2025.10.09
عاجل :



الساحرة المستديرة في الجزائر.. أكثر من مجرد لعبة

الساحرة المستديرة في الجزائر.. أكثر من مجرد لعبة


تتجاوزُ كرة القدم في الجزائر حدود كونها مجرد رياضة أو لعبة تُمارس فوق أرضية المستطيل الأخضر، إذ يُمكن اعتبارها بمثابة الرمز الحيّ الذي يعكس عُمق الانتماء الوطني ويُجسد ملامح الهوية الثقافية والاجتماعية، من خلال الرياضة الأكثر شعبية في العالم، تتجلى أسمى معاني الوحدة والتلاحم، حيث تتحول الملاعب إلى ساحات للتعبير عن الانتماء المشترك، حينما تصدح حناجر الجماهير الرياضية عبر المدرجات بأهازيج وطنية تعبر عن أحلام الشعب وآماله، في مشاهد تعكس الدور الهام الذي تلعبه الساحرة المستديرة في تعزيز الهوية الوطنية في الجزائر وإحياء الشعور بالفخر والانتماء للوطن. في هذا السياق، أجمع خبراء ومختصون أن العلاقة بين الرياضة وتعزيز مقومات الهوية الوطنية، هي علاقة تكاملية وترابطية، فكلاهما يُكمل الآخر، على اعتبار أن الرياضة وكرة القدم تحديداً تلعب دورا هاما وتقدميا في مجال التوعية بالقيم الوطنية والمفاهيم الإنسانية النبيلة، وفي جعل الجبهة الداخلية صلبة ومتماسكة، وتجذير مفاهيم المواطنة والوطن الواحد مفهوما، وسلوكا، وممارسة عملية في توعية المواطن بمنظومة الحقوق والواجبات المطلوبة منه وله تجاه وطنه، والتي تعمل على تعزيز شعور المواطن بالمجتمع الذي ينتمي إليه وإرساء دعائم الأمن والاستقرار من خلال نشر مبادئ الخير والتعاون والتسامح واحترام القانون ونبذ العنف واحترام قيم العدل والمساواة، وكلها تساهم في ترسيخ مفهوم المواطنة والهوية الوطنية الجامعة. إلى جانب ذلك، تعتبر الرياضة بشكلٍ عام أداةً فاعلة ومنظومة متكاملة في بناء الدولة وترسيخ الثوابت الوطنية لدى المواطنين، وإذا كانت الدولة المدنية الحديثة تعتمد على أركان رئيسة أربعة في بنائها، فإن الأنشطة الرياضية والشبابية قد تكون واحدة من بين هذه الأركان بعد السياسة والاقتصاد والإعلام، إذ أن الرياضة أثبتت أنها أداة فعالة ومرنة لتعزيز قيم المواطنة وتعزيز مقومات الهوية الوطنية بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين الشباب من الاندماج الاجتماعي. ورغم بعض السلبيات التي تحيط بالرياضة وكرة القدم بشكل خاص، ستظل القوة الإيجابية الهائلة التي تتسم بها الرياضة وسيظل الشغف الهائل بما يعزز من قيم المواطنة بين الناس بحيث يعملان على جعل العالم أكثر شمولا للجميع وأكثر سلمية من خلال ما ينطويان عليه من قيم ومبادئ عالمية. وقد لعبت كرة القدم دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الوطنية الجزائرية، حيث كانت دائمًا جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد، ففي لحظات الانتصار، يُعبر الجزائريون عن فرحتهم الجماعية، وفي لحظات التحدي، يجتمعون خلف راية الوطن بروح تضامنية تعكس قوة الترابط الوطني، فرفع العلم الجزائري في المحافل الدولية ليس مجرد إنجاز رياضي، بل هو رسالة حضارية تبرز إرادة شعب يعشق التحدي ويتطلع دائمًا نحو القمة. عبر العقود، أصبحت كرة القدم منصة تُجسد من خلالها الهوية الوطنية، خصوصًا في الأوقات العصيبة التي مر بها الوطن، حينما يهتف الملايين للمنتخب الوطني، فإنهم يعبرون عن انتمائهم إلى وطنٍ واحد، بغض النظر عن الاختلافات الثقافية والاجتماعية، فكرة القدم، بذلك، ليست مجرد رياضة، بل هي رابط روحي يعزز الشعور بالفخر والاعتزاز والانتماء إلى وطن اسمه "الجزائر". إضافة إلى ذلك، تُعد كرة القدم جسرًا بين الأجيال، حيث تنتقل قيم الانتماء والولاء للوطن من جيل إلى آخر، كما تُسهم في مد جسور التواصل بين الجزائريين داخل الوطن وخارجه، حيث يجتمع أبناء الجاليات الجزائرية في المهجر حول حب المنتخب الوطني، ما يجعل كرة القدم عاملًا رئيسًا في تعزيز الهوية الوطنية في الداخل والخارج. وعلى الصعيد الدولي، تُبرز كرة القدم الوجه الحضاري للجزائر، حيث تُعد انتصارات المنتخب الوطني وسيلة فعالة للتعريف بالثقافة الوطنية والتاريخ العريق، تُحاكي هذه الانتصارات الإرادة الجماعية للشعب الجزائري وتعكس طموحاته في تحقيق التقدم والتميز، وهكذا تبرز العلاقة بين كرة القدم وتعزيز مقومات الهوية الوطنية في الداخل والخارج. سدٌ منيع ضد محاولات تفكيك الوحدة الوطنية من جانب آخر، يؤكد متابعون أن كرة القدم الجزائرية تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الهوية الوطنية والشعور بالانتماء للوطن، خاصةً في مواجهة التهديدات المغرضة التي تهدف إلى زعزعة التماسك الوطني، من خلال مباريات المنتخب الوطني، تتحول الملاعب والمدرجات إلى فضاءات للتعبير عن الوحدة الوطنية، حيث يجتمع الجزائريون بمختلف انتماءاتهم الاجتماعية والجغرافية لدعم فريق يمثلهم جميعًا دون تفرقة. بحسب خبراء، كرة القدم هي وسيلة فعالة لإحياء الشعور الوطني عبر تعزيز الفخر بالإنجازات الرياضية التي تُظهر إمكانيات الجزائر وقدرتها على المنافسة عالميًا، عندما يُرفع العلم الوطني ويُعزف النشيد في المحافل الدولية، يشعر الشعب الجزائري بالاعتزاز والانتماء لوطنه، ما يعزز من اللحمة الوطنية. علاوة على ذلك، تُسهم كرة القدم في بناء جسور التواصل بين مختلف شرائح المجتمع، حيث تجمع بين الأغنياء والفقراء، الكبار والصغار، في إطار مشترك يُغلب عليه الطابع الوطني، هذا التلاحم يصبح أكثر وضوحًا في الأوقات التي تواجه فيها البلاد تحديات خارجية أو داخلية، حيث تتحول الرياضة إلى أداة مقاومة ناعمة تُبرز صمود الشعب وتماسكه. إلى جانب ذلك، يرى خبراء في السياسة والشؤون الدولية، أن كرة القدم الجزائرية وفي ظل التهديدات المغرضة، يمكن أن تتحول إلى حائط صد ضد محاولات تفكيك الوحدة الوطنية، فالأهازيج والهتافات الجماعية في المدرجات ليست مجرد تشجيع رياضي، بل هي رسائل صريحة تعبر عن رفض الجزائريين لأي محاولة للنيل من تماسكهم وهويتهم، كما أن قصص نجاح اللاعبين الجزائريين، سواء داخل الوطن أو في الخارج، تقدم نموذجًا يُحتذى به للشباب، وتُبرز القيم الوطنية التي تُعزز الشعور بالانتماء وتُعمق من مفاهيم الهوية الوطنية خاصة في الأزمات. فريق جبهة التحرير الوطني رمز الهوية الوطنية إبان الاحتلال تاريخيا، ساعد نجاح فكرة الأندية الرياضية التي تمكنت من نشر الهوية الجزائرية على المستوى القاري على غرار الشباب القسنطيني ومولودية الجزائر، في توسع فكرة المجال الرياضي وتحديداً كرة القدم لدى المناضلين السياسيين الذين أصروا على إنشاء منتخب وطني يمثل الجزائر في المحافل الدولية. وبعد انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 وصدور قراراته التي كان من بينها إنشاء منظمات خاصة بجبهة التحرير الوطني، وبعد تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والاتحاد العام للطلبة المسلمين، قررت جبهة التحرير الوطني تأسيس تنظيم رياضي يحمل رايتها وراية الثورة الجزائرية، ويمثلها في المحافل الدولية، فوقع الاختيار على رياضة كرة القدم نظراً لشعبيتها الكبيرة عبر أنحاء العالم. وفي سنة 1958 تم تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، الفريق الذي لعب دورًا بارزًا في دعم الكفاح من أجل الاستقلال وتعزيز الهوية الوطنية خلال فترة الاحتلال الفرنسي، حيث شكّل هذا الفريق رمزًا للوحدة الوطنية ورغبة الشعب الجزائري في التحرر، وعبّر عن الهوية الجزائرية في زمن سعت فيه السلطات الفرنسية إلى طمسها، فارتدى اللاعبون ألوانًا تعبر عن العلم الجزائري، مما منح الفريق طابعًا رمزيًا قوياً وجعله مصدر إلهام للشعب. من خلال مشاركته في مباريات ودية دولية، نجح الفريق في الترويج للقضية الجزائرية على الساحة العالمية، حيث شرح اللاعبون رسالة النضال الجزائري وسعوا لكسب الدعم السياسي والمالي، تلك الجهود لم تكن مجرد نشاط رياضي، بل كانت حملة دعائية محكمة لنقل معاناة الشعب الجزائري وجعل القضية الوطنية محط اهتمام العالم. أظهر الفريق أيضًا التضامن مع حركات التحرر الوطني في دول أخرى، مما ساهم في بناء شبكة دعم دولية ضد الاستعمار، من خلال رياضة كرة القدم، استطاع الفريق توحيد الشعوب حول قضية الجزائر، وجعل نضالها جزءًا من الحراك العالمي المناهض للاستعمار. على المستوى الداخلي، كانت انتصارات الفريق على أرض الملعب مصدر فخر واعتزاز للشعب الجزائري، مما رفع من معنوياته في ظل المعاناة اليومية تحت الاحتلال، فكان الفريق انعكاسًا لقدرة الجزائريين على تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات، ما أضاف زخمًا للنضال الوطني. كما كان تشكيل الفريق بحد ذاته تحديًا مباشرًا للسلطات الفرنسية، فقد تخلى اللاعبون، مثل رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني، عن مسيراتهم الاحترافية في الأندية الفرنسية للانضمام إلى الفريق، في خطوة جريئة أثارت غضب السلطات الفرنسية وأظهرت إصرار الجزائريين على الانفصال التام عن فرنسا في كل المجالات، بما في ذلك الرياضة. بعد الاستقلال عام 1962، ترك الفريق إرثًا رياضيًا وسياسيًا هامًا، فقد أسهم في تأسيس وتطوير كرة القدم الجزائرية وفي بناء الفريق الوطني، مما جعل الرياضة أداة لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الوحدة بين الجزائريين في فترة ما بعد التحرر. قوة اجتماعية فعالة في تعميق الروابط الوطنية إلى جانب ذلك، يرى أخصائيون في علم الاجتماع أن الرياضة وكرة القدم تحديدًا تلعب دورًا جوهريًا في تعزيز الهوية الوطنية الجزائرية من منظور اجتماعي، فالملاعب تمثل مرآة تعكس تنوع المجتمع الجزائري وتُبرز كيف يمكن لهذه الرياضة أن توحد بين مختلف الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية، في مباراة واحدة للمنتخب الوطني، نجد مشجعين من كل ولايات الجزائر، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، يهتفون بروح واحدة ويشتركون في مشاعر الفخر والانتماء. على الصعيد الاجتماعي، تُساعد كرة القدم في كسر الحواجز بين الطبقات والفئات المختلفة، حيث تجمع بين الشباب والكبار، الأثرياء والبسطاء، في سياق واحد يغلب عليه الطابع الوطني، حيث تخلق مشاهد الهتاف الجماعي والاحتفالات بالانتصارات شعورًا مشتركًا يعزز الروابط الاجتماعية ويقوي الوحدة الوطنية، هذا الدور يتضاعف في أوقات الأزمات، حيث تتحول الرياضة إلى ملاذ يلجأ إليه الشعب للتعبير عن تضامنه وتماسكه. كما يرى أهل الاختصاص، أن كرة القدم تُعد وسيلة فعالة لنقل القيم الوطنية بين الأجيال، فالأطفال والشباب الذين يتابعون المنتخب الوطني ويرون حب الجماهير له يتعلمون معاني التضحية والانتماء، مما يُرسخ الهوية الوطنية في نفوسهم، هذه الرياضة توفر أيضًا بيئة تعاونية تُشجع على احترام التنوع والاختلاف، ما يعزز التماسك الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع الجزائري. من جهة أخرى، تُبرز كرة القدم أهمية التفاعل بين المدن والمناطق، حيث تُصبح الملاعب فضاءات للتبادل الثقافي والاجتماعي، فعلى سبيل المثال، عندما يستضيف فريق من جنوب الجزائر فريقًا من شمالها، تُتاح فرصة لتبادل التجارب والتعرف على عادات وتقاليد مختلفة، مما يعزز الهوية الوطنية ويسهم في إثراء الرصيد