في إطار تعزيز العلاقات الثقافية والفنية بين الجزائر وإيران، أعلنت السفارة الإيرانية بالجزائر يوم 28 أكتوبر 2025 عن تنظيم مسابقة فنية تحت عنوان "إيران بعيون جزائرية"، موجهة للمواهب الجزائرية من الأطفال والمراهقين. تهدف هذه المبادرة إلى فتح آفاق جديدة للتعبير الفني بين الشباب الجزائري وتعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين عبر الفنون التشكيلية، ما يجعل من المسابقة منصة ثقافية حيوية تجمع بين الإبداع الفني والرسائل الإنسانية والسياسية في الوقت نفسه.
عند دخول القاعة المخصصة للفعالية، كان من الواضح أن المنظمين حرصوا على خلق فضاء يجمع بين الفن والتفاعل الثقافي، حيث انتشرت على جدران القاعة مجموعة من الصور الفنية المختلفة التي تحمل رسائل متعددة.

بعض هذه الأعمال تناولت القضية الفلسطينية، في حين سلطت أخرى الضوء على العلاقات الأخوية بين الجزائر وإيران، مجسدة عبر صور فنية تعكس الصداقة بين الشعبين. من أبرز الأعمال التي جذبت الانتباه صورة امرأتين متبادلتين التحية، تعبيرا عن الترابط بين الشعبين، بالإضافة إلى صورة لصاروخ إيراني يحمل علم فلسطين، يرمز إلى دعم إيران للقضية الفلسطينية والتزامها بالقضايا العادلة على الصعيد الإقليمي.
من بين الأعمال الفنية المعروضة، برزت صورة لطفلة جزائرية تدعى إيناس تقزيرية، والتي لفتت انتباه سعادة السفير الإيراني بالجزائر، محمد رضا بابائي.

السفير الإيراني في الجزائر محمد رضا بابائي
تحدثت إيناس للأيام نيوز عن صورتها قائلة إن العمل يعكس رؤية إيران في حماية مجتمعها من الانتهاكات التي قد تهدد قيمه، كما أنها أدرجت عناصر تعبر عن التزام إيران بالقضايا الإنسانية العادلة مثل القضية الفلسطينية.

ويظهر هذا العمل قدرة الأطفال والمراهقين على التعبير عن مفاهيم معقدة من خلال الفن، بما يجمع بين البعد السياسي والبعد الإنساني.
وفي خطوة رمزية تعكس الالتزام المشترك بقيم الاستدامة، قام السفير الإيراني بالجزائر، محمد رضا بابائي، بغرس شجرة في حديقة السفارة رفقة الضيوف، ضمن فعاليات مسابقة "إيران بعيون جزائرية". تأتي هذه المبادرة البيئية المصاحبة للفعالية الفنية لتؤكد حرص السفارة على دمج الفن والسياسة والبيئة في برامجها الثقافية، وتعكس الرغبة في ترسيخ ثقافة الحفاظ على الطبيعة وتعزيز الوعي البيئي بين المشاركين والزوار.

تميزت المسابقة كذلك بالتنوع في الأساليب الفنية، حيث قدم المشاركون أعمالا باستخدام الرسم بالألوان المائية، الكولاج، مما أتاح لهم التعبير عن رؤاهم بطريقة مبتكرة تتجاوز الحدود التقليدية للفن التشكيلي. وقد أظهرت الأعمال الفنية قدرة الأطفال والمراهقين على ترجمة أفكار كبيرة ومعقدة إلى صور بسيطة ومباشرة تصل بسهولة إلى المشاهد، وهو ما أكد على أهمية منح الشباب مساحات للتعبير الحر عن آرائهم وقيمهم.
من جهة أخرى، أثارت الصور السياسية المتنوعة جدلا إيجابيا بين الحاضرين، حيث تم تداولها في سياق النقاش حول الدور الإيراني في المنطقة ودعمها للقضايا الإنسانية والسياسية. فقد رأى بعض الحضور أن الصور تعكس رؤية متكاملة للثقافة الإيرانية، التي تجمع بين التقاليد والقيم الحديثة، وبين البعد المحلي والإقليمي. أما بالنسبة للأطفال، فقد شكلت المسابقة فرصة للتعرف على ثقافة بلد شقيق بطريقة إبداعية وتفاعلية، ما يسهم في توسيع مداركهم الفكرية والفنية.
في الختام، تمثل مسابقة "إيران بعيون جزائرية" نموذجا حيا للتبادل الثقافي البناء، حيث يمتزج الفن بالسياسة والثقافة والتربية البيئية، ويتيح للمواهب الشابة التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم في فضاء مفتوح وآمن. إن هذه الفعالية ليست مجرد مسابقة فنية، بل جسر يربط بين شعوب شقيقة، ويعزز قيم الصداقة والأخوة والتفاهم المشترك، كما تؤكد على الدور المحوري للفنون في بناء جسور الحوار الثقافي بين الشعوب.

