2025.10.09
عاجل :



حين تتناغم الرياضة مع السياحة والثقافة.. الجزائر.. 3 أبعاد لوجهة واحدة

حين تتناغم الرياضة مع السياحة والثقافة.. الجزائر.. 3 أبعاد لوجهة واحدة


في عالم باتت فيه الرياضة لغة عالمية تجمع الشعوب وتروّج للثقافات، أصبحت السياحة الرياضية واحدة من أسرع القطاعات نموًا وأكثرها تأثيرًا على الاقتصاد العالمي، والجزائر، وبحكم موقعها الجغرافي المميز وتراثها الثقافي الغني، تمتلك فرصًا واعدة لتحويل منشآتها الرياضية الحديثة إلى محركات أساسية لجذب السياح وعشاق الرياضة من مختلف أنحاء العالم، خاصةً وأن هذا النوع من السياحة لا يقتصر على حضور المباريات أو متابعة الفعاليات الرياضية فقط، بل يشمل استكشاف الثقافة المحلية، والتعرف على المجتمعات المضيفة، والاستمتاع بالوجهات السياحية المتنوعة التي توفرها البلدان المستضيفة. وفي هذا السياق، استثمرت الجزائر خلال السنوت القليلة الفارطة، ميزانيات ضخمة لإنشاء وتجديد منشآت رياضية متعددة، من بينها الملاعب الحديثة مثل: ملعب براقي، ملعب تيزي وزو، وملعب الدويرة، إلى جانب مراكز تدريب متخصصة وقاعات رياضية مغطاة، في إطار مسعى تعزيز جاهزية البلاد لاستضافة البطولات القارية والدولية، مما يعزز مكانة الجزائر على الخريطة الرياضية العالمية. بين التميز في التصميم والالتزام بالمعايير الدولية حسب أهل الاختصاص، "ملعب نيلسون مانديلا" ببراقي هو أحد أبرز الأمثلة على هذه المنشآت، المصمم وفقًا لمواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والذي أصبح نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، كما برزت القرية الأولمبية بوهران التي استضافت ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022، فهي واحدة من المنشآت التي تميزت بتطبيق معايير الاستدامة والراحة. وفي هذا السياق، يرى مختصون أنه وعند تقييم المنشآت الرياضية وفقًا للمعايير الدولية، تظهر ثلاثة محاور رئيسية: الجودة والتصميم، حيث تمتاز المنشآت الرياضية الحديثة في الجزائر بجودة البناء والتصميم المتقدم، وتشمل تقنيات حديثة مثل أنظمة إضاءة متطورة، أرضيات مهيأة للمباريات الدولية، ومرافق متكاملة للجمهور، مثل قاعات المؤتمرات والصالات متعددة الأغراض، ولتلبية متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واللجنة الأولمبية الدولية، تم التركيز على الالتزام بمواصفات دقيقة تتعلق بالسلامة، قدرة الاستيعاب، وتجهيزات اللاعبين. الاستدامة البيئية، انسجامًا مع التوجه العالمي نحو الاستدامة، اعتمدت بعض المشاريع الجزائرية ممارسات بناء صديقة للبيئة، حيث تم استخدام مواد بناء مستدامة، وتقنيات لتوفير الطاقة مثل الإضاءة الشمسية، إضافة إلى أنظمة لإعادة تدوير المياه المستخدمة في الملاعب، هذا التوجه يعكس الالتزام بالمعايير البيئية العالمية التي وضعتها منظمات مثل الاتحاد الأوروبي والبرنامج البيئي للأمم المتحدة. إدارة وتشغيل المنشآت، رغم التميز في جودة المنشآت، لا تزال الإدارة تمثل تحديًا، حيث تم تطبيق أنظمة رقمية حديثة لإدارة العمليات اليومية في بعض المنشآت، على غرار أنظمة الحجز الإلكتروني، ومع ذلك، هناك حاجة مستمرة لتعزيز الكوادر البشرية المتخصصة لضمان تشغيل المنشآت بكفاءة عالية وتوافقها مع المعايير التشغيلية للاتحادات الرياضية الدولية. إلى جانب ذلك، يؤكد خبراء، أن الجزائر خطت خطوات جادة نحو تطوير البنية التحتية الرياضية، مما جعلها قادرة على استضافة أحداث رياضية كبرى، ومع ذلك، فإن ضمان استدامة هذه الإنجازات يتطلب تحسين الإدارة وتطبيق معايير دولية صارمة في التشغيل والصيانة، فإذا تم تجاوز العقبات الحالية، فإن الجزائر تمتلك فرصة كبيرة لتكون نموذجًا رياديًا في مجال المنشآت الرياضية في المنطقة، وبالتالي تعزيز فرص استغلال هذه المنشآت في تطوير السياحة الرياضية في بلادنا مستقبلا. "الفعاليات الرياضية" فرصة لتعزيز السياحة محلياً ودولياً هذا، وتعتبر الفعاليات الرياضية واحدة من أقوى الأدوات التي يمكن استخدامها لتعزيز السياحة الوطنية والدولية، خاصة في البلدان التي تمتلك إمكانيات رياضية وسياحية متنوعة مثل الجزائر، حيث أكّد خبراء في حديثهم لـ"الأيام نيوز"، أن دمج هذه الفعاليات ضمن برامج السياحة الوطنية والترويج لها داخليًا ودوليًا يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني ورفع مكانة الجزائر لتكون وجهة سياحية ورياضية، فالرياضة ليست فقط وسيلة للتسلية أو الترفيه، بل تمثل فرصة لتسويق البلاد على الصعيدين المحلي والعالمي. ويمكن دمج الفعاليات الرياضية ضمن برامج السياحة الوطنية من خلال تنظيم أحداث رياضية موجهة إلى المواطنين المحليين والسياح على حد سواء، حيث يمكن على سبيل المثال تنظيم ماراتونات رياضية في المدن الكبرى أو مناطق طبيعية ذات مناظر خلابة مثل جبال الأوراس أو الساحل الجزائري، هذه الفعاليات الرياضية لا تقتصر على جذب المشاركين المحليين، بل تسهم في جذب السياح الذين يزورون الجزائر من أجل التمتع بجمال المناظر الطبيعية. إضافة إلى ذلك، من الممكن تنظيم مسابقات رياضية بالتوازي مع مهرجانات ثقافية وفنية، مما يوفر للسياح تجربة شاملة تجمع بين الرياضة والثقافة المحلية، كما يمكن تكامل الفعاليات الرياضية مع السياحة البيئية في المناطق الطبيعية، مثل تنظيم سباقات ركوب الدراجات الجبلية أو الرحلات الرياضية في الأماكن السياحي، هذا النوع من الفعاليات يساعد في تعزيز معرفة المواطن الجزائري بموارد بلاده السياحية ويشجعه على اكتشاف مناطق جديدة من خلال الرياضة. ومن أجل الترويج الفعال للفعاليات الرياضية داخل الجزائر، يبرز متدخلون إمكانية الاعتماد على وسائل الإعلام المحلية بشكل كبير، وكذا تخصيص برامج رياضية عبر التلفزيون والإذاعة المحلية يمكن أن يسهم في نشر الوعي بين المواطنين حول الفعاليات القادمة وأهميتها في تعزيز السياحة الوطنية، كما أن الحملات الإعلانية في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي تعد وسيلة فعالة للوصول إلى جمهور واسع، وتوفير جميع المعلومات المتعلقة بالمشاركة في هذه الفعاليات. كذلك، يعتبر التعاون مع الأندية الرياضية المحلية من أهم العناصر في الترويج للفعاليات