسات بيئة محفزة على التعلم والنمو، تلبي احتياجات التلاميذ على مختلف المستويات. كما تؤكد هذه الاستثمارات في البنية التحتية على رؤية الحكومة نحو تحقيق تعليم ذو جودة عالية للجميع، مع التركيز على الاستدامة والتحول الرقمي. بروتوكول وتدابير صحية ووقائية وكانت التدابير الصحية والوقائية لضمان سلامة التلاميذ والأساتذة والحد من انتشار أي أمراض معدية داخل المدارس على رأس أولويات وزارة التربية الوطنية. حيث سبق الدخول المدرسي إجراءات صارمة لحماية التلاميذ والعاملين في المؤسسات التعليمية من الأمراض والعدوى، وذلك بهدف توفير بيئة تعليمية صحية وآمنة. أحد أهم التدابير المتخذة هو تطبيق بروتوكول للنظافة والتطهير داخل جميع المؤسسات التعليمية. إذ حرصت الوزارة بالتعاون مع السلطات المحلية على تنظيف وتطهير المدارس، بما في ذلك الفصول الدراسية، والمطاعم المدرسية، مع التأكيد على استخدام مواد التعقيم المناسبة. ولطالما كانت مسألة توفير الكتب المدرسية والأدوات التعليمية من التحديات التي تواجه نظام التعليم في الجزائر، وخصوصًا مع كل دخول مدرسي جديد. وفي إطار الاستعدادات للعام الدراسي 2024-2025، وضعت وزارة التربية الوطنية خطة محكمة لضمان توفيرها في جميع المؤسسات التعليمية بشكل مبكر، بما يتيح للتلاميذ بدء دراستهم دون أي تأخير. وفي هذا الصدد، تحصل أكثر من 4 ملايين تلميذ على الكتب المدرسية مجانًا، كما تم توزيع 80 مليون كتاب قبل بدء العام الدراسي، وهو ما يعكس جاهزية الوزارة واستعدادها لضمان دخول مدرسي ناجح. من جهة أخرى، أعلنت الوزارة عن نشر مدونة رسمية للأدوات المدرسية مخصصة للمراحل التعليمية الثلاث (الابتدائي، المتوسط، والثانوي) بهدف ترشيد استهلاك المستلزمات المدرسية وتخفيف العبء المالي عن الأسر. هذه المدونة تم إعدادها بعد دراسة دقيقة لاحتياجات كل مرحلة تعليمية، مع مراعاة البعدين البيداغوجي والاجتماعي للطلاب. كما تأخذ المدونة أيضًا البعد الصحي في الحسبان، حيث تهدف إلى تقليل الوزن الذي يحمله التلاميذ يوميًا من خلال تقليص عدد الأدوات غير الضرورية والتركيز على الكراريس والكتب التي تخدم المناهج الدراسية بشكل فعّال. وعلى الرغم من هذه الجهود، لا تزال بعض التحديات تواجه العملية التعليمية في بعض المدارس، خاصة في المناطق النائية التي قد تعاني من تأخر وصول الكتب أو صعوبة في الحصول على الأدوات المدرسية. وللتغلب على هذه العقبات، قامت الوزارة بالتنسيق مع المكتبات المعتمدة لضمان توفر الكتب والأدوات في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد نقاط بيع واضحة وتوعية الأولياء بالمواعيد والأماكن المخصصة للحصول على الكتب. وعلى صعيد آخر، تسعى الوزارة إلى عقلنة استغلال الأدوات المدرسية، خاصة الكراريس، حيث أظهرت الدراسات أن جزءاً كبيراً منها يبقى غير مستغل في نهاية العام الدراسي. من خلال هذه السياسة، تأمل الوزارة في الحد من إهدار الأدوات غير المستخدمة، مما يسهم في تخفيض تكلفة الأدوات المدرسية على المدى الطويل. وبفضل هذه التدابير والإجراءات، تهيأت الجزائر لدخول مدرسي أكثر تنظيماً فيما يخص توفير الكتب والأدوات المدرسية، مع التركيز على تيسير العملية للأولياء والتلاميذ وضمان أن جميع التلاميذ يمكنهم البدء في عامهم الدراسي مجهزين بشكل كامل. ومع ذلك، تبقى تحديات التوزيع واللوجستيات قائمة في بعض المناطق، ما يستدعي المزيد من التنسيق المستمر لتجاوزها. وفي إطار سعي الجزائر لمواكبة التطورات العالمية وتحقيق نقلة نوعية في نظامها التعليمي، جاء قرار إدخال اللغة الإنكليزية في المدارس الابتدائية في خطوة محورية نحو تعزيز التنوع اللغوي وتزويد الأجيال الصاعدة بمهارات لغوية تفتح أمامهم آفاقًا أوسع. وفي هذا الصدد تم هذا الموسم توظيف أكثر من 13,637 أستاذ متخصصًا في تدريس اللغة الإنكليزية على مستوى التعليم الابتدائي، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو تعزيز مهارات التلاميذ في هذه اللغة العالمية منذ مراحلهم التعليمية الأولى. إدخال اللغة الإنكليزية في المناهج الابتدائية لم يكن مجرد خطوة تعليمية، بل هو جزء من رؤية شاملة لتطوير النظام التعليمي في الجزائر وجعله أكثر توافقًا مع احتياجات العصر. اللغة الإنكليزية اليوم تُعد لغة العلم والتكنولوجيا، وبالتالي فإن تمكين التلاميذ من إتقانها منذ الصغر سيؤهلهم للتفوق في مختلف المجالات الأكاديمية