2025.09.30
عاجل :



ترامب في أفغانستان.. إعادة تدوير إنتاج الحروب سياسة

ترامب في أفغانستان.. إعادة تدوير إنتاج الحروب


ربيعة خطاب
22 سبتمبر 2025

التصعيد الأخير في خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه أفغانستان يعكس ارتباكا واضحا في صناعة القرار داخل البيت الأبيض؛ فالرجل الذي بنى جزءا كبيرا من خطابه السياسي على انتقاد أسلافه بسبب تورطهم في حروب طويلة ومكلفة، هو نفسه من يعيد اليوم إنتاج النهج ذاته، ولكن بحدّة أكبر وغطرسة أوضح.

تأتي تهديدات ترامب باستخدام القوة ضد بلد أنهكته عقود من الصراعات، لتطرح أسئلة مشروعة حول مدى جدية هذا التهديد، خصوصا والعالم لا يزال يحتفظ بمشاهد طازجة لفرار الجنود الأمريكيين المذل من أفغانستان، تاركين وراءهم أسلحتهم وذخائرهم، أم أنها مجرد حلقة جديدة في مسلسل زلات لسان ترامب، التي لا تخلو من عقدة الإحساس بفائض القوة والغطرسة الذي يعكس حالة الفشل الأمريكي المزمن في مقارباته العسكرية والأمنية خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، أيا كان ساكن البيت الأبيض؟

في تصريح خاص لصحيفة "الأيام نيوز"، قال اللواء طيار الدكتور المصري، الخبير العسكري والاستراتيجي:

"تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية حدوث 'أمور سيئة' لأفغانستان في حال لم تُعد قاعدة باجرام الجوية إلى السيطرة الأمريكية يمثل خطوة خطيرة على المستوى القانوني والدولي. فالقاعدة تعد منشأة عسكرية سيادية تابعة لأفغانستان، وكانت مأهولة بالقوات الأمريكية منذ حرب ما بعد 11 سبتمبر 2001، وأي محاولة للسيطرة عليها بالقوة ستشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي."

اللواء طيار الدكتور المصري، الخبير العسكري والاستراتيجي

وأضاف اللواء المصري: "من الناحية العسكرية، أي تدخل من هذا النوع سيؤدي حتما إلى تصعيد كبير بين القوات الأمريكية وحركة طالبان، مع توقع وقوع هجمات مكثفة على القوات في القاعدة. تنفيذ هذا التهديد ليس بالأمر السهل، ويتطلب تقديرات دقيقة للنتائج والخسائر المحتملة، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي."

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن "الرسائل المبطنة في تصريحات ترامب تحمل دلالات واضحة حول قدرة واشنطن على التدخل في أي مكان في العالم، لكن المسألة الأهم هي مدى إمكانية تحويل هذه التصريحات إلى واقع على الأرض، وليس مجرد خطاب للضغط السياسي."

وتابع اللواء المصري: "هناك احتمال كبير أن يستخدم ترامب هذا التهديد كأداة ضغط سياسية واقتصادية لإجبار الحكومة الأفغانية على الامتثال لمصالح واشنطن، دون الحاجة إلى التدخل العسكري المباشر، وهو ما يعكس تركيزا على الرسائل السياسية أكثر من أي خطة تنفيذية حقيقية."

وأكد الخبير العسكري أن "رفض الحكومة الأفغانية للتهديد وتمسكها بسيادتها يشكل خطوة مهمة نحو حماية الاستقرار الوطني، إلا أن استمرار مثل هذه التصريحات يترك الباب مفتوحا لتدخلات مستقبلية قد تعيد البلاد إلى حالة عدم الاستقرار، وتؤثر سلبا على جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة."

واختتم اللواء المصري بالقول: "القوة الخطابية للرئيس الأمريكي كبيرة، لكنها بعيدة عن القدرة على التنفيذ الفعلي، وتعكس في معظمها رغبة سياسية في إرسال رسائل للداخل الأمريكي وللساحة الدولية."