الرياضية داخل الجزائر، من خلال شراكات مع الأندية والاتحادات الرياضية، يمكن تنظيم فعاليات رياضية محلية تشجع المواطنين على المشاركة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقديم حوافز سياحية للمواطنين مثل تخفيضات على التذاكر أو العروض الخاصة في الفنادق والمرافق السياحية خلال الفعاليات الرياضية، مما يعزز من جذب السياح المحليين ويزيد من إقبالهم على زيارة المناطق السياحية. أما الترويج للفعاليات الرياضية في الجزائر على الصعيد الدولي، فيعتبر فرصة ذهبية لتعزيز مكانتها على الخريطة السياحية العالمية، إذ يمكن للجزائر استضافة البطولات الرياضية الدولية مثل كأس الأمم الأفريقية، أو بطولات ألعاب القوى، وهو ما يسهم بشكل مباشر في جذب السياح الدوليين، من خلال استضافة هذه الفعاليات، تكتسب الجزائر شهرة عالمية ويمكنها أن تكون وجهة رياضية قادرة على تنظيم أحداث رياضية ضخمة. هذا، ويؤكد أهل الاختصاص، أن التسويق الرقمي أيضاً يلعب دورًا محوريًا في الترويج للفعاليات الرياضية الجزائرية على مستوى العالم، من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر، يمكن للمسؤولين الترويج للفعاليات الرياضية وإظهار المعالم السياحية للجزائر بطريقة جذابة، هذه الحملات يمكن أن تسهم في جذب السياح الرياضيين من مختلف أنحاء العالم، خصوصًا أولئك الذين يبحثون عن وجهات سياحية تجمع بين الرياضة والتجربة الثقافية. بالمقابل، يُجمع خبراء أنه وعلى الرغم من الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر في هذا المجال، إلا أن هناك تحديات يجب التغلب عليها في هذا الإطار، ونتحدث هنا عن ضعف البنية التحتية في بعض المناطق الرياضية والسياحية، ما يتطلب استثمارًا كبيرًا في تطوير المنشآت الرياضية والفنادق والمرافق العامة، إلى جانب ذلك، لا بد من تحسين استراتيجيات التسويق، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، لضمان وصول فعاليات الجزائر الرياضية إلى جمهور أكبر من السياح والمشاركين، مما يسهم في تحويل بلادنا إلى وجهة سياحية رياضية رائدة، مما يعزز مكانتها على الساحتين الإقليمية والدولية. استثمار اجتماعي وتنمية محلية مستدامة تعتبر السياحة الرياضية من القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تملك الجزائر القدرة على استغلالها بشكل كبير، بالنظر إلى تنوع جغرافيتها وثراء تراثها الثقافي، ومن خلال تطوير هذا القطاع، يمكن للجزائر أن تعزز من مكانتها على الخارطة السياحية العالمية، وتحقق عوائد اقتصادية ملموسة، ومع ذلك، فإن هذا التوجه يجب أن يتم بعناية لضمان عدم التأثير على استقرار المجتمع المحلي وحفاظه على هويته الثقافية، لذا، يتطلب الأمر تبني استراتيجية تنموية توازن بين هذه الأبعاد المختلفة. من خلال استثمار الجزائر في إمكانياتها الطبيعية، مثل شواطئها على البحر الأبيض المتوسط، مناطقها الجبلية والصحراوية، يمكن تطوير مجموعة من الأنشطة الرياضية التي تجذب السياح، على سبيل المثال، الرياضات المائية كالغطس وركوب الأمواج على الشواطئ، والرياضات الجبلية مثل التزلج والمشي في المناطق الجبلية، فضلاً عن الرياضات الصحراوية مثل سباقات الدراجات في الصحراء أو التخييم في بيئة طبيعية فريدة، هذه الأنشطة تساهم في جذب السياح من مختلف أنحاء العالم، وتوفر فرصًا اقتصادية للمجتمعات المحلية من خلال إنشاء بنيات تحتية رياضية وسياحية حديثة. ومع ذلك، يُبرز أخصائيون في علم الاجتماع، أنه لا ينبغي أن يغفل أي مشروع سياحي عن التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي قد تنجم عن هذا النمو، فسرعة نمو السياحة الرياضية قد تضع ضغوطًا على المجتمعات المحلية، خصوصًا تلك التي تحتفظ بتقاليدها وثقافتها الخاصة، لذلك، يجب على المشاريع السياحية أن تكون حساسة لهذه القضايا الثقافية والاجتماعية، من المهم أن يتم إشراك المجتمعات المحلية في عملية التخطيط والتنفيذ، بما يضمن استفادتهم من العوائد الاقتصادية دون أن يتعرض نمط حياتهم لتغيير جذري، فمثلاً، يمكن للمجتمعات المحلية أن تسهم في توجيه السياح، توفير الخدمات المتعلقة بالإقامة، والمشاركة في تنظيم الأنشطة، وهو ما يعود بالنفع المباشر عليهم ويعزز من اندماجهم في مشاريع السياحة. كما يجب العمل على تعزيز الوعي الثقافي لدى السياح، حيث يمكن تنظيم فعاليات رياضية مدمجة مع أنشطة ثقافية محلية، مثل العروض الموسيقية والرقصات التقليدية، أو المعارض الحرفية، هذا من شأنه أن يعزز من الهوية الثقافية للجزائر ويتيح للسياح فرصة التفاعل مع هذه الثقافة الغنية، إضافة إلى ذلك، من المهم وضع آليات تحمي البيئة الطبيعية والتراث الثقافي من المخاطر التي قد تنجم عن التدفق السياحي، كما يجب أن تكون المشاريع السياحية مصممة بحيث لا تؤثر سلبًا على الموارد الطبيعية أو المواقع التاريخية، بل تسهم في الحفاظ عليها للأجيال القادمة. إلى جانب ذلك، فإن الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي لا يقتصر على الجانب الثقافي فقط، بل يمتد أيضًا إلى الجوانب البيئية، فالجزائر تمتلك العديد من المناطق الطبيعية المميزة التي تحتاج إلى رعاية خاصة لضمان استدامتها، من هنا تأتي أهمية تنفيذ سياسات مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية والمناطق الجغرافية التي يستهدفها السياح، مع تفعيل برامج توعية بيئية للمجتمعات المحلية والزوار على حد سواء، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق أفضل الممارسات في مجال السياحة المستدامة، مثل استخدام الطاقات المتجددة، وإدارة النفايات، والحفاظ على التنوع البيولوجي. إضافةً إلى ذلك، تعتبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص من العوامل الأساسية لنجاح هذه الاستراتيجيات، فالحكومة الجزائرية يمكن أن توفر الإطار التشريعي والدعم اللازم لتطوير السياحة الرياضية، في حين يمكن للقطاع الخاص أن يسهم في استثمارات ضخمة في البنية التحتية والمرافق السياحية، بتعاون القطاعين، يمكن إنشاء مشاريع سياحية رياضية متكاملة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وتساهم في خلق فرص عمل جديدة. في النهاية، إن تحقيق التوازن المستدام بين تطوير السياحة