والمهنية في المستقبل. إلى جانب ذلك، سيسهم إدراجها في تعزيز تنافسية الجزائر على المستوى العالمي، حيث يكتسب التلاميذ قدرة أكبر على التفاعل مع العالم الخارجي. أما بخصوص تطوير المناهج الدراسية بشكل عام، تم توجيه الاهتمام نحو المجالات الرياضية. في خطوة تهدف إلى تعزيز الأنشطة الرياضية في المدارس، حيث تم توظيف 16,212 أستاذ لتدريس التربية البدنية، بعدما كانت هذه المهمة توكل في السابق إلى أساتذة غير مختصين في هذا المجال. هذا التوجه يعكس اهتمام الوزارة بتعزيز اللياقة البدنية والصحة العامة للتلاميذ، بالإضافة إلى اكتشاف المواهب الرياضية التي قد تمثل الجزائر في المحافل الدولية مستقبلاً. تعزيز التعليم الإلكتروني والرقمنة في المدارس الجزائرية وفي ظل التوجه العالمي نحو الرقمنة واعتماد التكنولوجيا جزءا أساسيا في العملية التعليمية، أطلقت الجزائر العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز التعليم الإلكتروني في مدارسها. مع بداية العام الدراسي 2024-2025، جددت وزارة التربية الوطنية التزامها بالتحول الرقمي من خلال تزويد 1700 مدرسة ابتدائية جديدة بألواح إلكترونية، ليصل إجمالي المدارس المجهزة بهذه التكنولوجيا إلى 5000 مدرسة عبر التراب الوطني. هذه الخطوة تُعد جزءًا من خطة شاملة لتعزيز استخدام الأدوات الرقمية داخل الفصول الدراسية، بهدف تحسين جودة التعليم وجعل العملية التعليمية أكثر تفاعلية وابتكارًا. ومثّل إدخال الألواح الإلكترونية في بعض المدارس هي بداية نقطة تحول مهمة، حيث يمكّن التلاميذ الوصول إلى محتوى تعليمي متنوع بطريقة حديثة وجذابة، بالإضافة إلى تمكينهم من تطوير مهارات التعامل مع التكنولوجيا منذ الصغر. هذا لا يسهم فقط في تحسين مستوى التحصيل الدراسي، بل أيضًا في إعداد جيل قادر على التعامل مع التحديات المستقبلية التي تتطلب إلمامًا بالتكنولوجيا. علاوة على ذلك، تسهم الألواح الإلكترونية في تقليل الاعتماد على الكتب الورقية، مما يخفف من عبء المحفظة المدرسية ويساعد في تحسين تجربة التعلم. إلى جانب إدخال التكنولوجيا في الفصول الدراسية، أطلقت الوزارة مشروعًا كبيرًا لرقمنة العمليات الإدارية في المؤسسات التعليمية. من خلال هذه المبادرات، تم رقمنة عملية تسجيل التلاميذ، متابعتهم، وإدارة بياناتهم، بالإضافة إلى عمليات التواصل بين المعلمين وأولياء الأمور. وهي المبادرات التي ساهمت في تقليل الفجوة بين مختلف الأطراف المعنية بالعملية التعليمية. دور المحافظة السامية للرقمنة كان حاسمًا في هذا التحول، حيث تم التنسيق بين مختلف القطاعات لتسريع وتيرة رقمنة المؤسسات التعليمية. شملت هذه الجهود توفير شبكات الإنترنت في المدارس بالتعاون مع وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، خاصة في المناطق النائية التي كانت تعاني من نقص في البنية التحتية الرقمية. جهود لا تخلو من نقائص رغم كل الجهود المبذولة والمبادرات التي تم إطلاقها لتحسين التعليم في الجزائر وتحقيق دخول مدرسي ناجح، إلا أنها لم تخلُ من نقائص تستدعي التوقف عندها لتداركها مستقبلاً. فعلى مستوى النقل المدرسي، تبقى بعض المناطق تعاني من نقص في الحافلات والمواصلات، مما يجعل وصول التلاميذ إلى المدارس تحديًا يوميًا، خاصة في المناطق الريفية والنائية. كذلك، تبرز بعض المشاكل المتعلقة بعملية بيع الكتب المدرسية وتوفرها. أما في مجال الرقمنة وإدخال التكنولوجيا في المدارس، فإن البنية التحتية الرقمية لا تزال غير متكاملة في جميع المؤسسات التعليمية. فقد اقتصرت المبادرات على عدد محدود من المدارس، مع غياب الربط الجيد بالإنترنت في العديد من المناطق، مما يعوق تنفيذ برامج التعليم الرقمي بشكل فعال. هذه النقائص والتحديات يجب أن تُعالج عبر تقييم مستمر وشامل للتجارب الحالية، بهدف الاستفادة من الدروس المستخلصة وتطوير خطط مستقبلية تتجاوز هذه العقبات. فالرؤية المستقبلية للتعليم في الجزائر تتطلب تحليلاً دقيقًا للمرحلة الحالية، مع تعزيز البنية التحتية الرقمية وتوفير الموارد الكافية لضمان أن يكون التعليم في متناول الجميع وبجودة عالية. كما أن التحسين المستمر لجودة التعليم في الجزائر يتطلب تضافر جهود جميع القطاعات. وعليه، فإن الوزارة تتعاون مع مؤسسات حكومية وغير حكومية، وكذلك المنظمات الدولية، وحتى الكفاءات الوطنية داخل البلاد وخارجها للاستفادة من الخبرات وتطبيق أفضل الممارسات التعليمية.
