2025.10.13



بين النفط والقوة النووية.. السعودية وباكستان أمام تحديات الهند والخليج حوارات

بين النفط والقوة النووية.. السعودية وباكستان أمام تحديات الهند والخليج


يرى المستشار فيكرام كومار أن اتفاقية الدفاع بين السعودية وباكستان تشكل تحوّلًا استراتيجيًا في الخليج وجنوب آسيا، مستغلة الترسانة النووية الباكستانية لتعزيز أمن الرياض في ظل تراجع الثقة بالغرب، بينما تسعى باكستان لمواجهة الهند اقتصادياً وعسكرياً، ما يثير قلق نيودلهي

فيكرام كومار - مستشار في قضايا الدفاع والأمن) (الهند)

في ظل الوضع الجيوسياسي المتقلب في جنوب آسيا والشرق الأوسط، يمثل توقيع اتفاقية الدفاع المتبادل الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وباكستان، وفق قراءة الباحث فيكرام كومار المستشار في قضايا الدفاع والأمن، "تصعيدًا محوريًا في التحالفات الإقليمية والديناميكيات العسكرية لدول الخليج".

يُضفي هذا الاتفاق "الطابع الرسمي على عقود من العلاقات العسكرية غير الرسمية"؛ فقد قدمت باكستان منذ فترة طويلة التدريب والخبرة للقوات السعودية، في شكل معاهدة ملزمة. ومع ذلك، فإن الإطار الدفاعي للاتفاقية، الذي يركز على "الردع المشترك ضد العدوان"، يخفي في رأي المستشار "إمكانات هجومية"، ويرى أنها "قد تشجع باكستان على مواجهة أي هجمات هندية مستقبلية"، كما يتضح من مقترحات إنشاء "حلف شمال الأطلسي الإسلامي" في الدوحة، التي طرحتها إسلام أباد وأنقرة معًا.

تتمثل أهداف باكستان في إطار الاتفاقية في "تعزيز الردع ضد مبدأ 'الدفاع الاستباقي' الهندي"، بعد حروب بالاكوت وعملية سيندور الأخيرة، والاستفادة من النفوذ المالي والدبلوماسي السعودي لتعويض الهشاشة الاقتصادية التي تعانيها (ديون بقيمة 87 مليار دولار).

أما السعودية، فهي "تأمل تنويع التحالفات الأمنية بما يسمح لها بتجاوز الضمانات الأمريكية المتعثرة"، خاصة بعد الضربة الإسرائيلية في 9 سبتمبر 2025 لحركة حماس في قطر، ومواجهة الطموحات النووية الإيرانية المحتملة بشكل أكثر صرامة.

بناءً على هذا، تبرز الفوائد المتبادلة بين البلدين: "فثروة النفط السعودية تشكل مصدر تمويل للأسلحة الباكستانية، بينما الترسانة النووية لإسلام أباد تسمح بمد الردع إلى السعودية"، مما قد يشجع كلا البلدين على "مواجهة منافسيهما الإقليميين بقوة أكبر".

يربط المستشار الأمني السبب وراء الاتفاق بتداعيات "عملية سيندور العسكرية الهندية الأخيرة بعد العمليات الإرهابية في كشمير، والضربة الإسرائيلية على قطر". فبعد أربعة أشهر فقط من الصراع المكثف بين الهند وباكستان، من الطبيعي أن يثير هذا الاتفاق قلق نيودلهي، "حيث يُنظر إليه ليس فقط على أنه تضامن ثنائي، بل كرد فعل مدروس على الموقف العسكري الهندي الحازم، ولا سيما عملية سيندور".

الضربات الهندية وتداعياتها النفسية على باكستان

الأهم من ذلك، حسب المستشار، "أن الضربات على البنى التحتية الحيوية مثل قاعدتي 'نور خان' و'سوكور' سلطت الضوء على التحول في عقيدة الهند نحو 'الدفاع الاستباقي'"، وهو تطور "ما بعد بالاكوت"، يعطي الأولوية للهجوم الوقائي على ضبط النفس. ورغم نجاح العملية من الناحية التكتيكية، حيث أعلنت الهند عن القضاء على أكثر من 100 إرهابي، إلا أنها وحدت النظام السياسي الباكستاني المنقسم، "لكنها ألحقت به ضربات نفسية ومادية، مما أجبر إسلام أباد على البحث عن دعم خارجي حاسم".

