تتواصل المظاهرات الشبابية التي انطلقت مؤخرا في عدة مدن مغربية، قادها ما بات يُعرف إعلاميًا بـ"جيل زد"، رفضًا للوضع الاجتماعي والاقتصادي واحتجاجًا على ما يعتبره المحتجون "اختلالًا في أولويات الإنفاق العمومي"، لا سيما توجيه موارد مالية كبيرة لتنظيم مونديال كرة القدم على حساب التعليم والصحة.
وشهدت عدة مدن كالدار البيضاء والرباط وقفات ومسيرات شارك فيها مئات الشباب، رافعين شعارات تطالب بفرص عمل، وتحسين الخدمات العمومية في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة.
وقد قوبلت هذه التحركات، وفق تقارير ميدانية ومقاطع فيديو متداولة، بتدخلات أمنية عنيفة واعتقالات طالت عشرات المشاركين، بينهم نساء.
تقارير إعلامية محلية تحدثت عن حوالي 50 موقوفًا أغلبهم من الدار البيضاء والرباط، وفي هذا السياق أعلنت جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء استعدادها لتقديم الدعم القانوني للموقوفين، مؤكدة أن الاعتقالات "تعسفية" ولا تستند إلى أساس قانوني.
فيما شددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على أن "المحتجين تعرضوا لعنف مفرط"، وأن بعض الموقوفين ما زالوا رهن الاعتقال في انتظار مثولهم أمام القضاء.
أما على المستوى السياسي، فقد حذرت النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، من خطورة تجاهل صوت الشباب المحتج، معتبرة أن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الراهنة تعكس "إضعاف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني" وتفاقم الفوارق الاجتماعية والبطالة.
الاحتجاجات لاقت صدى واسعًا في الإعلام الدولي، حيث ركزت كبريات الصحف والقنوات على الطابع العنيف للتدخلات الأمنية ومطالب الشباب.
في المقابل، أعلن شباب "جيل زد" عزمهم مواصلة التحركات خلال الأيام المقبلة، مع اعتماد أسلوب جديد يتمثل في الإعلان عن أماكن الوقفات في اللحظات الأخيرة لتفادي الطوق الأمني.
هذه التطورات تأتي في سياق سياسي حساس تعيشه المملكة، وسط ضغوط اجتماعية متزايدة وأزمة ثقة بين جيل الشباب والسلطات، ما يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الحكومة على امتصاص غضب الشارع وتقديم حلول عملية لمطالبه.
شباب "جيل زد GEN Z".. من هم؟
برز خلال الأسابيع الأخيرة في المغرب جيل جديد من الشباب المحتجّين، يُطلق عليهم اسم "جيل زد GEN Z"، وهم الذين وُلدوا بين أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، ويُعرفون بارتباطهم الوثيق بعالم الرقمنة ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذا الجيل لم يكتفِ بالتعبير عبر الشاشات، بل انتقل إلى الشارع ليقود مظاهرات في مدن كبرى مثل طنجة والرباط والدار البيضاء، رافعًا شعارات تدعو إلى إصلاح شامل في قطاعات الصحة والتعليم، ومكافحة الفساد، وضمان العدالة الاجتماعية.
وقد اختار بعض هؤلاء الشباب إطارًا تنظيميا افتراضيًا، حيث يتم حشد الدعوات للاحتجاج عبر المنصات الرقمية، قبل محاولة ترجمتها ميدانيًا.
بروز "جيل زد" يعكس تحوّلا في أنماط التعبئة بالمغرب، إذ يجمع هؤلاء بين النشاط الرقمي والتظاهر السلمي، في سياق تزايد الإحساس بالإقصاء الاجتماعي وغياب الاستجابة لمطالب فئة واسعة من الشباب.