في مشهد يبدّل معادلات الأمن الإقليمي ويفتح صفحة غير مألوفة في تاريخ التحالفات العسكرية، أبرمت المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية اتفاقية دفاع مشترك تنص بوضوح على أن أي اعتداء على أحدهما يُعتبر اعتداءً على الآخر. لم يحدث أن بلغت العلاقات بين البلدين، رغم قوتها التاريخية وتشابك مصالحهما، هذا المستوى من الالتزام الدفاعي المباشر، فما الذي جعل اللحظة الراهنة بالذات مسرحًا لهذه الخطوة الجريئة؟ ولماذا انتظرت الرياض وإسلام آباد عقودا كاملة قبل أن تضعا توقيعهما على اتفاقية من هذا الوزن الاستراتيجي؟
لم يكن التوقيع السعودي–الباكستاني خطوة عابرة في سجل العلاقات الثنائية، بل لحظة محمّلة بالرمزية السياسية والعسكرية، فاستقبال الرياض لرئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بمراسم دولة كاملة، وصولاً إلى مرافقة مقاتلات سعودية لطائرته، وجّه إشارة بالغة الوضوح: ما جرى لا يُختزل في وثيقة دبلوماسية، بل في إعلان شراكة دفاعية تلامس عمق الرأي العام وتكرّس تحالفًا مصيريا، ولعل ما يميز هذا الحدث هو تحوّل التعاون التقليدي بين البلدين، الذي ظل لعقود محصورًا في التدريبات المشتركة والدعم اللوجستي، إلى التزام دفاعي ملزم، يرسم منعطفًا استراتيجياً جديدًا في علاقاتهما.
تأخّر مثل هذا الاتفاق لعقود لم يكن محض صدفة، فالحماية الأمنية الأمريكية المتجذرة في الخليج، عبر قواعدها الدائمة، جعلت من الصعب أن تلتزم الرياض علنًا بترتيبات دفاعية خارج المظلّة الغربية. كما أن الاعتماد على صيغة مجلس التعاون الخليجي، الذي نصّ منذ عام 2000 على أن «الاعتداء على أحد الأعضاء هو اعتداء على الجميع»، ظلّ في الغالب تعبيرًا سياسياً شكلياً لا سند عملي له، ثم جاءت تجربة عام 2015، حين رفض البرلمان الباكستاني الانخراط في حرب اليمن، لتغذّي شكوكًا حول جدية إسلام آباد في أي التزام دفاعي.
غير أن المشهد تغيّر اليوم، فبعد فترة التهدئة الإقليمية التي أعقبت الاتفاق السعودي–الإيراني برعاية صينية، ومع تعثّر المفاوضات الأمنية بين الرياض وواشنطن، خصوصًا في ملفات حساسة مثل التطبيع النووي والقضية الفلسطينية، بدأ ميزان الثقة في الحماية الأمريكية يتراجع، فاتحةً الباب أمام خيارات بديلة أكثر استقلالية وجرأة.
جاءت الاتفاقية في سياق بالغ الحساسية، إذ نفذت “إسرائيل” في 9 سبتمبر 2025 ضربة جوية مباشرة ضد قطر، الدولة الخليجية التي تحتضن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وذلك رغم التنسيق الوثيق مع واشنطن. هذا الحادث كشف بجلاء حدود المظلة الأمنية الأمريكية، وأتاح للرياض نافذة دبلوماسية لتبرير توقيع الاتفاقية مع باكستان من دون أن يُنظر إليها كتحول مفاجئ في سياستها الدفاعية. فالرد الأمريكي كان باهتًا ومقتصرًا على بيانات إدانة لفظية، فيما عجزت واشنطن عن حماية أهم موقع عسكري لها في الخليج. أما دول مجلس التعاون، فانقسمت بين من اكتفى بالصمت الحذر ومن أصدر بيانات تضامن بروتوكولية مع الدوحة، ما أبرز عجز البنية الأمنية الخليجية عن الردع الجماعي. في هذا الفراغ بالذات وجدت السعودية المبرر العملي لتدشين شراكة دفاعية بديلة مع باكستان، قادرة على سدّ الفجوة التي كشفتها الضربة.
إقليميًا ودوليًا، باتت التهديدات الأمنية تتزايد فيما تتراجع الالتزامات الغربية التقليدية، الأمر الذي يفرض على الدول الكبرى في المنطقة البحث عن تحالفات بديلة قادرة على مواكبة التوازنات الجديدة، دون أن ننسى أن العلاقات العسكرية بين السعودية وباكستان ليست طارئة، بل تعود جذورها إلى ستينيات القرن الماضي حين درّب الطيارون الباكستانيون نظراءهم السعوديين، مرورًا بمشاركة قوات باكستانية في حرب الخليج 1990–1991، ووصولًا إلى مهام تدريبية واستشارية مستمرة منذ 2018. هذا التراكم التاريخي منح العلاقة قاعدة صلبة سمحت بتحولها من مجرد رمزية إلى شراكة عملياتية قابلة للتفعيل في الأزمات.
على الصعيد الاستراتيجي، لا يمكن إغفال الدور السعودي في دعم البرنامج النووي الباكستاني، وهو ما يضفي على الاتفاقية بعدًا يتجاوز الدفاع التقليدي إلى مستوى الدعم السياسي والاستراتيجي. بعض المحللين يذهبون أبعد من ذلك بالحديث عن إمكان انعكاس الاتفاقية كإطار لتحالف نووي غير معلن، خصوصًا في ظل القدرات النووية والصاروخية التي تمتلكها باكستان.
أما المكاسب التي تجنيها إسلام آباد فهي متعددة: تعزيز مظلتها الأمنية في بيئة إقليمية معقدة، ضمان استمرار الدعم المالي السعودي، الحصول على إمدادات طاقوية ميسرة، ورفع مكانتها الدولية كقوة نووية تضطلع بدور إسلامي مسؤول.
أما فيما يتعلق بالهند، فيبدو أن الاتفاقية لن تهدد علاقات الرياض المتطورة مع نيودلهي، القائمة على المصالح الاقتصادية والاستقرار الاستراتيجي، بل ربما تمنح السعودية دور الوسيط بين الجارتين الآسيويتين.
من جهة أخرى، يضع الخطاب الأمني في الرياض وإسلام آباد إيران في مرتبة التهديد الاستراتيجي الأبرز، استنادًا إلى شبكة حلفائها الإقليميين وقدراتها الصاروخية ونفوذها المتزايد. غير أن هذا التصنيف يثير تساؤلات مشروعة؛ إذ يبدو مفارقًا أن تُقدَّم إيران، مهما اتسع نفوذها الإقليمي، كخطر يفوق “إسرائيل” التي تمارس اعتداءات عسكرية معلنة في المنطقة، كان آخرها استهداف قطر في 9 سبتمبر 2025. هنا تكمن إشكالية القراءة السعودية–الباكستانية: فهي تقلل من خطر ملموس وراهن تحت المظلة الأمريكية، مقابل تضخيم تهديد قابل للتفاوض. بالمقابل لا تخلو السياسة الإيرانية من مسؤولية غير مباشرة عن تغذية هذه السردية، فإسنادها لقوى إقليمية حليفة، مثل حزب الله في لبنان أو أنصار الله في اليمن، وإن كان يُقدَّم في إطار دعم المقاومة، إلا أنه يُستَغل من قبل خصومها لتصوير نفوذها باعتباره مشروعا توسعيا يهدد استقرار المنطقة، وبهذا، تحولت أوراق القوة التي تراها طهران عناصر ردع إلى مادة تُستثمر في بناء تحالفات مضادة على شاكلة الاتفاقية السعودية–الباكستانية.
اختارت السعودية توقيع هذه الاتفاقية منفردة في ظل بطء آليات القرار داخل مجلس التعاون الخليجي، ومع غياب قاعدة أمريكية دائمة على أراضيها، مستفيدة من ثقلها السياسي والاقتصادي الذي يسمح لها بتحمل تبعات خيارات استراتيجية أكثر استقلالية. هذا التوجه يجسد ما يمكن تسميته بـ«الصبر المحسوب» في السياسة السعودية الجديدة، وهو تطور عن مبدأ «الصمت الاستراتيجي» الذي تبناه الملك المؤسس عبد العزيز، أي انتظار نضج الظروف قبل اتخاذ الخطوات الكبرى. واليوم، يبدو أن الرياض تمضي في مسارات دبلوماسية غير مألوفة أكثر جرأة وانفتاحا.
وهكذا، تبرز الاتفاقية السعودية–الباكستانية بوصفها نتاجًا طبيعيًا لتحولات جيوسياسية عميقة: تراجع الالتزامات الغربية التقليدية، احتدام المنافسة الإقليمية بين إيران وتركيا والسعودية، وتعقّد المعادلات النووية في الخليج وجنوب آسيا. إنها إعلان واضح عن انتقال بعض الدول الإسلامية إلى مرحلة جديدة من بناء شراكات أمنية مرنة وعملية، أو على الأقل اختبارًا واقعيًا لجدوى هذه الطموحات.
هل نتجه نحو ناتو إسلامي؟
يثير الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان سؤالًا محوريًا: هل نحن أمام ولادة "ناتو إسلامي" واسع النطاق، أم مجرد تحالف ثنائي محدود يلبّي مصالح آنية؟ الفكرة في حد ذاتها ليست جديدة، فقد راودت النخب السياسية منذ عقود، خصوصًا بعد الحروب العربية–الإسرائيلية وتراجع الثقة بالتحالفات الغربية. لكن كل محاولة لترجمتها على الأرض اصطدمت بجدار من التناقضات البنيوية: أنظمة سياسية متنافرة بين ملكيات ورئاسات وجمهوريات عسكرية، وانقسامات مذهبية عميقة، فضلًا عن تضارب المصالح الوطنية والإقليمية بين لاعبين كبار مثل السعودية، تركيا، إيران، باكستان..
تجربة "التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب" الذي أعلنته الرياض عام 2015، وروّج له الإعلام الغربي آنذاك بوصفه "ناتو إسلاميًا"، تكشف الكثير من هذه المعضلات، فعلى الرغم من مشاركة أكثر من 40 دولة إسلامية، بقي التحالف إطارًا رمزيًا إلى حد بعيد، بلا قيادة عسكرية مركزية واضحة أو آليات تشغيلية تُشبه بنية الناتو الأطلسي. كانت غايته بالأساس سياسية ودبلوماسية: تأكيد الدور القيادي للسعودية في العالم الإسلامي، أكثر منه بناء مؤسسة دفاعية متكاملة، سرعان ما أظهر الواقع أن الدول المشاركة لم تكن على قلب رجل واحد، بل إن بعضها فضّل الحياد أو النأي بنفسه عن النزاعات الإقليمية الحساسة، كما حدث في الموقف الباكستاني من حرب اليمن عام 2015.
من هنا يبدو أن ما نشهده اليوم، عبر الاتفاق السعودي–الباكستاني، ليس إحياءً لفكرة الناتو الإسلامي بالمعنى الكلاسيكي، بل انتقالًا نحو تحالفات ثنائية أو ثلاثية أكثر عملية. هذه الصيغ الضيقة توفر مرونة أكبر في مواجهة تهديدات محددة، وتقوم على معادلة المصالح المباشرة والثقة المتبادلة، بدلًا من الالتزام الجماعي الفضفاض. بالنسبة للرياض، باكستان شريك نووي موثوق، ولإسلام آباد، السعودية مصدر دعم مالي وسياسي لا غنى عنه. هذا النوع من التعاون يتجاوز الرمزية ليشكل مظلة ردع حقيقية ولو محدودة.
لكن حتى مع هذه الديناميكية الجديدة، من الصعب الحديث عن "ناتو إسلامي" متماسك. فالناتو الغربي لم يُبنَ فقط على تهديد مشترك، بل على أساس حضاري-سياسي متجانس (الغرب الليبرالي) وقيادة أمريكية واضحة ترعى وتضمن الالتزام الجماعي. في المقابل، العالم الإسلامي اليوم بلا قطب موحد، ويعاني من تناقضات بنيوية بين طموحات تركيا، حسابات السعودية، نفوذ إيران، أدوار باكستان، هذه التباينات تجعل أي مشروع شامل أقرب إلى شعار تعبوي منه إلى واقع عسكري صلب.
مع ذلك، فإن الاتفاق السعودي–الباكستاني يفتح الباب أمام نمط جديد من "التحالفات الواقعية". تحالفات لا تقوم على وحدة الدين أو الخطاب الهوياتي، بل على إدراك براغماتي أن البيئة الأمنية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا لم تعد تنتظر مظلات غربية ثابتة. التراجع التدريجي في الالتزام الأمريكي، وتصاعد التهديدات العابرة للحدود، يفرضان على القوى الإقليمية البحث عن صيغ تعاون دفاعي أقرب إلى "شراكات تكتيكية" قابلة للتفعيل عند الحاجة.
لذلك، يصح القول إننا لا نشهد ميلاد "ناتو إسلامي" بخصائصه الأطلسية، وإنما بدايات فسيفساء من التحالفات الأمنية المتفرقة، ثنائية أو رباعية، تنمو من رحم الأزمات والتحديات المباشرة. قد تتوسع هذه الصيغ تدريجيًا وتمنح العالم الإسلامي خبرة تراكمية في التنسيق الدفاعي، لكنها تظل بعيدة عن تشكيل بنية جماعية قادرة على قلب قواعد النظام الدولي. ما يمكن توقعه هو تحالفات أكثر واقعية، وأقل أيديولوجية، تمثل استجابة براغماتية لعصر تبدو فيه المظلات الأمريكية والأوروبية أقل صلابة من أي وقت مضى.

أثار توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي بين الرياض وإسلام آباد نقاشاً محتدماً في الأوساط السياسية والأكاديمية: هل تقترب السعودية فعلاً من الحصول على "مظلة نووية" باكستانية، أم أن كل ما يجري لا يعدو كونه رسائل مشفرة إلى خصومها الإقليميين؟ هذا الجدل، الذي أججته تصريحات متناقضة من مسؤولين باكستانيين، يعكس حجم الغموض المحيط بمستقبل العقيدة النووية لإسلام آباد، وحدود استعدادها لنقل أمنها النووي إلى ما وراء صراعها التاريخي مع الهند.

سمير علي خان - محلل وباحث في الأمن الدولي (باكستان)
بين الإشارات السياسية والحسابات النووية.. هل تحمي باكستان السعودية بقنبلتها؟
أثار توقيع الاتفاقية الدفاعية الجديدة بين باكستان والمملكة العربية السعودية سيلاً من التساؤلات حول مستقبل التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، خاصة فيما يتصل بإمكانية توسيع المظلة النووية الباكستانية لتشمل الرياض. وقد أعاد هذا التطور إلى الواجهة النقاش القديم حول ما إذا كانت إسلام آباد مستعدة، أو قادرة، على لعب دور "الضامن النووي" لحلفاء خارج حدودها، وهو نقاش سرعان ما انقسمت حوله الآراء بين من يرى فيه خطوة طبيعية نحو تعميق التحالف الاستراتيجي بين القوتين، ومن يحذّر من أنه مغامرة محفوفة بمخاطر تتجاوز قدرة باكستان على الاحتمال.
في هذا السياق، يفضل الباحث المستقل في قضايا الأمن الدولي، سمير علي خان، التوقف عند ما يسميه "تعقيدات الردع النووي الموسع"، مؤكداً أن أي محاولة لتطبيق هذا النموذج في الحالة السعودية ـ الباكستانية قد تفتح أبواباً يصعب إغلاقها، وتفرض على باكستان أعباء سياسية وعسكرية واقتصادية تهدد جوهر عقيدتها النووية القائمة منذ عقود.
إشارات متناقضة ومشهد مرتبك
الجدل لم يكن ليبلغ هذا المستوى لولا طبيعة الاتفاقية نفسها، التي نصّت على تعزيز التعاون الأمني "بجميع الوسائل العسكرية". صياغة فضفاضة تركت مساحة واسعة للتأويل، خاصة بعد أن صرّح وزير الدفاع الباكستاني، خواجة آصف، بأن "قدرات باكستان ستكون متاحة" للسعودية بموجب الاتفاقية. لكن سرعان ما عاد الوزير ليؤكد أن الترسانة النووية "ليست جزءاً من البنود"، وهو ما بدا كأنه تراجع أو تصحيح محسوب.
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية فقد تبنى خطاباً مموهاً، لم يستبعد صراحةً فكرة الردع الموسع، واكتفى بالتأكيد على أن العقيدة النووية الباكستانية "تشهد تطوراً مستمراً". ويرى خان أن هذه الرسائل المتناقضة "تسلط الضوء على حساسية الموضوع"، مضيفاً أن "التباين في المواقف يعكس محاولات لإرضاء أطراف متعددة في وقت واحد: السعودية التي تسعى لضمانات أمنية إضافية، والخصوم الإقليميون الذين يراقبون بقلق، والمجتمع الدولي الذي يتحسس أي خطوة تمس نظام عدم الانتشار".
الردع الموسع: إغراءات استراتيجية.. ولكن
يعترف الباحث بأن فكرة المظلة النووية ليست بلا سوابق. فالقوى الكبرى استخدمتها لإبقاء حلفائها تحت الحماية ومنعهم من تطوير برامجهم النووية الخاصة. الولايات المتحدة أبرز مثال، إذ وفرت مظلة نووية لحلف الناتو، وكذلك لليابان وكوريا الجنوبية، ما ساعد على استقرار طويل الأمد في شرق آسيا وأوروبا. من هذا المنظور، قد تبدو الفكرة جذابة للسعودية التي تبحث عن ضمانات إضافية في محيط إقليمي يتسم بالتقلب.
ويشرح خان أن مثل هذا الترتيب "قد يسهم في جهود عدم الانتشار، عبر طمأنة الرياض وثنيها عن السعي إلى برنامج نووي خاص"، كما أنه "قد يخلق توازناً ردعياً جديداً ضد الأعداء المحتملين، ويجعل تكلفة أي عدوان مرتفعة للغاية". إضافة إلى ذلك، فإن مظلة نووية باكستانية للسعودية "ستعزز التحالف العسكري والسياسي بين البلدين، وتفتح الباب أمام مستويات أعمق من التعاون الاستراتيجي".
لكن هذه الصورة المشرقة تخفي خلفها، حسب خان، جملة من الأعباء. فالمظلة النووية، كما يوضح، "ليست مجرد وعد بالحماية، بل التزام وجودي"، إذ على الضامن أن يكون مستعداً، في أسوأ السيناريوهات، لاستخدام السلاح النووي دفاعاً عن حليف قد لا تكون قضاياه تمس البقاء القومي المباشر للضامن. وهو ما يطرح إشكالية المصداقية: هل يمكن لباكستان أن تقنع خصومها بأنها مستعدة لخوض حرب نووية من أجل الرياض؟
قيود العقيدة والموارد
يرى الباحث أن التحدي الأكبر أمام باكستان يكمن في أن عقيدتها النووية صُممت أصلاً في مواجهة الهند، على أساس "الردع الأدنى الموثوق". أي أن الهدف هو امتلاك قدرة ردعية كافية لتثبيت التوازن مع خصم تقليدي وواضح. أما الردع الموسع، فيتطلب مقاربة مختلفة تماماً: ترسانة أكبر، صواريخ أبعد مدى، منظومات قيادة وسيطرة متطورة قادرة على إدارة صراعات عبر مسافات شاسعة. كل ذلك يحتاج إلى موارد مالية وتقنية هائلة لا تتوافر لباكستان حالياً، بل قد يضعف حتى قدرتها على الحفاظ على توازنها مع الهند.
ويؤكد خان أن "الانخراط في مثل هذا المشروع قد يجر باكستان إلى سباق تسلح جديد، ليس فقط مع الهند، بل أيضاً مع قوى إقليمية أخرى مثل (إسرائيل)، ما يزيد التوتر ويضع ضغوطاً مضاعفة على اقتصاد يعاني أصلاً من هشاشة مزمنة".
انزلاقات إقليمية ودينية
يضيف الباحث أن توسيع الردع النووي لا يعني ببساطة حماية دولة أخرى، بل وراثة تصوراتها الأمنية بكل ما تحمله من تعقيدات. فإذا وفرت باكستان مظلة للسعودية، فستُجبر على رسم خطوط حمراء تخص التهديد "الإسرائيلي"، والنفوذ الإيراني، والحرب في اليمن، وكلها ملفات شائكة مفتوحة على احتمالات صدام متكرر.
ويحذر خان من أن "الاستجابة لهذا النوع من الطلبات قد تشجع دولاً أخرى على التوجه بالمنطق ذاته: الإمارات، تركيا، أو حتى فلسطين". وهو ما قد يحوّل السلاح النووي الباكستاني من أداة ردع وطني إلى عبء ديني وسياسي عالمي. ويذكّر بأن الحرب الأخيرة مع "إسرائيل" شهدت تلميحات من أطراف إيرانية بأن باكستان يمكن أن تُهدد نووياً نيابة عنها، ما يكشف خطورة الزج بباكستان في حسابات الآخرين.
ويضيف أن الخطاب العام داخل باكستان يزيد الطين بلة، إذ "ينظر كثيرون إلى القنبلة النووية باعتبارها (القنبلة الإسلامية)"، مما يولّد توقعات شعبية بأن إسلام آباد يجب أن تحمي كل المسلمين. هذا النوع من الضغوط قد يدفع السياسيين إلى قرارات تتجاوز العقلانية الاستراتيجية، ويضعف تماسك العقيدة النووية نفسها.
على المستوى العالمي، يرى خان أن إقدام باكستان على مد نطاق ردعها سيكون سابقة خطيرة، فهي أول قوة نووية خارج معاهدة حظر الانتشار تفعل ذلك. هذه الخطوة قد تشجع الهند أو حتى "إسرائيل" على اتخاذ مسارات مشابهة، ما يقوّض النظام القائم ويغرق مناطق مختلفة في أنماط جديدة من عدم الاستقرار النووي.
رغم كل ما أثير، يميل خان إلى اعتبار الحديث عن المظلة النووية الباكستانية للسعودية "إشارات استراتيجية أكثر منها قرارات سياسية". فالتصريحات العلنية قد تكون مجرد رسائل لطمأنة الرياض من جهة، وردع الخصوم من جهة أخرى، دون أن تعني تغييراً فعلياً في العقيدة النووية. وفي رأيه، "المكاسب المحتملة أقل بكثير من الكلفة الهائلة"، سواء من حيث الموارد أو المخاطر الأمنية والسياسية.
ويؤكد الباحث أن الاتفاقية الدفاعية الجديدة بين السعودية وباكستان تمثل خطوة متقدمة في مسار التعاون بين البلدين، لكنها لا تعني أن إسلام آباد ستغامر بتوسيع عقيدتها النووية. على الأرجح، ستظل باكستان متمسكة بمبدأ "الردع الأدنى الموثوق" الموجه إلى الهند، مع تعزيز تعاونها التقليدي مع الرياض في مجالات التدريب والتسليح والاستخبارات. أما المظلة النووية، فستبقى في حدود التكهنات والرمزية الاستراتيجية، أكثر من كونها خياراً واقعياً في المستقبل القريب.

أبرمت السعودية وباكستان اتفاقية دفاع متبادل استراتيجية، تعكس، وفق الخبير جيتاندرا ساي كيلارو، ردًا على التوترات الإقليمية وتعزز إطارًا أمنيًا جماعيًا يضاعف قدرة الطرفين على الردع ويعيد صياغة التوازن في الشرق الأوسط وجنوب آسيا

جيتاندرا ساي كيلارو - مختص في قضايا الأمن السيبراني (الهند)
الدفاع المشترك السعودي-الباكستاني.. ماذا تقول الهند؟
في 17 سبتمبر الماضي، وقعت المملكة العربية السعودية وباكستان رسمياً اتفاقية الدفاع المتبادل الاستراتيجي، خلال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى الرياض، في خطوة تاريخية لتعزيز التعاون الثنائي. وقد شهدت المراسم، التي استضافها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وحضرها رئيس أركان الجيش الباكستاني، المشير سيد عاصم منير، "ارتقاءً كبيراً في العلاقات الثنائية، حيث تحولت عقود طويلة من التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي إلى تحالف استراتيجي رسمي موثق بشكل كامل".
يأتي هذا الاتفاق، حسب الباحث جيتاندرا ساي كيلارو، المختص في قضايا الأمن السيبراني والتحليل الاستراتيجي، "في ظل توترات إقليمية متصاعدة للغاية". ففي 9 سبتمبر، شنت "إسرائيل" غارة جوية في الدوحة، قطر، استهدفت قادة حماس خلال محادثات وقف إطلاق النار، مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص بينهم مسؤولون قطريون بارزون.
وأدانت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي هذه الغارة على نطاق واسع، "مما سلط الضوء على نقاط الضعف في أمن الخليج وزاد من الشكوك حول موثوقية الحماية التي تقودها الولايات المتحدة بشكل متكرر". يرى المحلل أن اتفاقية الدفاع بين باكستان والسعودية "تندرج في إطار الرد على هذه المخاوف"، حيث تضفي "الطابع المؤسسي المتين" على التنسيق الدفاعي الوثيق بين الرياض وإسلام أباد، بما يعزز الاستقرار الإقليمي.
نطاق وأهداف اتفاقية الدفاع المشترك بين الرياض وإسلام أباد
تلتزم المملكة العربية السعودية وباكستان بموجب هذه الاتفاقية "بتعزيز التعاون الدفاعي، وآليات الردع المشتركة، وتقاسم الموارد الاستراتيجية لتعزيز الاستقرار الإقليمي بشكل مستمر". بالنسبة لباكستان، "التي لا تزال تتعامل مع تداعيات نزاع حدودي شبه نووي مع الهند في مايو 2025، يتماشى الاتفاق مع الدعم المالي السعودي، الذي يقال إنه يشمل قروضًا وودائع بقيمة 6.4 مليار دولار تقريبًا للفترة 2025-2026 لضمان استقرار الاقتصاد الوطني". هذا الدعم يعزز، حسب المحلل، "الصلابة الاقتصادية والاستراتيجية لباكستان بشكل واضح وملموس".
أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، "يمنح الاتفاق الوصول إلى القوات العسكرية التقليدية القوية، لباكستان التي تقدر بنحو 600 ألف عسكري نشط، وبشكل ضمني إلى قدراتها النووية، بما يعزز ردع التهديدات الإقليمية المحتملة". يشير الباحث إلى تصريح وزير الدفاع خواجة محمد آصف الذي اعتبر أن "قدرات باكستان ستكون متاحة بالكامل" بموجب الاتفاقية. على الرغم من التغطية الإعلامية الواسعة لهذا الخبر، يشير المحلل إلى أن الكثير من المراقبين يعتبرون "أن البعد النووي لا يزال غامضًا وأنه لا يوجد نقل رسمي للأسلحة النووية أو السيطرة التشغيلية بشكل مباشر".
لكن، مع هذا، تكمن الأهمية الأوسع نطاقاً لاتفاقية الدفاع بين البلدين، في رأي الدكتور ساي كيلارو، "في قدرتها على إرساء الأسس لإطار أمني جماعي بين الدول ذات الأغلبية المسلمة"، مما يشكل، حسبه، "تحدياً للبنية الأمنية التقليدية التي تركز على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل رئيسي"، حيث يتم نشر عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين في قواعد متعددة، بعد الفشل في صد الضربات الإسرائيلية ضد قطر.
الآثار العالمية والإقليمية
سيكون لهذه المعاهدة، في نظر الباحث، "أثر كبير على الجغرافيا السياسية العالمية"، بحيث تدل، كما يرى، "إلى تسارع نحو التعددية القطبية، من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون الدفاعي المتواصل". يشير المحلل إلى أن "السعودية وباكستان تضعان نفسيهما في موقع الركيزة الأساسية لإطار أمني إقليمي محتمل، يمكن وصفه بـ "الناتو الإسلامي" الذي يهدف إلى ردع التهديدات من جهات تعتبرها دول الخليج معادية، مثل "إسرائيل" وحتى إيران بشكل مشترك".
في رأي الدكتور ساي كيلارو، "سيُعقّد هذا التطور عملية التوازن الدقيقة التي تقوم بها واشنطن بين حلفائها في المنطقة، بما في ذلك "إسرائيل" والسعودية والهند وباكستان"، التي لكل منها "مصالح استراتيجية متباينة بشكل واضح"، كما يرى أنه "من المرجح أن تستفيد الصين بشكل غير مباشر، نظراً لاعتماد باكستان على المعدات العسكرية الصينية، التي تمثل حصة كبيرة من وارداتها الأخيرة من الأسلحة، وتحول السعودية في عام 2023 إلى المعاملات النفطية القائمة على اليوان، مما يعزز نفوذ بكين في المنطقة بشكل ملحوظ".
بالإضافة إلى ذلك، "قد تواجه مبادرات مثل ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، الذي أُطلق لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، اضطرابات متزايدة مع تحول تحالفات الخليج نحو باكستان في ديناميكيات جنوب آسيا".
إن تعيق الشراكة بين المملكة العربية السعودية وباكستان مدفوع، في قراءة المحلل، بـ"ضرورات استراتيجية ونقاط ضعف إقليمية ملموسة". فقد دفعت "خيبة الأمل"، حسبه، من التزامات الولايات المتحدة الأمنية، التي تجلت في ردود الفعل المتحفظة على الهجمات السابقة، وجولة الرئيس السابق ترامب في الخليج عام 2025، والهجوم على قطر، الرياض إلى تنويع استراتيجيتها الدفاعية بشكل متسارع.
وتقدم باكستان، باعتبارها الدولة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة التي تمتلك أسلحة نووية، ما يراه المحلل "ثقلاً استراتيجياً موازناً للقوة السعودية". ومن جانب آخر، "تساعد الالتزامات المالية السعودية في استقرار الاقتصاد الباكستاني، في نفس الوقت الذي يساهم الوصول إلى قدراتها العسكرية في تعزيز (ردع) الرياض ضد طموحات إيران النووية وعمليات إسرائيل الإقليمية". ومع ذلك، فإن التحالف الرسمي ينطوي على مخاطر، "حيث قد يجر السعودية إلى حشر نفسها في توترات باكستان مع الهند أو الحكومة الأفغانية بقيادة طالبان". ومع كل هذا، "تعكس اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المتبادل (SMDA) اتجاهاً خليجياً أوسع نطاقاً نحو آليات الدفاع الجماعي، مدفوعاً بالأزمات الأمنية الأخيرة للحد من الاعتماد على الأطر الغربية".
التوازن الجيوسياسي للسعودية على الصعيد العالمي
تضع هذه الاتفاقية السعودية في "شبكة معقدة من العلاقات الدولية المتشابكة". في حين تحافظ الرياض على علاقات اقتصادية وعسكرية قوية مع الولايات المتحدة، فإنها تسعى إلى "تنويع الأمن الاستراتيجي" استجابةً لما يراه الدكتور ساي كيلارو "التناقضات الملحوظة في الدعم الأمريكي"، ومن زاوية أخرى، "يتم تعزيز العلاقات مع الصين بشكل غير مباشر من خلال مشتريات باكستان العسكرية وصفقات النفط السعودية القائمة على اليوان بشكل مستمر" ، في وقت تظل فيه الهند شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا للسعودية، "حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين أكثر من 41 مليار دولار في السنة المالية 2024-2025، مع توقع نمو مستدام". ويؤكد المسؤولون السعوديون على "النمو المستدام والمتوازن" في هذه العلاقة، بغض النظر عن توقيع الاتفاقية مع باكستان.
أما اتجاه إيران، تحافظ الرياض على "نهج حذر ومتوازن"، حيث توازن، كما يرى، "بين الجهود الدبلوماسية لبناء الثقة والتدابير المضادة لطموحات طهران النووية ووكلائها الإقليميين، لا سيما في اليمن". ومن جانب آخر، "لا يزال التطبيع مع "إسرائيل" متوقفًا، رهناً بالتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة"، وبناء على هذا، يرى المحلل أن الاتفاقية قد تمثل رادعاً استراتيجياً فعالاً في يد الدبلوماسية الخارجية السعودية.
وفي سؤال حول رد الفعل الهندي، يقول المحلل إن "نيودلهي ردت على اتفاقية البلدين بحذر استراتيجي محسوب"، ففي 19 سبتمبر الماضي، أقر المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية "راندير جايسوال" بأن "الاتفاقية تمثل إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات السعودية-الباكستانية الطويلة الأمد، مع التأكيد على أهمية احترام المصالح والحساسيات المتبادلة بشكل كامل". يشير المحلل إلى أن "نيودلهي ترى أن الاتفاقية تعالج في المقام الأول المخاوف الأمنية في الخليج، مثل التهديدات من إيران وإسرائيل، بدلاً من استهداف الهند مباشرة"، مضيفاً أن الهند تواصل "تعزيز مشاركتها في الخليج، حيث أجرت تدريبات دفاعية مشتركة مع السعودية في أغسطس الماضي، كما أن هناك اتفاقية دفاعية جديدة بين الهند والإمارات، وقعت في اليوم الموالي لتلك التي وقعتها السعودية وباكستان بشكل متزامن".
في حين تستمر المخاوف بشأن الديناميات النووية الإقليمية، "تنظر الهند إلى اتفاقية الدفاع بين باكستان والسعودية على أنها تطور استراتيجي يجب مراقبته عن كثب وليس تهديدًا مباشرًا، وتظل ملتزمة بشراكاتها في مجال الطاقة والتجارة في المنطقة بشكل مستمر".

يرى الخبير الباكستاني في مسائل تطوير الأعمال أسد عريف أن الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان يمثل "تحولًا استراتيجيًا مهمًا"، يعكس تعميق التعاون الأمني في بيئة إقليمية متقلبة، لكنه يطرح تحديات واضحة من حيث الغموض في الالتزامات وإدارة التوترات بين القوى الإقليمية.

أسد عريف - خبير في مسائل تطوير الأعمال (باكستان)
تحالف الشرق الأوسط-جنوب آسيا.. أمن أم رهانات جديدة؟
يشكل الاتفاق الدفاعي المتبادل بين المملكة العربية السعودية وباكستان "نقطة تحول استراتيجية مهمة في المشهد الأمني والجيوسياسي لكل من الشرق الأوسط وجنوب آسيا"، ويأتي في توقيت حساس على الصعيدين الإقليمي والدولي. هذا التحالف، الذي يرتكز على مبدأ أن العدوان على أي من الطرفين يعد عدوانًا على كلاهما، "يعكس تعميقًا للعلاقات الأمنية بين البلدين، ويأتي في سياق متزامن مع تغييرات إقليمية ودولية تتطلب توازنًا جديدًا في التحالفات والتوجهات الاستراتيجية المختلفة".
يرى أسد عريف، الخبير في مسائل تطوير الأعمال، أن "من العوامل الحاسمة في تقييم هذا الاتفاق هو مدى وضوح تفاصيل تنفيذه، سواء عبر التدريبات العسكرية المشتركة أو آليات القيادة المنسقة، وصولاً إلى احتمالات وجود تعاون نووي في إطار الردع المشترك المتكامل". تبقى، حسبه، "مسألة تحديد متى وكيف يتم تفعيل الاستجابة الدفاعية المشتركة من خلال بروتوكولات واتفاقيات محددة ذات أهمية كبيرة للغاية". ويشير على سبيل المثال، إلى تعريف ماهية "العدوان" الذي يحفز العمل المشترك عبر بنود الاتفاقية، مضيفًا "يجب أن يكون محددًا بدقة ليشمل أمورًا مثل الاعتداءات من دول معادية أو من جهات غير حكومية، أو حتى الهجمات الإلكترونية والطائرات المُسيرة، لضمان تجنب أي سوء فهم قد يؤدي إلى صراعات غير مقصودة محتملة".
تداعيات ردود الفعل الإقليمية والدولية
الاتفاق بين الرياض وإسلام أباد "يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترًا وتغيرات متسارعة، ويزيد من تعقيد الموازنة التي تحاول الولايات المتحدة تحقيقها بين حلفائها المختلفين في المنطقة، متضمنة "إسرائيل" ، والسعودية، والهند، وباكستان، كلٌّ بمعطياته ومصالحه الاستراتيجية الخاصة". من الجدير بالملاحظة، كما يقول عريف، "تأكيد السعودية على استمرار علاقاتها القوية مع الهند، في إشارة واضحة إلى سعيها للحفاظ على توازن علاقاتها الإقليمية وتفادي تعقيداتها، رغم التحالف العسكري مع باكستان".
وبالتزامن، تأتي المصالح الصينية لتلعب دورًا غير مباشر عبر دعم باكستان العسكري الكبير بالمعدات الصينية، وتحول السعودية إلى إجراء معاملات نفطية باليوان بدلاً من الدولار الأمريكي في 2023، مما يضيف بعدًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا إضافيًا يدعو إلى مراقبة التأثيرات المحتملة على مبادرات مثل ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي يستهدف موازنة مبادرة الحزام والطريق الصينية بشكل دقيق.
الآثار الاستراتيجية على باكستان
يحصل التعاون الدفاعي مع السعودية على أهمية خاصة بالنسبة لباكستان، "إذ يؤسس لها حليفًا إقليميًا قويًا يلتزم بالرد المشترك على التهديدات، مما يعزز من قدرات الردع لديها، خصوصًا في مواجهة التوترات مع الهند والتهديدات من قبل الفاعلين غير الرسميين". يرى الخبير أن الاتفاق "يعزز من مكانة باكستان الدبلوماسية على الساحة الدولية، ويعكس قدرتها على خلق تحالفات استراتيجية قد تسهم في تحسن موقعها في المفاوضات مع القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية".
ومن الناحية الاقتصادية والعسكرية، فإن التعاون "قد يمهد لزيادة نقل الأسلحة، ودعم التدريبات العسكرية المشتركة، وتعزيز الاستثمارات المتعلقة بالبنية التحتية الدفاعية، ما يشكل دعمًا هامًا لباكستان التي تعاني من تحديات مالية كبيرة ومتصاعدة". في الوقت ذاته، يضيف عريف، "تواجه باكستان مخاطر متزايدة عبر احتمال تحميلها أعباء عسكرية خارج حدودها الوطنية، إضافة إلى الغموض بشأن المسائل النووية، ما قد يؤدي، حسبه، إلى إشعال صراعات أوسع نطاقًا مستقبلية".
الموقف السعودي والتحولات المتوقعة
عن أهمية هذا الاتفاق بالنسبة للسعودية، يقول الخبير إن هذا سيساهم "في تنويع مصادر البحث عن أمنها، بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على مظلة الولايات المتحدة والدول الغربية"، خاصة "على خلفية التغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية والإشكاليات المتصورة في الثقة بمصادر التحالف التقليدية". بهذا الشكل، "يمنح التحالف مع باكستان الرياض دعمًا أمنيا إقليميًا متصاعدًا وواضحًا". كما يضيف عريف أن ذلك يتيح "الشرعية السياسية والدينية" بحيث "تضع السعودية نفسها في موقع الريادة في العالم الإسلامي المتعدد الأطراف". وتوطيد العلاقات مع باكستان "يعزز مصداقيتها الإسلامية، خاصة في أوقات الصراع الإقليمي المتصاعد، مثل الأوضاع المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وما إلى ذلك من أحداث مهمة".
فضلاً عن ذلك، "يوفر وجود حليف يمتلك خبرة عسكرية واسعة وقوة نووية، مزيدًا من عوامل الردع، التي يمكن أن تضبط أي تهديدات خارجية محتملة وواقعية". كما تعزز هذه الشراكة "المكانة السياسية والدينية للسعودية، بما يصفه البعض بقيادة الأمة الإسلامية، خصوصًا في أوقات التوتر حول قضايا إقليمية مثل القضية الفلسطينية العادلة".
مع ذلك، يطرح الاتفاق تحديات عديدة، حسب الخبير، أبرزها "احتمال تورط السعودية في نزاعات خارج حدودها، والغموض المتعلق بتعريف مصطلح 'العدوان' الذي يحرك الالتزامات الدفاعية حسب بنود الاتفاقية"، إلى جانب إمكانات التصعيد "التي قد تنشأ إذا ما توطدت العلاقات العسكرية في بيئة إقليمية مضطربة للغاية".
تعقيدات العلاقات مع الهند والديناميات الإقليمية
من جانب آخر، تشكل العلاقة بين السعودية والهند "محورًا حساسًا في سياق هذا الاتفاق"، إذ تتمتع الهند بعلاقات استثمارية وتجارية قوية مع السعودية، وتحتاج إلى استقرار تلك العلاقات لضمان أمنها الطاقوي واستثماراتها الكبيرة في المنطقة. لذا "تراقب نيودلهي بدقة أي مؤشرات على أن الاتفاق قد يقيد أو يقلل من انفتاح السعودية تجاه الهند"، وهو أمر حيوي للطرفين.
على المستوى العسكري، قد يؤدي الاتفاق إلى دفع الهند لإعادة تقييم استعداداتها على الحدود الغربية، وتعزيز جاهزية قواتها، وتكثيف التجهيزات اللوجستية والمنظومات الدفاعية، خاصة مع تنامي التعاون الأمني بين السعودية وباكستان بشكل واضح.
كما أن الجانب النووي "يظل من المجالات الحساسة التي قد تعيد تشكيل قواعد الردع النووي في المنطقة، خصوصًا في حال انفراج مظلة نووية تشمل السعودية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مما يضيف تعقيدًا إضافيًا للحسابات العسكرية والهجومية".
يرى عريف أن "النجاح المستدام للاتفاقية يتطلب سقفًا واضحًا لتعريفات العدوان وآليات الرد المشترك، بالإضافة إلى وضع بروتوكولات دقيقة لتنسيق الأدوار العسكرية والدبلوماسية"، بهدف "تقليل مخاطر التصعيد والالتباسات المحتملة". كما من الضروري أن يعمل الطرفان "على تحييد توتر علاقاتهما مع باقي القوى الإقليمية والدولية، من خلال التوازن الدبلوماسي والحرص على عدم استثارة أزمات جديدة مستقبلاً".
في ظل هذه التحولات، يشكل التحالف السعودي-الباكستاني خطوة استراتيجية "تعيد رسم معالم التحالفات الإقليمية، وتضع إطارًا جديدًا للتعاون الأمني"، لكن الاتفاق يحمل في الوقت ذاته "تحديات جسيمة على صعيد التوازن الإقليمي، الاستقرار السياسي، والقدرات الاقتصادية والعسكرية للطرفين معًا". يختتم الخبير بالقول إن "مراقبة تنفيذ الاتفاق، ومدى الوضوح في بنوده، ستكون مفتاحًا لفهم تأثيره الفعلي على الأمن الإقليمي والدولي في السنوات القادمة الحاسمة".

يرى المستشار فيكرام كومار أن اتفاقية الدفاع بين السعودية وباكستان تشكل تحوّلًا استراتيجيًا في الخليج وجنوب آسيا، مستغلة الترسانة النووية الباكستانية لتعزيز أمن الرياض في ظل تراجع الثقة بالغرب، بينما تسعى باكستان لمواجهة الهند اقتصادياً وعسكرياً، ما يثير قلق نيودلهي

فيكرام كومار - مستشار في قضايا الدفاع والأمن) (الهند)
بين النفط والقوة النووية.. السعودية وباكستان أمام تحديات الهند والخليج
في ظل الوضع الجيوسياسي المتقلب في جنوب آسيا والشرق الأوسط، يمثل توقيع اتفاقية الدفاع المتبادل الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وباكستان، وفق قراءة الباحث فيكرام كومار المستشار في قضايا الدفاع والأمن، "تصعيدًا محوريًا في التحالفات الإقليمية والديناميكيات العسكرية لدول الخليج".
يُضفي هذا الاتفاق "الطابع الرسمي على عقود من العلاقات العسكرية غير الرسمية"؛ فقد قدمت باكستان منذ فترة طويلة التدريب والخبرة للقوات السعودية، في شكل معاهدة ملزمة. ومع ذلك، فإن الإطار الدفاعي للاتفاقية، الذي يركز على "الردع المشترك ضد العدوان"، يخفي في رأي المستشار "إمكانات هجومية"، ويرى أنها "قد تشجع باكستان على مواجهة أي هجمات هندية مستقبلية"، كما يتضح من مقترحات إنشاء "حلف شمال الأطلسي الإسلامي" في الدوحة، التي طرحتها إسلام أباد وأنقرة معًا.
تتمثل أهداف باكستان في إطار الاتفاقية في "تعزيز الردع ضد مبدأ 'الدفاع الاستباقي' الهندي"، بعد حروب بالاكوت وعملية سيندور الأخيرة، والاستفادة من النفوذ المالي والدبلوماسي السعودي لتعويض الهشاشة الاقتصادية التي تعانيها (ديون بقيمة 87 مليار دولار).
أما السعودية، فهي "تأمل تنويع التحالفات الأمنية بما يسمح لها بتجاوز الضمانات الأمريكية المتعثرة"، خاصة بعد الضربة الإسرائيلية في 9 سبتمبر 2025 لحركة حماس في قطر، ومواجهة الطموحات النووية الإيرانية المحتملة بشكل أكثر صرامة.
بناءً على هذا، تبرز الفوائد المتبادلة بين البلدين: "فثروة النفط السعودية تشكل مصدر تمويل للأسلحة الباكستانية، بينما الترسانة النووية لإسلام أباد تسمح بمد الردع إلى السعودية"، مما قد يشجع كلا البلدين على "مواجهة منافسيهما الإقليميين بقوة أكبر".
يربط المستشار الأمني السبب وراء الاتفاق بتداعيات "عملية سيندور العسكرية الهندية الأخيرة بعد العمليات الإرهابية في كشمير، والضربة الإسرائيلية على قطر". فبعد أربعة أشهر فقط من الصراع المكثف بين الهند وباكستان، من الطبيعي أن يثير هذا الاتفاق قلق نيودلهي، "حيث يُنظر إليه ليس فقط على أنه تضامن ثنائي، بل كرد فعل مدروس على الموقف العسكري الهندي الحازم، ولا سيما عملية سيندور".
الضربات الهندية وتداعياتها النفسية على باكستان
الأهم من ذلك، حسب المستشار، "أن الضربات على البنى التحتية الحيوية مثل قاعدتي 'نور خان' و'سوكور' سلطت الضوء على التحول في عقيدة الهند نحو 'الدفاع الاستباقي'"، وهو تطور "ما بعد بالاكوت"، يعطي الأولوية للهجوم الوقائي على ضبط النفس. ورغم نجاح العملية من الناحية التكتيكية، حيث أعلنت الهند عن القضاء على أكثر من 100 إرهابي، إلا أنها وحدت النظام السياسي الباكستاني المنقسم، "لكنها ألحقت به ضربات نفسية ومادية، مما أجبر إسلام أباد على البحث عن دعم خارجي حاسم".
في رأي المستشار فيكرام، "يؤكد توقيت الاتفاق، الذي جاء بعد أيام قليلة من قمة الطوارئ التي عقدتها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الدوحة، رداً على الضربة الإسرائيلية في 9 سبتمبر على قادة حماس في قطر، على سياق الاتفاقية الأوسع والأكثر استراتيجية".
وقد أثارت جرأة "إسرائيل"، التي تنتهك سيادة دول الخليج، قلق الرياض، "مما دفعها إلى توسيع تحالفاتها بعيدًا عن الضمانات الأمنية الأمريكية المتعثرة"؛ فقد اشترطت واشنطن على السعودية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل مقابل الحصول على التكنولوجيا النووية، وهو أمر يراه المستشار "مستحيلاً بعد ما يحدث في غزة".
"إسرائيل" والرهانات الخليجية الجديدة
تخيم ظلال "إسرائيل" بشكل كبير على جيوسياسية المنطقة، "حيث كان هجومها على الدوحة حافزاً للتحالف". يذكر المستشار أن تل أبيب دعمت "الدفاع عن النفس" الهندي في عملية سيندور خلال الحرب الأخيرة مع باكستان، حيث زودتها بطائرات "هيرون" بدون طيار، لكن مغامراتها في الخليج، بدفعها نحو التطبيع بعد غزة، أبعدت الرياض، ودفعت السعودية نحو باكستان للحصول على "قوة ردع غير غربية".
تتوافق مشاركات السعودية المتوازية والمساعي الدبلوماسية التي قادتها خلال الأزمة، وزيارة "شهباز شريف" في يونيو الماضي للرياض للتعبير عن عرفان بلده، مع مصالح الولايات المتحدة في دفع استقرار المنطقة. وتوازن الرياض بين تجارتها مع الهند البالغة 100 مليار دولار، خصوصًا عبر العمالة الأجنبية والطاقة، ومكانة باكستان الأمنية، "مما يمنع حدوث انقطاع كامل في العلاقات بين الهند وباكستان، والذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد".
دور الولايات المتحدة والتوازن الإقليمي
يحلل المستشار الأمني أحد الافتراضات متسائلاً هل يمكن اعتبار هذه الاتفاقية بمثابة "تهديد ضمني من قبل الولايات المتحدة ضد الهند، تستغل فيه المملكة العربية السعودية لكبح مبادرات نيودلهي؟" تشير القرائن، التي يحللها المستشار فيكرام، "إلى دور أمريكي أكثر دقة وانتهازية أكثر منه توجيهية".
فبعد عملية سيندور، "كانت واشنطن بالفعل غاضبة للغاية". فقد أدت الضربات على القواعد الباكستانية، بما في ذلك قاعدة "نور خان" الحيوية، إلى تعطيل مراكز اللوجستيات الأمريكية المستخدمة في عمليات الإجلاء الأفغانية وعمليات مكافحة الإرهاب، مما أثار غضب البنتاغون.
وقد تصاعدت حدة إدارة الرئيس ترامب، التي كانت، حسبه، "تميل بالفعل نحو باكستان" من خلال صفقات النفط. فقد استضاف رئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير ورئيس الوزراء شريف لإجراء محادثات "وساطة لوقف إطلاق النار" في يونيو، مدعيًا الفضل في ذلك على الرغم من نفي الهند، وأزعج ذلك رئيس الوزراء مودي، الذي اعتبر ذلك مساواة بين الضحية والمعتدي.
ورغم فرض الولايات المتحدة لتعريفة جمركية بنسبة 50٪ على الصادرات الهندية، المرتبطة بتداعيات عملية سيندور وشراء الهند للنفط الروسي (40٪ من الواردات)، يرى المستشار أن "التنسيق الأمريكي أمر معقول"، والإشارات غير الرسمية "تهدف إلى تحقيق التوازن في العلاقات بين الصين وباكستان"، لكن تقلبات إدارة ترامب (الرسوم الجمركية والاتفاقات مع طالبان) تقوض الثقة. ومن المرجح، حسبه، "أن الولايات المتحدة شجعت بشكل غير مباشر على إبرام اتفاق بين السعودية وباكستان لتحقيق التوازن بين تزايد نفوذ الهند والعلاقات المتنامية بين الصين وباكستان".
الهند في مواجهة التحديات الجديدة
بالنسبة للهند، "تمثل الاتفاقية جرس إنذار"، على خلفية تنويع التحالفات (اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والمحركات الروسية). ومع ذلك، في عالم متعدد الأقطاب والتفاهم بين روسيا والصين ومحور الناتو في المحيطين الهندي والهادئ، ينظر المستشار إلى الاتفاقية على أنها "هشة"، مضيفًا "يمكن أن تتسبب شرارة واحدة مثل تلك التي حدثت في باهلغام في سلسلة من الأحداث، من خط السيطرة إلى الخليج، مما يمثل اختبارًا لثبات ركائز النظام العالمي".
يمكن أن يجذب محور باكستان-السعودية استثمارات الخليج من الصفقات الخضراء للاتحاد الأوروبي، مما يجبر الكتلة الأوروبية على التوسط في المفاوضات الثنائية بشأن كشمير، أو المخاطرة بترك باكستان تتحول نحو مبادرة الحزام والطريق الصينية.
تنظر منظمة حلف شمال الأطلسي، التي توسعت إلى 32 عضوًا في عام 2024 بانضمام السويد، إلى جنوب آسيا من منظور المحيطين الهندي والهادئ، إذ تعتبر الهند حصنًا رباعيًا ضد الصين، لكن وضع باكستان كدولة غير عضو في الحلف يعقد الأمر، كما يتضح من خلاف أنقرة حول منظومة صواريخ "اس-400". ولهذا فإن طرح فكرة "حلف ناتو إسلامي"، بدعم تركي، سيؤدي إلى "تفتيت الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، مما يجذب موارد الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا".
تأثير التحالف الجديد على العلاقات الدولية
كما أن العلاقات القوية بين الهند و"إسرائيل"، والتي تشمل تجارة أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار، مقابل التوازن السعودي-الباكستاني الجديد، "قد تؤدي إلى عزل نيودلهي إذا استخدمت الرياض مواسم الحج أو النفط كسلاح، في ظل اشتعال الأوضاع في كشمير".
في الخيارات المتاحة أمام نيودلهي، التي تراقب عن قرب فحوى هذه الاتفاقية، فإن مأزق روسيا في أوكرانيا "يحد من التدخل، ويدفع الهند نحو الاعتماد على الذات (Atmanirbhar Bharat)، ولكنه يكشف عن درجة التبعية الواضحة".
كما أن "ديناميكيات الخليج تزيد من التعقيد"، حيث وسّطت الإمارات وقطر، رغم اعتبارهما شركاء مع الهند، بجانب باكستان خلال الحرب الأخيرة عبر قنوات خلفية.
ولكن اتفاق المملكة العربية السعودية يشير إلى التحوط، حيث أن 3 مليارات دولار من الودائع السعودية ستوجه لإنقاذ باكستان من قيود صندوق النقد الدولي، كما أن عمان والبحرين، اللتان تستضيفان قواعد أمريكية، تضعان الاستقرار على رأس أولوياتهما؛ وقد يؤدي تشجيع باكستان إلى تعطيل مضيق هرمز، مما يرفع سعر البترول إلى 100 دولار للبرميل، ويضر بفاتورة واردات الهند البالغة 120 مليار دولار.
الاتفاقية: ميزان القوة والردع النووي
يرى المستشار فيكرام أن الاتفاقية "تشير إلى عدم التوازن"، باعتبار أن بنودها "يمكن أن تردع الهجمات الهندية عن طريق رفع تكاليف التصعيد، خاصة أن المظلة النووية الباكستانية ستمتد إلى الرياض"، لكنها من جهة أخرى "تنطوي على مخاطر الإفراط في تمديد الردع".
يشير المستشار إلى أن "الاقتصاد الباكستاني يعاني من ضغوط ديون بقيمة 87 مليار دولار، بسبب الإعانات السعودية، بينما تسعى الأخيرة إلى الحصول على أسلحة أمريكية دون إزاحة رئيس الوزراء مودي، عبر الإعلان عن هدف الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 50 مليار دولار نحو نيودلهي".
ورغم هذا، يرى المستشار أن "الاتفاق يعكس إعادة ترتيب أوسع نطاقًا لدى قراءة الخارطة الجغرافية الأكبر؛ التحوط الأمني الخليجي، محور الناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التفاهم الروسي-الصيني، وهذا ما يجعل جنوب آسيا نقطة ارتكاز للاستقرار العالمي مستقبلًا".

المحامي الباكستاني بن عقيل خان يعتبر الاتفاق الباكستاني-السعودي تحالفًا دفاعيًا معقدًا يجمع بين القدرات النووية الباكستانية وثروة السعودية النفطية لمواجهة التهديدات الإقليمية. التحالف يهدف إلى التوازن والردع أكثر من الهيمنة، لكنه يحمل مخاطر تصعيد الصراعات ويختبر قدرة الأطراف على ضبط النفس وسط ضغوط اقتصادية وجيوسياسية متزايدة، في ظل تنافس جيوسياسي يشمل الهند و"إسرائيل" وروسيا والصين والولايات المتحدة.

بن عقيل خان - محامي وباحث في الشؤون السياسية (عمان)
الهند و"إسرائيل" والسعودية وباكستان.. لعبة النفوذ تتصاعد في قلب آسيا
بين صفقات الأسلحة الضخمة وتوترات كشمير المستمرة، تتشكل في جنوب آسيا معادلة أمنية معقدة. العلاقات القوية بين الهند و"إسرائيل" لا تقتصر على التحالف السياسي، بل تمتد إلى تجارة أسلحة تقدر بنحو 10 مليارات دولار، في حين يشكل التحالف السعودي-الباكستاني عنصرًا موازنًا يهدد بإعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي. ويشير المحامي بن عقيل خان إلى أنّ أي تصعيد في كشمير قد يعزل نيودلهي، خصوصًا إذا استُخدمت الرياض مواسم الحج أو النفط كسلاح ضغط استراتيجي، مما يضيف بعدًا سياسيًا حاسمًا للمنطقة.
الاعتماد الذاتي الهندي وديناميكيات الخليج المعقدة
يشير الباحث إلى أنّ مأزق روسيا في أوكرانيا قلّص تدخلها العسكري المباشر، مما دفع الهند إلى تعزيز مبدأ "أتمنيربهارت" (Atmanirbhar Bharat) أي الاعتماد على الذات. ورغم هذا التوجه، يؤكد الخبير أنّه يكشف أيضًا عن تبعية نسبية تجاه القوى الكبرى. ويضيف بن عقيل خان أنّ الوضع في الخليج يتسم بتعقيدات متزايدة؛ فالإمارات وقطر، كشركاء في مبادرة I2U2 مع الهند، لعبتا دور الوساطة عبر قنوات خلفية في ملف سندور، بينما الاتفاق السعودي-الباكستاني توج بحوالي 3 مليارات دولار ودائع سعودية لإنقاذ باكستان من صندوق النقد الدولي. ويرى الباحث أنّ عُمان والبحرين، اللتان تستضيفان قواعد أمريكية، تعطيان الأولوية للاستقرار، إذ قد يعطل تشجيع باكستان مضيق هرمز، مما يرفع سعر برميل برنت إلى 100 دولار ويؤثر بشكل مباشر على فاتورة واردات الهند البالغة 120 مليار دولار.
عدم التوازن في الاتفاق: أبعاد اقتصادية وعسكرية حاسمة
يؤكد المحامي الباكستاني أنّ الاتفاق لا يشكل لعبة شطرنج واضحة، وإنما يعكس عدم التوازن الاستراتيجي؛ فهو يردع تحركات الهند عبر رفع تكاليف التصعيد من خلال التهديدات النووية، لكنه في الوقت نفسه يخاطر بالإفراط في التمدد الاقتصادي مع ضغط ديون باكستان البالغ 87 مليار دولار. ويرى الباحث أنّ السعودية تسعى لاقتناء أسلحة أمريكية دون التفريق بين مصالحها، بينما يظل رئيس وزراء الهند مودي المستهدف بقيمة 50 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويضيف بن عقيل خان أنّ الاتفاق يعد جزءًا من إعادة ترتيب أوسع للتحوط الخليجي والتحالف مع محور الناتو في المحيطين الهندي والهادئ، مع مراعاة التفاهمات الروسية-الصينية، مما يجعل جنوب آسيا مركزًا عالميًا للاستقرار الاستراتيجي.
ويشير الباحث إلى أنّه لا يمكن النظر للاتفاق بين السعودية وباكستان كمصافحة عابرة، بل هو انعكاس للمنطق الدائم للتحالفات: تحصينات ضد الأعداء، لكنها قد تتحول أحيانًا إلى نقاط توتر تصاعدية. ويؤكد بن عقيل خان أنّ التاريخ يعلمنا أن مثل هذه التحالفات، مثل التحالف المزدوج لعام 1879 بين ألمانيا والنمسا-المجر، حلّت أزمات دفاعية لكنها غذت نزاعات أوسع مثل شرارة الحرب العالمية الأولى. ويرى الباحث أنّ التحالف السعودي-الباكستاني يضخم الردع عبر الترسانة النووية الإسلامية لباكستان، ويعد بحماية مشتركة ضد تهديدات مثل إيران، لكنه معرض للتوترات في مناطق مثل كشمير والبحر الأحمر، ما يزيد من هشاشة التوازن الإقليمي.
آليات الردع والدفاع المشترك
يؤكد الخبير أنّ الاتفاقية تنطلق من أكثر من أربعين عاماً من التعاون، تشمل تدريب القوات السعودية من باكستان وقروض سعودية مجدولة بقيمة 5 مليارات دولار. ويرى الباحث أنّ تبادل المعلومات الاستخباراتية، الدفاعات الجوية المتكاملة، والانتشار السريع للقوات تشكل الركيزة الدفاعية لمواجهة تهديدات غير متكافئة مثل طائرات الحوثيين بدون طيار أو غزوات الوكلاء الإيرانيين. ويضيف بن عقيل خان أنّ قوة الجيش الباكستاني التي تضم 650 ألف جندي، إلى جانب اللوجستيات الضخمة الممولة من النفط السعودي، تشكل حاجزًا دفاعيًا قويًا على الجناح الشرقي للمملكة، ما يعزز الاستقرار النسبي للمنطقة بأكملها.
ويؤكد الباحث أنّ الاتفاق يمثل نموذج الردع الموسع الكلاسيكي، حيث تتولى القدرات النووية التكتيكية لإسلام أباد دورًا ردعيًا ذا عتبات محددة ضد الهجمات التقليدية، بما يلقي بظلال من الردع على الخليج. ويرى بن عقيل خان أنّ "المظلة النووية" للرياض تردع المغامرات دون ضمانات صريحة بالاستخدام الأول، بينما يسمح الاتفاق بردود فعل هجومية محسوبة، ربما بدعم القوات الخاصة الباكستانية للعمليات السعودية في اليمن، لكنه يضع قيودًا على التفويضات الوقائية، معتمداً على ضبط النفس لتفادي مواجهات غير محسوبة.
تشابكات التحالفات التاريخية ودروسها للواقع الراهن
يشير الباحث إلى أنّ تاريخ التحالفات في القرن العشرين يقدم عبرات مهمة؛ فمثلاً التحالف الثلاثي لعام 1882 أوقع إيطاليا مع ألمانيا والنمسا-المجر في شبكة دفاعية وهجومية دفعت لتوسع إمبريالي أفضى إلى تفكك لاحق. ويرى بن عقيل خان أنّ الاتفاقية العسكرية الفرنسية-الروسية عام 1894 جسدت مزيجًا من الدفاع والهجوم أدى إلى سباق تسلح حاد. ويضيف الباحث أنّ هذه الدروس تحذر من الانزلاقات في الخليج وسط تقدم إيران في الصواريخ الباليستية، مما يحتم على دول الخليج تفادي الانزلاق إلى فخ التصعيد المستمر.
كما يشير الخبير إلى أنّ الصين ترسم تحالفات مبتكرة تراعي الطابع الاقتصادي العسكري، إذ تبني أكثر من 100 شراكة استراتيجية بدون حلف عسكري مباشر. ويرى الباحث أنّ تأمين الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني (CPEC) بقيمة 62 مليار دولار يعزز السيطرة على موانئ استراتيجية مثل غوادار، لتأمين العمليات الدفاعية والهجومية في المحيط الهندي. ويضيف بن عقيل خان أنّ علاقة الصين مع باكستان مطورة لتصبح "رابطة حديدية" تتجاوز التنسيق التقليدي، في حين أنّ تبني الرياض مبادرة الحزام والطريق يعكس تنويعًا بعيدًا عن الحماية الأمريكية، وسط حذر من منظمة شنغهاي للتعاون بمخاطر التوسع المستقبلي.
باكستان نقطة جذب استراتيجية بين قوى العالم
ويؤكد بن عقيل خان أنّ باكستان استمدت مكانتها الاستراتيجية من خلال اتفاقيات دفاعية كبرى منذ الحرب الباردة، كالانضمام إلى منظمات SEATO وCENTO، وعاملًا رئيسيًا بعد أحداث 11 سبتمبر من خلال تلقي 33 مليار دولار من الدعم الأمريكي. ويؤكد بن عقيل خان أنّ هذه الاتفاقيات تهدف إلى تفادي هيمنة الهند، إلا أنّ ذلك يقيد إلى حد ما سيادة باكستان. ويضيف الباحث أنّ مبدأ "العمق الاستراتيجي" الذي تتبناه باكستان يعزز تقاربها مع تركيا، الصين، و"السعودية"، لتؤكد مكانتها كركيزة رئيسية للأمة الإسلامية.
ويرى خان أنّ ضخامة التجارة الهندية-"السعودية" التي تبلغ 100 مليار دولار لا تعكس انقسامًا كبيرًا بين نيودلهي و"السعودية"، بل تقييمًا حذرًا متبادلاً. ويؤكد الباحث أنّ التغطية الإعلامية الدولية عبر مصطلح "جبهة واحدة" تغذي القلق "الإسرائيلي" المستمر. ويضيف بن عقيل خان أنّ الاتفاق يوفر درعًا صاروخيًا يعادل حدود التحالف المزدوج، بينما يفتح المجال لعمليات هجومية مشتركة بحذر. ويرى الباحث أنّ التوسع النووي الغامض لـ"إسرائيل" يبقيها رادعًا ضمنيًا، وقد يثير التقارب "السعودي"-"الإسرائيلي" حساسيات باكستانية خاصة بسبب تعاطفها مع القضية الفلسطينية. ويؤكد بن عقيل خان أنّ مراقبة الغرب لتحركات الخليج وانسحاب القوات الأمريكية من المحيطين الهندي والهادئ لصالح النفوذ الصيني يدفع نيودلهي لتعزيز تحالفاتها ضمن الإطار الرباعي (QUAD) الاستراتيجي.
ويخلص المحامي إلى أنّ الاتفاق السعودي-الباكستاني، مع إشراقة الفجر فوق الكعبة واحتجاب المآذن في مغرب إسلام آباد، يبشّر بمرونة في مواجهة المتغيرات المعقدة. ويؤكد بن عقيل خان أنّه مستوحى من تحالف تشرشل-روزفلت وتوازنات بسمارك، ويلتزم بتحقيق استقرار خليجي ضمن مد وجزر النفوذ الأمريكي الصيني. ويرى الباحث أنّ التساؤل حول مدى جدية التنفيذ، وصرامة الالتزام، وتأثيرات الروح السياسية وراء الاتفاق، متداخلًا مع مطالبات إيران وحقوق الهند. ويختتم بن عقيل خان بالقول إنّ التحالفات تظل حبرًا على ورق ما لم يتوجها حكمة وفعل يضمنان صلابة المواثيق.

حسب كوشاغارا باريك من المعهد الهندي للمحاسبة المالية، الاتفاقية بين باكستان والسعودية لا تهدد علاقات الرياض مع الهند، بينما تستفيد باكستان من الدعم المالي والعسكري. لكنه يرى أن الاتفاق يخدم نفوذ الجيش ومكانة باكستان في العالم الإسلامي أكثر من كونه مكسبًا وطنيًا.

كوشاغارا باريك - المعهد الهندي للمحاسبة المالية (الهند)
تحالف الرياض–إسلام آباد.. قوة ردع أم أداة نفوذ للجيش الباكستاني؟
شهد العالم صدمة مفاجئة في السياسة الدولية مع إبرام اتفاقية دفاعية غير مسبوقة بين باكستان والمملكة العربية السعودية، ما أثار جدلاً واسعًا بين المحللين. وفقًا للوثائق الرسمية الموقعة بين إسلام أباد والرياض، تم الاتفاق على أن أي هجوم على إحدى الدولتين سيُعتبر هجومًا مباشرًا على الأخرى، ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون العسكري.
تطرح هذه الاتفاقية الدفاعية العديد من الأسئلة الملحة حول مستقبل المنطقة، خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات مع الهند، وما قد تترتب عليه هذه الاتفاقية من تداعيات استراتيجية وسياسية في المستقبل القريب.
أولاً، من الضروري إلقاء نظرة دقيقة على التاريخ لفهم سياق هذا السيناريو المعقد. المملكة العربية السعودية، باعتبارها الزعيم الفعلي للعالم الإسلامي، لها علاقة وثيقة ومهمة بالتوترات الدائرة في الشرق الأوسط، لا سيما الصراع المستمر بين "إسرائيل" وحركة حماس. وباعتبار حماس الهدف الرئيسي لـ "إسرائيل"، فإن جميع مؤسساتها وأتباعها حول العالم تتعرض بانتظام لهجمات من قبل "إسرائيل".
الضربات الأخيرة التي شنتها "إسرائيل" على الدوحة في قطر كانت حدثًا صادمًا، وتجاوزت أي فهم تقليدي للسياسات الإقليمية. قصف قطر، التي قدمت نفسها كأرض محايدة للتسويات بين النزاعات الإقليمية والعالمية في الشرق الأوسط، وكذلك "صديقة حميمة" للولايات المتحدة، كشف عن هشاشة الاستقرار الإقليمي وأظهر نقاط ضعف المملكة العربية السعودية أمام التحديات التي تفرضها الجغرافيا السياسية المضطربة.
إضافة إلى ذلك، يشكل الجهاديون الشيعة في اليمن تهديدًا محتملاً للأمن القومي السعودي، وقد تكون ضربة عسكرية واحدة كبيرة كافية لإحداث زعزعة خطيرة في المملكة العربية السعودية، التي تكافح بالفعل لتنويع اقتصادها المعتمد على احتياطيات النفط المتناقصة عبر السياحة، التكنولوجيا، والاستثمارات العقارية المكثفة.
تعمل المملكة العربية السعودية على تنفيذ مشاريع ضخمة واستثمارات كبيرة في البنية التحتية لجذب الاستثمارات العالمية وخلق وظائف مستدامة في قطاع الخدمات المتنوع. في هذا السياق، فإن الأمر الوحيد الذي تريده الرياض هو تحقيق الاستقرار، وهو هدف يبدو صعب التحقيق للأسف، نظرًا للطبيعة المتقلبة للمنطقة التي تقع فيها المملكة.
يمكن أن تؤدي أي حرب أو مواجهة طويلة الأمد إلى تقويض خطط السعودية وطموحاتها المستقبلية في أن تصبح مركزًا عالميًا للسياحة والأعمال، والتي تُعد أيضًا ملاذها الأخير للبقاء كدولة فاعلة في المستقبل. ومن ثم، فإن الاتفاق مع باكستان السنية القوية نوويًا أصبح الآن خطوة منطقية واستراتيجية.
ولا يمكننا تجاهل المساهمة الهائلة للمملكة في مسيرة باكستان النووية، والتي تعكس نفوذ الرياض الكبير على قدرة إسلام أباد في الوصول إلى الترسانة النووية. فهي تمثل رادعًا لأي تهديد محتمل ينبع من "إسرائيل"، إلا أن استخدام باكستان فعليًا لأسلحتها النووية ضد "إسرائيل" لحماية السعودية يبدو بعيدًا عن الواقع العملي.
إذن، ما الذي يعنيه هذا الاتفاق بالضبط؟ إنه يعني بالأساس القوة البشرية والقدرة العسكرية لباكستان، بدعم وتمويل سعودي واضح. ستُستخدم الأموال لتحديث الجيش وشراء أسلحة أمريكية متقدمة تقنيًا لحماية الدولتين من أي عدوان محتمل أو مفاجئ.
لكن ما الذي ستحققه باكستان تحديدًا من هذا الاتفاق؟ لا يزال هذا السؤال مفتوحًا. فباكستان، باعتبارها أرضًا خصبة للإرهابيين المعروفين، قد تشن يومًا ما هجومًا إرهابيًا آخر على الأراضي الهندية. والسؤال الأكثر أهمية هو: هل ستواجه السعودية الهند عسكريًا إذا قررت الأخيرة شن أي هجوم انتقامي على باكستان؟ الجواب هو لا بشكل قاطع، بالنظر إلى العلاقات المتنامية بين نيودلهي والرياض، والواردات الضخمة من النفط الخام الهندي، ووجود جالية هندية كبيرة للغاية في السعودية، ما يجعل من المستحيل تقريبًا أن تقوم الرياض بأي مغامرة عسكرية ضد الهند.
والأهم من ذلك، أن المملكة العربية السعودية أصدرت توضيحًا رسميًا بأن الاتفاقية لا علاقة لها بالهند، ولن تؤثر على العلاقات القوية بين الهند والسعودية على الصعيدين الدبلوماسي والتجاري. ومن ثم، يمكن للهند الاستمرار في حماية سيادتها ومصالحها الحيوية دون تدخل سعودي، مع الاحتفاظ بحق الرد على أي تهديدات محتملة.
ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي: ما الفوائد التي ستجلبها هذه المعاهدة لباكستان؟ الجواب الأكثر منطقية هو الثروة الهائلة التي ستجلبها هذه الصفقة للجيش الباكستاني، والتي ستنتهي في نهاية المطاف في جيوب الجنرالات والمسؤولين العسكريين. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تحسين مكانة البلاد في العالم الإسلامي، وربما يكون وسيلة لإظهار علاقات إسلام أباد الوثيقة مع قوى عالمية مهمة مثل تركيا والصين، والآن السعودية. لكن بالنسبة لدولة تعاني اقتصاديًا وتستجدي الدعم على جميع المنصات العالمية، فإن هذا الاتفاق يعد في المحصلة خسارة أكثر من كونه مكسبًا، لأنه يخدم بالأساس مصالح الجيش الذي يدير البلاد عمليًا