أكد حقوقيون صحراويون وأفارقة، اليوم السبت، أن الحديث عن تحرر القارة الإفريقية من الاستعمار يبقى ناقصًا ومبتورًا ما دام الشعب الصحراوي محرومًا من حقه في تقرير المصير والاستقلال، مشددين على أن الاحتلال المغربي يمثل وصمة عار في جبين القارة التي ناضلت لعقود ضد الاستعباد والهيمنة، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الجزائرية.
وخلال ندوة رقمية نظمتها منظمات تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان "كوديسا"، وحركة عموم إفريقيا اليوم، والتحالف الدولي المناهض للفاشية – فرع جنوب إفريقيا، تحت عنوان "50 سنة من نضال الشعب الصحراوي من أجل السيادة وتقرير المصير"، أجمع المتدخلون على أن القضية الصحراوية هي "قضية إفريقية بامتياز"، وأن الصمت القاري والدولي إزاء جرائم الاحتلال المغربي "خيانة لميراث نكروما وكابرال ومانديلا".
وفي مداخلته، وصف الكاتب العام لحركة الاشتراكيين في غانا، كواسي برات جونيور، النضال الصحراوي بأنه "الامتحان الحقيقي لضمير إفريقيا المستقلة"، مؤكدًا أن "المغرب لا يمثل مجرد احتلال عسكري، بل هو ذراع الإمبريالية الجديدة في القارة"، محذرًا من أن "أي تهاون في دعم الشعب الصحراوي يعني السماح بعودة الاستعمار بثوبٍ مغربي".
ودعا برات جونيور إلى توحيد الجبهة الإفريقية التقدمية من نقابات وطلبة ومثقفين ونساء من أجل بناء حركة تضامن قارية "تحمل مشعل التحرر الحقيقي، وتعيد الاعتبار لمبادئ إفريقيا التي قاومت الهيمنة الأجنبية".
عملية النهب متواصلة
ومن جانبه، أوضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في منظمة "كوديسا"، المحجوب مليحة، أن الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية "ليس سوى استمرار لمنظومة استعمارية دولية تستخدم الرباط كأداة للنهب والقمع"، مضيفًا أن "المغرب يستنسخ أساليب الاحتلال الصهيوني في فلسطين، من تهجير وتجويع ومصادرةٍ للهوية والثروات".
وأشار مليحة، حسب ذات المصدر، إلى أن النظام المغربي، بدعمٍ من الاتحاد الأوروبي، "يواصل نهب الفوسفات والثروات البحرية الصحراوية رغم الأحكام القضائية الأوروبية التي تؤكد عدم شرعية تلك الاتفاقيات"، مؤكدًا أن "الصحراء الغربية لن تكون بوابة جديدة للإمبريالية في إفريقيا".
أما الحقوقي الصحراوي صدام الكتيف، فقد شدد على أن "50 عامًا من القمع والاعتقال والتعذيب لم تنجح في كسر إرادة الشعب الصحراوي"، معتبرًا أن "الاحتلال المغربي يعيش مأزقًا أخلاقيًا وسياسيًا متزايدًا أمام صمود الصحراويين والتعاطف الإفريقي المتنامي معهم".
النظام المخزني يعرقل السلام في إفريقيا
وتبقى الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا، تنتظر منذ عقود تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى تمكين شعبها من حقه في تقرير المصير عبر استفتاء حر ونزيه، في وقت يواصل فيه الاحتلال المغربي فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة، وعرقلة المسار الأممي الرامي إلى تسوية عادلة ودائمة.
ويؤكد المراقبون أن استمرار الوضع الراهن لا يخدم السلم ولا الاستقرار في المنطقة، بل يعمق حالة الاحتقان ويكرس ازدواجية المعايير الدولية، خاصة في ظل صمتٍ دوليٍ مطبقٍ تجاه انتهاكاتٍ موثقةٍ ضد المدنيين الصحراويين في المدن المحتلة.