مدير التربية لولاية برج باجي مختار محمد مزار لـ"الأيام نيوز":
جهود وتحضيرات شاملة قلّصت من التحديات
أكد مدير التربية لولاية برج باجي مختار محمد مزار أنه رغم التحديات الكبيرة التي تواجه ولاية برج باجي مختار باعتبارها تقع في أقصى الجنوب الجزائري، إلا أن الجهود المبذولة من طرف وزارة التربية الوطنية، بالتعاون مع السلطات المحلية، ساهمت بشكل كبير في تقليصها وضمان دخول مدرسي سلس. وأوضح مزار، في تصريح له لـ"الأيام نيوز" أن التحضيرات شملت جميع الجوانب الأساسية التي تضمن توفير بيئة تعليمية مناسبة للتلاميذ، بدءًا من التأطير الإداري والبيداغوجي، مرورًا بالبنية التحتية، وصولاً إلى توفير الكتب والنقل المدرسي والإطعام. وأضاف المتحدث أن هذه الجهود جاءت لتجسيد بروتوكول الدخول المدرسي الذي أشرفت عليه وزارة التربية الوطنية، تحت قيادة والي الولاية، مما يعكس الحرص على تقديم أفضل الظروف للتلاميذ والمعلمين على حد سواء. وأكد مدير التربية في الولاية الجنوبية أن التحضيرات التي شملت جوانب أساسية عدة بدأت منذ شهر جانفي 2024، مما أتاح الوقت الكافي للاستعداد الكامل لضمان سير العملية التعليمية بشكل سلس. وبيّن أن هذه التحضيرات شملت التأطير الإداري والتربوي، فضلاً عن توفير البنية التحتية اللازمة وتهيئة المؤسسات التعليمية في الوقت المناسب. وفي هذا السياق، أشار إلى أن العملية تمت تحت إشراف والي الولاية، مما عزز التعاون بين مختلف الأطراف لضمان جاهزية المدارس لاستقبال التلاميذ في بداية العام الدراسي. وأضاف أن من بين الأنشطة التي تم تنفيذها في هذا الإطار إنجاز أقسام توسعة على مستوى البلديتين الرئيستين، برج باجي مختار وتيمياوين، حيث تم استلام هذه الأقسام في الوقت المحدد قبل بداية العام الدراسي. كما تم إعطاء إشارة الانطلاق لبناء مدرستين جديدتين في الطور الابتدائي في بلدية برج باجي مختار، وهو ما يسهم في تعزيز الطاقة الاستيعابية للمدارس وتوفير بيئة تعليمية أفضل للتلاميذ. ومن بين الجوانب المهمة التي تم التركيز عليها في إطار التحضيرات للدخول المدرسي، أشار مزار إلى أن الولاية قد أولت اهتمامًا خاصًا بتوزيع المنح المدرسية على التلاميذ المستحقين، مشيرًا إلى أن 4092 تلميذ قد استفادوا من هذه المنحة. وأضاف أن المنحة تم صرفها في 21 جويلية الماضي، وذلك لضمان أن يتمكن الأولياء من الاستعداد بشكل مناسب لتوفير احتياجات أبنائهم المدرسية قبل بداية العام الدراسي. مشيرا الى أن هذه المنحة تشكل دعمًا ماليًا للأسر ذات الدخل المحدود، وتساعد على تخفيف العبء المالي الذي يصاحب بداية العام الدراسي. النقل المدرسي.. توفير شامل وخطوط مغطاة وعلى صعيد النقل المدرسي، أوضح مزار أن الولاية قد وفرت 23 حافلة للنقل المدرسي موزعة على 18 خطًا يغطي البلديتين، مما يضمن وصول التلاميذ إلى مدارسهم بانتظام وفي ظروف آمنة. وأكد أن هذا التوزيع المدروس ساعد في تغطية جميع المدارس في المنطقة، بما في ذلك 19 مدرسة ابتدائية، 3 متوسطات، وثانوية واحدة، مضيفًا أن بعض المدارس تقع بالقرب من المحيط السكني للتلاميذ، مما يسهل عليهم الوصول دون الحاجة إلى استخدام وسائل النقل المدرسي. وفي إطار الجهود المبذولة لضمان نجاح الدخول المدرسي، أشار مزار إلى أن الكتاب المدرسي قد تم توفيره في الوقت المناسب وبشكل كامل، سواء في نسخته المدفوعة أو المجانية، لتلبية احتياجات جميع التلاميذ في مختلف الأطوار الدراسية. معتبرا أن هذا الجانب يعزز من استقرار العملية التعليمية منذ اليوم الأول، ويمكن للتلاميذ الانخراط في الدراسة دون أي تأخير. أما فيما يتعلق بالإطعام المدرسي، أكد ذات المسؤول أن الولاية قد سخرت كافة الإمكانيات لضمان تقديم وجبات ساخنة للتلاميذ في جميع المؤسسات التعليمية التي تقدم هذه الخدمة. وأضاف أن توفير الوجبات الغذائية الجيدة يسهم بشكل مباشر في تحسين تركيز التلاميذ خلال الحصص الدراسية، مما يعزز من أدائهم الأكاديمي. وفيما يتعلق بتطبيق التكنولوجيا في العملية التعليمية، أوضح محمد مزار أن الولاية قد استفادت خلال العامين الماضيين من ثلاث مدارس رقمية مجهزة بالألواح الإلكترونية، مما يشكل نقلة نوعية في استخدام التكنولوجيا في التعليم بهذه المنطقة النائية. وأشار إلى أن هذه المبادرة تسهم في تحسين جودة التعليم وتحديثه بما يتماشى مع التطورات الحديثة في قطاع التربية. مواجهة التحديات المناخية وبالنظر إلى الظروف المناخية الصعبة التي تواجه الولاية، خاصة خلال فصل الصيف، أوضح مدير التربية في ولاية برج باجي مختار أن جهودًا كبيرة قد بذلت لتحسين ظروف الدراسة من خلال صيانة المكيفات الهوائية وتجهيز بعض المدارس بمكيفات جديدة. "هذه الإجراءات تأتي لضمان بيئة دراسية مريحة للتلاميذ والمعلمين على حد سواء، مما يقلل من تأثير الحرارة الشديدة التي قد تعيق العملية التعليمية" يقول السيد مزار مدير التربية. وفي ختام تصريحاته، أشاد السيد مزار مدير التربية بالدور الكبير الذي تلعبه السلطات الولائية وعلى رأسها الوالي، حيث أشار إلى أن الوالي يتابع عن كثب جميع التحضيرات لضمان نجاح الدخول المدرسي. وأكد أن السلطات المحلية لم تدخر أي جهد في متابعة كل صغيرة وكبيرة من أجل راحة التلاميذ، سواء من حيث توفير البنية التحتية اللازمة أو الخدمات الأساسية مثل النقل والإطعام المدرسي.المستشار الدولي عبد الرحمان هادف لـ"الأيام نيوز":