الثقافي، ويبعث مظاهر الوحدة والتماسك. وعلى الصعيد الدولي، تُقدم كرة القدم فرصة فريدة لإظهار الوجه المشرق للجزائر مجتمعا متنوعا ومتحدا، من خلال دعم المنتخب الوطني في المنافسات الخارجية، يبعث الجزائريون رسالة للعالم عن تلاحمهم ووحدتهم، مما يُعزز الهوية الوطنية على مستوى أوسع، وهكذا، تظل كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، إنها قوة اجتماعية تُسهم بفعالية في بناء وتعزيز الروابط الوطنية. الإعلام الرياضي حلقة مهمة في تعزيز الهوية الوطنية يلعب الإعلام الرياضي دورًا محوريًا في تعزيز مقومات الهوية الوطنية لدى الجمهور الرياضي الجزائري من خلال تسليط الضوء على الإنجازات الرياضية التي تعكس روح المثابرة والإصرار الوطني، فالإعلام الرياضي، عبر تغطيته للمباريات والفعاليات الرياضية، يُبرز قيم التضامن والوحدة، كما يسهم في نقل صورة مشرقة عن الرياضة الجزائرية محليًا ودوليًا، مما يعزز من الشعور بالانتماء للوطن والفخر والاعتزاز بذلك. من جهة أخرى، يُمكن للإعلام الرياضي أن يُسهم في تعزيز الهوية الوطنية من خلال تسليط الضوء على القصص الإنسانية للرياضيين الجزائريين، سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، وإبراز كفاحهم لتحقيق النجاح، هذه القصص تُلهم الجماهير وتُشجعهم على التمسك بقيم العمل الجماعي والاجتهاد، وهي قيم أساسية تُعزز الهوية الوطنية. أما جماهير كرة القدم الجزائرية، فإنها تُعد عاملًا رئيسًا في التعبير عن الهوية الوطنية من خلال أهازيجها ورموزها التي تُجسد الروح الجزائرية، الأهازيج الشعبية التي تصدح بها المدرجات ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي تعبير صادق عن الانتماء والحب للوطن، هذه الأهازيج تُحاكي التراث الثقافي الجزائري وتعكس التاريخ النضالي للشعب، مما يجعلها وسيلة فعالة في الحفاظ على الهوية الوطنية. إلى جانب الأهازيج، تُسهم رموز الجماهير مثل الأعلام، اللافتات، والملابس التقليدية في إبراز الهوية الثقافية الوطنية، حضور الجمهور الجزائري بأعداد كبيرة في المحافل الرياضية الدولية، ورفعهم للعلم الوطني في المدرجات، يُظهر للعالم صورة عن وحدة الشعب الجزائري وفخره بهويته. كما أن الجماهير تُرسل رسائل تضامنية وقيمًا وطنية تتجاوز الرياضة، لتُبرز بذلك أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل وسيلة للتعبير عن الانتماء والهوية الوطنية. من خلال إنجازات المنتخب الوطني في المحافل الدولية على غرار فوز منتخب الجزائر في ملحمة "أم درمان" عام 2009 وكأس أمم إفريقيا 2019، نجح هذا الدعم الجماهيري الكبير في تعزيز روح الفخر والانتماء لدى الشعب الجزائري. كما أظهرت الجماهير الجزائرية دعمها للأندية المحلية في المحافل القارية، مما جسد الوحدة الوطنية عبر الرياضة، كذلك، تعد الرياضة منصة للتعبير عن التضامن الإنساني، كما تجلى ذلك في دعم القضية الفلسطينية في مناسبات عدة ومباريات للمنتخب الوطني. بناءً على هذه الأمثلة، يصبح من الضروري استثمار الرياضة لتعزيز القيم الوطنية، فالرياضة عمومًا وكرة القدم خصوصًا هي قوة اجتماعية وثقافية تُسهم بشكل فعال في تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم الانتماء والوحدة، من خلال دورها في تجميع الشعب خلف راية واحدة، وتكريسها لقيم التعاون والاحترام، عندما تصبح الرياضة أداة لبناء جسور التواصل بين مختلف فئات المجتمع، ووسيلة للتصدي للتحديات الداخلية والخارجية التي قد تهدد التماسك الوطني، كما تظل كرة القدم في الجزائر نموذجًا حيًا لهذا الدور، فقد نجحت في أن تكون رمزًا للوحدة والتضامن، ووسيلة لتعزيز الهوية الوطنية على المستويين المحلي والدولي، وهناك العديد من المحطات الخالدة في تاريخ الرياضة الجزائرية التي ترجمت ذلك على أرض الواقع.   عبد الرحمان بوثلجة

الكرة الجزائرية.. تاريخ يُعزز الانتماء

أبرز الأستاذ عبد الرحمان بوثلجة الباحث في الشؤون الدولية، أن هناك علاقة ترابطية تكاملية بين كرة القدم وتعزيز مقومات الهوية الوطنية، فالرياضة الأكثر شعبية في العالم تتجاوز حدود كونها مجرد لعبة أو رياضة في الجزائر، فهي رمزٌ للوحدة الوطنية وأداة فعالة لتعزيز مشاعر الانتماء، ولا يقتصر تأثيرها على الملاعب فحسب، بل يمتد ليشمل كل فئات المجتمع خارج حدود الملعب، حيث تتحول كرة القدم إلى مساحة لإظهار الانتماء والفخر الوطني. وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة في تصريح لصحيفة "الأيام نيوز"، أن الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي جعل من كرة القدم أداةً للنضال، تحمل رسالة واضحة للعالم وهي أن الشعب الجزائري يقاوم الاستعمار ويطالب بحريته، فالمشاركة في المنافسات الدولية كانت فرصة سانحة لإظهار المظالم التي يتعرض له الشعب الجزائري، مما أسهم بشكل بارز في كسب تعاطف مختلف شعوب العالم وحشد المزيد من الدعم لقضيته العادلة. في السياق ذاته، أشار محدثنا، إلى أنه وبعد استعادة الجزائر لاستقلالها وسيادتها، استمر الدور المحوري لكرة القدم في تعزيز الوحدة الوطنية، ففي كل المناسبات الكبرى، يجتمع الجزائريون حول منتخبهم الوطني، متناسين الخلافات السياسية أو الاجتماعية، ومن الأمثلة البارزة على ذلك ما جرى في عام 2009 خلال "ملحمة أم درمان"، حيث اجتمع الجزائريون خلف منتخبهم في مباراة فاصلة ضد المنتخب المصري للتأهل إلى كأس العالم، حيث انتقل الآلاف من الجزائريين إلى السودان لدعم فريقهم الوطني بعد أحداث القاهرة، حينما شعروا بالظلم بسبب ما كانت تروج له بعض الأصوات الإعلامية المغرضة حول تلك المباراة الفاصلة، فلم يكن الأمر يتعلق فقط بالتأهل، بل كان تعبيرًا عن العلاقة القوية التي تربط الجماهير الجزائرية بفريقها الوطني، حينها أظهر الجزائريون للعالم قدرتهم على التكاتف والوقوف صفًا واحدًا عندما يتعلق الأمر بأحد مقومات هويتهم ووحدتهم الوطنية. على صعيدٍ متصل، أفاد الأستاذ بوثلجة أن الدولة الجزائرية تُولي اهتمامًا كبيرًا بكرة القدم، إذ تُعدّها وسيلة لتعزيز الروح الوطنية، يظهر هذا في الدعم المالي الكبير الذي توفره الدولة للمنتخب الوطني والمنشآت الرياضية، كما شهدنا في العديد من المناسبات استقبال المدربين واللاعبين من قبل رئيس الجمهورية، في خطوة تؤكد مكانة كرة القدم في السياسة الوطنية، حتى أن بعض المدربين الذين قادوا المنتخب الوطني في فترات سابقة تلقوا دعوات مباشرة من القيادة السياسية للبقاء في مناصبهم، وهو ما يعكس الإدراك العميق لأهمية كرة القدم في توحيد الشعب وتعزيز الانتماء الوطني. إلى جانب ذلك، أبرز الباحث في الشؤون الدولية، أنه وفي ظل التحديات التي يواجهها العالم اليوم، من تغيرات سياسية واقتصادية، ومخاطر تهدد استقرار الدول، تبرز أهمية كرة القدم فهي وسيلة لتقوية الهوية الوطنية، وبما أن الجزائر ليست بمعزل عن هذه التحديات، فكرة القدم، وبما تحمله من قدرة على جمع الجزائريين حول هدف واحد، تظل أداة فعالة لتقوية النسيج الاجتماعي وتعزيز اللحمة الوطنية في مواجهة المخاطر المشتركة، خاصةً وأن كرة القدم لها تأثير ساحر في تجاوز الخلافات الداخلية، حيث تجتمع مختلف شرائح المجتمع حول المنتخب الوطني، ففي لحظات التحدي الكبرى، نرى كيف يتحد الجزائريون، مشكلين مشهدًا نادرًا من الوحدة التي تعكس قوة الهوية الوطنية وروح التضامن. في ختام حديثه لـ"الأيام نيوز" جدد الأستاذ بوثلجة تأكيده، على أن كرة القدم ليست مجرد لعبة أو رياضة في الجزائر، بل هي ثقافة وجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، فقد أثبتت قدرتها على توحيد الجزائريين في أصعب اللحظات، وجعلت العالم يشهد كيف تتحول المدرجات والملاعب إلى ساحات تعكس قوة هذا الشعب وحبه لوطنه، في عالم مليء بالتحديات، تظل كرة القدم أداة فعالة لتعزيز الروح الوطنية وتجسيد معنى الوحدة بين أبناء الوطن الواحد.   بقلم: سفيان بن بوحفص (كاتب ومؤرخ - الجزائر)

فريق جبهة التحرير.. صرخة حرية وهوية

ساهمت كرة القدم الجزائرية، وخاصة فريق جبهة التحرير الوطني، بشكل بالغ في إبراز القضية الجزائرية على الساحة الدولية وفي المحافل الدولية، فكان لها دور ريادي في تحفيز الشعور الوطني والشعبي، خاصة في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر، فقد كانت كرة القدم وسيلة قوية للدفاع عن الهوية الجزائرية في مواجهة الاحتلال الفرنسي، وأداةً مؤثرة لتوحيد الشعب الجزائري حول هدف واحد هو الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، حيث كان فريق جبهة التحرير الوطني حجر الزاوية في هذا المسعى، وشكّل نقطة تحول في كيفية استخدام الرياضة لتكون وسيلة سياسية ودعائية لدعم قضية التحرر ونيل الاستقلال. في عام 1958، وبينما كانت الجزائر تخوض ثورة ضد المستدمر الفرنسي، قرر مجموعة من اللاعبين الجزائريين المحترفين الذين كانوا يمثلون الأندية الفرنسية والمنتخب الفرنسي الانسحاب من هذه الفرق، وذلك في خطوة تاريخية كان لها تأثير كبير على الإعلام والرياضة في فرنسا، هذا الانسحاب كان موجهًا ليس فقط ضد الفرق الفرنسية، بل كان ردًا على التصريحات الفرنسية التي كانت تدعي أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، خاصةً وأن ذلك تزامن مع تحول كبير في مسار الثورة الجزائرية، حيث كانت قيادة الثورة قد قررت أن تدعم هذا القرار من خلال تشكيل فريق جبهة التحرير الوطني. تأسس هذا الفريق في تونس عام 1958، وضم نخبة من اللاعبين الجزائريين المحترفين الذين كانوا قد ارتبطوا في وقت سابق بالمنتخب الفرنسي، مثل المجاهد رشيد مخلوفي، مصطفى الزيتوني، وعبد العزيز بن تيفورا، هؤلاء اللاعبون كانوا في قلب الأحداث الرياضية العالمية في ذلك الوقت، حيث كان المنتخب الفرنسي يستعد للمشاركة في نهائيات كأس العالم 1958 في السويد، إلا أن انسحابهم من المنتخب الفرنسي في تلك الفترة كان بمثابة صدمة للفرنسيين، وهو ما خلق ضجة إعلامية كبيرة في داخل فرنسا وخارجها أيضا، حيث كانت وسائل الإعلام الفرنسية تتابع باهتمام كبير تطور الأحداث، وتداولت خبر هروب اللاعبين الجزائريين، وكان لهذا الحدث صدى واسع في الأوساط السياسية والرياضية. رسالة سياسية تعكس الموقف الجزائري اتجاه الاستعمار لكن هذا الانسحاب لم يكن مجرد قرار رياضي، بل كان رسالة سياسية قوية تعكس الموقف الجزائري تجاه الاستعمار الفرنسي، فمن خلال تشكيل فريق جبهة التحرير الوطني، كان القادة الجزائريون يسعون إلى إظهار للعالم أن الجزائر ليست جزءًا من فرنسا، بل هي دولة ذات سيادة وهوية مستقلة، وأن شعبها يرفض الاحتلال بكل الوسائل المتاحة. كان هذا الفريق الرياضي يمثل صرخة وطنية ضد الاحتلال، ورسالة للثوار والشعب الجزائري بأن كرة القدم، إلى جانب كونها لعبة شعبية، يمكن أن تكون ساحة معركة أيضًا من أجل الحرية والاستقلال. لقد قدم فريق جبهة التحرير الوطني أداءً رائعًا في المباريات التي خاضها، وأصبح رمزًا للشعب الجزائري في المنفى، كما أن المباريات التي خاضها الفريق في تونس وغيرها كانت تمثل منصة لنقل الرسائل السياسية، حيث كان يتابعها الشعب الجزائري بشغف وحماس كبيرين، وهو ما ساعد في زيادة الوعي الوطني وتحفيز