في رأي المستشار فيكرام، "يؤكد توقيت الاتفاق، الذي جاء بعد أيام قليلة من قمة الطوارئ التي عقدتها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الدوحة، رداً على الضربة الإسرائيلية في 9 سبتمبر على قادة حماس في قطر، على سياق الاتفاقية الأوسع والأكثر استراتيجية".

وقد أثارت جرأة "إسرائيل"، التي تنتهك سيادة دول الخليج، قلق الرياض، "مما دفعها إلى توسيع تحالفاتها بعيدًا عن الضمانات الأمنية الأمريكية المتعثرة"؛ فقد اشترطت واشنطن على السعودية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل مقابل الحصول على التكنولوجيا النووية، وهو أمر يراه المستشار "مستحيلاً بعد ما يحدث في غزة".

"إسرائيل" والرهانات الخليجية الجديدة

تخيم ظلال "إسرائيل" بشكل كبير على جيوسياسية المنطقة، "حيث كان هجومها على الدوحة حافزاً للتحالف". يذكر المستشار أن تل أبيب دعمت "الدفاع عن النفس" الهندي في عملية سيندور خلال الحرب الأخيرة مع باكستان، حيث زودتها بطائرات "هيرون" بدون طيار، لكن مغامراتها في الخليج، بدفعها نحو التطبيع بعد غزة، أبعدت الرياض، ودفعت السعودية نحو باكستان للحصول على "قوة ردع غير غربية".

تتوافق مشاركات السعودية المتوازية والمساعي الدبلوماسية التي قادتها خلال الأزمة، وزيارة "شهباز شريف" في يونيو الماضي للرياض للتعبير عن عرفان بلده، مع مصالح الولايات المتحدة في دفع استقرار المنطقة. وتوازن الرياض بين تجارتها مع الهند البالغة 100 مليار دولار، خصوصًا عبر العمالة الأجنبية والطاقة، ومكانة باكستان الأمنية، "مما يمنع حدوث انقطاع كامل في العلاقات بين الهند وباكستان، والذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد".

دور الولايات المتحدة والتوازن الإقليمي

يحلل المستشار الأمني أحد الافتراضات متسائلاً هل يمكن اعتبار هذه الاتفاقية بمثابة "تهديد ضمني من قبل الولايات المتحدة ضد الهند، تستغل فيه المملكة العربية السعودية لكبح مبادرات نيودلهي؟" تشير القرائن، التي يحللها المستشار فيكرام، "إلى دور أمريكي أكثر دقة وانتهازية أكثر منه توجيهية".

فبعد عملية سيندور، "كانت واشنطن بالفعل غاضبة للغاية". فقد أدت الضربات على القواعد الباكستانية، بما في ذلك قاعدة "نور خان" الحيوية، إلى تعطيل مراكز اللوجستيات الأمريكية المستخدمة في عمليات الإجلاء الأفغانية وعمليات مكافحة الإرهاب، مما أثار غضب البنتاغون.

وقد تصاعدت حدة إدارة الرئيس ترامب، التي كانت، حسبه، "تميل بالفعل نحو باكستان" من خلال صفقات النفط. فقد استضاف رئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير ورئيس الوزراء شريف لإجراء محادثات "وساطة لوقف إطلاق النار" في يونيو، مدعيًا الفضل في ذلك على الرغم من نفي الهند، وأزعج ذلك رئيس الوزراء مودي، الذي اعتبر ذلك مساواة بين الضحية والمعتدي.

ورغم فرض الولايات المتحدة لتعريفة جمركية بنسبة 50٪ على الصادرات الهندية، المرتبطة بتداعيات عملية سيندور وشراء الهند للنفط الروسي (40٪ من الواردات)، يرى المستشار أن "التنسيق الأمريكي أمر معقول"، والإشارات غير الرسمية "تهدف إلى تحقيق التوازن في العلاقات بين الصين وباكستان"، لكن تقلبات إدارة ترامب (الرسوم الجمركية والاتفاقات مع طالبان) تقوض الثقة. ومن المرجح، حسبه، "أن الولايات المتحدة شجعت بشكل غير مباشر على إبرام اتفاق بين السعودية وباكستان لتحقيق التوازن بين تزايد نفوذ الهند والعلاقات المتنامية بين الصين وباكستان".