رقمنة التعليم تحتاج إلى تسريع وتخطيط استراتيجي
أكد عبد الرحمان هادف، المستشار الدولي في التنمية الاقتصادية وخبير التكنولوجيات الرقمية، أن مبادرات الرقمنة التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية لتحسين جودة التعليم في الجزائر، خصوصًا في المدارس الابتدائية، هي مبادرات مستحسنة وتستحق التشجيع. ومع ذلك، شدد على ضرورة تسريع هذه المبادرات وتعميمها على نطاق أوسع لتتحول من مجرد خطوات فردية إلى مشروع وطني شامل. وأشار هادف، في تصريح لـ"الأيام نيوز"، إلى أن الجزائر بدأت بالفعل مسار التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية والتربوية، مشيدًا بالجهود التي قامت بها وزارة التعليم العالي في هذا الصدد. وأضاف: "وزارة التربية الوطنية تسير في الاتجاه نفسه الذي سلكته وزارة التعليم العالي، ولكن مع خصوصيات تتعلق بالقطاع، إلا أن الأمر لا يزال في إطار مبادرات محدودة وليس مشروعًا وطنيًا متكاملاً". وشدد على ضرورة الإسراع في تجسيد هذه المبادرات بشكل واضح، مع رؤية شاملة للمدرسة الرقمية المستقبلية. تحديات تواجه المشروع وأوضح هادف أن هناك العديد من التحديات التي تواجه المدارس الجزائرية في تطبيق التعليم الرقمي، مؤكدًا أن هذه التحديات تستدعي تخطيطًا استراتيجيًا على المستوى الوطني. وقال: "التحدي الأول هو وضع مخطط استراتيجي شامل لتحويل المدارس إلى مؤسسات رقمية بامتياز". وأضاف أن التحدي الثاني يكمن في تمويل هذا التحول، مشيرًا إلى ضرورة رصد الاستثمارات اللازمة لضمان عدالة رقمية بين جميع المدارس في الوطن وتجنب الفجوة الرقمية بين المناطق. وفيما يتعلق بالتحدي الثالث، أشار هادف إلى أهمية تطوير المناهج الدراسية بما يتماشى مع التكنولوجيات الرقمية، وليس مجرد تزويد المدارس باللوحات الإلكترونية والإنترنت. "يجب أن تكون المناهج الدراسية متوافقة مع متطلبات التعليم الرقمي لتحسين التحصيل العلمي لدى التلاميذ"، أضاف هادف. وبالنسبة لمسألة تجهيز المدارس بالألواح الإلكترونية والربط بالإنترنت، أوضح المتحدث أن هذه الخطوات مهمة ولكنها غير كافية لضمان التحول الرقمي الكامل في التعليم. وقال: "التحول الرقمي يحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة تشمل جوانب التسيير الإداري والتربوي على حد سواء". وبيّن أن الرقمنة لا تتعلق فقط بتوفير الوسائل التكنولوجية، بل بضرورة تعديل المناهج الدراسية لتتماشى مع الخصوصيات التكنولوجية وتطوير محتويات تعليمية رقمية ذات جودة عالية. العنصر البشري في قلب التحول الرقمي وعن أهمية تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا في التعليم، أكد هادف أن العنصر البشري هو المحور الأساسي لأي مشروع تحول رقمي ناجح. وأوضح: "يجب وضع المعلمين والمكونين في قلب هذا المشروع، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لاستعمال التكنولوجيات الرقمية بكفاءة". وأضاف أن نجاح التحول الرقمي لا يعتمد فقط على تجهيزات المدارس، بل يتطلب انخراط جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الجانب الإداري واللوجستي وجمعيات أولياء التلاميذ. وأشار إلى أن إشراك كافة المتدخلين في المنظومة التربوية، من إداريين وأولياء، هو شرط أساسي لضمان نجاح هذه المبادرات وتكاملها، مؤكدًا أن التعاون بين مختلف الأطراف سيسهم في تسريع التحول الرقمي. وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية للتعليم الرقمي في الجزائر، شدد هادف على أهمية تسريع تنفيذ مشاريع التحول الرقمي في هذا القطاع. وأوضح أن التكنولوجيات الرقمية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، تشهد تطورًا مستمرًا، وأنه من الضروري التحكم الكامل في هذه الأدوات وضمان استغلالها بشكل فعال في العملية التعليمية. "يجب أن نتمكن من صناعة المحتوى والبرامج التعليمية الرقمية الخاصة بنا"، أضاف هادف، مشيرًا إلى أن التعليم الرقمي يحتاج إلى متابعة دقيقة لتطوراته السريعة والتأكد من أن النظام التعليمي قادر على مواكبته.المستشار في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرار لـ"الأيام نيوز":
لا بد من التعاون مع الكفاءات لإنجاح مشروع رقمنة التعليم