الرياضية والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والهوية الثقافية في الجزائر يتطلب تخطيطًا دقيقًا وشراكة فعالة بين مختلف الأطراف المعنية، من خلال استراتيجيات تنموية مدروسة، يمكن للجزائر أن تحقق استفادة اقتصادية واجتماعية كبيرة من السياحة الرياضية، بينما تضمن الحفاظ على ثقافتها ومواردها الطبيعية في الوقت نفسه. الإعلام أداة تسويقية فعالة للجزائر لإبرازها وجهة سياحية رياضية وبالحديث عن دور الإعلام في تعزيز حضور المنشآت الرياضية الجديدة والترويج للجزائر بوصفها وجهة سياحية رياضية عالمية، يؤكد مختصون، أن الإعلام له دور محوري في تعزيز حضور المنشآت الرياضية الجديدة والترويج للجزائر على أنها وجهة سياحية رياضية عالمية، نظرًا لما يتمتع به من قدرة على الوصول إلى شرائح واسعة من الجمهور محليًا ودوليًا، في هذا السياق، يتجلى دور الإعلام عبر مسارات متعددة تسهم في تحقيق هذه الغايات بشكل تكاملي. بدايةً، يضطلع الإعلام بدور أساسي في تسليط الضوء على المنشآت الرياضية الحديثة من خلال التقارير الميدانية، التغطيات الإعلامية المباشرة، والأفلام الوثائقية التي تستعرض تفاصيل هذه المنشآت، تقديم محتوى جذاب يبرز البنية التحتية المتطورة، والتقنيات الحديثة المستخدمة، وسعة المنشآت وإمكاناتها المتعددة، يترك انطباعًا إيجابيًا لدى الجمهور المحلي والدولي، كما أن إبراز الفعاليات الرياضية التي تُنظّم في هذه المنشآت يعزز الثقة في قدرة الجزائر على استضافة البطولات الكبرى، مما يزيد من جاذبيتها لتكون وجهة رياضية عالمية. من جهة أخرى، الإعلام هو وسيلة تسويقية قوية للجزائر بوصفها وجهة سياحية رياضية، عبر الاستفادة من القنوات التلفزيونية، المواقع الإخبارية، ومنصات التواصل الاجتماعي، يمكن الترويج لجمال الطبيعة الجزائرية وتنوعها، الذي يتكامل مع البنية التحتية الرياضية. على سبيل المثال، يمكن للإعلام ربط تجربة حضور حدث رياضي عالمي بزيارة أماكن سياحية بارزة، مثل الصحراء الكبرى أو المدن الساحلية مثل: جيجل ووهران، قسنطينة...، تقديم محتوى يوحد بين الرياضة والسياحة يخلق تجربة متكاملة تجذب السياح والمستثمرين على حد سواء. ولا يقتصر الدور على الإعلام التقليدي فقط، إذ يمكن للإعلام الرقمي أن يلعب دورًا أكثر ديناميكية من خلال الحملات الترويجية التفاعلية التي تستهدف جمهورًا محددًا، مثل عشاق رياضات معينة أو الباحثين عن وجهات جديدة لاستكشافها، إنتاج محتوى مرئي إبداعي، مثل مقاطع الفيديو القصيرة التي تستعرض المنشآت الرياضية وسط مشاهد طبيعية خلابة، يمكن أن يحقق انتشارًا واسعًا على المنصات العالمية. إلى جانب ذلك، يمكن للإعلام أن يعزز الشراكات مع المؤسسات الرياضية العالمية، ما يفتح الباب لتنظيم فعاليات دولية تُبرز اسم الجزائر على خريطة السياحة الرياضية، كما يمكن للإعلام أن يسلط الضوء على قصص نجاح الرياضيين الجزائريين أو المبادرات المحلية التي تُظهر اهتمام الجزائر بالرياضة، ما يعكس صورة إيجابية تعزز من مصداقيتها وريادتها في هذا المجال. هذا، ويبقى الإعلام شريكًا استراتيجيًا في تحقيق التكامل بين الرياضة والسياحة، حيث يُسهم في تحويل المنشآت الرياضية إلى رموز وطنية تُمثل هوية الجزائر الحديثة، وفي الوقت نفسه يُسهم في وضع الجزائر على خريطة السياحة الرياضية العالمية، مما يفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة. السياحة الرياضية تفتح آفاقا جديدة لنمو الاقتصاد الوطني من الناحية الاقتصادية، يؤكد خبراء الاقتصاد أن السياحة الرياضية تعد واحدة من أبرز الوسائل التي يمكن أن تسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني للجزائر، لما تحمله من إمكانيات واسعة لجذب الاستثمارات، وتحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتعزيز صورة البلاد على الساحة الدولية. عندما تُدمج السياحة الرياضية بشكل استراتيجي ضمن خطط التنمية، فإنها تفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي، فمن خلال استضافة الجزائر للفعاليات الرياضية الكبرى، مثل البطولات الإقليمية والدولية، تتدفق أعداد كبيرة من السياح الرياضيين والمشجعين من مختلف دول العالم، هذا الحضور لا يقتصر على حضور المباريات فحسب، بل يمتد إلى قطاعات أخرى مثل الإقامة، النقل، والمطاعم، ما يؤدي إلى حركة اقتصادية نشطة تسهم في رفع العائدات المالية. إضافة إلى ذلك، السياحة الرياضية تعزز من استثمار المنشآت الرياضية والبنية التحتية التي أنشأتها الدولة، بدلاً من أن تظل هذه المنشآت محدودة الاستخدام، فإنها تتحول إلى وجهات مستدامة تستقطب عشاق الرياضة من الداخل والخارج. على سبيل المثال، تنظيم معسكرات تدريبية دولية أو بطولات رياضية على مدار العام يزيد من استخدام هذه المنشآت ويحقق عائدات مستدامة. علاوة على ذلك، السياحة الرياضية تُعزز من فرص العمل وتخلق وظائف جديدة، تنظيم الفعاليات الرياضية يتطلب مساهمة عدد كبير من العمالة في مجالات متعددة، مثل الخدمات اللوجستية، الأمن، الترجمة، والتسويق، كما أن تزايد تدفق السياح يشجع على تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل المحلات التجارية المحلية ومقدمي الخدمات السياحية، ما يسهم في تحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين. ولا يقتصر دور السياحة الرياضية على الجوانب الاقتصادية المباشرة فقط، بل يمتد إلى التأثير الإيجابي على صورة الجزائر على المستوى العالمي، مع تنامي الاهتمام بالرياضة، تتيح هذه الفعاليات فرصة لتعريف العالم بالجزائر على أنها وجهة تجمع بين التميز الرياضي والجمال الطبيعي، مما يزيد من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات أخرى، مثل السياحة التقليدية أو الصناعات المرتبطة بالرياضة. تنشيط السياحة الرياضية ليس مجرد أداة اقتصادية، بل هو استثمار استراتيجي يعزز مكانة الجزائر عالميًا، ويضعها في موقع تنافسي في سوق السياحة الرياضية الدولية، من خلال استغلال الإمكانات الطبيعية والبشرية والبنية التحتية المتطورة، يمكن للجزائر أن تحقق نقلة نوعية تساهم في تنويع اقتصادها وتعزيز استدامته. طارق مجاج (أستاذ العمران وأستاذ بالمدرسة العليا للعلوم الإسلامية-الجزائر)