الهند في مواجهة التحديات الجديدة

بالنسبة للهند، "تمثل الاتفاقية جرس إنذار"، على خلفية تنويع التحالفات (اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والمحركات الروسية). ومع ذلك، في عالم متعدد الأقطاب والتفاهم بين روسيا والصين ومحور الناتو في المحيطين الهندي والهادئ، ينظر المستشار إلى الاتفاقية على أنها "هشة"، مضيفًا "يمكن أن تتسبب شرارة واحدة مثل تلك التي حدثت في باهلغام في سلسلة من الأحداث، من خط السيطرة إلى الخليج، مما يمثل اختبارًا لثبات ركائز النظام العالمي".

يمكن أن يجذب محور باكستان-السعودية استثمارات الخليج من الصفقات الخضراء للاتحاد الأوروبي، مما يجبر الكتلة الأوروبية على التوسط في المفاوضات الثنائية بشأن كشمير، أو المخاطرة بترك باكستان تتحول نحو مبادرة الحزام والطريق الصينية.

تنظر منظمة حلف شمال الأطلسي، التي توسعت إلى 32 عضوًا في عام 2024 بانضمام السويد، إلى جنوب آسيا من منظور المحيطين الهندي والهادئ، إذ تعتبر الهند حصنًا رباعيًا ضد الصين، لكن وضع باكستان كدولة غير عضو في الحلف يعقد الأمر، كما يتضح من خلاف أنقرة حول منظومة صواريخ "اس-400". ولهذا فإن طرح فكرة "حلف ناتو إسلامي"، بدعم تركي، سيؤدي إلى "تفتيت الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، مما يجذب موارد الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا".

تأثير التحالف الجديد على العلاقات الدولية

كما أن العلاقات القوية بين الهند و"إسرائيل"، والتي تشمل تجارة أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار، مقابل التوازن السعودي-الباكستاني الجديد، "قد تؤدي إلى عزل نيودلهي إذا استخدمت الرياض مواسم الحج أو النفط كسلاح، في ظل اشتعال الأوضاع في كشمير".

في الخيارات المتاحة أمام نيودلهي، التي تراقب عن قرب فحوى هذه الاتفاقية، فإن مأزق روسيا في أوكرانيا "يحد من التدخل، ويدفع الهند نحو الاعتماد على الذات (Atmanirbhar Bharat)، ولكنه يكشف عن درجة التبعية الواضحة".

كما أن "ديناميكيات الخليج تزيد من التعقيد"، حيث وسّطت الإمارات وقطر، رغم اعتبارهما شركاء مع الهند، بجانب باكستان خلال الحرب الأخيرة عبر قنوات خلفية.

ولكن اتفاق المملكة العربية السعودية يشير إلى التحوط، حيث أن 3 مليارات دولار من الودائع السعودية ستوجه لإنقاذ باكستان من قيود صندوق النقد الدولي، كما أن عمان والبحرين، اللتان تستضيفان قواعد أمريكية، تضعان الاستقرار على رأس أولوياتهما؛ وقد يؤدي تشجيع باكستان إلى تعطيل مضيق هرمز، مما يرفع سعر البترول إلى 100 دولار للبرميل، ويضر بفاتورة واردات الهند البالغة 120 مليار دولار.

الاتفاقية: ميزان القوة والردع النووي

يرى المستشار فيكرام أن الاتفاقية "تشير إلى عدم التوازن"، باعتبار أن بنودها "يمكن أن تردع الهجمات الهندية عن طريق رفع تكاليف التصعيد، خاصة أن المظلة النووية الباكستانية ستمتد إلى الرياض"، لكنها من جهة أخرى "تنطوي على مخاطر الإفراط في تمديد الردع".

يشير المستشار إلى أن "الاقتصاد الباكستاني يعاني من ضغوط ديون بقيمة 87 مليار دولار، بسبب الإعانات السعودية، بينما تسعى الأخيرة إلى الحصول على أسلحة أمريكية دون إزاحة رئيس الوزراء مودي، عبر الإعلان عن هدف الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 50 مليار دولار نحو نيودلهي".

ورغم هذا، يرى المستشار أن "الاتفاق يعكس إعادة ترتيب أوسع نطاقًا لدى قراءة الخارطة الجغرافية الأكبر؛ التحوط الأمني الخليجي، محور الناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التفاهم الروسي-الصيني، وهذا ما يجعل جنوب آسيا نقطة ارتكاز للاستقرار العالمي مستقبلًا".