أكد يونس قرار، المستشار في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، أن رقمنة التعليم في الجزائر ونجاح التحول الرقمي تحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون مع الكفاءات الجزائرية سواء داخل الوطن أو خارجه. وأوضح أن هناك فاعلين يمكنهم توفير الأجهزة الرقمية والبنية التحتية اللازمة، مثل الأمن السيبراني ومنصات التعليم عن بعد، مشيرًا إلى أن إشراك الخبرات والكفاءات المحلية والدولية سيسهم في تسريع عملية الرقمنة بشكل فعّال. وقال المستشار قرار في تصريح لـ"الأيام نيوز": "يجب على وزارة التربية أن تطلق نداء لجميع الناشطين والفاعلين في هذا المجال، سواء من داخل الجزائر أو خارجها. التعاون مع هؤلاء يمكن أن يختصر علينا الوقت ويجعل من عملية رقمنة قطاع التربية عملية ناجحة". وأضاف أن استمرارية العملية الرقمية تتطلب إجراء عمليات تقييم ومتابعة دورية لمدى تأثير التكنولوجيا على تحسين مستوى التلاميذ. وأوضح قرار أن تحضير البنية التحتية الرقمية في المدارس هو أساس النجاح في رقمنة التعليم، مشيرًا إلى أن هذا يتطلب تجهيز المدارس بوسائل رقمية متقدمة مثل السبورة الذكية، اللوحات الإلكترونية، والأقسام الذكية. وأكد أن الربط بشبكة إنترنت جيدة وسريعة هو عنصر أساسي لتحقيق هذا التحول الرقمي. وأضاف: "نجاح الرقمنة لا يعتمد فقط على الأجهزة، بل أيضًا على توفير بيئة آمنة من حيث الأمن السيبراني. يجب أن نضمن حماية بيانات التلاميذ والأساتذة من القرصنة وغيرها من التهديدات الرقمية". وشدد على أهمية ضمان بيئة رقمية آمنة تدعم استخدام التكنولوجيا في التعليم دون مخاطر تهدد الخصوصية أو البيانات. وأشار المستشار والخبير إلى أن تطوير المناهج والمضامين التعليمية لتتماشى مع التحول الرقمي هو أمر ضروري لتحقيق الأهداف المرجوة من الرقمنة. وبيّن أن مجرد توفير الأجهزة والإنترنت غير كافٍ لتحسين جودة التعليم، بل يجب أن تتواكب المناهج مع هذه التطورات التقنية. وتابع: "المحتويات الرقمية يجب أن تكون مصممة بطريقة تتناسب مع الخصوصيات الثقافية والتعليمية للجزائر، مع الأخذ في الاعتبار أن الهدف الأساسي من الرقمنة هو رفع مستوى التعليم وتعزيز مهارات التلاميذ". وأضاف أن نجاح التعليم الرقمي يعتمد على جودة المحتوى بقدر ما يعتمد على جودة البنية التحتية. أساس التحول الرقمي الناجح كما أكد المتحدث أن العنصر البشري، وخصوصًا المعلمين، يجب أن يكونوا محورًا رئيسا في أي عملية تحول رقمي ناجحة. وأوضح أن تكوين المعلمين على كيفية استخدام الوسائل الرقمية والتقنيات الحديثة هو ضرورة لضمان الاستفادة الكاملة من التكنولوجيا في العملية التعليمية. وقال: "من دون تكوين شامل ومناسب للمعلمين، لن نتمكن من إنجاح عملية الرقمنة. يجب أن يتم تدريبهم على استخدام الأدوات الرقمية بفعالية، بالإضافة إلى فهم كيفية دمج التكنولوجيا في التعليم اليومي بطريقة تساهم في تحسين تجربة التعلم للتلاميذ". وفيما يتعلق بتحديات تعميم الرقمنة في جميع المدارس الجزائرية، شدد قرار على أن العملية تحتاج إلى الصبر والتخطيط على المدى الطويل. وقال: "التغيير الرقمي لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، بل يتطلب وقتًا وجهودًا متواصلة. الأهم هو أن نصل إلى تحقيق الأهداف المرجوة خلال السنوات القادمة". وأضاف أن الرقمنة لا تقتصر فقط على الأجهزة أو التكنولوجيا، بل تشمل أيضًا تحديث طرق التدريس وإعادة هيكلة العملية التعليمية لتكون أكثر مرونة وتفاعلية، مؤكدًا أن النجاح في هذا المجال يتطلب الصبر والعقلانية في التنفيذ. كما أكد المستشار قرار أن التعليم الإلكتروني أصبح ضروريًا في ظل الظروف الحالية، مشيرًا إلى أهميته البالغة في مواجهة الأزمات والكوارث. وأشار إلى أن جائحة كورونا كانت بمثابة تنبيه للدول على أهمية التعليم الرقمي وقدرته على الحفاظ على استمرارية التعليم في أوقات الأزمات. وأوضح أن الرقمنة تسهم في تحسين المرونة في النظام التعليمي، مما يساعد على مواجهة التحديات المستقبلية. وقال: "التعليم الإلكتروني تظهر قيمته جليًا في الأوقات الصعبة، مثل الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية. لذلك، يجب أن نواصل العمل على رقمنة المدارس لضمان أن تكون جاهزة لمواجهة أي طارئ في المستقبل". في النهاية، شدد يونس قرار على أن رقمنة التعليم في الجزائر تحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة وتعاون بين جميع الأطراف المعنية. ومن خلال توفير الأجهزة، تأمين البيانات، تطوير المناهج، وتكوين المعلمين، يمكن للجزائر أن تحقق تحولًا رقميًا ناجحًا في قطاع التربية. ورغم أن العملية قد تستغرق وقتًا، فإن التخطيط الجيد والصبر سيؤديان في النهاية إلى تحسين جودة التعليم وجعل النظام التعليمي في الجزائر قادرًا على مواجهة التحديات المستقبلية.الناشطة التربوية فتيحة باشا لـ"الأيام نيوز":
إدخال الإنكليزية خطوة إيجابية.. والتحديات تبقى قائمة
