في مشهد غير مسبوق، اضطر عدد من الشباب المغربي المحتجّين إلى اللجوء إلى المقابر للتظاهر، هربًا من القمع الأمني الذي استهدف الساحات العامة في مدن كبرى مثل الدار البيضاء، وطنجة، والرباط.
وتحولت هذه المقابر إلى ملاذ يتيح للشباب التعبير عن غضبهم ضد أولويات الحكومة، فبينما يعاني قطاع الصحة والتعليم من الإهمال المزمن، ينفق المغرب مليارات الدولارات في تجهيز الملاعب لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030.
وتصدرت حركة جيل زد 212 المشهد الاحتجاجي، وهي حركة شبابية من مواليد أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، تعرف بنشاطها الرقمي المكثف ورفضها لأي استغلال سياسي لمطالبها.
ورفع المشاركون شعارات للمطالبة بحقوقهم مثل"الصحة أولا .. ما بغيناش كأس العالم"، و"الملاعب موجودة، لكن أين المستشفيات؟"، كما طالبوا بالعدالة الاجتماعية وضمان الحق في التعليم والصحة.
وأفاد شهود عيان أن بعض الاحتجاجات شهدت اشتباكات بالأيدي مع قوات الشرطة، التي حاولت منع المسيرات من الاستمرار، وأسفرت بعض المواجهات عن توقيف عدد من الشباب.

وفي الوقت نفسه، رفضت الحركة الشبابية أي محاولات من الأحزاب السياسية، بما فيها حضور البرلمانية نبيلة منيب عن الحزب الاشتراكي الموحد، "ركوب موجة الاحتجاجات"، مؤكدة استقلاليتها الرقمية والشارعية وأن المطالب كانت شعبية بحتة.

كما شهدت الاحتجاجات في ما لا يقل عن 11 مدينة أخرى، خروج مئات الشباب إلى الشوارع، مؤكدين أن مشاريع الملاعب لا تعني شيئًا أمام معاناة المواطنين اليومية، وهو ما يثير السخرية من "أولوية الدولة" في التمويل والإنفاق.
هيئات حقوقية تدين الممارسات القمعية
وفي المقابل، أدانت هيئات حقوقية القمع الأمني، معتبرة ما حدث "انتهاكًا صارخًا للحق في التظاهر السلمي وخرقًا سافرًا للحقوق والحريات الأساسية".
ودعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "همم" إلى إطلاق سراح الموقوفين فورًا، ووقف التعسف على المواطنين في التعبير عن مطالبهم.
كما استنكرت شبيبة "اليسار الديمقراطي" الاعتقالات السياسية، ووصفت الأحداث بأنها "فضيحة سياسية وحقوقية واضحة"، محمّلة السلطات المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين.