في لحظة حرجة يتقاطع فيها صوت الدبلوماسية مع صخب المدافع، ارتفع صوت الجزائر من على منبر الأمم المتحدة عبر ممثلها الدائم عمار بن جامع، ليضع العالم أمام مرآة الحقيقة المرة: احتلال متمرّد على الشرعية الدولية، يوسّع دائرة عدوانه لتشمل ليس فقط شعوبًا تحت الاحتلال أو دولًا في خطوط المواجهة التقليدية، بل حتى وسطاء السلام الذين سعوا إلى وقف نزيف الدم.
لم تكن الكلمة الجزائرية مجرد موقف تضامني مع قطر الشقيقة، بل جاءت كجرس إنذار مدوٍّ يكشف خطورة التحول الذي يشهده المشهد الإقليمي؛ حيث لم يعد الاحتلال الصهيوني يكتفي بخرق القوانين والأعراف، بل بات يقوّض مفهوم الدبلوماسية ذاته، في تحدٍّ صارخٍ للنظام الدولي وللحدود الجغرافية والسياسية.
إنها مقدمة لمرحلة أكثر اضطرابًا، حيث تصبح الإرادة الجماعية للدول والشعوب هي الرهان الأخير في مواجهة مشروع يدفع المنطقة والعالم نحو حافة الهاوية.
وفي حديثه للأيام نيوز أوضح الأستاذ في العلاقات الدولية بجامعة الجزائر أن كلمة السفير عمار بن جامع "لم تكن مجرد موقف بروتوكولي، بل تحركًا دبلوماسيًا ذكيًا استغل منبر الأمم المتحدة لإقامة الحجة على الكيان الصهيوني، وتعريته من أي غطاء إعلامي يحاول التستر به، عبر إبراز ما يجري في غزة بوصفه مجازر بشعة ضد المدنيي".
وبيّن الخبير أن"الخطاب يعكس الموقف الثابت للجزائر في المطالبة باحترام القانون الدولي، في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي تماديه في انتهاك القوانين دون رادع، وهو ما يجعل من تدخّل الجزائر صوتًا صريحًا يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخي".

الأستاذ نور الدين شعباني
كما شدّد على أن بن جامع أراد أن يبعث برسالة واضحة إلى العالم: هذا الكيان لم يعد خطرًا على منطقة الشرق الأوسط وحدها، بل صار تهديدًا للسلم العالمي، حتى أنه لم يتورع عن استهداف وسيط دبلوماسي فاعل مثل دولة قطر، ما يعني أن الاحتلال يتحدى بشكل مباشر الشرعية الدولية ويقوّض أسس الدبلوماسية.
واختتم الأستاذ تصريحه بالتأكيد على أن "الكلمة الجزائرية جاءت في توقيتها المناسب لتجديد التحذير من خطورة الانتهاكات المتواصلة على مستقبل السلم الإقليمي والدولي، ولتنبيه المجتمع الدولي من أعلى منبر سياسي عالمي إلى أن الصمت لم يعد خيارًا، وأن التحرك العاجل بات ضرورة لكبح جماح هذا الجبروت".