أشادت الناشطة التربوية والقائدة السابقة في الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، فتيحة باشا، بإدخال اللغة الإنكليزية في الطور الابتدائي، وأكدت على ضرورة تطبيق الرقمنة والتكنولوجيا في التعليم وفق المعايير الدولية. وأشارت إلى وجود تحديات مستمرة، مشددة على أهمية تحسين التواصل بين أولياء التلاميذ والمدارس لضمان نجاح التلاميذ وتطوير العملية التعليمية. وفي تصريح لها لـ"الأيام نيوز"، اعتبرت باشا أن إدخال اللغة الإنكليزية في الطور الابتدائي خطوة إيجابية حظيت بترحيب أولياء التلاميذ، حيث ترى أن تعلم لغات جديدة في مرحلة مبكرة يعود بالفائدة على التلاميذ. ومع ذلك، لفتت إلى أن توقيت تطبيق هذه الخطوة كان بحاجة إلى دراسة أعمق. وقالت: "كان من الأفضل تخفيف البرنامج الدراسي وتقليل كثافة الساعات قبل إدخال مادة أجنبية جديدة". وأوضحت باشا: "مع كثافة البرنامج التعليمي الحالي، يعاني التلاميذ من ضغط كبير يتركهم بلا وقت كافٍ للراحة أو لممارسة الأنشطة الرياضية الضرورية لصحتهم". وأكدت أن التخفيف من هذا العبء يجب أن يكون أولوية لضمان حصول التلاميذ على تجربة تعليمية متوازنة، تتيح لهم التركيز على الأساسيات التعليمية إلى جانب تعزيز مهاراتهم اللغوية. الرقمنة في التعليم.. بين المكاسب والتحديات وفيما يتعلق بالرقمنة والتكنولوجيا، تؤكد فتيحة باشا أنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التعليم الحديث ولا يمكن الاستغناء عنها. وترى أنه إذا تم تطبيقها وفق المعايير الدولية وبطريقة احترافية من قبل مختصين، يمكن أن تسهم في تحسين الجوانب الإدارية والتربوية، فضلاً عن تسهيل التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور. تقول باشا: "الرقمنة تسهل الكثير من الأمور وتسهم في تقريب المدرسة من أولياء التلاميذ". ورغم ذلك، لا تزال هناك تحديات تعترض تطبيق الرقمنة في المدارس الجزائرية، حيث تشير باشا إلى أن المنظومة التربوية لا تزال تعاني من بعض الركود فيما يتعلق بتطبيق التكنولوجيا بالشكل المطلوب. أما فيما يتعلق باستخدام الألواح الإلكترونية في الطور الابتدائي، ترى باشا أن هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعًا. وأوضحت أن "المختصين يؤكدون على ضرورة منع الشاشات الإلكترونية للأطفال في هذه المرحلة التعليمية"، حيث أن استخدام هذه الألواح قد يؤثر على تركيز وذكاء الأطفال. واستشهدت بتجربة السويد التي منعت الألواح الإلكترونية في مدارسها بعد دراسة طويلة أثبتت أنها قد تقلص من القدرات الذهنية للأطفال. الأسر الجزائرية وتحديات الدخول المدرسي وحسب باشا، مع بداية كل عام دراسي، تواجه الأسر الجزائرية تحديات متجددة تتعلق بغلاء الأدوات المدرسية وتوفير الكتب، مما يزيد من الضغوط المادية على أولياء التلاميذ في ظل غلاء المعيشة. تشير باشا إلى أن "الأسر تجد نفسها مضطرة لمواجهة هذا العبء المالي المتزايد، ما يجعل بداية العام الدراسي تحديًا حقيقيًا لكثير من العائلات". بالإضافة إلى ذلك، يُعد بُعد المدارس عن منازل التلاميذ في العديد من الولايات الداخلية والجنوبية مشكلة تؤرق الأسر، خاصة مع نقص وسائل النقل المناسبة وغياب الأمن في الطرقات التي يسلكها الأطفال يوميًا. حيث قالت باشا: "العديد من الطرقات التي يسلكها الأطفال للوصول إلى المدرسة تفتقر إلى الإنارة وتزداد خطورتها بسبب انتشار الكلاب الضالة والأشغال المتواصلة". في ظل هذه الظروف، تدعو باشا إلى ضرورة تحسين البنية التحتية المحيطة بالمدارس، وتوفير لافتات تحذيرية ووسائل نقل مناسبة لتأمين سلامة التلاميذ، مما يسهم في تخفيف مخاوف أولياء الأمور وضمان دخول مدرسي أكثر أمانًا. همزة وصل أساسية بين المدرسة والأسر ترى فتيحة باشا أن جمعيات أولياء التلاميذ تلعب دورًا حيويًا في تحسين ظروف التعليم، حيث تُعتبر همزة وصل بين المدرسة والأسر. وتضيف أن هذه الجمعيات تمثل صوت الأولياء أمام السلطات وتسعى لتحسين ظروف تمدرس التلاميذ. ومع ذلك، شددت على ضرورة أن تلتزم الجمعيات بالمسؤولية الأخلاقية وأن تبتعد عن الانخراط في السياسة، قائلة: "يجب أن يبقى دور الجمعيات بعيدًا عن السياسة، وأن تركز على تحسين الظروف التعليمية وتقديم الدعم المناسب للتلاميذ". كما تؤكد باشا على أهمية الالتزام بالقانون الأساسي والداخلي المنصوص عليه في تنظيم عمل هذه الجمعيات، بحيث تصبح نموذجًا يحتذى به من قبل الأولياء وتتحمل مسؤولية الدفاع عن مصلحة التلاميذ أمام الله والمجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر باشا أن التواصل الفعّال بين أولياء التلاميذ والمدارس هو المفتاح الأساسي لضمان نجاح التلاميذ وانضباطهم. وتوضح أن مدراء المؤسسات التعليمية يجب أن يبذلوا جهدًا أكبر في تأسيس علاقات طيبة ومستدامة مع جمعيات أولياء التلاميذ، مضيفة: "اختيار أولياء يمتازون بالأخلاق الحميدة والثقافة لتأسيس الجمعية يمثل خطوة أولى نحو بناء علاقة قوية وإيجابية مع الإدارة ". تؤكد باشا أيضا على ضرورة استمرار التواصل بين المدراء وأولياء الأمور طوال العام الدراسي، حيث أن هذا التواصل يساعد في دراسة مشاكل التلاميذ بشكل فردي وإيجاد حلول فعالة تسهم في تحسين أدائهم الدراسي. وأضافت: "احترام مواعيد استقبال الأولياء والاستماع إلى انشغالاتهم يبني علاقة ثقة بين الإدارة والأسر، ويفتح أبواب التواصل والراحة للتلميذ، مما يضمن في النهاية نجاحه".الأخصائية في علم النفس التربوي حفصة حيدر لـ"الأيام نيوز":