"منشآت رياضية بمعايير دولية تُعزز جاذبية الجزائر إقليميا ودوليا"

تشهد الجزائر طفرة ملحوظة في تشييد البنى الرياضية الحديثة، التي لا تقتصر أهميتها على الجانب الرياضي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعادًا اقتصادية وسياحية وعمرانية، مما يجعلها ركيزة أساسية في تحسين البنية التحتية وتعزيز صورة الجزائر على الساحة الدولية. وفي هذا الصدد، يرى الأستاذ في العمران طارق مجاج، أن هذه المنشآت الرياضية الجديدة تستجيب للمعايير الدولية وفقًا للمعلومات المنشورة حول هذه المشاريع، فبالعودة إلى العاصمة الجزائر، يمكننا تسليط الضوء على دور هذه المنشآت في تعزيز جاذبية المدينة وزيادة تنافسيتها على المستويين الإقليمي والدولي، فقد تم تضمين هذه الأهداف ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، والذي أُطلق عام 2012، هذا المخطط، الذي يستهدف تحقيق نقلة نوعية في العاصمة بحلول عام 2030، يركز على جعل المدينة وجهة متميزة على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع التحديات والفرص المتاحة. ضمن هذا السياق، تلعب المنشآت الرياضية دورًا محوريًا في تحقيق هذه الرؤية، فالملاعب الجديدة مثل ملعب براقي، ملعب تيزي وزو، ملعب الدويرة، لا تقتصر وظيفتها على استضافة المباريات أو الفعاليات الرياضية فقط، بل تسهم بشكل مباشر في تحسين الواجهة الحضرية للعاصمة وتعزيز مكانتها بوصفها مدينة قادرة على استضافة الفعاليات الكبرى، تنظيم التظاهرات الرياضية الدولية أو القارية في الجزائر مستقبلاً يُتوقع أن يعزز من هذه المكانة ويضع العاصمة في مصاف المدن التي تتمتع بمرافق عصرية تلبي احتياجات الرياضة والسياحة والترفيه. علاوة على ذلك، أبرز الأستاذ مجاج في تصريح لصحيفة "الأيام نيوز" أن الجمالية العمرانية لهذه المنشآت تلعب دورًا إضافيًا في الجذب السياحي، فالاهتمام الذي حظي به ملعب تيزي وزو، على سبيل المثال، في الإعلام المحلي والدولي يُظهر كيف يمكن لهذه المنشآت أن تصبح رموزًا معمارية وثقافية، مما يسهم في خلق صورة إيجابية عن المدينة أو المنطقة التي تقع فيها، فالمنشآت الرياضية، جنبًا إلى جنب مع المشاريع العمرانية الأخرى، تُعد عناصر أساسية في تعزيز الوظائف الترفيهية التي تسعى المدن الكبرى لتطويرها. إلى جانب ذلك، يؤكد محدثنا على أن الوظائف الترفيهية تُعرف بأنها واحدة من المقومات الحضرية للمدن الكبرى، أو ما يُطلق عليه في الوقت الحالي "الميتروبول"، إذ تعتبر هذه الوظائف مكونًا حيويًا لتصنيف المدن المتروبولية على مستوى العالم، المنشآت الرياضية تلعب هنا دورًا جوهريًا، ليس فقط من خلال استضافتها للأحداث الكبرى، ولكن أيضًا من خلال الإسهام في تحسين جودة الحياة لسكان المدن وتوفير مساحات تُعزز من النشاط الاجتماعي والثقافي. إضافة إلى ذلك، تسهم هذه المنشآت في دعم مفهوم "الحوضرة"، وهو مصطلح يعبر عن تطور المدن من الناحية الحضرية، إذ أن المدن التي تتمتع بمرافق رياضية متقدمة تكون أكثر قدرة على جذب الاستثمارات والأحداث الدولية، مما يعزز من مكانتها على خريطة المدن العالمية. خِتاماً، أفاد الأستاذ في العمران طارق مجاج، بأن المنشآت الرياضية الحديثة التي تشيدها الجزائر ليست مجرد مبانٍ وظيفية، بل هي أدوات استراتيجية تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة وتحسين الواجهة الحضرية للمدن، مع فتح آفاق واسعة للسياحة والترفيه، ومع التخطيط الجيد والاهتمام المستمر بهذه المشاريع، يمكن للجزائر أن تصبح نموذجًا يُحتذى به في استغلال المنشآت الرياضية لتعزيز التنمية المستدامة. زهير معوش (عضو الوكالة الوطنية للسياحة والأسفار - الجزائر)

"الأحداث والفعاليات الرياضية فرصة سانحة للتعريف بالبلد المُضيف"

تمثل المنشآت الرياضية أحد الأصول المهمة التي يمكن استغلالها لتعزيز السياحة في الجزائر، ومن الضروري أن تركز السلطات والجهات الوصية على الاستفادة المثلى من هذه المنشآت بصفة دائمة، مع إعطائها الأولوية، خصوصًا في ظل رؤية "الجزائر 2030"، التي تسعى إلى تعزيز مكانة الجزائر بوصفها وجهة سياحية عالمية. السياحة الرياضية تُعدّ أحد أبرز أنواع السياحة الحديثة، حيث تجذب أعدادًا كبيرة من السياح من مختلف دول العالم، وتوفر الأحداث الرياضية فرصة مميزة للتعريف بالبلد المُضيف على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأحسن نموذج نقدمه لذلك، هو أن نستحضر قصة نجاح دولة قطر عندما استضافت كأس العالم 2022، فعلى الرغم من صغر مساحة قطر، إلا أن هذا الحدث العالمي جعل العالم كله يعرفها بشكل أعمق، حيث ساهمت هذه الاستضافة إلى حد كبير في إبراز ثقافتها، وتعريف الناس بتراثها، وتحفيز اقتصادها بشكل ملحوظ، ومن هذا المثال، يتضح الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه السياحة الرياضية في تحسين صورة أي بلد وتعزيز مكانته الدولية. في الجزائر، توفر الأحداث الرياضية الكبرى فرصًا ذهبية للترويج للسياحة المحلية، وهو ما ظهر جليًا عند استضافة مدينة وهران لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، هذا الحدث الرياضي الكبير لم يكن مجرد مناسبة رياضية فحسب، بل كان فرصة لتطوير المدينة وتحسين بنيتها التحتية، حيث تم إنشاء مرافق جديدة مثل الفنادق الحديثة والملاعب المتطورة التي تُعتبر الآن واجهة سياحية ورياضية. مثل هذه الأحداث تسهم بطريقة مباشرة في دعم الاقتصاد المحلي للمدن المستضيفة، حيث تشهد ارتفاعًا في عدد الزوار، سواء من الداخل أو الخارج، كما تتيح الفرصة لعرض الثقافة المحلية، والترويج للمناطق السياحية المحيطة، في حالة وهران، أدى تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط إلى تسليط الضوء على المدينة وإبرازها وجهة سياحية متميزة، مما ساعد على تعزيز مكانتها على الخارطة السياحية الوطنية والدولية. ومن هنا نجد أن السياحة الرياضية ليست مجرد حدث عابر، بل هي قطاع اقتصادي حيوي قادر على تقديم فوائد طويلة الأجل، من خلال تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، يتم تحفيز قطاعات اقتصادية عدة مثل الضيافة، النقل، والخدمات اللوجستية، في الوقت ذاته، تعزز هذه الأحداث من فرص العمل للسكان المحليين، سواء خلال فترة الحدث أو بعدها، مع استمرار استخدام المرافق التي تم إنشاؤها أو تطويرها. علاوة على ذلك، فإن الترويج للسياحة الرياضية يسهم في تغيير الصورة النمطية عن الجزائر على أنها وجهة سياحية، فإلى جانب السياحة الطبيعية التي تعتمد على المواقع الساحرة مثل شواطئ البحر الأبيض المتوسط أو الصحراء الكبرى، يمكن للسياحة الرياضية أن تضيف بُعدًا جديدًا لجذب السياح الذين يبحثون عن تجارب رياضية وثقافية متكاملة. محمد أمين برجم (رئيس الجمعية الوطنية للوكالات السياحية - الجزائر)