الشباب على الانخراط في صفوف الثورة، هذا الفريق أصبح في نظر الجزائريين أكثر من مجرد مجموعة من اللاعبين، كان يمثل الآمال والطموحات الوطنية لشعب بأسره. في ذلك الوقت، كانت كرة القدم في الجزائر تعتبر من أكثر الرياضات شعبية، خصوصًا بين فئات الشباب، وكان المنتخب الوطني الجزائري، رغم كونه لا يزال في طور التكوين، يحظى بدعم واسع من مختلف فئات الشعب، الذين رأوا في انتصاراته الرياضية انتصارات للوطن وللهوية الجزائرية، وكان لفريق جبهة التحرير الوطني دور محوري في تعزيز هذا الشعور، حيث أظهر أن الجزائر قادرة على التميز والنجاح على الساحة الدولية في مجالات عدة، بما في ذلك الرياضة. بالإضافة إلى الدور السياسي والوطني الذي لعبه فريق جبهة التحرير الوطني، أسهمت هذه التجربة أيضًا في تربية جيل جديد من الشباب الجزائري على قيم الانتماء الوطني والوحدة، فقد كان الشبان الجزائريون يتابعون المباريات بشغف، ويشعرون بالفخر عندما يحقق الفريق نجاحات على أرض الملعب، هذا التأثير العاطفي كان محركًا قويًا للروح الوطنية، حيث كانت الأهازيج والهتافات التي تملأ الملاعب تعكس مشاعر الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية. وقد ساعدت نجاحات المنتخب الجزائري في تسليط الضوء على الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء للوطن، خصوصًا مع التفاعل الجماهيري الكبير الذي كان يصاحب مباريات المنتخب، سواء كانت مباريات ودية أو في إطار البطولات الدولية، كان الجمهور الجزائري يخرج إلى الملاعب بكثافة، يردد الأناشيد الوطنية ويرفع الأعلام، مما جعل كرة القدم وسيلة للتعبير عن الهوية الوطنية والفخر بالانتماء إلى الجزائر. من جهة أخرى، كانت لدى لاعبي المنتخب الجزائري شهرة واسعة في مختلف الأوساط الرياضية، وكانوا يعدون بمثابة رموز وطنية بالنسبة للشعب الجزائري، فقد أحدثت مشاركاتهم في المباريات الدولية تأثيرًا كبيرًا على الشباب الجزائري، الذين كانوا يتخذونهم قدوة ومصدر إلهام، كانت رؤية هؤلاء اللاعبين وهم يمثلون الجزائر في المحافل الدولية، وتأكيدهم على هويتهم الوطنية، بمثابة رسالة قوية أن الجزائر لن تكون أبدًا جزءًا من فرنسا. من خلال هذا كله، يمكننا القول إن كرة القدم الجزائرية، وتحديدًا من خلال فريق جبهة التحرير الوطني، كان لها دور بالغ في تعزيز الهوية الوطنية الجزائرية، فقد أسهمت هذه الرياضة في تحفيز الشعور الوطني والوحدة، وأدت إلى دعم القضية الجزائرية على الصعيد الدولي، كما أن الإنجازات الرياضية لفريق جبهة التحرير الوطني كانت بمثابة حجر الزاوية في تعزيز الوعي الوطني، وجعلت من كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، بل أداة قوية في خدمة الثورة الجزائرية. إجمالًا، يمكن اعتبار كرة القدم إحدى القوى الرئيسة التي أسهمت في وحدة الشعب الجزائري وتماسكه، وخلقت جوًا من التفاف الجماهير حول القضية الوطنية، ومن خلال نجاحات المنتخب الجزائري، تم تعزيز الشعور بالانتماء والفخر الوطني، ليظل فريق جبهة التحرير الوطني علامة فارقة في تاريخ الجزائر الرياضي والنضالي على حد سواء. في الختام، يمكن القول إن فريق جبهة التحرير الوطني وكرة القدم الجزائرية لعبا دورًا حيويًا في تعزيز الهوية الوطنية الجزائرية ورفع الوعي الشعبي حول القضية الجزائرية، فقد كانا عنصرين أساسيين في دعم الثورة الجزائرية وجمع الشعب حول هدف واحد، هو الاستقلال وبناء دولة جزائرية حرة.   أمال حفصة زعيون

من الملاعب إلى الشوارع.. شغف رياضي يعزز التلاحم

أفادت الأستاذة آمال حفصة زعيون الأخصائية الاجتماعية، أن الرياضة وتحديدا تشجيع الراية الوطنية في التحديات الرياضية تعتبر واحدة من بين أبرز الأساليب والأدوات التي تُسهم في تعزيز الانتماء الاجتماعي وتوحيد صفوف الأفراد والمواطنين، يظهر هذا بوضوح في الجزائر من خلال الدعم الكبير الذي يحظى به الفريق الوطني لكرة القدم، وكذلك أثناء الألعاب الأولمبية الأخيرة التي أُقيمت في باريس، حيث برزت التحديات التي اجتازها الرياضيون الجزائريون لتكون مصدر فخر وطني. وفي هذا الصدد، أوضحت الدكتورة زعيون في تصريح لصحيفة "الأيام نيوز"، أن الرياضة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل تلعب دورًا هاماً في توجيه الرأي العام وضمان السلم الاجتماعي عند تحقيق إنجازات رياضية كبرى، فإنها تمثل نجاحًا مزدوجًا، إذ تُبرز تفوق الرياضيين وتعكس كفاءة المسؤولين عن القطاع الرياضي، علاوة على ذلك، تُسهم هذه الإنجازات في تحسين صورة الجزائر في المحافل الدولية والإقليمية، كما حدث خلال فعاليات ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها مدينة وهران خلال 2022. في السياق ذاته، أشارت محدثتنا إلى أن الرياضة من الجانب الاجتماعي، تُسهم في تعزيز الشعور بالانتماء الوطني، حيث يشعر الأفراد بأنهم جزء من مجتمع واحد يجمعه هدف مشترك، خاصةً عندما تتحول القضايا الرياضية إلى قضايا رأي عام تُثير اهتمام مختلف الفئات في المجتمع، على غرار قضية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، فمثل هذه القضايا تُلامس مشاعر الأفراد، الذين يرونها قضية شخصية تعكس معاناة فرد جزائري يشعر بالظلم، هذه الديناميكية تُبرز كيف تُحفز الرياضة الحس الوطني وتعزز مشاعر الانتماء، مما يجعلها أداة فعالة للتواصل بين أفراد المجتمع. على صعيدٍ متصل، أبرزت الدكتورة زعيون أنه وبالنظر إلى أهمية الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص يمكن استغلالها من أجل إضاءة  بعض القضايا الهامة، مثل القضية