التكنولوجيا سيف ذو حدين ويجب الحذر من تأثيرها على التلاميذ
أكدت حفصة حيدر، أخصائية علم النفس التربوي، أن إدخال التكنولوجيا والرقمنة في المدارس الجزائرية يمثل تطورًا مهمًا، لكنه يأتي مع بعض المخاطر التي ينبغي الانتباه إليها. وأوضحت أن هذه التغييرات تشبه سيفا ذا حدين، فهي تعزز التطور التكنولوجي لدى التلاميذ من جهة، لكنها قد تضر بعض المهارات الأساسية التي يحتاجها الأطفال في نموهم من جهة أخرى. وأشارت حيدر إلى ظاهرة مقلقة لاحظها المختصون مؤخرًا، وهي تراجع رغبة التلاميذ في الكتابة أو بطء كتابتهم. وقالت: "أصبح الأطفال لا يمارسون الأعمال اليدوية كما كانوا في الماضي، مما أدى إلى ضعف عضلات اليد". وأوضحت أن هذا الضعف قد يكون ناتجًا عن اعتماد الأطفال الكبير على الأجهزة الإلكترونية، مما يؤثر سلبًا على قدراتهم الكتابية وتطورهم الجسدي. وأضافت أن إدخال التكنولوجيا إلى المدارس يجب أن يتم بحذر، مع مراعاة التأثيرات النفسية والجسدية على التلاميذ. وأكدت أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة قوية لتطوير التعليم، لكن من الضروري إيجاد توازن بين الاستخدام الرقمي والحفاظ على المهارات اليدوية والأنشطة البدنية التي تعزز النمو الشامل للأطفال. ماذا عن إدخال اللغة الإنكليزية في التعليم الابتدائي؟ وفيما يتعلق بإدخال اللغة الإنكليزية في الطور الابتدائي، وصفت حفصة حيدر هذه الخطوة بأنها مشروع مميز وممتاز. وأشارت إلى أن اللغة الإنكليزية هي لغة العالم اليوم، على عكس الفرنسية التي تبقى محدودة من حيث الاستخدام العالمي. وأكدت أن تعلم الإنكليزية يفتح باب التواصل مع العالم، مما يتيح للتلاميذ فرصًا أكبر للتفاعل مع الثقافات المختلفة وتوسيع آفاقهم. كما لاحظت حيدر أن استجابة التلاميذ لتعلم اللغة الإنكليزية أقوى بكثير من استجابتهم للفرنسية، قائلة: "من خلال تعاملي مع الأطفال، استجابة الأطفال للغة الإنكليزية أقوى بكثير من استجابتهم للفرنسية". وأضافت أن التحصيل اللغوي للتلاميذ في الإنكليزية يبدو أفضل، ما يعزز من فعالية هذا القرار. وأوضحت حيدر أن للجزائريين عقدة نفسية تجاه اللغة الفرنسية، مما يؤثر على قبول هذه اللغة لدى الأطفال. واعتبرت أن انتشار اللغة الإنكليزية خارج المدرسة، سواء في وسائل الإعلام أو عبر الإنترنت، يشجع على اعتمادها داخل المدارس ويدعم تطور التلاميذ من الناحية النفسية والمعرفية. التحديات النفسية للتلاميذ: التأقلم مع التغييرات التربوية وأشارت حيدر إلى أن التغييرات التربوية التي شهدها النظام التعليمي هذا العام قد تشكل تحديات نفسية للتلاميذ، خاصة في مراحل التأقلم الأولى. لكنها أوضحت أن هذه التغييرات كانت مطلوبة منذ فترة طويلة، حيث طالب المختصون، بمن فيهم حيدر، بإلغاء بعض المواد الدراسية التي لا تعتبر ذات أهمية كبيرة في الطور الابتدائي. وأضافت: "طالبنا بإلغاء مواد مثل التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية في الطور الابتدائي، والتركيز بدلاً من ذلك على المواد الأساسية مثل اللغة العربية، الرياضيات، واللغات الأجنبية". وأكدت أن النظام التعليمي في الجزائر يعاني من ضعف في تعلم اللغة العربية، وأن السبب يعود إلى البرنامج الدراسي المكثف الذي لا يترك للتلاميذ وقتًا كافيًا للتعمق في اللغة الأم. وعلى الرغم من إيجابية بعض هذه التغييرات، شددت حيدر على أن تغيير البرامج التربوية بشكل متكرر يمكن أن يؤثر سلبًا على التلاميذ والمعلمين على حد سواء. وقالت: "الأستاذ يحتاج إلى وقت لفهم البرنامج الدراسي والتمكن منه، لكن للأسف نجد أن بعض البرامج يتم تغييرها بشكل عشوائي كل عام". وأكدت أن استقرار البرامج لمدة خمس سنوات على الأقل يتيح فرصة أفضل لتقييم جدواها وضمان نجاحها. تخفيف وزن المحفظة المدرسية أما فيما يتعلق بمبادرات تخفيف وزن المحفظة المدرسية، أشارت حفصة حيدر إلى أن هذه المبادرة كان لها تأثير إيجابي واضح على الصحة النفسية والبدنية للتلاميذ. وقالت إن هذه الخطوة ساعدت في تخفيف العبء على التلاميذ، مما أتاح لهم فرصة أكبر للاستمتاع بالتعلم بدلاً من الشعور بالضغط النفسي والجسدي. وأضافت حيدر: "القرارات التي تم اتخاذها هذا العام كانت صائبة، لكن يجب الاستمرار فيها وعدم التراجع عنها في السنوات القادمة". وأكدت أن تحسين تجربة التلاميذ في المدارس يجب أن يستمر من خلال اتخاذ خطوات مدروسة، مشيرة إلى أن تكرار تغيير القرارات دون استمرارية قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وختمت حيدر بالإشارة إلى أن التعليم يجب أن يكون متكاملاً، حيث لا يكفي تخفيف وزن المحفظة فقط، بل يجب تحسين البيئة المدرسية ككل لضمان أن التلاميذ يتعلمون في بيئة صحية وآمنة. ومع ذلك يجب الحذر في النهاية، أكدت حفصة حيدر أن التكنولوجيا واللغة الإنكليزية تشكلان أدوات قوية لتطوير التعليم في الجزائر، لكن يجب أن يتم استخدامهما بحذر. فبينما تساعد التكنولوجيا في تحسين العملية التعليمية، قد تخلق تحديات نفسية وجسدية يجب معالجتها. أما اللغة الإنكليزية، فهي لغة المستقبل وتتيح للتلاميذ فرصًا أكبر للتواصل مع العالم، لكن يجب التركيز على استقرار البرامج التربوية وتجنب التغييرات المتكررة. وخلصت حيدر إلى أن الرقمنة والتغييرات التربوية الأخرى، رغم فوائدها، تتطلب توازنًا دقيقًا بين التطوير التكنولوجي والحفاظ على صحة التلاميذ النفسية والبدنية، من أجل ضمان نجاح العملية التعليمية وتحقيق أهدافها على المدى الطويل.أستاذ علم الاجتماع توفيق زروقي لـ"الأيام نيوز":