"أحداث رياضية كبرى تعزز صورة الجزائر السياحية"

تعتبر السياحة الرياضية، أو ما يُعرف بسياحة الأحداث الكبرى، من أكثر أنواع السياحة جذبًا للسياح حول العالم، حيث تتجاوز حدود الترفيه لتصبح وسيلة فعّالة لاستقطاب الزوار والترويج للمؤهلات السياحية للدول، والجزائر، خلال السنوات الأخيرة، بدأت تسير في هذا الاتجاه، إذ أدركت أهمية الأحداث الرياضية الكبرى وجعلها وسيلة لتعزيز موقعها السياحي والاقتصادي، مستفيدة من التطورات التي شهدتها في مجال البنى التحتية والمنشآت الرياضية. مؤخراً، استضافت الجزائر العديد من الأحداث الرياضية الكبرى التي ساهمت في إبراز جمالها ومقوماتها السياحية، مثل ألعاب البحر الأبيض المتوسط وكأس إفريقيا للمحليين، حيث كانت مدينة وهران محورا لهذه الأنشطة، بعد أن أثبتت قدرتها على تنظيم تظاهرات رياضية عالمية، مما عزز مكانتها لتكون قطبا سياحيا داخليا ودوليا، فبعد ألعاب البحر الأبيض المتوسط، شهدت المدينة توافدًا كبيرًا للسياح، وهو ما يعكس نجاح الجزائر في استثمار هذه المناسبات الرياضية للترويج لصورتها الإيجابية، وبالمثل، أسهمت كأس إفريقيا للمحليين في تغيير الصورة النمطية عن الجزائر لدى كثير من سكان أوروبا، حيث أبرزت الأمن المستتب وحفاوة الشعب الجزائري وتمسكه بثقافته وهويته، مما جعلها وجهة سياحية واعدة. البنية التحتية.. أساس نجاح السياحة الرياضية إن نجاح السياحة الرياضية يعتمد بشكل أساسي على وجود بنية تحتية قوية وحديثة، وهو ما عملت الجزائر على تحقيقه، فإلى جانب إنشاء ملاعب بمعايير عالمية مثل القرية الأولمبية بوهران، عززت البلاد من جاهزية منشآتها من خلال شبكات طرق متطورة، مثل الطريق السيار شرق-غرب والطريق شمال-جنوب، إلى جانب توفرها على عدد من المطارات الدولية، كل هذه العوامل تجعل الجزائر مهيأة لتنظيم الأحداث الكبرى بكفاءة عالية، ما يعزز من قدرتها على استقطاب السياح والرياضيين على حد سواء. في هذا السياق، يمكن للجزائر أن تستلهم تجارب دول أخرى نجحت في استثمار الرياضة لتعزيز مكانتها السياحية والاقتصادية، قطر، على سبيل المثال، استضافت كأس العالم 2022 وحققت طفرة هائلة في البنية التحتية والترويج السياحي، وبالمثل، جنوب إفريقيا نجحت في استضافة كأس العالم 2010، مستغلة الحدث لتحسين بنيتها التحتية وتعزيز موقعها على الخارطة السياحية الدولية، هذه النماذج تُبرز أن الرياضة ليست مجرد منافسات، بل فرصة لتنمية الاقتصاد وتعزيز السمعة الدولية. وعلى الرغم من المقومات الكبيرة التي تمتلكها الجزائر، إلا أن السياحة الرياضية تواجه بعض التحديات التي يجب التعامل معها بحكمة، على غرار ضعف التسويق الإعلامي الدولي للأحداث الرياضية، وغياب استراتيجيات تسويقية شاملة للترويج للمؤهلات السياحية عبر هذه الأحداث، كما أن نقص الخبرة في تنظيم الفعاليات العالمية يمثل عائقًا يتطلب الاستفادة من التجارب الدولية وعقد شراكات مع هيئات متخصصة لتعزيز القدرات الوطنية في هذا المجال. في الختام، تمثل السياحة الرياضية فرصة ذهبية للجزائر لتطوير اقتصادها وتنويع مصادر دخلها، فمن خلال استغلال البنى التحتية المتطورة وتنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، يمكن للجزائر أن تعزز مكانتها كونها وجهة سياحية ورياضية رائدة في المنطقة، ومع التخطيط الاستراتيجي والاستثمار الذكي، بإمكان الجزائر أن تحقق قفزات نوعية في مجال السياحة الرياضية، مما ينعكس إيجابًا على مختلف قطاعاتها الاقتصادية والاجتماعية. أحمد غولام (مستشار في الرياضة - الجزائر)

"الرياضة والسياحة.. شراكة لتحقيق تكامل اجتماعي ثقافي"

