2025.10.12
عاجل :



الذكرى الثانية لـطوفان الأقصى .. مارين لوبان تبكي على الاحتلال وتتجاهل مجازره سياسة

الذكرى الثانية لـطوفان الأقصى .. مارين لوبان تبكي على الاحتلال وتتجاهل مجازره


في الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى، أطلت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا على منصة "إكس" لتقدم عرضًا دراميًا مشحونًا بالعاطفة الزائفة.

بكلماتٍ منمقة، تصف العملية البطولية للمقاومة الفلسطينية بأنها "أبشع مذبحة ضد الصهاينة منذ الحرب العالمية الثانية"، وتناست - طبعًا - أن الكيان الذي تذرف عليه دموعها هو ذاته الكيان الذي اغتصب الأرض، وهجّر شعبًا بأكمله، ولا يزال يرتكب جرائم حرب موثقة يوميًا في غزة والضفة والقدس.

https://twitter.com/MLP_officiel/status/1975454803208659247

وما قالته مارين ليس مفاجئًا، بل هو تمامًا ما يُنتظر ممن يرى في الضحية "إرهابيًا"، وفي الاحتلال "حقًا مشروعًا للدفاع عن النفس، فهي كغيرها من رموز اليمين المتطرف في الساحة السياسية، تتباكى عندما يُجرح الجلاد، وتصمت تمامًا حين يُذبح الضحية.

وهذه ليست زلة أخلاقية عابرة، بل منهجٌ راسخ قائم على الكيل بمكيالين، فهي لا ترى الفلسطيني إلا من خلال عدستها الأيديولوجية المشوهة: "مسلم"، "عربي"، "تهديد"، "إرهاب" — وهنا تنتهي القصة بالنسبة لها.

تقاطع أيديولوجي عميق

لكن هذه المواقف ليست بالجديدة، دعم لوبان للكيان الصهيوني هو نتيجة مباشرة لتقاطع أيديولوجي عميق: فكلا المشروعين — الصهيوني من جهة، واليمين المتطرف الأوروبي من جهة أخرى — يقومان على أسطورة التفوق العرقي، وشيطنة الآخر، وتجريم مقاومة المظلومين.

وهي تراه حليفًا طبيعيًا، لأنه ببساطة النسخة الشرق أوسطية من أحلامها: دولة تحتل وتغتصب، تحتقر المهاجرين، وتستخدم القوة ضد شعب أعزل.

عائلة ملطخة بدماء الأبرياء

وفوق هذا، لا يمكن فصل موقف مارين لوبان عن مواقف أبيها، جان ماري لوبان، الذي لم يكن مجرد سياسي فرنسي فقط، بل أحد أعتى العنصريين في تاريخ الجمهورية الخامسة.

هذا الرجل، الذي تطوّع لحرب فرنسا القذرة في الجزائر، كان جزءًا من ماكينة التعذيب التي أرادت سحق الثورة الجزائرية تحت غطاء "التحقيقات الأمنية".

وجان ماري لم يكن محايدًا في مشهد الدم الاستعماري، بل كان فيه لاعبًا رئيسيًا، يتنقّل بين المعتقلات، ويشرف على عمليات الاختفاء القسري والتعذيب، بل ويفاخر بذلك لاحقًا، فمن أين لمارين أن تكون مختلفة؟

ولأن جان لوبان كان من مؤيدي المحرقة ضد اليهود، ووصف الوجود النازي في فرنسا بأنه لم يكن "سيئا بشكل استثنائي"، مارين تحاول الآن أن تصنع لنفسها صورة جديدة: لا تعادي اليهود، بل تعادي المسلمين.

ولأجل ذلك، فهي تتقرّب من الكيان الصهيوني كـ "شهادة حسن سلوك" تقدّمها للوبيات الضغط، وللرأي العام الغربي، من أجل مصالحها السياسية.

"المقاومة الفلسطينية إرهاب"

وتصف لوبان المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، لكنها لا تذكر شيئًا عن المجازر اليومية في غزة، عن جثث الأطفال تحت الأنقاض، عن الحصار، عن المقابر الجماعية، عن المستشفيات المقصوفة، ولا عن خيام الشتات.

ففي عقلها السياسي، من يحمل دبابة وميزانية تسليح أمريكية هو الضحية، ومن يُقصف بيته ويُدفن تحت الركام هو المجرم.، متجاهلة أن الجريمة الحقيقية بدأت يوم دخل الصهاينة أرضًا ليست لهم، وقتلوا وهجّروا، باسم "الوعد" و"الحق التاريخي".

لكن الحقيقة واضحة، مهما حاول الإعلام الغربي و"الإنسانية الانتقائية" أن يطمسوها: من يسرق ويغتصب الأرض لا يحق له أن يتباكى.

سياق مرعب يجعل الجريمة مضاعفة

إن خطاب مارين لوبان الانتقائي يصبح جريمة مضاعفة عندما نسقطه على الواقع المأساوي الذي يعيشه الغزاويون اليوم، حيث لا تذرف هي أو من يشبهها دمعة على الأطفال الذين يُقصفون في بيوتهم، وعلى المرضى الذين تُمنع عنهم الرعاية، وعلى المستشفيات المدمرة، والمقابر الجماعية.

فبعد مرور سنتين على بداية الحرب الأخيرة على غزة، أعلنت المصادر الطبية في غزة أنّ عدد الشهداء تجاوز 67,173 شهيدًا، والمصابين بلغ 169,780، بينهم 20,179 طفلًا، و10,427 سيدة، و4,813 من كبار السن، و31,754 رجلاً.

النظام الصحي من أكثر القطاعات تضررا

كما أن آثار الحرب مست بشكل كبير النظام الصحي المدمَّر بالكامل فحسب ذات المصدر، تم إحصاء، 1,701، شهيدًا من الطواقم الطبية، و362 معتقلاً في ظروف قاسية، و25 مستشفى خرجت عن الخدمة من أصل 38، و 103 مراكز صحية أولية دُمّرت من أصل 157.

بالإضافة إلى نقص كارثي في الأدوية والمستهلكات الطبية — حيث أن الأصناف التي نفدت كليًا بلغت 55%، والمستهلكات الطبية التي تعجز المستشفيات عن توفيرها 66%، والمستلزمات المخبرية 68%.

ويزداد الأمر مأساوية عندما ترتفع نسبة إشغال الأسرة في المستشفيات إلى 225% حتى نهاية سبتمبر، مقارنة بـ 82% في نفس الفترة من العام الماضي، ما يعني ازدحامًا يفوق قدرة المستشفيات.

كما أن عشرات محطات الأكسجين تدمرت، والمولدات الكهربائية سحقت تحت وطأة القصف، ما تسبب في الكثير من حالات الوفيات.

مجاعة مستمرة

أما المجاعة وسوء التغذية فقد باتا واقعًا يُعلن عنه اليومي؛ 460 وفاة سجلتها الأمم المتحدة بسبب المجاعة وسوء التغذية، بينهم 154 طفلًا، فيما هناك 51,196 طفلًا تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد.

بالإضافة إلى أن المياه، والغذاء، والمستلزمات الأساسية مفقودة أو غير كافية.

وكل هذا القمع يُرتكب يوميًّا، خلف الستار الإعلامي الذي تسمح له لوبان ومن يشبهها أن يظل صامتًا، أو يختار زاويته التي تخدم مصالحه السياسية والاقتصادية.