الإصلاحات التربوية تحتاج إلى رؤية شاملة وتكاملية
أكد زروقي توفيق، أستاذ علم الاجتماع والمتخصص في التربية والبيداغوجيا، أن الإصلاحات والتغييرات الجارية في مجال التربية والتعليم في الجزائر، مثل إدخال اللغة الإنكليزية في التعليم الابتدائي وتبني الرقمنة، تعد تغييرات مهمة. ومع ذلك، شدد على زروقي ضرورة التمييز بين التغييرات التي تمس المنهاج التربوي وتلك التي تتعلق بالتربية والتعليم فهي خدمة اجتماعية تقدمها المدرسة بدورها مرفقا عاما. وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن التغييرات التي شملت المناهج التربوية، مثل إدراج اللغة الإنكليزية أو تخفيف المنهاج الدراسي، جاءت بصورة مجتزأة وليست جزءًا من إصلاح شامل. وأشار إلى أن هذه التغييرات الجزئية قد تحقق بعض الأثر الإيجابي، لكنها بحاجة إلى أن تكون جزءًا من رؤية شاملة للمنظومة التربوية ككل. وقال: "لا يمكن إجراء تغييرات جزئية على المنهاج التربوي دون النظر إلى النظام التعليمي ككل، الذي يعكس المجتمع بأسره". وأكد أن المنظومة التربوية تحتاج إلى ورشات إصلاح كبرى تأخذ بعين الاعتبار جميع عيوب النظام الحالي، وذلك في إطار رؤية استراتيجية طويلة المدى. إصلاح النظام التربوي يجب أن يكون تكامليًا وشاملًا وأشار توفيق إلى أهمية الاستفادة من التجارب السابقة، مثل تجربة اللجنة الوطنية لإصلاح النظام التربوي في عام 2001، التي تعرضت للاستهلاك السياسي والإيديولوجي قبل أن تحقق أهدافها. وقال: "أسفرت مخرجات تلك اللجنة عن نظام تربوي مثقل بمضامين مكثفة، مما أثر سلبًا على التلميذ نفسيًا وجسديًا". وأوضح أن المنظومة التربوية تحتاج إلى إصلاحات تأخذ بعين الاعتبار السياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الراهن، بما يتماشى مع رؤية الجزائر لعام 2030 واستراتيجيتها للأعوام المقبلة حتى 2050. فيما يتعلق بالرقمنة، أشار زروقي إلى أن إدخال التكنولوجيا في النظام التربوي يعد أمرًا ضروريًا، خاصةً في ظل الزيادة المستمرة في أعداد التلاميذ وتزايد الطلب على خدمات التعليم. وقال: "تعتبر الرقمنة اليوم أمرًا ملحًا، وقد جاءت متأخرة في سياق التصدي للتحديات التي فرضتها سياسة الكم المتبعة منذ سنوات". وأكد أن الرقمنة يمكن أن تسهم في تحسين إدارة الموارد البشرية والمادية في القطاع التربوي، لكنها تتطلب متابعة وتقييمًا مستمرين لتجنب الأخطاء التي قد تعيد النظام إلى المركزية التقليدية. وحذر توفيق من أن تطبيق الرقمنة دون مراعاة الفوارق الجغرافية والاجتماعية في بعض المناطق النائية قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة التفاوت الاجتماعي. وأضاف: "في المناطق الريفية والنائية، لا يمتلك العديد من الأولياء أو التلاميذ الأدوات اللازمة للوصول إلى الفضاءات الرقمية، مما يزيد من مشكلة التفاوت التعليمي ويهدد مبدأ تكافؤ الفرص". أكد زروقي توفيق أن التلاميذ وأولياء الأمور يواجهون تحديات كبيرة في التكيف مع التغييرات التربوية الحالية، خاصة فيما يتعلق بالرقمنة وإدخال مواد جديدة. ودعا إلى تعزيز الاتصال والتواصل بين المؤسسات التعليمية وأولياء الأمور من خلال الوسائل التقليدية، مثل الزيارات المنتظمة، بالإضافة إلى استخدام الوسائل الرقمية عبر منصات تتيح للأولياء متابعة تقدم أبنائهم في المدرسة. وأضاف: "أصبح تفعيل دور جمعيات أولياء التلاميذ ضروريًا لمواجهة الظواهر السلبية التي تزايدت في المدارس، مثل العنف والتنمر، بالإضافة إلى دعم التلاميذ في التكيف مع التغييرات التربوية". وأشار زروقي إلى أن التحديات لا تقتصر على التلاميذ، بل تشمل المعلمين أيضًا. وأوضح أن التكوين المستمر للمعلمين لاكتساب مهارات جديدة في التعامل مع التكنولوجيا يعد عنصرًا أساسيًا في نجاح التحول الرقمي في التعليم. كما أكد على أهمية تقديم برامج تكوينية قائمة على الكفايات التعليمية، بالإضافة إلى توفير الموارد التعليمية الرقمية، مما يمكّن المعلمين من تحسين أدائهم البيداغوجي. وفي ختام تصريحه، أكد توفيق أن النظام التربوي الجزائري يحتاج إلى إصلاح شامل يأخذ بعين الاعتبار جميع عناصر المنظومة التعليمية، بدءًا من المناهج وصولًا إلى المعلمين والتلاميذ. وشدد على ضرورة أن يتزامن هذا الإصلاح مع المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، قائلاً: "لا يمكننا تحقيق نهضة اقتصادية دون إصلاح شامل للتعليم، فالمنظومتان يجب أن تتكاملا لتحقيق الأهداف الوطنية المستقبلية".