تُعد المنافسات الرياضية الدولية والبطولات القارية والدولية أكثر من مجرد أحداث رياضية، إذ تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق أهداف رياضية فنية تُسهم في زرع ثقافة الممارسة الرياضية بين الأفراد، فالرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي وسيلة لنشر القيم الأخلاقية والثقافية بين الشعوب، مما يجعلها وسيلة فعّالة للتربية والتنشئة الاجتماعية. إلى جانب دورها الرياضي، أصبحت الرياضة اليوم وسيلة تربوية واجتماعية تسهم بشكل كبير في التوعية والإرشاد، خاصة في أوساط الشباب، ففي ظل التحديات التي تواجه المجتمعات، بما في ذلك الآفات الاجتماعية التي أصبحت تهدد استقرار الدول، تلعب الرياضة دورًا محوريًا في تقديم البدائل الصحية والإيجابية للشباب، مما يساعد على تقليص المشكلات الاجتماعية التي قد تُستغل وجعلها وسيلة للإضرار بالدولة. في هذا السياق، تواجه الجزائر تحديات كبيرة، حيث أصبح الشباب الجزائري هدفًا لمحاولات التأثير السلبي من قبل أطراف خارجية تسعى لزعزعة استقرار البلاد، لكن، بفضل جهود الجيش الوطني الشعبي، سليل جبهة التحرير الوطني، تُبذل مجهودات جبارة لحماية الشباب الجزائري وتأمين الحدود من التهديدات، هذه المجهودات ليست عسكرية فقط، بل تمتد إلى توفير الظروف المناسبة للشباب لممارسة حياتهم في بيئة آمنة وصحية. وإيمانًا منها بأهمية الرياضة فهي وسيلة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ضخت الدولة الجزائرية إمكانيات هائلة في قطاع الرياضة، حيث تم تنفيذ برامج ومشاريع ضخمة لإنشاء منشآت رياضية بمواصفات عالمية تهدف إلى خدمة الشباب الجزائري، وتشجيعهم على ممارسة الرياضة، والاستفادة من الفضاءات الترفيهية والخدمات العامة. كما أطلقت الجزائر مشاريع عدة لاستضافة منافسات رياضية قارية ودولية، بهدف تعزيز مكانة البلاد على الساحة الرياضية العالمية، من خلال هذه الجهود، تسعى الجزائر إلى بناء صورة إيجابية لبلد يطمح إلى النهوض والارتقاء إلى مصاف الدول الكبرى. إلى جانب دورها الرياضي، تسهم المنافسات الدولية في تعزيز قطاع السياحة، إذ تُعتبر الرياضة بوابة لاستقطاب الزوار من مختلف أنحاء العالم، ما يُتيح لهم فرصة استكشاف الجزائر، بلد بمساحة قارة وتاريخ نضالي عريق، ويُمكن لهذه الأحداث أن تسلط الضوء على جمال الطبيعة الجزائرية وتنوعها، إلى جانب الإرث الثقافي والحضاري الغني الذي تتمتع به البلاد. من خلال هذه الرؤية، تسعى الجزائر إلى بناء "الجزائر الجديدة"، وهي رؤية تُركز على تعزيز التنمية في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضة والسياحة، إذ تُعتبر الاستثمارات في الرياضة جزءًا لا يتجزأ من مشروع أوسع يهدف إلى تحقيق النهوض الوطني ورفع مكانة الجزائر بين الأمم. فوزي بن دريدي (خبير في علم الاجتماع - الجزائر)

"السياحة الرياضية.. ثنائية واعدة لتحقيق التلاحم المجتمعي في الجزائر"

تعتبر السياحة الرياضية أحد المجالات الواعدة التي يمكن أن تسهم بشكل كبير في تحقيق التلاحم المجتمعي وتعزيز الوحدة الوطنية في الجزائر، فالفعاليات الرياضية الكبرى تُعد وسيلة فريدة تجمع بين مكونات المجتمع بمختلف أطيافه، وتخلق فرصًا للتواصل والتفاعل في أجواء يسودها الشغف والحماس، فالسياحة الرياضية لا تقتصر على الجانب الترفيهي فحسب، بل تتجاوز ذلك لتكون أداة فعالة لتعزيز القيم الثقافية والاجتماعية المشتركة. يمكن للسياحة الرياضية أن تُبرز الوجه الحضاري للمجتمع الجزائري، خاصة من خلال تنظيم واستضافة الأحداث الرياضية الكبرى التي تستقطب الجماهير المحلية والدولية. في هذه المناسبات، تتحول المنشآت الرياضية إلى فضاءات للتلاقي والحوار، مما يسهم في تعزيز التفاهم بين أفراد المجتمع وتقوية الروابط الثقافية والاجتماعية بينهم، هذا التفاعل الإيجابي بين الجماهير لا يعزز التماسك الاجتماعي فقط، بل يُظهر صورة إيجابية للجزائر بوصفها وجهة سياحية رياضية متميزة. إضافة إلى ذلك، تسهم السياحة الرياضية في دعم الاقتصاد الوطني عبر خلق فرص عمل جديدة وتعزيز قطاع الخدمات المرتبط بالفعاليات الرياضية مثل النقل، الإقامة، والضيافة. كما أن نجاح الجزائر في استضافة هذه الفعاليات يفتح المجال لاستقطاب المزيد من السياح، الذين يأتون للاستمتاع ليس فقط بالمباريات، بل أيضًا بجمال الطبيعة الجزائرية وتنوعها الثقافي. هذا التنوع يمنح السياحة الرياضية بُعدًا إضافيًا، حيث يمكن دمج الأنشطة الرياضية مع التجارب الثقافية مثل زيارة المواقع التاريخية أو استكشاف المعالم الطبيعية. من الناحية الاجتماعية، تُشكل الفعاليات الرياضية الكبرى فرصة لإبراز القيم المشتركة وتعزيز الشعور بالانتماء الوطني. الجماهير التي تتوافد على الملاعب أو تشارك في الأنشطة الرياضية تصبح جزءًا من تجربة جماعية تُعزز الوحدة الوطنية وتُظهر الروح الجماعية. كما أن هذه التجمعات الرياضية تسهم في ترسيخ السلوكيات الإيجابية، مثل احترام المنشآت الرياضية التي تُعتبر ملكًا للمجتمع بأكمله. وعلى صعيد آخر، يمكن للسياحة الرياضية أن تلعب دورًا كبيرًا في تحسين صورة الجزائر على المستوى الدولي. استضافة فعاليات رياضية كبرى وتنظيمها بنجاح يعكس قدرات البلد في توفير البنية التحتية المناسبة وإدارة الأحداث الرياضية بكفاءة. هذا لا يسهم فقط في تعزيز مكانة الجزائر الرياضية، بل يروج أيضًا لها على أنها وجهة سياحية تقدم تجربة شاملة تجمع بين الرياضة، الثقافة، والطبيعة. في الختام، تعتبر السياحة الرياضية رافدًا حيويًا للتنمية المستدامة وتعزيز الهوية الوطنية. ومع الاهتمام بتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى والاستثمار في البنى التحتية، يمكن للجزائر أن تستثمر هذه الفرصة لتعزيز السياحة الرياضية وجعلها وسيلة لتحفيز الاقتصاد وتحقيق الوحدة الوطنية، مما يجعلها نموذجًا رياديًا في المنطقة والعالم. عبد الرحمان زراردي (إعلامي رياضي - الجزائر)