الفلسطينية من خلال رفع علم فلسطين في الفعاليات الرياضية دعما وإسنادا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، بالمقابل، قد تُستخدم الرياضة أحيانًا أداة لاستفزاز الخصوم أو إرسال رسائل سياسية، مثل ما قام به نادي نهضة بركان المغربي لكرة القدم خلال لقاء اتحاد العاصمة في نصف نهائي كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، حيث تم إلغاء مباراتي نصف النهائي بسبب استخدام الفريق المغربي لخريطة مدمجة تضم الصحراء الغربية إلى جانب المغرب وهي خريطة غير معترف بها من طرف الأمم المتحدة ولا الهيئات الدولية الرسمية. خِتاماً، نوهت الدكتورة أمال حفصة زعيون الأخصائية الاجتماعية، بالدور المهم الذي تلعبه الرياضة وكرة القدم تحديدا في تعزيز الانتماء والروح الوطنية والانتماء، لافتة إلى أنها قد تحمل في طياتها جانبين متناقضين، الأول إيجابي وهو الذي يوحد الشعوب ويرفع من شأن القيم الوطنية، وجانب ثاني سلبي يُستخدم لأغراض سياسية تثير الانقسام، لذلك، تبقى التوعية الاجتماعية المستمرة ضرورة حتمية لتنوير الرأي العام وضمان استغلال الرياضة في الاتجاه الصحيح الذي يخدم المجتمع الجزائري، على اعتبار أن إدراك الأبعاد الاجتماعية للرياضة والعمل على تعزيزها يُعد خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر تماسكًا واستقرارًا. هذا، وتلعب كرة القدم دورًا اجتماعيًا محوريًا في تعزيز الهوية الوطنية في الجزائر من خلال قدرتها على جمع مختلف فئات المجتمع وتوحيدهم حول هدف مشترك، فهي لا تقتصر على كونها مجرد لعبة رياضية، بل تصبح حدثًا اجتماعيًا يلتقي فيه الناس من جميع الخلفيات الاجتماعية والثقافية، متجاوزة كل الفوارق، المباريات الرياضية، خاصة تلك التي تجمع المنتخب الوطني، تشهد توافد الجماهير من مختلف الأحياء والمدن، حيث يشكل المشجعون معًا صورة متكاملة للوحدة الوطنية. هذا التجمع الاجتماعي يعكس روح التضامن والانتماء، حيث يتشاركون الفرحة باللحظات الرياضية وينقلون مشاعر الفخر للوطن، سواء داخل الملاعب أو عبر الشوارع بعد كل فوز. من خلال هذه الروح الجماعية، تتعزز القيم الاجتماعية مثل التعاون والمثابرة، ويشعر الأفراد بالانتماء إلى جماعة واحدة تسعى لتحقيق النصر الجماعي. كما أن كرة القدم تسهم في تشكيل هوية مشتركة بين الأجيال المختلفة، حيث ينقل الآباء قيم الرياضة والشغف بالمنتخب الوطني إلى أبنائهم، مما يعزز التواصل بين الأجيال ويحافظ على استمرارية القيم الوطنية. كذلك، تسهم الرياضة في تحسين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد من مختلف المناطق، حيث تصبح الملاعب والمقاهي والمنازل أماكناً لتبادل الآراء، وتحقيق التفاعل الاجتماعي بين الأشخاص الذين يتحدون من أجل دعم فريقهم الوطني، بهذه الطريقة، تتحول كرة القدم إلى أداة اجتماعية فعالة في تعزيز التلاحم الاجتماعي وتنمية القيم الجماعية، مما يسهم بشكل أساسي في تعزيز الهوية الوطنية الجزائرية.   شاهر عبيدي

الأندية الجزائرية.. ذاكرة شعب وهوية وطن

يرى الصحفي المختص في الشأن الرياضي، شاهر عبيدي، أنه من الجميل جدًا أن تسعى الفرق الجزائرية للمحافظة على هويتها الرياضية الوطنية، في وقتٍ تسعى فيه بعض الأندية لاستعادة جزء من موروثها الرياضي الذي تأثر بالعديد من المتغيرات، فعلى الرغم من التحديات، تظل الأندية الجزائرية على غرار اتحاد الجزائر، وفاق سطيف، مولودية الجزائر، شباب بلوزداد، نصر حسين داي، اتحاد عنابة، اتحاد الحراش، وداد تلمسان، ومولودية وهران، وجمعية وهران، وغيرها من الفرق، محتفظة بهويتها الخاصة التي تربطها بجماهيرها العريقة، والتي يظل ارتباطها بها قويًا رغم مرور الزمن. في هذا السياق، أوضح الصحفي عبيدي في تصريح لصحيفة "الأيام نيوز"، أن كل فريق من الفرق والأندية الجزائرية يمتلك مقومات وهوية رياضية يتم تناقلها عبر الأجيال تسهم بطريقة ما في تعزيز مقومات الهوية الوطنية بشكل عام، وهذه الهوية تكون مرآة عاكسة لتاريخ طويل وحافل بالإنجازات الرياضية، رغم التغيرات التي طرأت على المشهد الرياضي، يبقى المقهى، المقر، والنادي الخاص بالفريق من أبرز معالم هذه الهوية. مُشيراً إلى أن هذه الأماكن لم تكن مجرد مواقع ترفيهية أو اجتماعية، بل كانت "شواهد على عصر ذهبي" في تاريخ الرياضة الجزائرية، حيث كانت تمتلئ بحكايات اللاعبين والمشجعين الذين شكلوا هوية هذه الأندية، بالإضافة إلى أرشيف من الصور والقصص التي تحكي تاريخ كل فريق، حيث كانت تعتبر المقاهي ملتقى للمشجعين، يجتمعون فيها لمناقشة المباريات، التخطيط للانتقال إلى المدن الأخرى لدعم فرقهم في مباريات حاسمة، ورفع روح الفريق، بالإضافة إلى ذلك، كانت الأندية نفسها، بمقراتها العريقة، تضم أرشيفات من الصور والمقتنيات التاريخية التي تسلط الضوء على فترات مشرقة في تاريخ الفرق الجزائرية، لذلك هذه المقرات ليست مجرد أماكن، بل هي شواهد حية على التاريخ الرياضي للجزائر. أما في حديثه عن دور الإعلام الرياضي في هذا الإطار، فقد أبرز الصحفي عبيدي، أنه لعب دورا هاما في تعزيز هذا الموروث، خاصة من خلال إعداد روبورتاجات ووثائقيات تسلط الضوء على هذه الأماكن التاريخية وتعرف الجمهور بتاريخ الأندية الجزائرية، بل يمكن القول "إن الإعلام الرياضي قد أسهم في إبراز هذه المعالم الرياضية في البرامج الرياضية والومضات الإشهارية، وكذلك في تقديم اللاعبين والإعلان عن صفقات الأندية، ما يسهم في إحياء هذا التراث الرياضي العريق". ومن جانب آخر، أشار محدث "الأيام نيوز"، إلى أن الأهازيج الخاصة بكل فريق جزائري تمثل جزءًا من الهوية الرياضية لهذه الأندية، فهي لا تعكس فقط المواقف الرياضية، بل أيضًا ثقافة ووعي الجماهير التي ترددها، هذه الأغاني، التي نشأت من المشجعين على مدار عقود، تعكس تاريخ الفريق، وتربط الماضي بالحاضر، وتجعل من هذه الأهازيج جزءًا من النسيج الاجتماعي الذي يجمع بين الأجيال المختلفة من المشجعين. وأضاف: "مع مرور الزمن، بدأت بعض الأهازيج تأخذ منحى مغايرًا، حيث دخلت بعض الكلمات التي تحرض على العنصرية أو تحتوي على ألفاظ خارجة عن نطاق الروح الرياضية، وهنا تبرز أهمية ودور الإعلام الرياضي المحترف في إعادة توجيه هذا الموروث، من خلال تعزيز الأهازيج التي تبقى خالية من الرسائل السلبية، والتركيز على الأغانِي التي تعكس الروح الرياضية العالية، ففي الماضي، لم يكن هناك هذا النوع من الأهازيج بشكل ملحوظ، وحتى إن كانت موجودة، كانت تبقى ضمن إطار التشجيع الرياضي البحت". في الختام، تحدث الصحفي المختص في الشأن الرياضي عن الفيلم الجزائري "كحلة وبيضاء" للمخرج عبد الرحمن بوقرموح، الذي كان موجهًا لجمهور وفاق سطيف، ورغم صدوره في الثمانينات، فإن بثه المتكرر على التلفزيون الجزائري أو عرض مقاطع منه عبر البرامج الرياضية، يعيد الذكريات الجميلة التي تربط الأجيال بماضيهم الرياضي، كما أن الأفلام الثورية والاجتماعية التي كان لها دور في ترويج الأندية الجزائرية، مثل مولودية الجزائر واتحاد الحراش، كانت تسلط الضوء على مغامرات جماهير الأندية في الحصول على تذاكر المباريات أو قمصان اللاعبين، مما يرسخ ارتباط الشعب الجزائري بهويته الرياضية ويعزز الانتماء للأندية ومنه تعزيز الهوية الوطنية وربط الأجيال الحالية بماضيها العريق.   يوسف فتحي (صحفي رياضي - الجزائر)  الإعلام والرياضة.. شراكة في حفظ الهوية الوطنية لا شك في أن الإعلام أصبح له دور بالغ الأهمية في تطور ورقي الأمم على مستوى العالم، حيث أضحى عنصرًا أساسيًا في تشكيل الوعي الجماهيري وتعزيز الثقافة الوطنية، ويعتبر الإعلام الرياضي أيضا من أبرز أنواع الإعلام التي تلعب دورًا محوريًا في إبراز الهوية الوطنية والشعور بالانتماء للوطن، وفي الجزائر، يتمتع الإعلام الرياضي بمكانة خاصة، حيث يسهم بشكل كبير في نقل صورة حقيقية عن الجزائر إلى العالم الخارجي، ويعكس حجم التطور والازدهار الذي حققته البلاد في مجال الرياضة، خاصة كرة القدم. على مدار السنوات الخمسة عشر الأخيرة، كان للمنتخب الجزائري لكرة القدم دور كبير في تعزيز صورة الجزائر عالميًا، فقد أصبح هذا المنتخب، بفضل تميزه في الأداء والإنجازات الرياضية، رمزًا للفخر الوطني والإرادة الجزائرية في مواجهة التحديات، وقد استطاع الإعلام الرياضي في الجزائر أن يواكب هذا النجاح الكبير، من خلال نقل الأحداث الرياضية بكل دقة واحترافية، حيث نجح الإعلاميون الرياضيون في نقل المعلومة إلى القارئ والمشاهد والمستمع بطريقة تجذب الانتباه وتعزز الروح الرياضية بين الجزائريين، هدفهم كان دائمًا جمع الشعب حول منتخب بلاده، وخلق أجواء من الحب والإخاء التي تعزز الهوية الوطنية وتسهم في توطيد روابط الانتماء للوطن. من جهة أخرى، لا يمكننا إغفال الدور الفعال الذي يقوم به الشباب الجزائري في المدرجات خلال المباريات الرياضية، حيث أصبحوا يشكلون جزءًا أساسيًا من رسالة الإعلام الرياضي، هؤلاء الشباب يبدعون في التعبير عن حبهم لمنتخبهم الوطني من خلال تيفوهات ولوحات فنية ملهمة وأهازيج تتردد في كافة أرجاء الملاعب الجزائرية، ما يعكس تطور الرياضة في البلاد وانتشارها بين مختلف فئات المجتمع، هذه الرسائل التي يبعثها الجمهور في المدرجات، ليست مجرد تعبير عن الدعم الرياضي فحسب، بل هي أيضًا وسيلة لتعزيز الروح الوطنية ورفع العلم الجزائري في كل مناسبة. الجزائري ومنذ نشأته، تترسخ في عقوله وقلبه ووجدانه ثلاث قيم أساسية هي: حب الوطن، حب الإسلام، وحب الراية الوطنية، هذه القيم تظل حاضرة في حياته اليومية، ويشعر بفخر واعتزاز عميقين تجاه وطنه، فالراية الوطنية الجزائرية تحمل في طياتها معاني عظيمة، فهي تمثل رمز الحرية والسلام، وتشكل خيطًا مشتركًا بين كافة الجزائريين، سواء في الداخل أو الخارج، كما أنها تذكار حيّ لتضحية مليون ونصف المليون شهيد الذين قدموا أرواحهم خلال ثورة التحرير الوطني، والتي تمكن الشعب الجزائري من خلالها طرد الاستعمار الفرنسي، من هنا، فإن العلم الوطني الجزائري يُعتبر رمزًا مقدسًا يحيي ذكرى الشهداء ويخلد تضحياتهم. الراية الوطنية.. معركة الهوية والانتصار الرياضي العلم الوطني الجزائري يعتبر حجر الزاوية في أي حدث أو محفل رياضي، سواء كان محليًا أو دوليًا، وعندما يتواجد هذا العلم في الملاعب خلال المباريات الدولية أو القارية، فإن الجميع يتجمع لرفعه بفخر وعزّة، مُظهرًا مشاعر الوطنية والإخلاص للوطن، فكلما كانت هناك منافسة دولية، نجد أن الجزائريين يتحدون وراء منتخبهم الوطني ويرفعون رايتهم بكل فخر، تعبيرًا عن دعمهم الكامل لمنتخب بلادهم. على سبيل المثال، خلال مشاركته في كأس العالم 2014 في البرازيل، كان المنتخب الجزائري لكرة القدم مصدر فخر واعتزاز للجزائريين في كل مكان، فقد نجح "الخضر" في ترك بصمة تاريخية في البطولة، خاصة في المباراة الشهيرة أمام المنتخب الألماني، التي ستظل محفورة في ذاكرة الشعب الجزائري. كما أن الإنجاز الذي تحقق في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، بعد التأهل من خلال المباراة الفاصلة ضد المنتخب المصري، كان أيضًا حدثًا استثنائيًا في تاريخ الجزائر الرياضي، حيث كان هذا التأهل في نوفمبر 2009 بمثابة علامة فارقة، خاصة وأنه جاء في شهر نوفمبر الذي يعد رمزًا للثورة الجزائرية المجيدة. في كل هذه المناسبات، شكّل العلم الجزائري رمزًا للوحدة الوطنية، ورمزًا للشعب الجزائري الذي يتحد ويتآزر في كل الأوقات، لرفع راية الوطن في المحافل الرياضية العالمية، هذه اللحظات التاريخية التي صنعها المنتخب الجزائري كانت بمثابة فصول جديدة في تاريخ الجزائر، وأثبتت أن الرياضة، وخصوصًا كرة القدم، أصبحت أداة قوية لتعزيز الهوية الوطنية وتعميق الانتماء للوطن في قلوب جميع الجزائريين.   د. سليمان لاوسين (أستاذ جامعي في الإعلام الرياضي - الجزائر)

كيف يمكن للرياضة أن تصبح قوة ناعمة للتغيير الاجتماعي؟

أصبحت الرياضة اليوم حديث العالم، حيث أصبحت المحرك الأساسي لاقتصاديات العديد من الدول، بفضل بناء صناعة رياضية متكاملة أسهمت في تحقيق نمو هائل للسوق الرياضية العالمية، لكن الحديث عن اقتصاديات الرياضة لا يعني إغفال دورها الاجتماعي والثقافي، فقد كانت دائمًا وسيلة فعالة لتعزيز القيم الإنسانية والاجتماعية وترسيخ الهوية الوطنية، وعلى الرغم من كونها أداة إيجابية في معظم الأحيان، إلا أن الرياضة تظل سلاحًا ذو حدين، مما يستدعي توظيفها بحكمة للاستفادة من ايجابياتها وتقليل سلبياتها. على صعيد الرياضة بشكل عام، نجد أن كرة القدم، باعتبارها الرياضة الأكثر شعبية، لعبت دورًا محوريًا في تعزيز القيم الاجتماعية مثل الانتماء والمواطنة والتضامن، هذا الدور كان واضحًا في العديد من المحطات التاريخية، مثل ملحمة أم درمان عام 2009، عندما نجح المنتخب الوطني في تحقيق إنجازات رفعت من معنويات الشعب الجزائري وزرعت فيه روح الفخر والانتماء للوطن، ولا يمكن إغفال الدور الذي لعبه فوز المنتخب الجزائري بكأس أمم إفريقيا 2019 في مصر، والذي جاء في وقت حساس كانت البلاد تشهد فيه تغييرات سياسية كبيرة وحراكًا شعبيًا واسعًا، هذا الفوز لم يكن مجرد إنجاز رياضي بل كان رمزًا للنهضة الوطنية وعودة الثقة بالنفس والطموح لدى المنظومة الرياضة والشعب الجزائري ككل. وقد عبر جمال بلماضي المدرب السابق للمنتخب الوطني عن أهمية الجماهير بقوله: "قد تقولون عني مجنونا، لكن بجماهير مثل الجماهير الجزائرية، سآخذ الكأس"، هذه الكلمات لم تكن مجرد تعبير عن الشغف، بل تعكس مدى تأثير الدعم الجماهيري في تحفيز اللاعبين على تحقيق أفضل ما لديهم، فقد أسهم هذا الدعم في خلق بيئة مشجعة قادت إلى تحقيق الانتصارات واحدًا تلو الآخر. على مستوى الأندية المحلية، تجلت الروح الوطنية في دعم الجماهير الجزائرية للأندية الوطنية، خاصة في المحافل القارية، مثال ذلك ما حدث مع نادي اتحاد العاصمة خلال فوزه بكأس الكونفدرالية الإفريقية عام 2023، حيث كان هذا الفوز بمثابة إنجاز جماعي للوطن كله، حيث تضامنت جماهير الأندية الأخرى مثل مولودية الجزائر، شباب بلوزداد، شبيبة القبائل واتحاد الحراش، وحتى الأندية الصغيرة عبر مختلف ولايات الوطن، لإظهار دعمها لهذا الفريق، هذا المشهد لم يكن مجرد دعم رياضي، بل كان انعكاسًا لوحدة وطنية عميقة، تجسدت في المدرجات وامتدت إلى الشوارع أيضا. الرياضة الجزائرية لم تتوقف عند حدود الوطن، بل تجاوزتها لتعبر عن قيم التضامن الإنساني من خلال دعم وإسناد القضية الأم للأمة ألا وهي القضية الفلسطينية، بدا هذا واضحا خلال المباراة الودية التي جمعت بين المنتخب الجزائري والمنتخب الفلسطيني عام   2016 بملعب 5 جويلية، شهدنا آنذاك استقبالًا أسطوريًا للمنتخب الفلسطيني في مطار هواري بومدين، حيث اجتمعت الحشود من مختلف الفئات العمرية والتركيبات الاجتماعية للترحيب به، وخلال المباراة، احتفلت الجماهير الجزائرية بهدف المنتخب الفلسطيني بالحماس نفسه الذي تحتفل به لإنجازات منتخبها الوطني، في مشهد يعكس القيم السامية للرياضة بوصفها لغة إنسانية مشتركة. من هذه الأمثلة، يتضح أن الرياضة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي وسيلة فعالة لتعزيز الهوية الوطنية والشعور بالانتماء، لذلك، من الضروري أن يعمل المسؤولون وأصحاب القرار على استثمار هذا الجانب الإيجابي للرياضة، خاصة أن الجزائر تمتلك شريحة شبابية كبيرة تمثل حوالي ثلاثة أرباع السكان، فالاستثمار في الرياضة يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتعزيز الفخر الوطني وتنمية القدرات البشرية، مما يسهم في بناء مستقبل أفضل. أخيرًا، يجب التأكيد على أن الرياضة، رغم كونها وسيلة قوية للتنمية الاجتماعية والثقافية، قد تتحول إلى أداة سلبية إذا لم يتم تأطيرها ومتابعتها بشكل صحيح، وعليه من المهم جدا التركيز على استغلال الرياضة بشكل مدروس لتعزيز قيم المواطنة والانتماء لدى الشباب، فالرياضة، إذا ما أُحسن استخدامها، قادرة على أن تكون جسرًا يربط بين الطموحات الفردية والتطلعات الجماعية، بما يحقق النهوض بالمجتمع والوطن ككل. في الختام، تظل كرة القدم الجزائرية واحدة من أقوى الوسائل التي تعزز الهوية الوطنية وتوحد الشعب الجزائري، فهي ليست مجرد لعبة بل رمزا يجسد الفخر والانتماء للوطن، فمن خلال المباريات المحلية والدولية، تُظهر الجماهير الجزائرية ولاءها لفرقها ومنتخبها، وتجسد بذلك صورة الأمة الجزائرية العريقة، ولذا، فإن الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً تمثل جسرًا يربط بين الماضي والتاريخ النضالي والشباب اليوم، ويغرس فيهم قيم المواطنة والاعتزاز بالوطن، ومن المهم أن يستمر الاستثمار في هذه اللعبة لتظل جزءًا من الهوية الوطنية وتعزز روح الوحدة والتضامن بين مختلف فئات المجتمع الجزائري.