خلال ملتقى اقتصادي بحجم معرض التجارة البينية الإفريقية 2025 بالجزائر العاصمة، لا تبدو المشاركة مجرد حضور عابر أو استعراض بروتوكولي، بل تتحول إلى مساحة اختبار حقيقية لقدرة الفاعلين الاقتصاديين على تحويل الشعارات إلى مشاريع ملموسة. وفي هذا السياق، قدّم ليكان بالوجوم، ممثل شركة Oakwood Green Africa، رؤية متكاملة تنسجم مع رهانات القارة في بناء اقتصاد متماسك وقادر على مواجهة التحديات. فمقاربة المؤسسة، كما أوضح، تقوم على تجاوز الخطاب التقليدي حول فرص التكامل الإفريقي، نحو صياغة حلول عملية تستند إلى التمويل المبتكر، وتسهيل انسياب التجارة، وبناء شراكات استراتيجية تعيد رسم خريطة المبادلات داخل القارة، بما يجعل من المشاركة في هذا الحدث منصة لتجسيد الإرادة الإفريقية في العمل الجماعي وتحويل الطموحات إلى صفقات فعلية.

ليكان بالوجوم، ممثل شركة Oakwood Green Africa
وفي حديث خصّ به "الأيام نيوز"، أوضح "بالوجوم" أن الشراكة الاستراتيجية التي تربط Oakwood Green Africa بالبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (Afreximbank) تمثل أكثر من مجرد تعاون مؤسسي، إذ تشكّل وفق تعبيره معادلة ابتكارية لإعادة هندسة منظومة التمويل الإفريقية، بما يجعلها قادرة على تحويل الفرص الكامنة في الأسواق المحلية والإقليمية إلى استثمارات مجدية وذات أثر ملموس. فهذه المنظومة، كما يصفها، تقوم على أدوات مالية متقدمة مثل التمويل المختلط (blended finance)، وضمانات الائتمان، وتمويل الإيرادات، لتتجاوز النماذج التقليدية وتقدّم إطارًا هجينا يجمع بين المرونة والكفاءة.
وإلى جانب ذلك، تُرفَد هذه الأدوات بحزمة استشارية متكاملة تشمل إعداد دراسات الجدوى، وهيكلة المعاملات، وربطها بشبكات المستثمرين الإقليميين والدوليين، بما يخلق بيئة استثمارية متكاملة العناصر.
وشدّد بالوجوم على أن الانتقال من الفكرة إلى الصفقة يتطلب ما وصفه بـ "خط أنابيب استثماري واضح"، يبدأ من بلورة المشاريع في شكل مفاهيم أولية، مرورًا بمرحلة التقييم والتصديق المالي، وصولًا إلى التنفيذ الفعلي على الأرض. وفي هذا الإطار، أكد أن برامج Oakwood Green Africa لا تكتفي بضخ رأس المال، بل تتجاوز ذلك إلى تصميم حزم تمويلية مخصّصة، مدعومة بدعم فني يعزّز من جدارة المشاريع الائتمانية ويجعلها أكثر قدرة على جذب المستثمرين. كما تعمل المؤسسة على إرساء نماذج تمويل محلية قابلة للتطبيق، من شأنها تقليص المخاطر وتعزيز ثقة الفاعلين الماليين، بما يضمن بناء قاعدة استثمارية صلبة تدعم مسار التكامل الاقتصادي للقارة.
وفي ما يتعلق بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، شدّد بالوجوم على أن مقاربة Oakwood Green Africa تتجاوز مجرد تقديم الدعم المالي أو الاستشاري، لتعمل على إعادة دمج هذه الفئة الحيوية ضمن المنظومة الاقتصادية القارية بشكل منهجي. وأوضح أن رؤية الشركة تقوم على ربط برامج تسريع الأعمال (acceleration) بآليات سوقية فعلية وقابلة للقياس، عبر توفير مسارات تدريبية متخصصة تُمكّن هذه المؤسسات من الامتثال للمعايير الدولية، ورفع جودة منتجاتها بما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
كما أشار إلى أن الاستراتيجية لا تقف عند حدود التأهيل التقني، بل تمتد إلى إعادة هيكلة سلاسل الإمداد من خلال تجميع قدرات المورّدين المحليين وربطهم بغرف التجارة الوطنية والإقليمية، إضافة إلى فتح قنوات شراكة مع شركاء التصدير. وبهذا، تتحول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مجرد مزوّدين محليين محدودي الأثر، إلى عناصر فاعلة في سلاسل القيمة الإقليمية، بما يعزز اندماجها في ديناميكية التجارة البينية الإفريقية، ويمكّنها من لعب دور محوري في صياغة اقتصاد قاري أكثر توازنًا واستدامة.
كما شدّد على أن تمكين المؤسسات من التكنولوجيا والمنصات الرقمية يشكّل محورًا أساسيًا لتسريع الصفقات، عبر إنشاء منصات للمطابقة بين العرض والطلب، وأنظمة لتسوية المدفوعات عبر الحدود، وأدوات للحوكمة والشفافية تسهّل إجراءات التدقيق المالي (due diligence) وتسرّع إغلاق الصفقات. وفي الجانب الإبداعي، أشار إلى أن Oakwood Green Africa تعمل على تطوير نماذج تتيح للمبدعين تحويل ملكيتهم الفكرية إلى قيمة اقتصادية حقيقية، عبر قنوات تمويل وتسويق مصمّمة خصيصًا لقطاع الثقافة والإبداع.
ورغم ما تواجهه القارة من تحديات متجذّرة مثل تباين السياسات الجمركية والمالية، ومخاطر تقلب أسعار الصرف، وضعف البنية التحتية اللوجستية في بعض الممرات، أكد بالوجوم أن الحلول تكمن في خطوات عملية متدرجة، تبدأ بإطلاق مشاريع نموذجية (pilots) لإثبات الجدوى، مرورًا ببناء آليات ضمان إقليمية وتحالفات مع مؤسسات ضمان الائتمان، وصولًا إلى اعتماد التمويل بالعملات المحلية مصحوبًا بآليات تحوّط ملائمة، إلى جانب الدفع باتجاه مواءمة السياسات والإجراءات التجارية بين الدول الإفريقية.
واختتم بالوجوم تصريحه بالتأكيد على أن مشاركة Oakwood Green Africa في IATF 2025 تمثل التزامًا عمليًا بتحويل الأفكار إلى صفقات حقيقية، ووضع الخبرات والأدوات على طاولة التنفيذ بالتعاون مع الحكومات، والمؤسسات المالية، والمستثمرين، بما يساهم في صياغة فصل جديد من قصة النمو الإفريقي.