هكذا يسهم الإعلام في الترويج للجزائر كوجهة سياحية رياضية عالمية

يبدو واضحاً خلال السنوات الأخيرة، أن الدولة الجزائرية أدركت الأهمية الكبيرة التي تحظى بها رياضة كرة القدم، ليس فقط لأنها رياضة شعبية تجمع الجماهير، بل أيضًا لأنها قوة اقتصادية وسياسية ذات تأثير عالمي، وفي هذا الإطار تبنّت الدولة سياسة رشيدة تهدف إلى مواكبة هذه المكانة، حيث جاءت أوامر رئيس الجمهورية واضحة ومباشرة بتطوير البنية التحتية الرياضية، لا سيما بناء ملاعب وطنية بمواصفات عالمية. وقد حصدت هذه الملاعب إشادة واسعة من الجمهور والمتابعين على الصعيدين المحلي والدولي، لا سيما مع استضافة الجزائر لأحداث رياضية كبرى، بما في ذلك ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وكأس أمم إفريقيا للشباب، بالإضافة إلى مباريات المنتخب الوطني، هذه الإنجازات أثبتت قدرة الجزائر على تنظيم أحداث رياضية بمستوى عالمي، مما يعزز مكانتها في المشهد الرياضي الدولي. إلى جانب الجهود المبذولة على مستوى البنية التحتية الرياضية، برز دور الإعلام الوطني عاملا حاسما في تسليط الضوء على هذه الإنجازات، فمن الضروري أن يعمل الإعلام على تطوير تقنيات النقل والبث المباشر لتقديم صورة مميزة تعكس التطور الحاصل في المجال الرياضي في بلادنا. وقد بدأت بعض الخطوات الإيجابية في هذا الاتجاه، مثل الدور البارز الذي لعبه التلفزيون العمومي، وتحديدًا محطة وهران، التي أظهرت احترافية كبيرة في تغطية مباريات المنتخب الوطني في ملعب "ميلود هدفي"، حيث أُتيحت الفرصة لتطوير مهاراتها واكتساب الخبرة من خلال تغطية عدد من الألعاب الدولية، ما أدى إلى تحسين جودة البث وتقنيات الإخراج. من المعروف أن الإعلام الرياضي هو الرابط الرئيسي لنقل المعلومة والصورة إلى المشاهد، وعليه، يمكن للإعلام أن يسهم بشكل أكبر من خلال إعداد روبورتاجات رياضية متميزة، ليس فقط للتركيز على المظهر الخارجي للملاعب الجديدة، بل أيضًا لاستعراض المرافق والخدمات الداخلية التي توفرها هذه المنشآت. كما يمكن استغلال هذه الفضاءات الرياضية في تقديم محتوى إعلامي مبتكر، مثل استضافة نجوم الرياضة من مختلف أنحاء العالم، وإجراء مقابلات معهم داخل هذه الملاعب، مما يسهم في تسليط الضوء على الجزائر كونها وجهة سياحية رياضية عالمية. كذلك من المهم التنويه إلى ضرورة تنظيم الاستديوهات التحليلية قبل المباريات داخل الملاعب الكبيرة، وليس فقط في مباريات المنتخب الوطني، بل أيضًا في مباريات البطولة الوطنية وكأس الجمهورية، هذه الخطوة يمكن أن تسهم في رفع مستوى التغطية الإعلامية وتعزيز التفاعل الجماهيري مع الحدث الرياضي. كل ذلك يسهم بطريقة أو بأخرى في الترويج والتسويق لتعزيز السياحة الرياضية في الجزائر، على اعتبار أن الإعلام يعد "السلطة الرابعة"، التي يمكنها أن تسهم في تعزيز صورة الرياضة الجزائرية على المستوى الدولي أو تؤثر سلبًا عليها في حال عدم مواكبتها للتطورات، ورغم أن الإعلام المحلي قد حقق مستوى مقبولًا في الوقت الحالي، إلا أنه يملك إمكانات هائلة للتطور في المستقبل من خلال تطبيق بعض هذه المقترحات والعمل المستمر على تحسين أدائه بما يتماشى مع التطلعات الوطنية. فارس هباش (خبير في الاقتصاد الدولي - الجزائر)

"فرصة ذهبية لتعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل"

خلال السنوات الأخيرة، شهدت الجزائر تدشين العديد من الملاعب والهياكل الرياضية الحديثة، مما أضفى بعدًا جديدًا على البنى التحتية الرياضية في البلاد، ويأتي هذا في إطار الاهتمام الحكومي المتزايد بتطوير هذه البنى، بما في ذلك بناء ملاعب عالمية ومرافق رياضية متطورة، وفي هذا السياق، يبرز التساؤل حول كيفية استغلال هذه المنشآت لتحقيق نمو اقتصادي من خلال السياحة الرياضية. حيث تعتبر السياحة الرياضية من القطاعات الواعدة عالميًا، حيث تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل وزيادة الإيرادات السياحية. تسعى الجزائر، من خلال منشآتها الرياضية الحديثة وبيئتها المتنوعة، إلى أن تصبح مركزًا مهمًا لتنظيم الأحداث الرياضية وتعزيز الرياضة المحلية، مما يفتح أبوابًا واسعة أمام تطوير السياحة الرياضية، التي تُعد رافدًا اقتصاديًا مهمًا، إذ تتجاوز كونها مجرد نشاط رياضي لتصبح قطاعًا قادرًا على تنويع الدخل الوطني. وتندرج السياحة الرياضية عمومًا تحت نوعين رئيسين: السياحة الداخلية، التي تركز على جذب الجمهور المحلي لحضور الفعاليات الرياضية الوطنية مثل المباريات في البطولة الجزائرية للقسم المحترف الأول أو الثاني، والسياحة الدولية، التي تهدف إلى جذب الزوار الدوليين للمشاركة أو حضور الفعاليات الرياضية الكبرى مثل كأس الأمم الأفريقية أو دوري أبطال أفريقيا أو كأس الكونفدرالية، إلى جانب تنظيم المباريات الدولية بين الجزائر والمنتخبات العالمية. إن البنية التحتية الحديثة تعتبر الأساس في تطوير السياحة الرياضية، حيث تسهم في توفير بيئة جذابة للرياضيين والمشجعين على حد سواء، كما تُستغل لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، فملاعب مثل ملعب وهران، ملعب براقي، ملعب الدويرة، وملعب حسين آيت أحمد بتيزي وزو، بالإضافة إلى تجديد ملعب حملاوي بقسنطينة وملعب 19 مايو بعنابة، تمثل فرصًا كبيرة للجزائر لتنظيم بطولات رياضية دولية، إذ أن هذه الفعاليات تجذب جمهورًا عالميًا، مما يزيد من فرص العمل في الفنادق ويعزز الطلب على خدمات النقل والإطعام وغيرها. علاوة على ذلك، فإن تنظيم بطولات أو دوري محلي قوي من خلال تحسين جودة البطولة الجزائرية وإقامة المباريات في منشآت حديثة يعزز من حضور الجماهير ويحفز السياحة الداخلية بين الولايات، كما أن بث المباريات عبر القنوات الدولية يسهم في الترويج للجزائر على أنها وجهة رياضية وسياحية، وقد لاحظنا منذ بداية الموسم، مع تدشين الملاعب الكبرى مثل ملعب حسين آيت أحمد بتيزي وزو وملعب براقي وملعب وهران، نقلة نوعية في الإخراج التلفزيوني لهذه المباريات، مع اهتمام جماهيري كبير، ما يسهم في الترويج لصورة الجزائر ومناخ الاستثمار فيها. من جهة أخرى، يمكن استغلال المنشآت الرياضية الحديثة لتنظيم بطولات رياضية فردية مثل ألعاب القوى والتنس، مما يسهم في جذب فئات متنوعة من الجمهور، على سبيل المثال لا الحصر، ملاعب مثل ملعب وهران الجديد، ملعب 5 جويلية، ملعب قسنطينة وملعب عنابة، قادرة على احتضان رياضات أخرى غير كرة القدم، خاصة رياضات القوى، ما يسمح بتنظيم تجمعات دولية في ألعاب القوى أو بطولات إفريقية وآسيوية أو ألعاب البحر الأبيض المتوسط، مما يعزز السياحة الداخلية ويسهم في التعريف بالسياحة الوطنية ويطور القطاع السياحي في الجزائر. كذلك، يمكن تعزيز السياحة الرياضية البيئية من خلال الجمع بين الرياضة والطبيعة الجزائرية المتنوعة، مثل الصحاري والجبال، مما يسهم في جذب السياح الدوليين للمشاركة في أنشطة مثل سباق الماراتون الصحراوي، وعليه، فإن المساهمة الاقتصادية للسياحة الرياضية تُعدّ هامة على أصعدة عدة: أولًا، يمكن الحديث عن تنويع مصادر الدخل الوطني، حيث أن السياحة الرياضية تسهم في تقليل الاعتماد على صادرات النفط، كما يمكن للجزائر تحقيق إيرادات من خلال بيع تذاكر المباريات والفعاليات الرياضية الكبرى، إضافة إلى حقوق البث التلفزيوني سواء المحلي أو الدولي، وكذلك عقود الرعاية والإعلانات، كما يمكن تنظيم فعاليات اقتصادية مثل المعارض الكبرى على هامش الألعاب والمباريات الدولية. ثانيًا، تسهم السياحة الرياضية في تحفيز الاستثمارات، إذ أن تشييد المنشآت الرياضية يخلق فرصًا استثمارية في قطاعات الفنادق والمطاعم وشركات النقل، بالإضافة إلى الشركات الرياضية الكبيرة مثل شركات الملابس والمعدات الرياضية، التي قد تختار الجزائر لتكون مركزا إقليميا لتسويق منتجاتها. ثالثًا، تسهم هذه المنشآت في خلق فرص عمل، حيث توفر وظائف مباشرة للإدارة والصيانة، إضافة إلى أن الفعاليات الرياضية تخلق وظائف غير مباشرة في قطاعات مثل الإقامة والنقل والترفيه. رابعًا، يمكن للسياحة الرياضية أن تسهم في زيادة العوائد السياحية، حيث أن حضور السياح الدوليين يرفع من نسبة إشغال الفنادق ويزيد من مبيعات المطاعم والأسواق المحلية، كما تسهم في خلق حركية تجارية كبيرة، حيث يتنقل الزوار بين الأسواق والمراكز التجارية، كما أن تنظيم البطولات يشجع على تمديد إقامة الزوار مما يزيد من مستوى الإنفاق. خامسا، تسهم السياحة الرياضية في تحسين البنى التحتية العامة، حيث أن الاستثمارات في الملاعب تتطلب تحسين الطرق والمطارات، مما يعزز جودة البنية التحتية العامة ويجعل الجزائر أكثر جذبًا للسياح، فعلى سبيل المثال، رافق بناء المنشآت الرياضية الكبرى إنشاء شبكات طرق لربط الملاعب مع الفنادق في المناطق المجاورة، مما يسهم في تطوير البنية التحتية العامة. بعض التحديات التي قد تعيق هذا المسعى ومع ذلك، تواجه الجزائر بعض التحديات التي قد تعيق هذا المسعى، مثل ضعف التسويق الدولي للأحداث الرياضية، لذا، يجب التركيز على تحسين التسويق، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي لتعظيم العائدات من السياحة الرياضية فهي من المصادر الاقتصادية الرئيسة، كما أن قلة الخبرة في تنظيم الفعاليات العالمية تمثل تحديًا، ولذا ينبغي اكتساب الخبرة عبر الشراكات مع شركات عالمية كبرى لتنظيم الأحداث الرياضية وإدارة المنشآت الرياضية. من التحديات أيضًا مشكلات النقل والخدمات اللوجستية، حيث يجب ربط المنشآت الرياضية بوسائل نقل متطورة، مثل شبكات الترامواي والمترو، لضمان انسيابية تدفق الجماهير. أما بالنسبة للحلول المقترحة، فيمكن إطلاق حملات تسويقية واسعة النطاق عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتأسيس خلية خاصة لإدارة الأحداث الرياضية الكبرى، كما يمكن التعاون مع المنظمات الرياضية الدولية لاكتساب الخبرة، وهناك أيضًا برامج متخصصة مع الفيفا أو الكاف، علاوة على ذلك، يجب تطوير منظومة النقل العام وتحسين جودة الخدمات السياحية. وفي هذا السياق، يمكن الاستفادة من تجارب دول أخرى مثل قطر التي استثمرت في بناء ملاعب عالمية واستضافت كأس العالم 2022، وكذلك جنوب أفريقيا التي استفادت من استضافتها لكأس العالم 2010 في تحسين بنيتها التحتية وتعزيز السياحة، يمكن للجزائر أن تستلهم هذه التجارب مع التركيز على تنظيم بطولات إقليمية ودولية. أهم التوصيات لتعزيز السياحة الرياضية في الجزائر تشمل إنشاء هيئة متخصصة في السياحة الرياضية للتنسيق بين قطاعي السياحة والرياضة، وتنظيم الفعاليات واستقطاب الاستثمارات، كما يجب الترويج لمناخ الاستثمار الجديد في الجزائر من خلال حملات ترويجية مثل "استثمر في الجزائر" وربطها بالأحداث الرياضية الكبرى لجذب رجال الأعمال والمستثمرين، كذلك، يجب الترويج للجزائر على أنها وجهة رياضية دولية عبر التعاون مع الإعلام الدولي واستخدام منصات التواصل الاجتماعي للترويج للملاعب الحديثة. يجب أيضًا تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحسين الخدمات المرتبطة بالرياضة مثل الإقامة والنقل، وتنويع الفعاليات الرياضية لتشمل مختلف الرياضات مثل كرة القدم، ألعاب القوى، وسباقات السيارات، كما يجب تعزيز السياحة الداخلية عبر تقديم حوافز للجماهير المحلية للسفر بين الولايات لحضور المباريات. وفي الختام، أعتقد أن تنشيط السياحة الرياضية في الجزائر من خلال استغلال البنى التحتية الرياضية يمثل فرصة هامة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل، وتحسين صورة الجزائر على الساحة الدولية، مع التخطيط الاستراتيجي والاستثمار الذكي، يمكن للجزائر أن تصبح وجهة رياضية وسياحية رائدة في إفريقيا والعالم العربي. ومع افتتاح مجموعة من الملاعب والمجمعات الرياضية التي تلبي أعلى المعايير الدولية، باتت الجزائر مهيأة لاستضافة البطولات والفعاليات الرياضية الكبرى، مما يفتح المجال ليس فقط لتعزيز الحضور الرياضي، بل أيضًا لتنشيط الحركة السياحية وتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية مستدامة.